أين غاندي العراق؟

يحيى الشيخ زامل

 من يرى أين وصلت الأمور في العراق،وماذا حدث بين أطيافها الموزائيكية يصاب بالدهشة والحيرة للوقائع الريالزمية البائسة التي سرت وشاعت بينهم، بين من يريد الفتك بأخيه وجاره وصديق الأمس، وبين من همه مصالحه الشخصية والذاتية وليذهب الآخرون إلى الجحيم، وكيف بين ليلة وضحاها أصبح الأخوة أعداء وإلى وحوش كاسرة يعجز اللسان عن وصف ما يفعلون، والكل يعرف الفضائع التي يقوم بها بعضهم وهو محسوب على هذه الطائفة أو تلك بدون شعور بالذنب أو خوف من الخلق والخالق، وكأنهم في غابة والبقاء فيها للأقوى والأقتل،وقد نسوا ماذا آل الأمر إليه بطاغية العراق وكيف كانت نهايته المخزية وهو عنهم ليس بعيد.

ولكن ما الحل ؟....... يتسأل البعض، هل الحل هو المواجهة الصارمة والعنيفة لكل من يرفع السلاح بوجه الحكومة أو زجه في السجون..... ؟ أم هناك حلول أخرى يجب البحث عنها وتجربتها وفق ما جرّبه الآخرون من الذين مروا بمثل ما مررنا به.

فالتجربة اللبنانية والبوسنية والسودانية والأفريقية بصورة عامة،وصولاً إلى الهند في مطلع القرن المنصرم..... ألخ، هل عالجوا مثل تلك الفتن والحروب الداخلية والطائفية بالقوة والعنف والتصفيات الجسدية أم بشيء أخر.

لقد لفت نظري وأنا أشاهد قبل أيام فلم (غاندي ) وكيف تمكن من توجيه شعبه نحو الاستقلال من الاستعمار البريطاني بالمقاومة السلمية (اللاعنف) وكيف أنه وضع الإنكليز في وضع محرج مما دعاهم للخروج من الهند صاغرين ذليلين، فلم يبق لديهم إلا إثارة الحرب الطائفية فأثاروها وخرجوا، فحدث القتل والانتهاك والسلب والنهب فيما بينهم.

ولكن غاندي أستطاع بحكمته أيضاً أن يحل هذه الحرب ولوا على حساب صحته وحياته، فكان أن أمتنع عن الأكل والشرب حتى يكفوا عن القتال فيما بينهم،  وهكذا أستطاع مرة أخرى من أن يأد تلك الفتنة الكبيرة ليستثمر ذلك النصر في نهضة بلده وشعبه.

ولكن من أين أستشف غاندي هذه الحكمة الكبيرة والتي أستطاع بفضلها حل مثل تلك المعضلات الكبيرة ؟

يقول (غاندي)  في لقاء له في جريدة ( ينج إنديا) : ( أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر، لقد أصبحت مقتنعاً كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول (ص)، مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف. بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول (ص) وجدت نفسي أسِفاً لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة).

نعم لقد تأثر( غاندي ) بالإسلام ورسول الإسلام ( صلى الله عليه وآله) وهو البعيد عن الإسلام....وهو غير المسلم....فيما عجز المسلمون عن تأدية هذا الدور العظيم والذي فيه خدمة بلدهم وشعبهم وبني جلدتهم.

 ألم يكن هذا درساً لنا في حياتنا، ألم يكن الأولى لنا نحن المسلمون أن نكون أكثر قرباً من ديننا ورسولنا الأكرم فنحل مشاكلنا...........وأسفاه....ثم وأسفاه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26 نيسان/2007 -8/ربيع الثاني/1428