اخذني طريق الصدفة المحضة الى موقع الاعلامي المشهور الدكتور فيصل
القاسم والحق انني خرجت من ذلك الموقع بانطباع مفاده ان قلم الرجل
لايختلف في قليل او كثير عن لسانه وهو يتحدث في برنامجه الذي طبق
الافاق " الاتجاه المعاكس"
ففي بداية مقال له وتحت عنوان "خرافة الاعلام المحايد " يقول القاسم
:
"في الوقت الذي بدأ يُفتضح فيه أمر الكثير من الأساطير والخرافات
الإعلامية الغربية التي خدّرونا وضحكوا علينا بها لعقود وعقود، وبدأ
يظهر الإعلام الغربي على حقيقته غير الشريفة والبشعة، بعد أن سقطت ورقة
التوت التي كان يغطي بها عوراته العديدة، نرى أن الكثير من الإعلام
العربي الحديث، المكتوب، والمسموع، والمرئي، وللغرابة، يسعى جدياً
لتطبيق القيم الإعلامية (الطوباوية) والالتزام بها، وفي مقدمتها طبعاً
ما يُسمى بالحيادية، والموضوعية، والاتزان، والتسامح، واحترام الرأي
المخالف".
ويختتم الدكتور مقاله الطريف بما عُرف عنه من خفة فيقول :
"وكم أتمنى ألا يقوم الإعلام العربي الحديث المغرم بالحيادية ذات
يوم بتغطية قصة الذئب والحمل، فيما لو تكررت بشكل من الأشكال،حيث يتهم
الذئب الواقف على رأس النبع الحمل الرابض عند أسفله بتعكير مياه النبع،
وهو أمر مستحيل موضوعياً وفيزيائياً، لأن الماء، ببساطة متناهية، ينساب
من أعلى إلى أسفل. لكن من يدري، فلربما نشاهد يوماً ما تقريراً يعرض
لوجهتي نظر الذئب والحمل بنزاهة وحيادية وموضوعية محسوبة بميزان من ذهب،
طبعاً كي لا يزعل الذئب ويتهم المراسل بالانحياز للضحية!!"
في الحقيقة والواقع لقد آليت على نفسي ان اسير في "اتجاه معاكس"
تماما لما ورد من افكار مقالة الدكتور التي قرانا شطرا او شطرين منها،
وذلك تيمنا مني ببرنامجه المثير كما انني اجتهدت ان انقل مقدمة مقالة
الاستاذ وخاتمته بالحرف الواحد مبتعدا ما استطعت الى ذلك سبيبلا ـ
وارجو ان لا يؤاخذني الاستاذ هناـ عن المنهج الذي دعانا اليه في مقدمته
والقاضي بالتبريء من الموضوعية واعتبار الحياد طوباوية وخرافة لا وجود
لها على ارض الواقع..
وبمناسبة ذكري لمقدمة مقال الدكتور فانه يطيب لي ان اتقدم بدوري في
تسجيل ملاحظة تتعلق بتلقائية الرجل ومقدار الصدق والعفوية التي حملتها
عباراته فاعطتنا بذلك من حيث يدري او لا يدري وصفا بارعا لحقيقة شخصيته
واعترافا صريحا واضحا منه بطريقة تفكيره ومنهجه في البحث
والاستقصاء..،وبمناسبة ذكري لخاتمة مقاله فبودي ان استعير شيئا مما ورد
في كلماتها، واكتب تقريرا يغطي قصة الذئب والحمل بنزاهة وحيادية
وموضوعية محسوبة بميزان من ذهب....، مع عرض موجز لوجهتي نظر كل منهما
حتى لو زعل مني الذئب او الحمل او ـ ومعذرة جداـ الدكتور..
واليكم سيداتي سادتي التغطية التي سطرتها اناملي المتواضعة كاملة
غير منقوصة :
يُحكى ان ذئبا وحملا اجتمعا ذات ليلة في برنامج حواري تلفزيوني مثير
وكان الذئب ممثلا عن وجهة نظر والد الشيخ القطري الحالي،او ما اصطلح
عليه بشيخ قطر السابق..،بينما مّثل الخروف وجهة نظر الشيخ القطري
اللاحق..، وتولى ادارة الحوار بين الضيفين الكبيرين كلب من اصل فلسطيني..،
في مقدمة البرنامج الاستفهامية يثير الكلب مجموعة من التساؤلات
المتناقضة يمكن تلخيصها بالاتي:
1- هل اصبح حراما ان ينقلب ابناء الملوك على ابائهم والتاريخ العربي
المشرق يعج بمثل هذا النوع من الاحداث اكثر من اي تاريخ مشرق في العالم
؟.
2- هل يُعد الاستيلاء على ممتلكات الوالد بالقوة والبطش عملا مشروعا
وهل في ذلك ما يلامس عقوق الوالدين من قريب اوحتى بعيد ؟.
3- اليس الاطاحة بالشيخ القديم والمجيء بشيخ جديد هو من قبيل الصراع
الخالد بين الثقافات ومن السنن الكونية التي لا محيص عن اتباعها لكل
حديث جديد في مقابل القديم العتيق ؟
4- اليس من الافضل لدولة قطر ان تستبدل اميرها بهذه الطريقة السلمية
من ان تتبع الطريقة الديمقراطية التي اتت على اهل العراق بكل مصائب
الدنيا والاخرة ؟
5- الم يقتل ملوك السعودية ـ وهم اخوة اشقاءـ بعضهم البعض الاخر
وينقلب ملوك السعودية ـ وهم اخوة اشقاءـ بعضهم على البعض الاخر، احلال
على السعودية وحرام على قطر؟
وقبل ان يبتديء البرنامج وتختلط اصوات الحيوانات بضجيج مزعج ويغدو
عسيرا على المشاهد تمييز عواء الذئب وغثاء الحمل من نباح الكلب، طلب
الذئب توضيحا لاسئلة جعل الاجابة عنها شرطا اكيدا في بقائه ضيفا في
البرنامج من عدمه،ومن محاسن الصدف ان لاتتعدى تساؤلات الذئب تساؤلات
الكلب انفة الذكر من حيث العدد وان خالفتها في التفاصيل،وفي مايلي
عزيزي القاريء الاسئلة التي يراها الذئب من وجهة نظره الخاصة منطقية
جدا:
1- ماذا يعني ان تستضيف ادارة البرنامج حيوانين مختلفين والحال ان
طرفي القضية الرئيسيين ينتميان الى شعب واحد بل الى جنس واحد بل الى
عائلة حاكمة واحدة..؟
2- الا يعد استخفافا بعقل المشاهد الكريم وانحدارا بالذوق العام الى
ادنى مستويات الحضيض عندما يتم الحديث عن قضايا الشعب المصيرية بالسنة
الحيوانات المفترسة منها والاليفة ؟
3- ما معنى ان توكل مهمة ادارة نقاش على مستوى عال من الاهمية الى
مجرد كلب من دون سائر الحيوانات الاخرى ؟
4- لماذا سيقت اسئلة مقدمة الكلب على نحو يوحي للمشاهد البسيط بان
الذئب هو المجرم لا غير، ولم تتم الاشارة الى جناية الخروف العاق الا
باستحياء شديد..؟
5- اليس يُعد هذا البرنامج تجاوزا صارخا على حقوق الحيوان من قبل
بني الانسان في قضية ليس للحيوان فيها ناقة ولا جمل على اية حال ؟
وبعد التي واللتيا استطاع الكلب بنبيحه الفصيح ان يُهديء من روع
الذئب المهتاج وقد تم له بحسب مصادر مطلعة بواسطة الحجج الدامغة الخمسة
التالية :
1- ان ميثاق الشرف ورسالة البرنامج الاعلامية يقضيان بعدم التفريق
على اساس النوع والعرق وخلافه،والحرية الحقة التي تتمتع بها محطتنا
الفضائية بالذات لا تمنع مطلقا من جلوس الخروف امام الذئب وجها لوجه،
كما ان التشويق والاثارة من العناصر التي لابد من توفرها لنجاح
البرنامج الحواري في عالم الاعلام كما لايخفى ذلك على ممثل الامير
السابق..
2- لن يكون نزولا الى الحضيض ابدا عندما نتحدث عن قضايا الشعب
بالسنة الحيوانات وغاية ما في الامر ان محطتنا تريد تعويد الناس على
مباديء التواضع لخلق الله، واحترام الحيوان والحيوان الاخر وليس احترام
الانسان والانسان الاخر كما يروج لذلك الطوباويون.
3- اسناد ادارة الحوار الى الكلب ليس فيه اية مثلبة او منقصة بل
العكس من ذلك هو الصحيح تماما ذلك ان افضل حلقة وصل بين الذئب "الحيوان
المفترس" من جهة والخروف "الحيوان الاليف" من جهة اخرى هو الحيوان الذي
لا يمكن ان يفترس الخروف ولايمكن ان يفترسه الذئب..
4- مع الاعتراف بكون مقدمة البرنامج الاستفهامية كانت منحازة الى
الخروف لاسباب سياسية معروفة فان بامكان الذئب اذا كان ضحية فعلا ان
يدافع عن نفسه سيما وان امامه ساعة كاملة يستطيع فيها ان يعوي كما يحب
ويشاء.
5- لا خوف البتة من جمعيات الرفق بالحيوان العالمية اذا ما فكرت
بمقاضاة المحطة الاعلامية او احد ضيوفها فوجود المكتب "التجاري
الاسرائيلي " في الدوحة كفيل بالتوسط وحل الخلافات دبلوماسيا دائما،
واذا كانت ثمة حاجة الى القوة فان القاعدة الاميركية في "العديد" على
اهبة الاستعداد دائما هي الاخرى للدفاع عن سلامة وامن المحطة. |