قانون النفط العراقي: حرب ضروس بين الكتل وثروة مهدورة

 شبكة النبأ: قيل قديما، العيس يقتلها الضما والماء فوق ظهورها محمول، ولا ندري ماذا ستطرح للشعب العراقي الاحتدامات الدائرة الآن بين القوى المختلفة المصالح، وماذا سيجني المواطن المتعب الذي يمتلك هذه الثروة الهائلة من النفط والموارد الطبيعية؟.

الحكومة العراقية كشفت  عن تفاصيل مشروع قانون للنفط والغاز العراقي، قالت إنه يعزز الوحدة الوطنية ويعلّي قيم العدالة والمساواة بين أبناء الشعب من خلال التوزيع العادل لعائدات النفط والغاز، وفقاً للمسودة التي رفعها مجلس الوزراء ولا تزال معروضة على مجلس النواب منذ ما يقارب الشهر.

وقال وزراء وبرلمانيون ومسؤولون بارزون في الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم، اجتمعوا في دبي لمناقشة مشروع القانون، ان المشروع يقر لأول مرة في تاريخ العراق صندوقاً للأجيال المقبلة بإسم «صندوق المستقبل»، وصندوقاً آخر للموارد النفطية عامة، ويجعل السيطرة الوطنية العراقية كاملة على موارد العراق من النفط والغاز، والملكية الكاملة له، وعوائد الاستثمار القصوى لمردوداته، أسساً ثابتة للقانون الاقتصادي الأخطر في تاريخ العراق وربما على مستوى المنطقة وفقاً لمسؤولين بارزين.

تؤكد مسودة القانون على إعطاء الأقاليم الحق في التفاوض وإبرام عقود النفط والغاز لكنه يجعل القرار النهائي وحق التصديق في يد الحكومة المركزية حرصاً على وحدة العراق، كما ينص على أن تظل موارد العراق النفطية في يد الشركة الوطنية للنفط والغاز، وهي واحدة من نقاط الخلاف التي لايزال النقاش حولها محتدماً في ظل تمسك بعض الأطراف، خصوصاً في اقليم كردستان العراق بضرورة فتح المجال للاستثمار الأجنبي والقطاع الخاص عموماً. بحسب صحيفة الحياة.

كما تنص مسودة القانون على تشكيل «المجلس الوطني للنفط والغاز»، وانشاء صندوق للموارد النفطية بخلاف صندوق المستقبل بحيث تدار الموارد في ما يخدم أبناء الشعب العراقي كافة وتنشر التقارير الدورية عن بيانات هذا الصندوق لاطلاع الشعب عليها.

يأتي هذا في وقت ذكرت وكالة يونايتد برس ان دراسة نشرتها صحيفة "فايننشال تايمز" ان حجم الاحتياطي النفطي العراقي قد يكون اكبر من التقديرات الحالية بمقدار الضعف مشيرا الى ان انتاج البلد قد يتضاعف في غضون خمسة اعوام.

واكدت الدراسة التي تعد الاكثر كمالاً منذ 2003 ان التقرير الذي اعده مكتب "آي اتش اس" يشير الى ان استغلال النفط مرتبط بتحسن الوضع الامني في العراق الغارق في دوامة اعمال العنف اليومية منذ الغزو الاميركي في 2003.

واضافت "فايننشال تايمز" ان مضاعفة الاحتياط النفطي في العراق ستعني زيادة تبلغ مئة مليار برميل مقابل 116 مليارا حاليا، فيتجاوز البلد بذلك ايران ليصبح في المرتبة الثانية عالميا من حيث الاحتياطي النفطي بعد السعودية.

وتقول الدراسة التي أعدتها مؤسسة استشارية دولية رائدة في مجال الطاقة، أن التقديرات الحالية لاحتياطيات النفط العراقي قد تتضاعف مع وجود مخزون هائل يفوق 100 مليار برميل تحت رمال صحراء المنطقة الغربية التي تقطنها أغلبية سنية، كانت حتى وقت قريب تعتبر نفسها محرومة من تلك الثروة المتركزة شمال وجنوب البلاد.

وقّدرت الدراسة التي نشرتها شركة IHS التي تتخذ من ولاية كولورادو الأمريكية مقراً لها، أن تحوّل تلك الكميات العراق إلى أحد أكبر مصدّري النفط في العالم، جاذباً إليه أهم الشركات الدولية في هذا القطاع، في حال نجحت الجهود الرامية إلى تحسين الشروط الأمنية في تلك المنطقة.

وكان وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني قد ألمح إلى هذا الأمر، إذ أكد اكتشاف حقل عملاق جديد في المنطقة الغربية قرب الحدود السورية أطلق عليه اسم "أكاس."

ورجحّت الدراسة التي تعتبر أول بحث استشاري مستقل منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 أن تتمكن بغداد من مضاعفة طاقتها الإنتاجية ورفعها إلى أربعة ملايين برميل يومياً خلال خمس سنوات، إذا ما توفرت الاستثمارات اللازمة.

وتعد المنطقة الغربية التي تحدث عنها تقرير المؤسسة منطقة ذات غالبية سنية تنشط فيها التنظيمات المسلحة، ولطالما عرفت بمعارضتها لأي قوانين تحصر أرباح النفط بالمحافظات التي تحوي تلك المادة باعتبار أن ذلك سيشكل استثناءاً لها، إذ كان الاعتقاد العام أنها منطقة غير نفطية.

ولا يعرف بعد ما إذا كانت تلك الدراسة قد تغيير مواقف سنّة العراق من إقرار النظام الفيدرالي وتوزيع النفط والثروة، علماً أن IHS أكدت على موقعها الإلكتروني عزمها نشر خريطة تفصيلية (أطلس) توضح التوزيع الجغرافي للنفط العراقي.

وكانت الحكومة العراقية قد قامت، نتيجة تسويات سياسية، بتعديل المسودة الأولية التي قدمتها

لقانون النفط والغاز، بحيث يصار إلى إعادة إحياء الشركة الوطنية لنفط العراق، وإيداع جميع العوائد النفطية للبلاد في صندوق مركزي واحد.

وقد أثار الأمر اعتراض شرائح واسعة، وفي مقدمتها الأكراد، حيث وصف أشتي هوراني، وزير نفط إقليم كردستان المشروع بأنه "بعثي وقومي" مؤكداً رفض حكومته الكامل له.

واعتبر هوراني أن جوهر الخلاف ينحصر في تشخيص الدور الحقيقي المرتقب للاستثمارات الأجنبية، التي سيكون من شأن القانون الجديد تقييدها، بعد وضعه 82 في المائة من نفط العراق المنتج حالياًَ تحت سلطة الشركة الوطنية مما يترك هامش 18 في المائة فقط للشركات الأجنبية.

واشار تقرير صدر حديثا الى ان الجزء الاكبر من مخزون النفط الاحتياطي في العراق غير مستثمر، ومن الممكن ان يضاعف العراق انتاجه في هذا المجال في غضون خمسة اعوام.

ويضيف التقرير انه في حال تم استثمار هذه الثروة، فان العراق سينتزع من السعودية مركز المصدر الاول للنفط في العالم.

الا ان التقرير يقول بان العراق بحاجة الى تحسين الامن وتحسين الاستثمارات من اجل البدء بنمط انتاج مختلف للنفط.

وتعتبر هذه الدراسة الاكثر دقة في مجال مقارنة تقديرات المخزون النفطي السابقة بالمسح الجديد الذي اجري بعد سقوط نظام صدام.

وتعتبر كمية النفط المنتجة يوميا والتي تصل الى مليوني برميل اقل مما كانت عليه قبل عام 2003 حيث كانت تصل الى ثلاثة ملايين برميل.

ويرى التقرير ان حقلي النفط الاساسيين في العراق وهما كركوك في الشمال والرميلة في الجنوب يعملان بأقل من طاقتهما وان ذلك يعود الى العقوبات التي كانت قد فرضت على النظام العراقي السابق لاكثر من عقد من الزمن من جهة، والى ما آلت اليه الحرب منذ عام 2003، ولكن التقرير ركز على ان هذه المشاكل يمكن حلها.

ومن المنتظر ان يأخذ مشروع القانون هذا، والذي رفضت المنطقة الكردية بعض مقترحاته، طريقه الى التصويت في مجلس النواب العراقي قريبا.

بالمقابل أكد حسين الشهرستاني، وزير النفط العراقي، أن حكومته "ستحول المشروع إلى البرلمان الأسبوع المقبل" مرجحاً أن تتم المصادقة عليه وعلى حزمة من المشاريع المماثلة، وفي مقدمتها قانون تنظيم وتوزيع الموارد المالية.

وقال الشهرستاني إن مسودة القانون "نوقشت طوال ستة أشهر للخروج بمواد يتفق عليها الجميع" وأكد أن النفط والغاز "ملك لكل الشعب العراقي ويجب توزيع عوائده على كل المحافظات بنسبة سكانها."

وأكد الوزير العراقي وجود مواد خاصة تضمن بقاء نفط العراق تحت سيطرة العراقيين، مؤكداً أن الأولوية ستمنح للاستثمارات والشركات على أساس الكفاءة، وذلك في رد ضمني

على التشكيك بقدرة الحكومة العراقية على رفض عروض الشركات الأمريكية.

من جهته أوضح علي بابان، وزير التخطيط والتعاون الإنمائي العراقي أن إقرار مجلس الوزراء قيام صندوق عراقي اتحادي لجمع عوائد النفط يشكل حسماً للجدل الدائر حول هوية الثروة النفطية، ويعيدها إلى الشعب العراقي عوض تخصيصها لسكان المحافظة المنتجة.

وأكد بابان أن 92 في المائة من مدخول العراق الحالي مصدره عوائد النفط، ودعا إلى النهوض السريع بهذا القطاع متوقعاً أن يعاني العالم خلال الأعوام الخمسة المقبلة من "جوع نفطي" سيكون للعراق دور كبير في إشباعه.

أما بالنسبة إلى المعايير التي سيتم بموجبها توزيع عوائد النفط، فقد كشف الوزير العراقي وجود معيارين أساسيين يتمثلان بعدد سكان المحافظة أولاً، وبنسبة الأضرار التي تعرضت لها خلال حكم النظام السابق أو في الأحداث التي تلته.

ويأتي مشروع القانون الجديد كتعديل للمشروع السابق وذلك بعد مفاوضات أقرّ معظم المشاركين في الندوة أنها قامت على أسس "المحاصصة."

ويعتبر إعادة إحياء الشركة الوطنية لنفط العراق وإنشاء صندوق مشترك لعوائد النفط أبرز محاور هذا القانون، إلى جانب التقسيم الجديد لأبار النفط، حيث سيتم منح حقوق الإنتاج في 52 بئراً نفطياً عاملاً إلى الشركة الوطنية، فيما ستتنافس الشركات الأجنبية على حقوق استثمار 26 بئراً غير منتجة بعد إلى جانب نيل رخص الاستكشاف.

ونقلت وكالة يوناتد برس تاكيد وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني: ان مشروع قانون النفط والغاز العراقي سيبقي الثروة النفطية العراقية في ايدي العراقيين وسيكون لمصلحة كافة الفئات العراقية.

ويدعي الاكراد احقيتهم في ابار النفط الموجودة حاليا في شمال البلاد حول مدينة كركوك رغم معارضة سكان المدينة من العرب والتركمان.

اما السنة الذين يعيشون في مناطق غرب العراق الخالية من موارد النفط فقد اعربوا عن قلقهم من خسارة حصتهم من عائدات النفط بموجب النظام الفدرالي. ولكن لم يتم الاطلاع على مواقفهم الجديدة بعد ان اكد التقرير الدولي على اكتشاف مخزونات نفطية هائلة في المنطقة الغربية التي يقطنها السنّة لم يتم استثمارها بعد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24 نيسان/2007 -7/ربيع الثاني/1428