عرب ولكن بلا غيرة

فيصل حسين بو شهري*

 معظمكم سمع عن حادثة جامعة "فيرجينيا تيك" وإطلاق النار الذي حصل من قبل طالب، وراح ضحية تلك الجريمة ثلاثين ونيف شخص بين طلبة ومدرسين، الطالب الذي ارتكب هذه الجريمة اطلق النار على نفسه بعدها ليموت هو أيضا.

 حصلت أحد وكالات الأخبار الأمريكية على بريد مُرسل من الطالب نفسه بعثه عبر البريد قبل ارتكاب الجريمة، ويحتوي على صور له يحمل فيها أسلحة وأدوات حادة يصوبها للكاميرا وعلى نفسه، وعدة مقاطع مرئية تحمل عدة عبارات خالية من الأدب. منذ حصول الجريمة إلى الآن، الإعلام الأمريكي بكل وسائله يتحدث عن تلك الحادثة، ومن المستحيل أن ترى عبر التلفزيون الأمريكي شيئا آخر غير الحديث عن هذه الجريمة.

تابعنا ردود الشارع الأمريكي أيضا، وكلهم نددوا بتلك الجريمة وأصدروا بيانات، مؤسسات، منظمات، جامعات، وبلا شك، طلبة. جريمة بشعة جدا ومحزنة أيضا. بالإضافة لذلك،  تابعنا ردود أفعال عوائل وأصدقاء الضحايا وكان ما رأيناه أمرا محزنا حقيقة. أدعو من باب أني إنسان، وأسأل الله أن يلهم أهل الضحايا وأصدقاءهم الصبر والسلوان.

قبل حصول هذه الحادثة بيومين فقط، حصل انفجار لمفخخة في مدينة كربلاء المقدسة على مسافة لا تتجاوز الـ 200 مترا من مرقد سيد الشهداء عليه أفضل الصلاة والسلام، وراح ضحيته أكثر من 60 شخص، وإصابة أكثر من 70 شخص، بما فيهم نساء وأطفال، وتذكر مصادر مطلعة بأن بعض النساء والأطفال احترقوا تماما اثر هذا الإنفجار. تابعت الإعلام العربي فالقضية تخصه قبل أن تخص أي إعلام آخر، ولم أجد أي تعليق على القضية أو تعزية لأهالي الضحايا الأبرياء، أو على الأقل بيان استنكار. ما وجدته كان فقط ذكر الخبر باختصار بمساحة لا  تتجاوز الأسطر.

 أما بقية الأخبار فكانت، وأنقلها بطريقة الإعلام العربي، "أسرة الرئيس الراحل صدام حسين تنفي نبش قبره"، طبعا الخبر مدعّم بصور لقبر الهالك صدام المغطى بالورود والعلم العراقي! أما الخبر الآخر فكان،  المخاطر التي تهدد المقاومة في العراق، وغيرها من الحماقات. أما بالنسبة للشارع العربي، فهو مشغول بأمور أخرى.

هؤلاء مدعو العروبة يثبتون يوما بعد يوم بأنهم عرب منسلخون عن عروبتهم، أمة بلا غيرة. أمة لا تملك حمية على دماء مئات الأبرياء، يقتلون بين الحين والآخر في العراق، بما فيهم كهول ونساء وأطفال، شهداء وقتلى مغيبون عن الإعلام الذين يمثل هويتهم بصورة تكاد كلية، أمام عندما تصل القضية إلى إعدام الطاغية الهالك صدام، فتجد الإعلام والشارع العربي ينهض ويستنفر، معللين ذلك بأن الإعدام جرح مشاعرهم كمسلمين لتزامنه مع أحد أعيادهم!

وإن أراد أن يتفضل إعلامنا العربي بتعليق حول ما يجري من انفجارات وقتل وإرهاب في العراق، فسيقول بأن كل ذلك خطة صهيوأميريكية. العضو"الباحث" في منتديات "يا حسين" يتساءل عن انتماء الإرهابي الذي يقتل ويفجر في العراق، فيقول:-

"فربما كان (الإرهابي) نصرانيا وأراد أن يتقرب الى الله تعالى ويتغدى بعد صلاة الجمعة مع السيد المسيح. وقد جاء من ولاية تكساس لينتقم من الشيعة. أعداء الانسانية. ولربما كان يهوديا متعصبا ممن يلبسون القبعات وجاء من تل أبيب لينتقم من الشيعة. ويتناول العشاء مع النبي موسى.

وربما كان مبعوثنا من اجهزة الاستخبارات ، الامبريالية ، والصهيونية ، والاستعمارية ، والتيتوليتارية .. وربما الماوية ، والماركسية .. الخ المنظومة."

القضية واضحة وضوح الشمس ، الإرهابيون الذين يمارسون جرائمهم في العراق هم عرب ويقومون بكل ذلك باسم الإسلام والجميع يعرف إلى من ينتمون ومن أين يأتون وعلى فتوى من يقتلون. أما ما يقوم به الإعلام العربي لتبرئة المتهم من الجريمة ومن يسانده فيها ليس إلا كمحاولة إخراج شعرة من قطعة عجين.

لا أعلم ما هي انتماءات أصحاب الإعلام الأمريكي والجمور الهائل الذي شارك في استنكار الجريمة التي حصلت في جامعة "فيرجينيا تيك"، ولكن سواء كانوا يهود أو مسيح أو بوذ أو سيخ، لبراليين أو ديمقراطيين، بيض أو سود، مهما كانت ديانات أو سياسات أو لون هؤلاء، فهم يمتلكون من الغيرة ما لا يمتلكه هذا النوع من العرب. 

*طالب جامعي

ولاية كاليفورنيا- الولايات المتحدة الأمريكية

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 23 نيسان/2007 -6/ربيع الثاني/1428