خريف المحافظين الجدد في البيت الابيض يشهد تساقط أوراقه

 شبكة النبأ: يبدو ان نهاية الولاية الثانية للرئيس بوش ستشهد انتهاء عهد الجمهوريين في السيطرة على مقاليد الحكم في البيت الابيض الذي استمر لثمانية اعوام، من خلال تزايد الضغوط على رجال الرئيس والمقربين منه بغرض ازاحتهم من مراكز التاثير والقرار.

ولعل محاولات ابعاد النافذين المعتمدين لدى بوش قد تكون لأجل التاسيس لنهج الحكم الذي سيتبعه الديمقراطيون في حال فوزهم بانتخابات الرئاسة الامريكية نهاية العام المقبل وهو ما ترجحه حملات استطلاع الرأي التي تبرز تدني شعبية بوش الى مستويات غير مسبوقة.

ويواجه الرئيس الاميركي جورج بوش ظروفا صعبة تشمل ايضا اوساط المقربين منه لا سيما وزير العدل البرتو غونزاليس ورئيس البنك الدولي بول ولفوفيتز.

فوزير العدل البرتو غوانزاليس ما زال يواجه سيلاً من الدعوات لاستقالته نتيجة انعكاسات اقالة ثمانية مدعين عامين في الاشهر الاخيرة.

كما يتعرض كارل روف الذي يعتبر الدماغ المدبر لإدارة بوش لعدائية الديمقراطيين وكل المنتقدين لسياسات وممارسات هذه الادارة.

كذلك فان رئيس البنك الدولي بول ولفوفيتز ليس افضل حالا وهو يتمسك بمنصبه منذ الكشف عن العلاوة التي منحت لصديقته التي كانت موظفة في المؤسسة المالية الدولية.

ولم يعد ولفوفيتز الذي يعتبر من ابرز المنظرين لاستراتيجية بوش في الحرب على العراق عضوا في الادارة الاميركية منذ 2005.

كما لم يعد جون بولتون المتشدد في مسالة البحث عن اسلحة الدمار الشامل في العراق التي لم يعثر عليها الاميركيون ابداً سفيرا للولايات المتحدة في الامم المتحدة.

وقال الخبير السياسي اريك ديفيس لوكالة فرانس برس، ان "بيت بوش ينهار شيئا فشيئا" قبل سنتين من نهاية ولايته الرئاسية الثانية تحت وطأة هجمات اعدائه في الموضوع العراقي وخصومه الديمقراطيين.

ووزير العدل متهم بالعمل على التخلص من قضاة كبار لاسباب سياسية ثم بالاخفاق في اعطاء توضيحات مقنعة بهذا الصدد.

واقالة المدعين العامين ليست سوى واحدة من الفضائح التي يرغب خصوم البيت الابيض في محاسبة كارل روف عليها.

لكن بوش ما زال يحتفظ بثقته بمقربيه الاوفياء الذين لقبوا بـ"البوشيين". فشعوره بالوفاء لوزير الدفاع السابق دونالد رامسفلد في وقت كان العراق مهددا بالفوضى استحق عليه الاطراء طورا والانتقاد تارة اخرى حتى في المعسكر الجمهوري.

وطرحت صحيفة "واشنطن بوست" تساؤلات حول هذا الدعم من جانب بوش للمقربين منه. وكتبت "ان موضوع اليوم هو المصداقية (...) هل ينبغي ان نصدق هؤلاء الاوفياء الثلاثة لبوش (روف وولفوفيتز وغونزاليس) عندما يقولون لنا ان الامطار تتساقط الى الاسفل ولا تصعد الى الاعلى او انه يجدر بنا ان ننظر من النافذة لنتأكد من الامر بانفسنا؟".

وفي هذا السياق يجمع الخبراء ان الادارة الاميركية فقدت قسما كبيرا من رصيدها الوطني والدولي في الحرب العراقية.

وعندما تولى ولفوفيتز وبولتون منصبيهما في البنك الدولي والامم المتحدة واجه بوش احتجاجات اولئك الذين رأوا في ذلك داخل الولايات المتحدة وفي العالم اشارة الى ازدراء اميركي بمبدأ التشاور الدولي.

ورأت صحيفة "نيويورك تايمز" ان في قلب الجدل الدائر حول ولفوفيتز هناك "العلاقات المضطربة" التي يقيمها بوش "مع بقية العالم". لكنها اشارت ايضا الى رغبة لدى الحكام الاخرين في "تصفية حساباتهم".

وبالنسبة لبولتون سعى بوش جاهدا لابقائه في الامم المتحدة لكن خصومه الديمقراطيين الذين باتوا يشكلون الغالبية في الكونغرس لم يكونوا ليصادقوا على الارجح على تعيينه ما دفع بوش الى التراجع.

ويبدو ان الميزان بات يميل الان اكثر لجهة البرغماتيين داخل الادارة. واعتبر الخبير اريك ديفيس ان هؤلاء الرجال يدفعون الثمن "لانهم فكروا بثبات بطريقة دعم بوش ولم يفكروا كفاية بما كان عادلا".

وقد ازدادت الامور تفاقما بسبب ملف العراق. "فصعوبات بوش في العراق تشجع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ على مهاجمة غونزاليس" برأي ديفيس.

ويبقى العراق بحسب هذا الخبير المعيار المميز: "فبعد خمس او عشر سنوات عندما سيتحدث الناس عن جورج بوش سيفكرون في العراق وليس في البرتو غونزاليس وبول ولفوفيتز او كارل روف".

ويشير تقرير لفرانس برس الى اعلان متحدث باسم البنتاغون ان تحقيقا بدأه البنتاغون عام 2005 اظهر ان بول وولفوفيتز الرئيس الحالي للبنك الدولي لم يستغل منصبه اثناء عمله نائبا لوزير الدفاع الاميركي للتوصية بمنح صديقته شاها رضا عقدا لتقديم خدمات الاستشارة في العراق.

وقال المتحدث بريان ويتمان، إن وولفوفيتز اعترف امام المدعي العام ان شاها رضا الموظفة

السابقة في البنك الدولي كانت "صديقة مقربة" له. الا انه قال ان "المدعي العام رأى ان التوصية بحد ذاتها لا تعتبر استغلالا للمنصب".

وقال ويتمان ان العقد الذي مدته 90 يوما ولم يطرح في عطاء منح الى رضا عام 2003 مباشرة بعد غزو العراق وانه كان يغطي فقط نفقاتها.

واضاف انه جرى بموجب العقد تخصيص مبلغ 17 الف دولار للنفقات الا انه لا يعلم ما هو المبلغ الذي دفع لرضا التي زارت بغداد بصفتها مستشارة لشركة التطبيقات العلمية الدولية المتعاقدة مع الجيش الاميركي.

وكان المدعي العام فتح تحقيقا في القضية في عام 2005 بعد اتهامات في وسائل الاعلام بان وولفوفيتز "قد يكون استغل منصبه لتحقيق مكاسب خاصة".

وذكر ويتمان ان "تحقيقات المدعي العام استكملت في ايار/مايو اي بعد شهرين واظهرت ان رضا كانت مؤهلة بشكل خاص لتقديم الخدمات المطلوبة كما انها حصلت على توصية اخرين للقيام بهذا العمل".

الى ذلك تعهد رئيس البنك الدولي بول وولفوفيتز الجمعة الالتزام بتوصيات مجلس البنك بشان التحقيق في القضية المثارة ضده الا انه لم يوضح نواياه المستقبلية بشان منصبه في البنك.

وفي بيان مقتضب قال وولفوفيتز انه "يرحب بقرار المجلس بمواصلة التحقيق في القضية وحل هذه المسالة الهامة للغاية".

وجاء البيان عقب اعلان مجلس البنك في وقت متاخر من امس الخميس قرارا بمواصلة وتوسيع تحقيقه في الزيادات في الاجر التي منحها وولفوفيتز لصديقته شاها رضا الموظفة السابقة في البنك الدولي. وجاء في البيان ان وولفوفيتز "يتطلع الى تنفيذ توصيات المجلس".

ولم يكشف رئيس البنك الدولي في بيانه عما اذا كان سيستقيل بسبب هذه الفضيحة رغم دعوات كبار موظفي البنك له بذلك والتعليقات القاسية التي صدرت من بعض الحكومات والناشطين بشانها.

وذكر اعضاء مجلس الادارة الـ24 في بيانهم ان هذه الفضيحة تثير "القلق البالغ" مشيرين الى انهم اتفقوا على "عملية تهدف الى معالجة الوضع بشكل عاجل وفاعل وحسب القوانين". غير ان المجلس لم يبت في مسألة بقاء وولفوفيتز (63 عاما) في منصبه.

وتولى وولفوفيتز المسؤول الثاني سابقا في البنتاغون واحد المخططين للحرب على العراق رئاسة البنك الدولي في حزيران/يونيو 2005 بعد ان رشحته ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش الجمهورية لهذا المنصب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 23 نيسان/2007 -6/ربيع الثاني/1428