الشباب الفرنسي يصوت للمشاهير.. والمهاجرين ميّالون لمن يصون حقوقهم

 شبكة النبأ: تتوضح يوما بعد يوم معالم الشخصية التي ستقود فرنسا خلال الخمس سنوات القادمة في ظل تصاعد محموم لماراثون الانتخابات الرئاسية من خلال استطلاعات الراي والنيّة الانتخابية لدى اكثر من اربعين مليون فرنسي مشمولين بحق الاقتراع.

واظهر استطلاع للرأي اجرته مؤسسة ايفوب ونشرت نتائجه صحيفة "اوجوردوي: ان المرشح اليميني الاوفر حظا نيكولا ساركوزي والوسطي فرنسوا بايرو والاشتراكية سيغولين روايال هم الاشخاص الثلاثة الذين يختارهم الشباب الفرنسي دون سن الثلاثين والذي سينتخبون للمرة الاولى خلال الاقتراع الرئاسي.

ودعم 30% من الذين سيصوتون للمرة الاولى نيكولا ساركوزي في حين حصل بايرو على دعم 23% وسيغولين روايال على 22% وفق الصحيفة التي اشارت الى ان زعيم اليمين المتطرف جان ماري لوبن حل في المرتبة الرابعة مع 9% من الاصوات.

واوضحت الصحيفة ان "بين المرشحين الصغار يتمتع اوليفييه بوزانسونو (الرابطة الثورية) بجاذبية معينة في صفوف الشباب الذين يصوتون للمرة الاولى (6% من الاصوات) وهو يتقدم بكثير على الاشتراكية ماري جورج بوفي (2%) والمدافع عن عولمة بديلة جوزيه بوفيه (2%) وارليت لاغيه (1%)".

وفي حال تواجه ساركوزي وروايال في الدورة الثانية من الانتخابات سيفوز مرشح اليمين بفارق بسيط (51%) حسب تقرير لوكالة فرانس برس.

اما في حال مواجهة بين بايرو وروايال سيفوز المرشح الوسطي على المرشحة الاشتراكية بحصوله على 59% من الاصوات.

وفي حال كانت المواجهة بين بايرو وساركوزي في الدور الثاني فسيفوز المرشح الوسطي هنا ايضا بفارق (57% في مقابل 43%).

لكن الاستطلاع يظهر نسبة التردد الكبيرة في صفوف الشباب دون سن الثلاثين، اذ ان ناخباً من كل اثنين يقول انه قد يغير رأيه.

ويضيف تقرير نقلته الـحياة، انه قبل ثلاثة ايام من موعد الدورة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية، حافظ مرشح اليمين الحاكم نيكولا ساركوزي على مركزه الاول في استطلاعات الرأي. وتليه منافسته الاشتراكية سيغولين رويال، فيما يحل مرشح الوسط فرانسوا بايرو ثالثا ومرشح اليمين المتطرف جان ماري لوبن رابعا. لكن المراقبين يتعاطون مع هذه النتائج بتحفظ، إذ غالباً ما أخطأت الاستطلاعات وجاءت النتائج الانتخابية مخالفة لها، وخير مثال على ذلك الانتخابات الماضية العام 2002، حيث أكدت الاستطلاعات تقدم المرشح الاشتراكي في حينه ليونيل جوسبان، ليجد نفسه خارج السباق الرئاسي عقب الدورة الأولى.

وعدم القدرة على الجزم، مرده أيضاً إلى كون غالبية المرشحين من الوجوه الجديدة، ومن أبناء جيل مختلف عن أسلافه ليس من ناحية السن وحسب، وإنما كذلك من حيث الأسلوب والتموضع.

فساركوزي حرص في إطار حملته على التمايز عن إرث الرئيس الحالي جاك شيراك، كما حرصت رويال على الابتعاد عن المواقف والمسلمات الاشتراكية، ولجأ بايرو الى عملية خلط أوراق بهدف وضع حد لسيطرة أحد الحزبين على التوالي على أجهزة الحكم.

ولا يقتصر التغيير في الحملة الحالية على المرشحين بل يشمل عقلية الناخبين وغياب التلقائية بين الميل السياسي للناخب وخياره الانتخابي، فصاحب الميول اليسارية لا يجد نفسه ملزماً بالاقتراع لمرشح يساري، وكذلك الأمر بالنسبة إلى صاحب الميول اليمينية.

وهذا ما أوحى لبايرو استراتيجيته الانتخابية، التي بدا خلال فترة أنها كفيلة بجذب الفرنسيين. وتقضي بالأخذ بما هو جيد من أفكار وعناصر لدى اليمين واليسار، لبلورة ما أسماه بـ «الثورة الهادئة» التي تنهي احتكار الحزبين الرئيسيين للسلطة، فيما مشكلات الفرنسيين على حالها من المراوحة.

وقد تكون الخيبة التي لمسها بايرو، حيال القوى السياسية من مبررات الارتفاع القياسي في عدد الناخبين المترددين الذين لم يختاروا بعد المرشح الذي سيقترعون له، وتقدر نسبتهم بـ40 في المئة.

ولكن بخلاف سنة 2002 حيث كان الفرنسيون على درجة من الخيبة جعلتهم يقبلون على هذا الاستحقاق بلا مبالاة، فإن الحملة الحالية تثير حماساً بالغاً لديهم، ولذا فإن ارتفاع نسبة المترددين بينهم على صلة بطبيعة المرشحين الرئيسيين وشخصياتهم.

فما يجمع بين ساركوزي ورويال وبايرو هو افتقارهم للهالة الكفيلة بفرض ولاء تلقائي حيال كل منهم من قبل اسرته السياسية ومناصريها، إضافة الى افتقارهم لما يلزم من تجربة واطلاع على كواليس الحكم وإدارة اجهزته.

وقد يكون ساركوزي الأكثر خبرة بين الثلاثة كونه أمضى السنوات الخمس الماضية بين وزارتي الداخلية والاقتصاد، لكن سلوكه واسلوبه على مدى تلك الفترة لم يعزّز بالضرورة صورته كمرشح رئاسي، فكثيرون داخل الصف اليميني وطبعاً خارجه يتخوفون من شخصيته التي تنطوي على جانب غير مطمئن في ظل اتهامه بالانتهازية والميل للتسلط.

وكثيرون في الصف الاشتراكي، وأيضاً خارجه، يرتابون حيال فوز رويال بالرئاسة، كونها معروفة بميلها للتفرد، وبمحدودية الاطلاع التي قد تعطل قدرتها على اتخاذ القرارات الملائمة.

أما بايرو فإن أعضاء في تياره ابتعدوا عنه وانضموا الى ساركوزي، وكذلك بعض أوساط الناخبين، يعتبرون ان برنامجه يتسم بالميوعة والابهام.

ويضيف تقرير الـحياة، بالنتيجة، هناك جزء لا يستهان به من الناخبين الحائرين حيال المرشح الذي سيقترعون لصالحه، وانما هم على معرفة أكيدة بهوية المرشح الذي يرغبون بالتصويت ضده.

وهذا ما يجعلهم يلهون بتكتيكات يعدونها على طريقة البيلياردو، من خلال اختيارهم الاقتراع لمرشح ليس اقتناعاً به، وانما املاً بإسقاط المرشح الذي يشكل محط غضبهم.

عاصرت الزميلة هيام حموي، المقيمة في باريس منذ نحو ثلاثة عقود، التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية على الساحة الفرنسية، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية المتعددة.

ويشار الا ان العد العكسي بدأ من قبل بعض المرشحين، من أمثال نيكولا ساركوزي، وسيغولين روايال، قبل أسابيع طويلة، بل قبل شهور من انطلاق الحملة الترويجية الفعلية والرسمية لهذه الانتخابات الرئاسية الفرنسية، التي ستدخل البلاد على إثرها، دون شك، مرحلة تجديد كبرى نتيجة وصول جيل أكثر شبابا من السياسيين الفرنسيين إلى سدة الرئاسة، ومواقع القرار.

أربع نساء ولكن...

ليست هذه هي المرة الأولى التي تخوض فيها المرأة الفرنسية الحملات الانتخابية الرئاسية.. لكنها المرة الأولى التي تصل فيها إحدى المرشحات، وهي سيغولين روايال، المرشحة عن الحزب الاشتراكي، إلى هذه النسبة من التقدم في استطلاعات الرأي. حتى أن صحيفة "لوباريزيان" الشعبية، عنونت في صفحتها الأولى، هذا الثلاثاء، إلى جانب أحداث جامعة "فرجينيا" الدامية، بأن التنافس بين المرشحيْن الأوفر حظا في استطلاعات الرأي حتى الآن، ساركوزي وروايال، يضعهما في كفة التعادل، إذا ما وصلا إلى الدورة الثانية.

وفي تفاصيل استطلاع الرأي الذي انفردت به صحيفة "لوباريزيان" أظهرت التوقعات ساركوزي متقدما على روايال في الدورة الأولى، باحتمال حصوله على 27 في المائة من الأصوات. وتأتي سيغولين في المرتبة الثانية، بنسبة 25 في المائة من التوقعات، بينما لا يتجاوز مرشح الوسط، فرنسوا بايرو نسبة 19 في المائة.

والتجربة المريرة التي عاشها الاشتراكيون، مثلما عاشها الفرنسيون، في رئاسيات 2002 لا تزال ماثلة في الأذهان، وتثير الهلع في النفوس، يوم فشل مرشح الاشتراكيين ليونيل جوسبان، رغم كل توقعات استطلاعات الرأي، ذات أمسية أبريلية/ نيسانية من عام 2002، وجاء ترتيبه الثالث، بعد شيراك ولوبن.

وذهلت فرنسا يومها أمام نتيجة الدورة الأولى، التي وضعت المواطنين أمام أمرٍ واقع لا خيار لهم فيه سوى بين يمينين، أحدهما متطرف وله وجه جان ماري لوبن، والخيار الآخر، الذي بدا أهون "الأمرّين"، تمثل في إعادة انتخاب جاك شيراك، الذي استطاع، بفضل هذه الرمية من غير رامٍ، أن يحصل على نسبة اقتراع لم تعرفها فرنسا من قبل في جمهوريتها الخامسة، وقرّبته من نتائج الانتخابات في بلدان بعض "أصدقائه العرب!!!"

وحسب ما ألمح إليه بسخرية بعض منافسيه، فقد جمع ما يزيد على 82 في المائة من أصوات الناخبين الذين صوتوا ضد لوبن أكثر بكثير مما صوتوا مع شيراك!

وذكرى هذه المرحلة هي التي دفعت بصحيفة "ليبراسيون" إلى وضع رسم كاريكاتوري سوداوي على مساحة كبيرة من صفحتها الأولى، وتبدو في الرسم امرأة لها ملامح من سيغولين روايال واقفة أمام جدار وخلفها شبح بملامح ليونيل جوسبان، مع عنوان كبير: "هاجس 21 أبريل"، ويشير إلى هلع اليسار من أن يعيد التاريخ  نفسه، وهو ما يعتبره اليساريون "حدثا خطيرا" بالنسبة للديمقراطية، كما جاء في التعليق المرافق للصورة.

وفي غياب ملفت لاستطلاعات الرأي التي يمكن أن تتناول أفضلياتهم بالنسبة للمرشحين، يتوقع البعض أن يشكل تصويت هؤلاء الناخبين الجدد عنصر المفاجأة في الدورة الأولى.. إذ لا تزال ذكرى عبارة "الحثالات" التي وصف بها ساركوزي فئة من شبان المهاجرين، إبان أحداث شغب الضواحي في شتاء 2005، ماثلة في الأذهان.

كما أن خيبة أملهم في وعود الاشتراكيين بتحسين أوضاعهم، والتي لم تنفذ منذ بداية عهد ميتران، تجعل البعض يميل إلى الاعتقاد بأن خيارهم "الاستراتيجي" سيصب في مصلحة مرشح الوسط فرنسوا بايرو، وإن كانت قلوبهم تخفق لمرشحين من تيارات أقصى اليسار، مثل جوزيه بوفيه، المناهض للعولمة، والذي كان قد زار ياسر عرفات أثناء محاصرته في رام الله، أو المرشح بيزانسنوه الشاب البروليتاري المتحمس، والقريب من تطلعاتهم.

غير أن التصويت العربي، أو الأصح تصويت المواطنين الفرنسيين المنحدرين من أصول عربية، يجب أن يُفصل عن السياسة الخارجية الفرنسية، التي كانت تتسم، حتى الآن، بالطابع الديغولي المؤيد لوجهات النظر العربية، حتى في عهد ميتران.

وهنا لابد من التنبيه إلى أن الأوساط الدبلوماسية الفرنسية القريبة من السياسة العربية تتوقع تغييرا كبيرا في المنحى السياسي لفرنسا إزاء القضايا العربية، أيا كان الساكن الجديد في قصر الإليزيه، مشيرة بأسف إلى أن المواقف الفرنسية الإيجابية لم تكن تقابل دوما بمواقف عربية على مستوى التطلعات والمصالح الفرنسية، وهذا ما يجعل مواقف أنصار النهج السياسي السابق، والمؤيد للعرب، أضعف وسط مجموعة العمل الجديدة التي ستحيط بطاقم الرئاسة الجديد ...

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 22 نيسان/2007 -5/ربيع الثاني/1428