شبكة النبأ:
يشكل القطاع السياحي رافدا مهما للاقتصاد العراقي ويكاد يكون الرافد
الثاني بعد النفط، ومن المعلوم ان الدول المتقدمة تسعى الى تطوير
وتجديد وبذل كل ما يمكن من أجل أظهار اماكنها السياحية بالمظهر اللائق،
وتقف السياحة الدينية للعتبات المقدسة في الصف الاول في بلدنا، وكربلاء
المقدسة احد أهم المدن العراقية التي يرتادها الزائرون من مختلف بلدان
العالم، ويكاد لايخلو يوم لا تجد زائرا عربيا او أجنبيا بين أزقتها
ومراقدها وشوارعها المكتظة بالزوار وخاصة في المناسبات الدينية.
حدود مفتوحة
بعد سقوط النظام السابق في 9/4/2003 أنفتحت الحدود حتى أصبحت طيّعة
للقاصي والداني ولحق ذلك تهديد أمني واضح المعالم شمل العراق من اقصاه
الى اقصاه، ويمكن أدراك خطورة هذا الانفتاح بالاحداث التي مرت في
عاشوراء الدامي الذي راح ضحيته جراء التفجيرات الارهابية الكثير من
الزوار وأبناء كربلاء والذين بلغ عددهم أكثر من(125) بضمنهم عدد من
الزوار الاجانب، وعلى الرغم أن الاحداث المتلاحقة التي تجري حاليا في
كربلاء من قتل هنا وهناك الا ان حركة السياحة الدينية لم تتوقف ابدا.
ولكن سنسأل سؤالا يتعلق بالسياحة على فرض ان الوضع في حالة مستقرة،
فهل نمتلك مقومات سياحية ناجحة؟. فالقادم يحتاج الى الراحة والامان
والسهولة في التنقل والاقامة والتبضع، ففي الفترة السابقة أي ما بعد
السقوط بقليل كان هناك دخول لاعداد كبيرة جدا من الزائرين الاجانب وقد
شكل ذلك خرقا واضحا وعبئا كبيرا وما برح الشارع الكربلائي يثير الاسئلة
تلو الاسئلة عن كيفية دخول هولاء الزائرين، وهل كان دخولهم بطريقة
مشروعة قانونا؟ وهل سمحتم لهم الدولة بهذا؟ وهل أدى هذا الدخول غير
المنظم الى ضرر على سكان المدينة من جوانب أمنية واجتماعية واخلاقية
ودينية فضلا عن الجانب السياحي، وما هو دور مؤسسات وزارة الثقافة وهيئة
السياحة في هذا الامر؟.
في هذا الاستطلاع لـ(شبكة النبأالمعلوماتية)، نطّلع على المشكلات
التي خلفتها السياحة الدينية في كربلاء وسبل الارتقاء بها.
السياحة غير منظمة
المواطن(أحمد كريم) قال، ان السياحة الان عفوية وغير منظمة ومن دون
دراسة دقيقة ولا
حتى برتوكولات سياحية تنظم هذه العملية وتأخذ على عاتقها توظيف هذه
السياحة لخدمة الاقتصاد العراقي، لقد أضحت مدينة كربلاء مليئة
بالمشكلات ومنها عدم النظافة وتعرض بعض الزائرين الى عمليات النصب
والاحتيال والسرقة فضلا عما يسببه تواجدهم غير
المنظم من زحام وإرباك
في اداء الطقوس.
المطلوب تحديد أعداد الزائرين
المواطن(نزار جاهل) يعمل في أحد الفنادق يقول، على الرغم من كثرة
الفنادق في كربلاء والتي تجاوزت ثلاثمائة فندقا الا أنها لم تتناسب
وضخامة الاعداد التي دخلت في وقت سابق ما بعد سقوط النظام وهذا الامر
للاسف يخرق الاعتبارات الامنية والا قتصادية والاخلاقية حيث اننا في
الفنادق نطبق تعليمات هيئة السياحة والشرطة السياحية، ويقتضي تفتيش
الزائر والتأكد من عدم وجود ممنوعات والانتباه لمثيري الشبهات والمرضى
ومن ليس لديه أوراق ثبوتية وبسبب كثرة الزائرين ترك الكثير من الزوار
دون رقابة وهذا في حد ذاته يعد خرقا قانونيا وامنياً تترتب عليه الكثير
من المشاكل.
واضاف ان المطلوب من هيئة السياحة ان تحدد عدد الداخلين وحسب طاقة
الفنادق وتحديد مدة الاقامة وانشاء مراكز للفحص الطبي على الحدود فقد
ظهرت أمراض كثيرة، وكذلك يجب أستيفاء أجور مناسبة خدمة للاقتصاد الوطني
ووضع قيود على خروج بعض السلع المهمة التي نحن أولى بها إذ أن لهذا
الامر آثار أقتصادية في غاية الخطورة.
واختتم قوله ان المدن الدينية السياحية بحاجة الى وقت كاف لترتيب
أوضاعها وبخاصة في بلد مثل العراق خارج من حروب متكررة دمرت الكثير من
بناه التحتية وما زال يعاني من خروقات أمنية وارهاب اعمى قلما وجد مثل
بشاعته واجرامه.
دور هيئة السياحة ضعيف
ومن ثم كانت محطتنا التالية مع احد اصحاب الفنادق والذي اعرب عن
سروره ودهشته لحضورنا وفي الوقت ذاته تحفظ على ذكر اسم فندقه واسمه
كذلك تحت ذريعة انه ربما يتعرض الى الوان من الحيف ازاء من يتعلق الامر
بهم، وهو يقول لـشبكة النبأ: هناك جملة من الاشكلات والمعوقات التي تقف
حجرعثرة امام النهوض او الارتقاء بالصناعة السياحية في كربلاءالمقدسة
وهي تتمثل بالنقاط التالية:
1ـ ضعف رابطة الفنادق في كربلاء
2ـ سيطرة الشركات الايرانية
3ـ عدم تفعيل دور هيئة السياحة
4ـ شركة عراقية معينة تسيطر على 60% من السياحة في كربلاء
5ـ يتم تقييم الاجور من قبل الجانب الايراني
6ـ نسبة الوقود المخصصة قليلة جدا
وفي ختام حديثه اشار الى الدور المهم والضروري الذي يضطلع به
الاعلام هذه الايام من خلال نقل وتجسيد الحقيقة وان يتخذ موقفا ازاء
هذه الظاهرة المهمة والتي هي ربما تتضمن معاني كثير اقلها ابراز الجانب
الحضاري والمشرق للعراق عبر بوابة السياحة الدينية في كربلاء المقدسة
وهي بمثابة محطة مهمة لكل الوافدين او الزائرين الى العراق.
حصة الوقود المخصصة قليلة جدا
السيد بشار، وهو صاحب فندق ايضا، أعرب هو الاخر عن استياءه وتذمره
ازاء بعض السلوكيات والقوانين، حيث يقول، بان فندقه مغلق منذ سنتين
وبالمقابل فانه يدفع لإسالة الماء مبلغ قدرة 84 الف دينار عراقي كل شهر
وهو مبلغ ثابت، ويتسائل لماذا هذا المبلغ والفندق مغلق ولا يعمل؟ ناهيك
انه يراجع لعدة ايام على امل ان ياخذ حصة الوقود المقررة له علما بانها
قليلة جدا ولا تكفيه لمدة اسبوعين فقط.
كما استدرك قائلا بأن السياحة هي عبارة عن صناعة، وصناعة مهمة
بالاضافة الى كونها مصدر مهم من مصادر الدخل القومي للبلد وقد ذكر
امثلة كثيرة كمصر والاردن وسوريا ودول اخرى، وهو يعتب على الدولة
كثيرا، ويتسائل لماذا لاتهتم بشكل جاد بهذا الرافد المهم والحيوي،
والذي يمثل حسب قوله دعامة اكيدة او حلقة مهمة من ادوات الاقتصاد
العراقي، ناهيك ان السياحة تخلق مساحة شاسعة للعمل امام الشباب
العاطلين، وربما نحن نتذكر المرحلة التي تلت السقوط ومدى الحركة التي
نشطت في الشارع الكربلائي من خلال الوافدين الى مدينة كربلاء المقدسة.
هيئة السياحة تجيب
لملمنا اوراقنا وطرحنا على السيد(احمد عبد الحسن علي)، مدير سياحة
محافظة كربلاء المقدسة، فقال لـشبكة النبأ: تعتبر السياحة الشريان
الحيوي في اقتصاديات البلدان السياحية في مختلف بلدان العالم لما تدره
من العملات الصعبة في ميزان المدفوعات، والعراق يزخر بثروة سياحية لا
تنضب من مختلف انواع السياحة دينية، اثرية، ترفيهية، علاجية،
بيئية...الخ. الا انها تحتاج الى دعم وتوسيع دوائر وحلقات الاستثمار
السياحي وفتح الابواب امام الشركات المحلية والعربية والاجنبية وفقا
لقوانين الاستثمار العراقية المنصوص عليها في الدستور الجديد وتحتاج
السياحة في العراق الى الانفتاح على كافة الهيئات والمؤسسات الاكاديمية
العربية والاجنبية وتعشيق سبل التعاون وتبادل الخبرات والدراسات مع هذه
الدول وفتح دورات تدريبية وتأهيلية داخل وخارج القطر متخصصة بالجانب
الاكاديمي السياحي.
اضافة الى رسم سياسة استثمارية نموذجية على المديات القصيرة او
الطويلة متماشية مع خطة وبرنامج الدولة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا حسب
ما تتطلبه المرحلة الا ان اهم المعوقات الرئيسة التي تتعرض سير العملية
السياحية والانفتاح هو التدهور الامني بالدرجة الاولى، والبرنامج
والطرق التي نستطيع من خلالها اعداد وانتقاء كوادر وعناصر وظيفية
متخصصة في الجانب السياحي لغرض رفدهم بالدورات السياحية المتطورة.
ولغرض النهوض بالواقع السياحي في العراق وخصوصا في مدينتي النجف
الاشرف وكربلاء المقدسة، فقد شملتنا رعاية وتوجيه السيد رئيس هيئة
السياحة الاستاذ حمود محسن اليعقوبي من خلال فتح دورات تثقيفية
وتأهيلية للعاملين في المرافق السياحية وبكافة الاختصاصات الادارية
والمهنيية والخدمية بالاضافة الى ذلك دورات للادلاء السياحيين ودورات
في قطع التذاكر في شركات السفر والسياحة الحديثة لغرض مواكبة التطور
السياحي في العالم.
ومن هنا تلوح في الذاكرة جملة من التساولات تقول، هل يتحقق هذا؟ على
المدى المنظور، وربما يبدوا من الصعب تحقيق ما ذهب اليه مدير السياحة،
قبل سنة او سنتين في الاقل، والسؤال الذي يبقى معلقا بلا أجابة ـ ماذا
سنصنع في الوقت الحاضر؟.
|