شبكة النبأ: تعاني بحيرة الرزازة في
محافظة كربلاء شأنها شأن اغلب المعالم السياحية والاثرية من الاهمال
وعدم المتابعة والتنظيم ونقص المياه مما قد يؤدي في المستقبل الى جفاف
هذا الموقع السياحي وتحوله الى أحراش ومستنقعات تنتشر فيها الحشرات
والحيوانات التي تضر بالانسان والبيئة.
يقول تقرير نشرته وكالة (اصوات العراق) ، ان بحيرة الرزازة بقعة ماء
تحيط بذراعيها الصحراء فتتحول إلى كفين مرتفعين، ما أن يصل إليها المرء
حتى تستقبله بابتسامة زرقاء.. كانت إلى وقت قريب مكانا للسياحة حين
يغسل الكربلائيون تعب الأسبوع على شواطئها الرملية ...إلا إن النظام
السابق حولها إلى معسكرات للتدريب العسكري، وتحولت بعد سقوطه إلى مكان
مهجور تشكو قلة الماء والملوحة الزائدة وموت الأسماك.
لماذا جف الماء ولماذا ازدادت الملوحة وهل ستبقى هذه البحيرة
الطبيعية مهملة كما اهملت كل الأشياء الجميلة في العراق؟.
يقول الاستشاري في مديرية الموارد المائية في كربلاء المهندس محمد
مسلم عويد لوكالة أنباء (أصوات العراق) المستقلة"تقع البحيرة غرب مدينة
كربلاء( 15كم ) وكانت تتألف من جزئين الأول بحر الملح والثاني هو (أبو
دبس)."
وأضاف"في عام 1941 توحد الجزئين بعد أن ارتفع منسوب المياه في
البحيرة الى (22م) فوق سطح البحر، ولم يعد لهذين الجزئين اثر."
ويضيف" وهي جزءا من واد واسع يضم (الثرثار،الحبانية، الرزازة، بحر
النجف)."
وعن مصادر مياه البحيرة قال عويد "للبحيرة ثمان مصادر تزودها
بالمياه، نهر الفرات، بحيرة الحبانية (شرق الرمادي )، فرع الرشيدية (
شمال كربلاء )، مبزل الرزازة، المياه الجوفية ، العيون المائية في عين
التمر 80كم غرب كربلاء ومياه الإمطار والأودية الموسمية."
واستطرد" تبلغ مساحة البحيرة التي تقع فوق مستوى سطح البحر(40) بما
يقارب 1810كم2 ولها قدرة لاستيعاب 25750مليار كم2 من المياه."
وفيما يتعلق بتاريخ البحيرة قال عويد إن" البحيرة قديمة التكوين،
وأنها كانت تقع ضمن ما يسمى( بجنّة عدن السامية ) وقد وصل الباحثون إلى
قناعة على إن منخفضات (الحبانية، الرزازة، بحر النجف) كانت تمثل نهر
الفرات القديم قبل حصول الحركات الجيولوجية في
العصرين الأخيرين من الزمن الجيولوجي الثالث."
وتابع "هذه الأحداث حصلت قبل دخول الساميين إلى العراق أي قبل كتابة
التوراة "موضحا" كانت تستخدم كخزان للسيطرة على فيضانات نهر الفرات،
وهناك دلالات تؤكد إن البابليين القدماء كانوا يضبطون الفرات بواسطة
مصارف فيضانات محكمة تؤدي إلى منخفضين في الصحراء الغربية الأول شمالي
الحبانية والثاني جنوبي أبو دبس (شمال مدينة الحلة) وهي تعد من أوسع
البحيرات في العالم حيث إن طولها يصل إلى 70 كم جنوبا وعرضها من الشرق
إلى الغرب 40 كم".
بعد هذا التاريخ – يواصل المهندس عويد - تحولت عملية تزويد البحيرة
بالمياه من تلك القنوات الثمان إلى قنوات جديدة تقسم مصادر مياه
البحيرة إلى ثلاث مجاميع، المصدر الأول بحيرة الحبانية عن طريق( ناظم
المجرة) حيث يعد هذا المصدر من أسباب توسع البحيرة نتيجة تدفق المياه
من نهر الفرات والذي سيضيف عذوبة أكثر لمياهها والثاني جدول الحسينية
(فرع الرشدية) التي تصل إلى هور(أبو دبس)، والمصدر الثالث" مبزل
الرزازة الذي شق عام 1931 وهو شبكة من المبازل الحقيقية المجمعة
والفرعية والرئيسية وتضم 12 وحدة ضخ."
موضحا" هذا المبزل يزود أيضا بالمياه الجوفية وتصل مياهه إلى بحيرة
الرزازة وفق المنافذ عدة وهي العيون المائية في قضاء عين التمر التي
يطلق عليها الزرقة – السيب- الحمرة- ام الكواني- وعيون الرحالية،
والمياه المنبثقة وهي مجموعة صروح عرضية وسط البحيرة تخرج منها المياه
وهي التي تعمل على ارتفاع نسبة الملوحة التي قدرت بأكثر من 50 مليون طن
من الملح، وكذلك الأمطار والأودية التي تأتي منها المياه من الجهة
الغربية نتيجة انحدار الأرض نحو البحيرة وهي أودية الغرف والعرجاوي
وشعيب فؤاد ووادي الأبيض في الرمادي."
لم يبق من مياه البحيرة وعذوبتها شيء خاصة وان الأملاح أخذت تزداد
نسبتها في مياهها، وهجرتها السياحة وقلت الرغبة لدى المواطن في قضاء
ساعات عند شواطئها.
وكل هذا كما يقول المهندس عويد بسبب "قلة المياه في نهر الفرات مما
قلل نسبة تغذية البحيرة بهذه المياه وخاصة في السنوات الأخيرة."
مشيرا الى ان "وزارة الموارد المائية قامت مؤخرا بدفع كميات من
المياه من خلال هذا المصب إلا إن النسبة التي ضخت إلى البحيرة لم تكن
كافية بسبب حدوث عمليات تبخر في البحيرة وعدم استمرارية تدفق هذه
المياه والذي سيشكل عقبة كبيرة في بقاء البحيرة مرتفعة المناسيب."
موضحا "الشيء الأهم أن يتم تزويد البحيرة بكميات كافية من المياه
وان عدم التجهيز سوف
يساعد على زيادة تركيز الأملاح مما يؤثر بشكل كبير على الثروة
السمكية وهو ما يحصل
الآن وسيؤدي هذا الواقع الجديد إلى انتفاء الحالة السياحية للبحيرة
ولا تكون منطقة جذب سياحي لاقتراب ملوحة البحيرة من ملوحة مياه البحر."
وقال" هنالك تدهور خطير يعطي مؤشرات عدة منها أن تقل نسبة مياه هذا
الحوض والذي من شأنه خلق منخفض تكثر فيه الحشائش وتصبح مكاناً لتجمع
المياه الأرضية التي تساعد على نمو الأدغال الحشرات والحيوانات المائية
المضرة بالبيئة وفق عملية التوازن البيئي وعوامل التبخر"مضيفا" لكون
البحيرة مغلفة ولعدم إمكانية تصريف مياهها أصبحت البحيرة تتبخر مما
يزيد من نسبة الأملاح".
ويقدم المستشار في دائرة الموارد المائية عدة مقترحات منها: "أن يتم
نصب محطات رصد هايدرولوجية ومناخية على وفق شبكة محطات ضمن حيز وإقليم
البحيرة، وإقامة عدد من المشاريع الزراعية والسياحية لإعادة روح الخزن
المائي، إضافة إلى إنشاء أحزمة خضراء تساعد على تثبيت التربة وتقليص
نسبة التبخر والتي تساعد على الحفاظ على المياه كما ونوعا وإيقاف عملية
الانهيارات والجرف العشوائي، والعمل على إقامة السدود الصخرية للحفاظ
على أكتاف البحيرة."
بحيرة الرزازة كانت مصدرا للثروة السمكية وكان الصيادون يبحرون في
مياهها أياما ليحصلوا على صيد وفير.. اما باعة السمك فكانوا يتباهون
حين يعرضون بضاعتهم وهم ينادون ( سمك الرزازة ) لمذاقه الخاص وانواعه
المرغوبة من الناس."
يقول الصياد محمد هادي محسن"منذ أربع سنوات لم نعد نصيد الأسماك في
بحيرة الرزازة بسبب قلة المياه "وأضاف"افتقدنا أنواعا كثيرة من الأسماك
نتيجة ارتفاع الملوحة بشكل كبير والذي اثر كثيرا على عملنا بهذه المهنة
التي ورثناها من الأجداد".
فيما يقول الصياد حمود جعفر"كنا نتبارى في صيد أنواع السمك وكنا لا
نقبل إلا بالأنواع الجيدة والكبيرة."
وأضاف" اختفت أنواع كثيرة من الاسماك( كالگطان والبز والزبيدي)
والتي كانت تأتي إلى البحيرة من خلال المياه العذبة القادمة من بحيرة
الحبانية التي تتصل بنهر الفرات."
وطالب الصياد مكي الحسناوي" الحكومة العراقية الإسراع بإنقاذ
البحيرة وأضاف"لا تحتاج البحيرة إلى ضخ المياه وعليهم أن يجعلوها
مستودعا للمياه التي ستقل في العراق وبحيرة الرزازة واحدة من الحلول في
تجميع المياه بدلا من ذهابها إلى البحر". |