مصطلحات سياسية..استهلاك (مجتمع استهلاكي)

استهلاك (مجتمع استهلاكي)

CONSOMMATION

 شبكة النبأ: الاستهلاك هو فعل الاستهلاك (مقابل الإنتاج)؛ فالمستهلك هو الذي يبتاع من السوق ما يلزمه من حاجات ومواد، مقابل اتحاد المنتجين (العمال، أرباب العمل)، ظهر في المجتمع الاستهلاكي المتطور: اتحاد المستهلكين.

المجتمع الاستهلاكي: هو مجتمع بلد صناعي متقدّم، حيث يتوقف تشغيل الاقتصاد وتفعيله على الابتكار المتواصل لحاجات جديدة – انطلاقاً من فرضية (الإنسان حيوان استهلاكي) – حيث تتحول متع الاستهلاك إلى ضرورات، على حساب كل مطلب إنساني، من طراز آخر، غير استهلاكي. هذا المجتمع يحرّكه محرّك السوق: تجديد الاستهلاك في كل حين. 

متعلقات

 

رأس المال والرذائل الجديدة(1)

هل الرذائل هي سبب تطور المجتمعات الأوروبية أم الفضائل؟ هذا هو السؤال المستفز والمفاجئ الذي قد يصدم قارئ هذا الكتاب, حيث يواجه أطروحة قلما يطالعها بمثل هذه المباشرة, وربما الفجاجة.

يقول أمبيرتو غالمبرتي في المقدمة القصيرة التي صدر بها كتابه هذا:

إن فكرة الكتاب جاءته من قراءة مقالة قديمة كتبها عام 1724 برنارد دي ماندفيل تحت عنوان

"دفاع متواضع عن المواخير العمومية".

يشترك غالمبرتي مع ماندفيل في كون الرجلين قد أنفقا حياتهما في محاولة لفهم المجتمع الذي عاشا فيه.

وقد اشتهر من بين أعمال ماندفيل الأخرى عمل قصير آخر حمل عنوان "خرافة النحل".

لكن كتابه الثالث "رذائل خصوصية.. مزايا عمومية" هو الذي ثبّت فيه ماندفيل مطلع القرن الثامن عشر استنتاجاته التي تفيد بأن الفضائل والمشاعر الطيبة لا يمكن أن تعتبر أساسا لأي مجتمع، في حين أن ما نعتبره "رذائل" -وهي الحطة الأخلاقية والاجتماعية- هي التي مكنت البشر من العيش في جماعات منظمة قائمة على العلاقات المتبادلة.

أما غالمبرتي وهو أستاذ الفلسفة وعلم النفس في جامعة فينيسيا، فقد بحث في الكثير من أعماله المنشورة الوجوه المتعددة للروح الإنسانية.

وفي كتابه "رأس المال والرذائل الجديدة" -وهو آخر ما صدر له من أعمال- يركز تحليلاته على قضيتين مختلفتين.

ففي القسم الأول من الكتاب يركز جهده على محاولة فهم الكيفية التي ينظر بها المجتمع الحديث إلى الكبائر السبعة التقليدية وهي: الغضب، والحسد، والكبرياء، والجشع، والشهوانية، والكسل، والنهم.

أما في القسم الثاني فينتقل إلى ما يعتبره الكبائر السبعة الجديدة في عصرنا، وهي الكبائر التي يحددها غالمبرتي بما يلي: النمطية، والاستغراق في الجنس، والإنكار، والوقاحة، والخواء، والاختلالات العصبية، وثقافة المستهلك.

قديما أقام ماندفيل حجته على اعتقاده بأن الرذائل الإنسانية -وليست الفضائل- هي التي تتمتع بأهمية جوهرية بالنسبة لاقتصاد أي بلد. وفي نظر ماندفيل لا يمكن اعتبار الفضائل إلا إذلالا وإخضاعا لحاجات الناس وآمالهم، وهو أمر لا يساعد على

نمو الاقتصاد الذي يستند إلى إشباع حاجات الناس ورذائلهم.

هذا المبدأ الذي استخدمه ماندفيل لتوصيف المجتمع الأوروبي في القرن الثامن عشر يعاد بعثه على يد غالمبرتي في كتابه الجديد الذي يعمل فيه على توصيف المجتمع الأوروبي الحديث.

وقبل أن يتناول بالتفصيل والتحليل الكبائر الأربعة عشر: التقليدية منها والجديدة، يطرح غالمبرتي سؤالا مثيرا للاهتمام انطلاقا من حجج ماندفيل التي حركت أفكاره، فيتساءل بدهشة عن الطريقة التي أصبح يمكن بها الجمع بين التعاليم

المسيحية والمستوى العالي من الرفاهية الذي بلغته المجتمعات الأوروبية اليوم.

وبكلمة أخرى كيف أمكن الجمع بين أخلاقيات التواضع والخضوع التي جاءت بها الديانة المسيحية وبين ثقافة الاستهلاك التي تعم مجتمعات اليوم؟ فرغم المحاولات التي بذلت لتبرير قيام مجتمع استهلاكي مسيحي، فإن التعاليم المسيحية وثقافة

المستهلك ظلا موضوعين مختلفين وبالتالي غير قابلين للتعايش معا، على الأقل من الناحية النظرية.

ويرى المؤلف أن ما تم على صعيد الواقع هو أن المجتمع الأوروبي قام بتصدير القيم المسيحية إلى الدول الأفقر بمجرد عبوره من واقع الحاجة إلى حالة الرفاهية. على أن المثير مما يراه المؤلف يظل مسألة اعتبار هذه الرذائل الوقود غير المباشر للجموح التطوري الذي شهدته المجتمعات الأوروبية.

فالانفكاك من "أسر" الفضائل الدينية ومحدداتها وضوابطها هو الذي ترك للإنسان أن ينطلق بلا حدود في كل الاتجاهات محققا ما حققه في العصر الحديث.

تناقض هذه الأطروحة الكثير من الرؤى الأخلاقية التي تنظر إلى مسألة الحضارة والتقدم نظرة أخلاقية وتربط بين صمود الحضارة وبلوغها رقيا ما ومدى التزامها بأخلاقيات معينة، وبأن أفول الحضارة -أي حضارة- إنما يرتبط بمستوى انحدارها الأخلاقي، عكس ما نقرأه في هذا الكتاب!

رذيلة ثقافة الاستهلاك:”ثقافة الاستهلاك رذيلة كبرى لأنها تقوم على شراء الأشياء التي سنرميها بعيدا حين يروق لنا ذلك”.

إن المساحة المخصصة لهذه المراجعة لا تسمح بتقديم استعراض تفصيلي لكل واحدة من الرذائل التي يدرجها غالمبرتي، لذا يمكن الاكتفاء باستعراض ثلاثة فقط من الرذائل الجديدة من أجل إعطاء القارئ فكرة وافية عن وجهة نظر المؤلف.

فإذا ابتدأنا بالرذيلة الجديدة الأولى وهي "ثقافة الاستهلاك" لوجدنا أننا محاصرون أولا بالتساؤل عن السبب الذي يجعل من هذه الثقافة رذيلة في نظر غالمبرتي، رغم كونها علامة على الرفاهية والتقدم.

يقول المؤلف في معرض الإجابة على هذا التساؤل إن ما يجعل ثقافة الاستهلاك رذيلة كبرى في نظره هو أنها تقوم على شراء الأشياء التي سنرميها بعيدا حين يروق لنا ذلك. ومن خلال ثقافة شراء الحاجيات ورميها بعيدا، أقام المجتمع الاستهلاكي هويته الخاصة به وحدد وضعه الاجتماعي، وعرف فكرته الخاصة عن الحرية.

ويستطرد غالمبرتي مؤكدا أن مبدأ استهلاك المواد وطرحها جانبا لا يمثل النهاية الطبيعية لتلك المواد، إنما بات يحدد الغرض الرئيسي منها.

يضاف إلى ذلك أن التكنولوجيا الحديثة قصرت من عمر أي منتوج، إذ سرعان ما يتحول إلى بضاعة غير مفيدة أو يتجاوزه الزمن في بحر سنوات أو شهور قليلة. عندها يجد المستهلك نفسه "مضطرا" إلى تغيير ما لديه من منتوج وشراء الجديد الأكثر كفاءة أو الأفضل نوعية.

وكان الفيلسوف كانت قد أدان ما أسماه عدم احترام الأشياء واعتبره موقفا مضادا لمبادئ الأخلاق الجوهرية. ومن هنا فإن غالمبرتي يجادل بأن الأشخاص الذين ينشَؤون على قيم المجتمع الاستهلاكي لا يكونون قادرين على اعتناق مجموعة مغايرة من القيم عندما يتعلق الأمر بذواتهم أو بالناس المحيطين بهم

رذيلة الوقاحة: رذيلة الوقاحة هي حالة انعدام الحياء وعدم الشعور بالحرج عند عرض الجوانب الشخصية من ذواتنا.

أما الرذيلة الثانية في نظر المؤلف فهي الوقاحة. فثقافة الاستهلاك عندما اقترنت برذيلة النمطية، أصبحت مسؤولة عن ظهور رذيلة جديدة ثالثة هي الوقاحة.

ويعرّف المؤلف هذه الرذيلة بأنها حالة انعدام الحياء وعدم الشعور بالحرج عند عرض الجوانب الشخصية من ذواتنا. ويتبع هذا المنهج أولئك الأشخاص الذين يريدون الظهور أو التماهي مع الأفراد من ذوي الشأن في المجتمع.

وهكذا سنجد أنفسنا في نهاية المطاف بمواجهة أفراد لا يخجلون من شيء. لكننا سرعان ما نكتشف أن ما يتبقى لهؤلاء من خصوصياتهم هو ذلك الجانب الذي يبعدهم في النتيجة، عن ذلك المجتمع الذي يريدون أن يكونوا جزءا منه. وغالبا ما يتمثل هذا الجزء في الألم، والمرض، والفقر.

ومما يبرهن على ذلك ازدياد عدد حالات الانتحار التي ارتكبت خلال العقود الماضية مقارنة بمثيلاتها في الماضي الأبعد. فالشيء الذي قرر الناس الإبقاء عليه لذواتهم لم يكن الخصوصية والجوهر الأساسي لشخصية كل فرد وحريته، إنما المرض

والآلام وهي الأمور التي لا يرغب أحد في معرفتها أو مشاركتهم فيها.

رذيلة الخواء

من بين صيغ الخواء الأكثر شيوعا الخمول وعدم الفاعلية وهي حالة تتميز بالشعور بالاستسلام وبنوع من الخنوع يعرف "بطراز ما يكفي".

الرذيلة الأخيرة هي الخواء، وهي رذيلة يمكن رصدها بشكل خاص بين الشباب، وإن كانت غير مقتصرة عليهم. ومن بين صيغ الخواء الأكثر شيوعا الخمول وعدم الفاعلية، وهي حالة تتميز بالشعور بالاستسلام وبنوع من الخنوع يعرف "بطراز ما يكفي".

إلى هذه المجموعة من الناس ينتمي الشبان الذين يتحدثون مع والديهم على قدر "ما يكفي"، والذين تنتابهم رغبة في النضوج ولكن على قدر "ما يكفي" وحسب. وهم أشخاص ليست لديهم خطط للمستقبل لعدم وجود "ما يكفي" من الفرص المتاحة لهم، وليست لديهم قدوة يقتدون بها لأن النماذج التي يعرفونها ليست جيدة بالقدر "الكافي".

وبهذه الطريقة يجد الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والخامسة والعشرين أنفسهم في عالم خاوٍ ليس للعائلة دور فيه، وليس للزمن قيمة فيه، الأمر الذي يؤدي إلى فقدانهم الاحترام لذواتهم.

والخلاصة فإن المؤلف يعتقد بشدة أن الرذائل لا الفضائل، هي التي توصّف المخلوقات البشرية. وكان أرسطو أول من وصف الرذائل بأنها نوع من "الطبيعة الثانية" للإنسان، وهي الصفات السيئة التي تنشأ عند البعض نتيجة اتباعهم منهجا

خاطئا في الحياة.

أما في العصور الوسطى فلم تعد الرذائل الكبرى توصف بأنها عادات سيئة، إنما باتت تعتبر مظهرا لموقف خاطئ يتخذه البشر من الله.

وفي عصر التنوير حين ساهمت الرذائل الكبرى في نمو الاقتصاد، لم تعد تعتبر سلوكاً شائناً في المجتمع كما يظهر ذلك في كتابات ماندفيل.

الرذائل التقليدية تعبر عن شخصية قوية لدى صاحبها في حين أن الرذائل الجديدة تعتبر شاهدا على انحلال شخصية الفرد وذوبانها في الهوية الجمعية.

وفي القرن التاسع عشر كان الفيلسوف "كانت" المبادر بالإشارة إلى الرذائل بوصفها جزءا من الشخصية الإنسانية. أما بالنسبة لسيغموند فرويد فلم يعد أن للرذائل علاقة بعالم الأخلاق، وصارت تعتبر أمراضا حقيقية واختلالات تصيب الروح على وجه التحديد. ليس للرذائل الجديدة مثل هذه الخلفية التاريخية، ولهذا السبب يطلق المؤلف عليها صفة "الجديدة".

وبالنظر إلى اختلافها عن الرذائل التقليدية، فإن بالإمكان تعريف الرذائل الجديدة بأنها "نزعات جماعية". ويعني ذلك ضمنا أن الرذائل التقليدية تعبر -بطريقة أو بأخرى- عن شخصية قوية لدى صاحبها، في حين أن الرذائل الجديدة تعتبر

-على العكس من ذلك- شاهدا على انحلال شخصية الفرد وذوبانها في الهوية الجمعية.

على أن هذا التحديد لرذائل جديدة ومحاولة تعريفها بالعصر الحديث والتطور الأوروبي، يظل محط تساؤل وشك. فالرذائل التي يشير إليها المؤلف ليست جديدة بالكلية, وقد وجدت مع الإنسان وحضارته على مر العصور.

إضافة إلى ذلك فإن السؤال الأخير الذي يطرح نفسه مع نهاية الكتاب هو ما إذا كان يمكن اعتبار هذه الرذائل الجديدة علامة على الحداثة؟ كلا، يقول المؤلف في نهاية الكتاب، ولكن يمكن النظر إليها بوصفها ضررا شنيعا من مضار الحداثة. 

هوس التسوق وثقافة الاستهلاك عند المرأة(2)

منتج أو مستهلك؟ سؤال يطرح عن طبيعة مجتمعاتنا، غالباً ما ينتصر المستهلك فيه تبعاً لمؤشرات عامة أكثر ما يميزها هوس كبير في التسوق، وأبسط ما يمكن أن يوصف به بالعبثي كونه يفتقد لأولويات الإنفاق الأساسية في حياتنا اليومية على نحو نجد فيه أن الكماليات تطغى دائماً على فاتورة إنفاقنا اليومي بما يدخلنا بمتاهات مالية تدار فيها أصابع الاتهام نحو جهات متعددة. إلا أن الأمر برمته يعود ليصب في خانة واحدة أننا لا نملك ثقافة للاستهلاك والثقافة هنا تتجاوز نحو ما أريد أولاً نحو ما أحتاجه فعلاً وما جدواه وهي حقائق مغيبة تماماً عن عقلية الشراء فينا، بالأرقام ولغة الواقع نحن مجتمع استهلاكي بامتياز ومع التسليم بذلك توجه أصابع الاتهام للمرأة بأنها الرائدة في هذا المجال كونها تتجاوز في إنفاقها حدود الضروري والمهم نحو الكماليات التي غالباً ما توجهها كما يتهمونها بالاهتمام بملابسها مكياجها وما يشابه ذلك، وهنا يبرز السؤال الأهم لماذا المرأة دون الرجل؟ وهل حقاً أن المرأة أكثر استهلاكاً منه؟

هاني الخوري (عضو الجمعية الوطنية لتطوير دور المرأة) يقول: (أصبح من السائد اليوم أن نجد سلعاً متعددة الأنواع وتلبي حاجات مختلفة لأذواق المستهلك وبتكلفة مقبولة وأن تكون سريعة الاستهلاك بمعنى ليست ذات جودة من ناحية الاستمرار والاستخدام، وهذا انعكس بشكل سلبي في المجتمعات النامية، فالمواد المطروحة غير قابلة لإعادة الاستخدام بشكل طبيعي، عموماً حجم الاستهلاك يفوق كثيراً حاجاتنا الأساسية وثقافة الاستهلاك هذه تحمل أوجهاً سلبية عديدة لها علاقة بالفن والثقافة وما شابه ولكن يبقى أخطرها ظاهرة استهلاك الأطعمة والألبسة غير الصحية المنطلقة من وجود عدد سكاني كبير مستهلك أما الأهم فهو ثقافة الاستهلاك كعبء اقتصادي على الأسرة وحالة من التبذير الناتجة عن شراء سلع مختلفة بكميات غير مدروسة تتعلق بالموضة.

وهذا الاتجاه الحضاري المتزايد نحو الاستهلاك السريع والتجاري يؤذي البيئة والاقتصاد ويؤدي لتشوهات حضارية فوسائل الإعلام والدعاية المتنوعة تدفع بنا نحو متطلبات كبيرة في الاستهلاك لكل إنسان يرى هذه الإعلان دون التساؤل عن مؤهلاتنا وثرواتنا الشخصية التي تسمح لنا بالتمتع بمثل هذا الكم الهائل من الاستهلاك) ويضيف: (أنا أعتقد أن الثقافة الأنثوية بالأساس ثقافة استهلاك ولديها متع بالشراء والاختيار بين بدائل مختلفة باعتبار أن التوجه الحضاري في مجتمعنا توجه أنثوي بمعنى أن تستجيب الماكينة الصناعية للأسواق وتوفر كل سلعة بألف شكل وألف مواصفة وعموماً في مجتمعنا الأدوار واضحة، فالرجل هو المعني بتوفير المال والمرأة هي المعنية للشراء وهذا يجعل الرجل يميل للتوفير رغم حسه الأنثوي والذاتي بالشراء والمرأة تنفتح نحو الشراء الاستهلاكي حيث توفر المال لتصرفه في مناسبات اجتماعية مختلفة).

إذاً هناك فصل في استهلاك كل من المرأة والرجل تميل الكفة فيه لصالح المرأة غالباً ولكن من يتحمل المسؤولية..

هند عبيد (مديرة مجلة المعارف)تقول : (إن مفهوم المرأة المستهلكة لا ينفصل عن مفهوم استهلاك الفرد، وفي بلادنا نسبة الاستهلاك مرتفعة، وهذا عائد لتدني وعي ثقافة الاستهلاك وبالمحصلة كل ما يحصل هو نتيجة لمقدمات أخرى، فنحن نعاني مثلاً من نسبة أمية مرتفعة لا نحسد عليها، فالاستهلاك علم قائم وثقافة قائمة هناك الاحتياجات الضرورية وهناك الكماليات وعندما يتحول الاستهلاك لثقافة هدر فهنا الطامة الكبرى، أما فيما يخص ثقافة استهلاك المرأة يمكننا القول إن هناك اهتماماً عالمياً بالمرأة لكن بأي امرأة هل هي السياسية أم الثقافية العلمية؟ على الأغلب ينصب الاهتمام العالمي على المرأة الأنثى وكما هو معروف من نقاط ضعف المرأة الدلال والجمال وطبعاً المرأة لا تتحمل مسؤولية ذلك وإنما الرجل الذي يبحث عن مكامن الجمال والتجدد فتندفع المرأة لإرضائه).

هذا الإرضاء الذي تحدثت عنه هند والذي يحول المرأة لمستهلكة أو لمبذرة تتسع دائرته وأسبابه فيما بعد لتشترك فيه أطراف عدة.

تتابع: (وراء العملية بمجملها مجموعة من الناس تسعى جاهدة لإعاقة دور المرأة ومشاركتها في المجتمع باعتبارها قدرة لا يستهان بها فهي تمثل أكثر من نصف المجتمع لأنها المربية الكاملة لهذا المجتمع وهناك من يحاول إعاقة دورها وعدم استعادته ولا ننسى أن المرأة كانت هي القائد فيما مضى والأديان أيضاً تشارك في تحفيز المرأة على ممارسة دورها كأنثى عندما يتحدث البعض عن ضرورة تبرجها وتزينها لزوجها فواجبها الأساسي هو الاهتمام بلباسها وجمالها، نحن بحاجة لإعادة يعيد للمرأة وعيها بأهمية وضرورة إعادة النظر في أسلوبها الاستهلاكي).

ردة فعل:

(لا يوجد توازن أو تخطيط في مجتمعنا لذلك تكون ردات فعلنا كارثية..) هذا ما قالته يمن أبو الحسن (ناشطة في قضايا المرأة) فبرأيها: (أن ثقافتنا الاستهلاكية والتبذير هو نتيجة لضيق الحال فعندما يتوافر المال نعوض عن النقص الذي نعاني منه بصرف هذا المال بسبب أو بدونه، وأنا أرفض تماماً التبرير الذي يقول بأن المرأة مبذرة أكثر لأن رأس المال يكون بمتناول يدها والسؤال ما هي نسبة النساء التي يمكنها الرجل من استلام المصروف ما تأخذه فقط هو القليل، الصورة النمطية للمرأة في مجتمعنا السوري هي التي تكرس ثقافة الاستهلاك لديها فالمطلوب منها أن تكون امرأة جميلة بشكل مميز وهذا جزء من لعبة وسائل الإعلام القائمة على البهرجة والجذب والابتعاد عن المصداقية).

-------------------------------------------------------------------------------

الاستهلاك هو إحدى الوسائل التي تتغلب بها المرأة على كآبتها.

امتلاك قرار الشراء والاختيار وهذا ما تفتقره المرأة في مسائل وقضايا تخصها.

إحدى النساء تنفق ما يقارب 10000ليرة ثمناً للمكياج في شهر واحد فقط.

بغض النظر عما إذا كانت المرأة هي المستهلك الأكبر أم لا فإن مشكلتنا هي مشكلة عامة يعاني منها الرجل والمرأة على حد سواء مازلنا حتى الآن نفتقر لوعي وثقافة تمكننا من الاستهلاك الصحيح وتضعنا في خانة الإسراف والتبذير، فهل نتجه نحو ثقافة استهلاكية مختلفة؟

التسليم بقدرية العالم الخارجي - التلقي السلبي (3)

هناك ثلاثة أنواع من التلقي، أولها التلقي السلبي وثانيها التلقي المنقطع وثالثها التلقي العكسي، في اطار تعامل المفهوم المحلي مع المفاهيم الخارجية. وفي هذه الفسحة اتحدث عن التلقي السلبي الذي تشتغل عليه أدوات أجهزة العولمة، حيث يوفر لها امكانية فرض منتوجها واشغال المتلقي في الجهة الأخرى بعمليات استهلاكه.

وهي دورة تبدأ من المركز المنتج والمسوّق الي الأطراف البعيدة التي تتلقي استهلاكياً وتبرمج انماط حياتها علي وتيرة تلقي المنتج وشكله ووظيفته وسعره وعمره الافتراضي ومشاكله الاستهلاكية. والمجتمعات الصناعية الكبيرة تشغلها دائماً مشكلة ايجاد مستهلكين ويقلقها حد التفكير بعقوبات سياسية وعسكرية مضادة أي مجتمع يخرج عن نطاق التلقي السلبي الي مرحلة أخري تنذر بتداوله قيم انتاجية جديدة تحاصر القيم الاستهلاكية في التفكير والتداول الحياتي. من هنا كانت البضائع المسوّقة الي العالم الاستهلاكي تقوم علي توليد الحاجة المستمرة الي استهلاك المزيد وفي أشكال وهيئات مختلفة بما يوسع صلة الاستهلاكي بالمركز الانتاجي.

وعلى الرغم من ان المثال الاقتصادي يعطي أنموذجاً حيّاً علي علاقة التلقي السلبي من جانب واحد، فإنّ التبعات الفكرية والثقافية والاجتماعية لذلك التلقي كثيرة بما يصعب حصرها حيث تذوب في التكوين النفسي للفرد والجماعة مع مرور الوقت وضيق فرصة البدائل بسبب الضغوط العالمية الكبيرة علي اقتصاديات الدول الصغيرة ومن ثم يكون الضغط المباشر علي النمط التفكيري المتداول في تلك الدول وتشكل المجتمعات العربية أبرز نماذج التعامل بالتلقي السلبي منذ مرحلة ما قبل النفط حيث مطلع القرن العشرين وحتي مرحلة ما بعده الي يومنا الحاضر.

ولعل اكتشاف النفط زاد في عقدة التلقي السلبي بعد أن تمّ استغلال خاصية الثروة المفاجئة للعرب من قبل المراكز الصناعية لتكييف عمليات استهلاك تلك الثروات بما يبدو انسياقاً مع التحولات المعيشية والتطورات العامة للمدن العربية عمرانياً وتجارياً ومالياً.

وبات النفط عائقاً في البنية الاستراتيجية برغم كونه عاملاً معيناً في البنية اليومية التداولية، لأنه لم يتحول الي قيمة اقتصادية مولدة لقيم الانتاج ومن ثم الانتاج نفسه، لا سيما أنّ المجتمعات العربية النفطية تعاني أصلاً من ضعف الاستجابة الي التحديث والتغير الذاتي بحكم تركز خصائص البداوة والاستجابة التلقائية السهلة في التعامل مع الزمن المعاش من دون بحث عن (الزمن الخلاصة) والعمل علي تنميته بوصفه هو أساس عمليات التغيير وحصيلة التفكير النوعي وبذرة الحياة الانتاجية التي لا تقبل بمصيرها علي انه زمن محتوم بقيمه ودلالاته وأشخاصه وافرازاته ومن ثم نتائجه.

كانت المجتمعات العربية أرضاً خصبة لنمو الاستجابة الارتدادية الآنية التي أجدها مجتمعة في التلقي السلبي للثقافة الأقوي علي الظهور والأسرع في الوصول أيضاً. فما زالت الماركة التجارية لمنتج غذائي التي وصلت قبل غيرها الي الأسواق العربية قادرة على التحول مع مضي الوقت من اسم تجاري الي اسم علمي دلالي على صنف غذائي معين..

وهذا المثال يؤشر حالة الفراغ الكبيرة في المجتمعات العربية وعدم وجود قدرة علي اطاحة المنتج المستورد.. والاسم الوافد ومن ثم تقنينه ضمن حدود عملية استهلاك ناجز.. وليس تداوله علي انه اسم غير نهائي لمنتوج استهلاكي تجاوزت أصنافاً أخري نوعاً وسعراً وقيمة لكنها جاءت بعده ولم تستطع ان تزيح من الذاكرة العربية التصاق الاسم التجاري.. الذي وصل أولاً.

هذه ليست حالة عابرة في سوق تجاري.. وانما هي جزء من وصف حالة من التردي وغياب أدني مستويات الاستعداد في التعامل المتوازن مع وافد جديد. سلعة أو مفهوماً أو وعياً أو اسماً. 

الشِـعـْرُ الاستـِهلاكيُّ(4)

إنتاج الشعر في مجتمع غير مُـنـْتـِج

المبدأ الذي تقوم عليه المجتمعات الاستهلاكية هو أن عليها أن تبدَّل في الغد السلع التي تشتريها اليوم، أن تستهلكها على عجل لكي تشتري غيرها. هكذا لا تتوقف عجلة المنتجين وتستمر حركة الإنتاج. هكذا كذلك ستتوفر فرص العمل للمزيد من التقنيين والمخططين والعمال والمهندسين والمعلنين ومن يدور في فلكهم.

في هذه الدورة الأبدية ثمة حمى للاستهلاك: الجميع يهجمون على الأسواق من أجل شراء البضائع الجديدة، الثلاجات، الساعات، الخواتم، الشراشف، الموبيليا، الأقلام، الأحذية، الأجهزة الإلكترونية، الكتب..إلخ. على الجميع ملاحقة الجديد غير المتوقف رامياً في المزبلة تلك الحاجة التي قيل له، عبر الإعلانات، بأنها صارت عتيقة. ثمة حمَّى وهوس لا مجال أثناءه إلا للقليل من التفكير العقلاني.

تتشابه مجتمعاتنا العربية مع مثيلاتها الأوربية لجهة انحنائها الثابت على مبدأ الاستهلاك. سوى أن الفارق الجوهري هو أن المجتمعات في أوربا والأمريكيتين، إضافة إلى نزعتها الاستهلاكية، هي أنها كذلك مجتمعات مُنتجـِة. إنها تُنتِج السلع ونحن لا ننتجها. إنها تُنتج، من جهة أخرى، النصوص الفكرية والنقدية ونحن نكتب الهوامش الثقافية.

هذا المستوى، في الغرب والأمريكيتين، يظل من ذات الطينة الاستهلاكية. فالصحافة منتوجٌ مثل غيره من المنتوجات. الكتاب كذلك، والثقافة أيضاً طالما أنها محكومة بـموجات متغيرة، متناوبة، متعاكسة ومتقاطعة من الخطابات التي تقوم، من بين أشياء أخرى، على نمط (أو مودة ثقافية).

من الوجودية إلى البنيوية، ومن الماركسية، إلى نفي الماركسية إلى خطابات موت التاريخ السائدة، الفوّاَرة في حقبة ثم المنطفئة في حقبة أخرى، لا يوجد فحسب مجال للتحليل العقلاني، الراسخ، أو المتغير ببطء يليق بالعقل، لكن ثمة، وبجرعات كبيرة، الكثير من النـزعة الاستهلاكية.

تبرهن فكرة (ما بعد الحداثة) على ذلك بطريقة خفية لأنها تقبل وتتقبل، جوهرياً، جميع المنتوجات الثقافية في مجتمع استهلاكي. إنها تبرر وتضمُّ في حقل عملها وخطابها جميع المنتوجات الثقافية سواءً كانت راقية أو كانت أقل رقياً: الفنون الشعبية ، الفن الساذج، النـزعات الاعتباطية في الرسم، النسوية، الذوق الريفي في الموبيليا، التجريد والتشخيص، رسوم الأطفال كما رسوم المتخلفين عقلياً……إلخ

والشعر؟

حتى الشعر سيؤخذ بهذه الحمى. إن ما بعد حداثته المبحوث عنها بحرارة ستقرِّبـُه، مثلاً، من الموسيقى السائدة في سوق الاسطوانات (البوب، الجاز..) وتحاول ملاءمته مع الأشكال الموسيقية الأكثر انشقاقاً عن تقاليد الموسيقية الغربية القائمة على الهارموني. وسيتحول في بعض الحالات إلى محض بحث شكلاني في الأصوات، أو إلى عبارات ترفض الترابط المنطقي الداخلي، إلى مجرد إشارات لغوية أو استخدامات طباعية تخاطب العين قبل مخاطبة الإرث الإيتمولوجي للقاموس.

على أن تاريخ الشعر الأوربي لا يسمح فحسب بالألعوبة الشكلية والصوتية. وكما في ثقافتنا فإنه راسخ في مكان عميق في الوعي الثقافي ويمثل حاجة مطلقة تتجاوز أية فكرة تجريدية، حداثوية أو حداثية حقيقة.

على أننا سنلتقي، في سياق الحتمية الاستهلاكية هذه هنا وهناك، بتشابهات دالة، حيث السائد في كليهما ينسجم مع حمى ثقافة مستعجِلـَة، مثل السوق، وغير متأمِلة تعيد إنتاج المنتوج وتكرر إعادته، منسجمة مع السرعة وراكضة وراء الموضة المتجددة. إن لعبتها هي إنها تسرف في إعادة إنتاج المنتوج الشعري مستفيدة من انحفاره في ضمير العالم ملتقية، عبر مجد الشعر القديم، بمجد مزور لها وهي تحوك على منوال السائد عبر آلاف القصائد وملايين الكلمات المتشابهة المقبولة في السوق الإعلامي والصحفي.

الشعر ضمن ثقافة مستَهْلِكة يتحول إلى تنميط وإعادات وقاموس ثابت وموضوعات مقيمة. الكل يستعجل كتابة نص، نفس النص الموحَّد، الواحد لكي يدخل في سباق المألوف آملاً أن ينال أطرافاً من ذاك المجد.

صحيح على ما يبدو أن لكل حقبة (نسقها) المعرفي ومصطلحاتها ثم مفرداتها في الثقافة والشعر، لكنه صحيح كذلك أن مجتمعات غير منتِجَة على مستوى السلعة الحياتية التي تستخدمها في حياتها اليومية ستكون غير قادرة، منذ البدء، على خلق نسقها الثقافي ومفرداتها، إلى درجة أن الشعر الجاد فيها سيتغرب كما تغرب صالح في قومه.

هل ثمة من وجه حق في مقاربة (الاستهلاك السلعي) في المجتمع العربي (باستهلاك الشعر) فيه؟ هل ثمة من تعسف في إقامة مقاربة من هذا القبيل ستبدو لعين مغرضة وكأنها محاولة لتطبيق فكر اجتماعي شائخ على ظاهرة أكثر حيوية وأكثر هروباً من تحديدات أي فكر؟ لا يبدو لنا ذلك.

إننا نسعى إلى إعلان الكيفية التي تغدو فيها لغة الشعر السائد اليوم، الـمُعادة، المستهلكة، الـمُلاكة لوكاً، الـمُتداولة دون تمحيص، القريبة من لغة أسوأ أنواع الشعر المترجَم، ثم أنساق جمله الثابتة، المتشابهة، الـمُعادة في اليمن والمغرب وفي مصر وسوريا والخليج ولبنان، كيف تغدو (نسقاً) يماثل ويوازي (نسق) استهلاك نفس السلعة المتَداولة والمتشابهة الموجودة في الأسواق التجارية للعالم العربي.

وإذا ما كانت هناك سلعٌ تُنتج بطريقة موحدة ميكانيكية في قوالب المصانع التي تكرر نسخها إلى ما لانهاية فإن هناك اليوم في العالم العربي شعراً مسبق الصنع بالضبط وفق قوالب مماثلة.

ومثل المجتمعات الأوربية فإن منتجي شعرنا هم أنفسهم من يستهلكه. هكذا تتم الدورة الاقتصادية بإحكام شديد. يتبقى الفارق المشار إليه آنفاً مهما: إن ثقافتنا لا تُنتج المتن إنما تعاود قول الهوامش. ما يشفع لها شعرياً هو وجود إرث طويل للشعر العربي. لكن حتى هذا الإرث يجري اليوم تجاهله أو الجهل به لصالح (السلعة الشعرية) المستَهْلـَكـَة في ماكنة الصحافة وفي خفة تعاطي دور النشر لهذا الشعر نفسه.

ستصيب هذه النـزعة حتى أولئك الذين يضربون بأطنابـهم في التقليدية والمحافظة، حتى الرقابات والوزارات ووسائل الإعلام والمجلات الأكثر تخلفاً صارت كلها تتقبل هذه السلعة تماشياً مع  قوة حضور الأنساق الشعرية المطروحة بوفرة على مستوى الاستهلاك الثقافي العربي. البعض يـمرِّر نشر وطباعة نصوصٍ لا تمتُّ إلى أصوله المعرفية ولا إلى ذائقته بصلة: إن قوة الاستهلاك أقوى منهم وأعتـى.

ثمة إذن شعرٌ لاستهلاك الثقافة العربية اليومي. ثمة عرف ثقافي يتقبل وجود هذا الشعر مثلما يتقبل، صاغراً أو على مضض، أن يكون مسْتَهْلِكاً سلبياً للسلعة الاقتصادية: الأولاد والبنات والآنسات والشبان العرب يستهلكون جميعاً الحاجيات القادمة من هناك، والجماعة الثقافية التي تتوهم الأوهام تستهلك لغة شعرية مـنـمَّطـَةً.

مراكز التسوق الضخمة.. نمط استهلاكي جديد!(5)

 تتناقص القدرة الشرائية للمواطن الأردني يوما بعد يوم في ظل ثبات للمداخيل وارتفاع للأسعار وتراجع للاقتصاد وازدياد للضرائب والرسوم.. ومع هذا كله تضج "المولات التجارية" ـ أحدث إشكال السلوك الاستهلاكي في الأردن ـ بالمتسوقين والزوار بشكل ملفت ومتضارب في الوقت نفسه.

قبل خمسة أعوام كان في الأردن "مول" واحد فقط عرف بـ"عبدون مول" وظل ارتياده حكرا على أبناء الطبقة الغنية من الأردنيين، والى عهد قريب ظلت ثقافة "المول" ثقافة استهلاكية واقتصادية غريبة على معظم الأردنيين، أما اليوم فان قائمة المولات تزداد ومرتادي المولات من كافة الشرائح والأعمار يزدادون أيضا الفقراء وميسوري الحال والأغنياء والطبقة الوسطى، الشباب والفتيات والأطفال والبالغين.. مكان واحد يجمع الجميع.

"مكة مول، بلازا مول، مختار مول، عمان مول، الاستقلال مول، عبدون مول، مكسيم مول، وأخيرا وليس آخرا سيتي مول".

قائمة طويلة من المولات التجارية الفخمة والحديثة والمجهزة بأحدث التقنيات وآخر ما توصلت له فنون التسوق والتسويق والترفيه، أسواق تجارية ضخمة وطوابق ومحلات متعددة، في مساحات شاسعة تغطي كافة الاحتياجات وتلبي كافة الأذواق والطلبات الأسرة الشباب المراهقين الأطفال.. الخ.

ثقافة التسوق من مكان واحد حلت مكان ثقافة التسوق والترفيه التقليدية في الأسواق الاعتيادية والحدائق والمناطق المفتوحة، ويرى خبراء اقتصاديون أردنيون أن هذا النمط من الاستهلاك والتسوق أصبح جزءا من حياة الأردنيين وحياة العالم بأكمله، ويرون أن المولات تضفي تقاليد استهلاكية جديدة لم تكن موجودة أو متعارفا عليها مسبقا مثل العروض التجارية والسحوبات والخصومات والتنزيلات بحسب الدكتور "منير حمارنة" المحلل الاقتصادي.

وشكل انفتاح السوق الأردني وإتاحته المجال للمستثمرين كي يوسعوا استثماراتهم، مجالا خصبا لنمو ظاهرة المولات.

استهلاك وافد!

وساهمت مراكز التسوق "المولات" في تحول المجتمع الأردني إلى مجتمع استهلاكي بحسب "حمارنة" الذي يرى أن الأمر ينسحب أيضا على باقي الدول العربية خاصة دول الخليج، ويفسر "حمارنة" مسألة تزايد المولات التجارية في الأردن في الوقت الذي تعاني فيه ميزانية الأردن من عجز تطلب بسببه الاقتراض من الدين الخارجي والداخلي بأن المجتمع الأردني تأثر بأنماط استهلاكية وافدة سببها المغتربون الأردنيون في الخليج والسياح الخليجيون فضلا

عن الاستثمارات الخليجية التي ضخت مئات الملايين في الأردن على شكل أسواق ومجمعات.

ويفسر آخرون سبب إقبال الأردنيين على المولات رغم الوضع الاقتصادي السيئ بنقص المرافق الترفيهية فيما يرى فيه البعض نزعة للتقليد والظهور والنفاق الاجتماعي إذ يجمع كثير من تجار المولات على أن أغلب مرتادي هذه المجمعات التجارية لا يتسوقون بقدر ما يبحثون عن التسلية وتمضية الوقت.

ونقلت هذه المولات الأردنيين من زمن الشراء بالأقساط وعلى "الدفتر" حسب الموروث الشعبي للبقالات الصغيرة التي لا تزال منتشرة إلى يومنا هذا.

ويلخص الخبير الاقتصادي منير حمارنة أسباب انتشار المولات بعدة نقاط أبرزها:

- الإمكانيات المتوفرة لديها لعرض السلع بأدنى الأسعار.

- توفير أكبر عدد من السلع والحاجيات في مكان واحد.

- تعدد الخيارات للمستهلك وبالتالي ارتفاع فرص الشراء والإقبال.

- تنوع أساليب العرض وخدمة ما بعد البيع.

وفي المقابل ينتقد البعض التزايد غير المبرر في أعداد "المولات"، منتقدا إقامة المزيد منها خاصة في ظل صغر حجم السوق المحلية وتآكل القدرة الشرائية لدى المواطنين مقارنة مع دول الخليج، إضافة إلى أن القائم منها حاليا يسد حاجة السوق المحلي ويفي بالغرض.

طبقة الكريما!

ويصف الخبير الاجتماعي محمد أرشيدات "المولات" بأنها خلقت طبقة اجتماعية جديدة في المجتمع الأردني مضيفا: "ثمة أجيال تنشئ وترتبط بحياة المولات من استهلاك وإغراءات مطاعم الوجبات السريعة والماركات العالمية وثقافة الاختلاط بين الجنسين.

ويضيف أن الحال ينطبق على أبناء الطبقة المتوسطة حيث التسكع في المولات على سبيل النشاط السياحي المألوفة في أوساط الشبان الأردنيين.

خلق فرص عمل

وبحسب رأي الكثيرين فإن المولات التجارية تساهم سنويا في خلق آلاف فرص العمل الجيدة والجديدة نسبيا خاصة لطلبة الجامعات وعبر العمل بشكل جزئي مما يساهم في الحد من نسب البطالة الأردنية التي بلغت مؤخرا 15% بحسب أرقام حكومية رسمية.

ومن هذه الوظائف الجديدة عمال النظافة ومراقبو الأمن ومديرو المجمعات التجارية وموظفو المبيعات والمحاسبون.. الخ.

ويعزو مواطنون إقبالهم وترددهم بشكل دائم على المولات إلى احتوائها على كافة متطلبات العائلة ومستلزماتها فضلا عن تواجد المقاهي والمطاعم والأماكن الترفيهية للأطفال.

ويوجد في الأردن 8 مولات تجارية فيما العمل جار على إنشاء 3 أخرى جديدة من المتوقع أن تزيد حركة البيع والشراء إلى أعلى مستوى لها هذا العام.

ويقدر حجم الدخل اليومي لهذه المولات مجتمعة بحسب إحصائية شبه رسمية بنحو مليون دينار أردني وتقول إحصائية أخرى صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة إن الرقم أقل من ذلك ولا يتجاوز الـ800 ألف دينار.

مولات البسطاء!

وانتقلت حمى افتتاح المولات من غرب عمان الثرية إلى أحيائها الشرقية الفقيرة استنادا إلى عقلية تجارية تعتمد أساسا على الكثافة السكانية العالية مما يشير إلى أن ارتياد المولات لم يعد حكرا على الأغنياء فقط بفضل سياسة العروض التشجيعية والتنزيلات والخصومات.

ورغم تأثر محلات السوبر ماركت والبقالات كثيرا بهذه المولات إلا أن أكثر التوقعات تشاؤما لا تشير مطلقا إلى احتمالية اندثارها أو التخلي عنها لوجود فئة معينة لا تقبل بالتحول إلى المولات والاعتماد عليها لأسباب عديدة أبرزها رفضها لأجواء الانفتاح والحرية وبعد المكان وما يترتب على ذلك من تكلفة إضافية.

ورغم ذلك يظل دور ما يعرف ب"مول الفقراء" حاضرا بالنسبة للكثيرين الذين يرون في التسوق متعة الشراء بأقل الأسعار الممكنة بعيدا عن أي مغريات أو مؤثرات أخرى.

وتعرف "المؤسسة الاستهلاكية" في الأردن بأنها أقدم أشكال المولات ولا تزال موجودة بقوة ولديها زبائنها لكنها تفتقر إلى ما توفره المولات التجارية الحديثة من أساليب وعروض وديكورات وتجهيزات ووسائل ترفيه.

وقدرت مبيعات "المؤسسة الاستهلاكية" الأردنية للعام 2006 بـمبلغ 52 مليون دينار، ومن المتوقع أن تبيع في عام 2007 بحدود 60-62 مليون دينار".

البيع بالتجزئة.. ينتشر!

وتنتشر أشهر الماركات العالمية في محلات الألبسة والأحذية والأثاث وكافة المستلزمات في هذه المولات عبر ما أصبح يعرف بـ"تجارة التجزئة" معززة بوسائل ترفيه حديثة كصالات السينما الفخمة والبلياردو والكوفي شوب.

ويعزو مراقبون ظاهرة انتشار المولات في الأردن إلى العولمة والانفتاح السريع على العالم الأمر الذي عزز "تجارة التجزئة" وأخفى تدريجيا الأسواق الشعبية والتقليدية.

الخبير الاقتصادي "إبراهيم سيف" قال إن هذه التجارة تستهدف شريحة معينة من المستهلكين هي شريحة "الدخل الأعلى" لذلك فلن يكون لها تأثير كبير في الاقتصاد الأردني. وأضاف سيف أن هذا النوع من التجارة منتشر في الدول المجاورة أكثر من الأردن؛ بل إن هناك دولا تصنع هذه البضائع تحت اسم "الماركة العالمية" موضحا أن عدد الماركات في الأردن لا يزال قليلا وأن التنافس لن يكون ما دامت قليلة.

وقال إن هوامش الربح لهذه المحلات كبيرة جدا حتى إن أسعار البضائع في دول أمريكا وأوروبا أقل من ذات البضاعة في الأردن، وذلك بسبب وجود المنافسة الكبيرة في الخارج. وبيّن أن هناك ماركات مختلفة في العالم منذ سنوات حتى أنها أصبحت جزءا من ثقافة الاستهلاك العالمي.

وخلافا للآراء التي تعتقد أن السوق الأردني يضيق بهذا العدد من المولات يرى تجار تجزئة أن السوق الأردنية يمكن لها أن تستوعب عددا كبيرا من المولات والأسواق التجارية الكبرى على اعتبار أن مساحة التجزئة للفرد الأردني الواحد أو حصة الفرد من مساحة المولات والتجزئة لا تزال قليلة ولا تتعدى عشرة أقدام مربعة، في حين أنها تتعدى 9 أقدام مربع لكل فرد في منطقة الشرق الأقصى, وتزيد عن 16 قدما في أوروبا و7 أقدام في أمريكا.

وساهم كون السوق الأردنية سوقا ناشئة في تهافت الشركات العالمية للمجيء إلى السوق الأردنية لحصاد المنافع النهائية وضمان المواقع الإستراتيجية قبل غيرها على اعتبار أن الأسواق العالمية القديمة من الصعب جدا الدخول إليها لأنها مغلقة جغرافيا.

وبحسب محللين اقتصاديين فإن ثمة مجموعات من الماركات العالمية والمجموعات الاستثمارية دخلت وستدخل السوق الأردنية مثل لأند مارك جروب وماركة "كارفور" و"سلطان سنتر" بالكويت إضافة إلى مجموعة الشايع العالمية. 

في ظل غياب رؤية مستقبلية..

الأسرة السعودية.. استهلاك يقتل الطمأنينة(6)

طرأ تغير واضح على احوال الغالبية من الأسر من ناحية نمط المعيشة والسلوك والعادات.. بدا ذلك جليا في ظل انعدام الوعي بالمستقبل الخاص بالاسرة وافرادها، مما دفعها الى الوقوع في دائرة الاستهلاك وسقوطها في مستنقع الديون والازمات المالية مما دفع العديد من الخبراء بالتشديد على اهمية التفاعل الصحيح مع الواقع والبعد عن مظاهر المجتمع الاستهلاكي.. وادراك خطورته على واقع الاسرة والمجتمع.

من هذا المنطلق كان هذا الأستطلاع.

ضغط متواصل

يقول فيصل الفيصل: ان الاسرة تعيش تحت سيل من الضغوطات المتلاحقة التي تضر باقتصادها. هذه الضغوط تبدأ ذروتها مع بدء الموسم الدراسي ثم دخول رمضان ومتطلباته والعيد ومستلزماته ثم العودة الى المدارس ودخول فصل الشتاء وطلباته وبعدها العيد ثم الاجازة.. وهكذا تجد رب الاسرة او من يعولها يدور في دائرة مفرغة لا مفر منها وضغط متواصل لا فكاك منه وتزامن ذلك مع غلاء المعيشة والمتغيرات التي طرأت على واقع الاسرة ومصروفاتها.. التي اصبحت مبالغا فيها بشكل فظيع.

مجتمع استهلاكي..

ويرى فهد الراجح باحث اجتماعي ان المجتمع اصبح استهلاكيا بشكل بحث.. ويقول: لا ابالغ ان قلت - بشكل بشع- فالتغيرات التي طالت المجتمع واحواله انعكست بشكل سلبي على الاسرة.. فقلما تجد اسرة سلمت من معضلة الديون.. والاقساط المتراكمة.. فتجد الزوج دائما في حالة من التفكير والقلق الدائم .. ورغبه في تغطية جميع المصروفات وكذلك المرأة.. حتى لو كانت عاملة وتمتلك راتبا كل ذلك يذهب.. الكل يصرف دون ادراك لقيمة ما يصرفه.. الكل يذهب الى محلات التموين ويحمل ما يفوق حاجته ومصروفاته.. حتى تحولت البيوت من وسائل للطمأنينة والهدوء الى فزع ورعب.. وخوف.. ومسئولية ذلك الامر يعود قبل كل شيء على الاسرة ومدى وعيهم بالاخطار التي تقلق مستقبلهم من جراء سطوة الاستهلاك المبذر بلا وعي وغياب التوعية والارشاد والانفاق السليم.

غياب التوعية..

سارة ربة بيت.. قالت: وقوع الاسرة في فخ المجتمع الاستهلاكي دفع المشاعر.. والحواس للتبلد والانانية وصنع جيلا مترعا بالمشاكل لا يتحمل المسئولية ـ أو رافضا لها.. واصبحت النظرة دائما ذاتية فالجرائم والسرقات التي تلاحظ بكثرة وخاصة من الاحداث والشباب العاطل والفارغ هدفها دائما المادة.. وهذا يوضح فشل الاسرة في احتوائهم ماديا وهنا يبرز.. حاجتنا للوعي والتوعية.. ويأتي دور الاعلام بجميع انواعه للتعريف بأهمية ترشيد النفقات والاستهلاك واهميه ذلك في استقرار الاسرة والذي بدوره ينعكس على المجتمع وممارسة غرس القناعة والادخار للمستقبل فالقرش الابيض ينفع في اليوم الاسود.. والاعتماد على النفس اساس النجاح.. فالتوعية بسيطرة المجتمع الاستهلاكي على عقولنا واحوالنا.. والعمل على التخلص من ذلك امر لابد منه..

مبدأ الادخار

أمل سالم مدرسة قالت: لماذا لا يتم تدريس الادخار في مدارسنا خاصة في مادة السلوك.. ومادة الاقتصاد للبنات.. من اجل الاجيال القادمة.. وتنوير العقول الصغيرة وزرع مفردة الادخار والتوفير في قاموسهم اليومي وذلك في اطار الوضع القائم الان ومغريات الحضارة المادية التي شغلت العقول وسلبتها.. فالعالم كل يوم في تطور ونهضة والاسرة وقعت فريسة لهذا التطور.. فالاعلام يبث كل يوم دعوة للبذخ والاسراف والمظاهر الزائلة والزائفة. وهوس المهرجانات.. والحفلات.. اضافة لهوس الاسهم.. واغراء الثراء السريع والفاحش الذي ألحق الخراب بالعديد من الاسر وأوقعها في فخ الديون المهلكة.

دور الاسرة

يبقى الاشارة الى ان الأب والأم هما اساس الاسر وسنامها.. والحرص على زرع حب الادخار والعمل وتقنين المصروفات والوعي الصحيح من مسؤوليتهما مما يساعد الاجيال على الحياة الصحيحة السليمة البعيدة عن سطوة المال وهوس الاستهلاك.

..............................................................................

1- موقع الجزيرة

2- بثينة عوض/ مجلة ابيض واسود

3- د. فاتح عبد السلام/ جريدة (الزمان) ---

4- شاكر لعيبي/ موقع جهات الشعر

5- طارق ديلواني/ موقع اسية

6- نورة العتيبي / اليوم الالكتروني

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 18 نيسان/2007 -27/ربيع الاول/1428