طلبنة باكستان والفاشية الدينية

شبكة النبأ: بعض مناطق الباكستان تحكمها قوانين طالبانية متشددة وأخرى تتجه لتكون كذلك، فالأمور تشير الى توجه متشدد وتنبني للاتجاه الطالباني حيث تطبيق التشدد الأعمى الى اقصى حدوده وإلغاء الأخر في ابعد مدياته والعنف في أسوء صوره.

 فقد قرر احد ائمة المساجد الاكثر تشددا في اسلام اباد الجمعة اقامة محكمة اسلامية تطبق الشريعة وهدد بتنفيذ عمليات انتحارية في حال حاولت السلطات الباكستانية الاعتراض على عمل هذه المحكمة. بحسب الـ فرانس برس.

واعلن الملا عبد العزيز امام المسجد الاحمر (لال مسجد) في خطبة الجمعة انشاء المحكمة في المسجد وبدء تطبيق الشريعة الاسلامية محذرا من اي تحرك ضد المسجد حيث يتحدى طلاب مدارس قرآنية موالون له السلطات منذ عدة أسابيع.

وجاء إعلان الملا عبد العزيز بعد ان قام طلاب وطالبات موالون له بخطف سيدة تملك بيتا للدعارة وبحملة تشمل دوريات "اخلاقية" تستهدف باعة اشرطة الفيديو والموسيقى.

وقال الملا عبد العزيز "اذا كان هذا (اقتحام المسجد) هو آخر خيار للحكومة فان خيارنا الاخير سيكون تنفيذ هجمات انتحارية" مؤكدا ان "عشرات آلاف المتطوعين مستعدون لتوجيه ضربات للحكومة بهجمات انتحارية".

ومنح السلطات مهلة شهر لاغلاق "المواخير ومواقع بيع الخمر ولعب القمار". وهدد الامام في خطبته وسط تهليل المصلين ان "طلبتنا سيتولون هذه المهمة بانقضاء المهلة".

اما المحكمة بحد ذاتها فستضم عشرة مفتين على حد قوله.

وكان الامام قال لوكالة فرانس برس قبل الخطبة انه "في حال كانت الحكومة لا تريد فرض الشريعة فاننا سنقوم بذلك في لال مسجد وسنأتي بالعدالة للناس الذين يريدون ان تحل مشاكلهم من خلال الشريعة الاسلامية".

ويقوم طلاب وطالبات "لال مسجد" منذ اسابيع بحملة "توعية اخلاقية" تندد بها وسائل الاعلام الباكستانية معتبرة انها تندرج في اطار "طلبنة" باكستان التي بدأت في مناطقها الشمالية الغربية.

ويتجول طلاب "سرايا لال مسجد" الملتحون والمسحلون بعصي في حي ابارا الشعبي حيث يقع المسجد لاقناع التجار بالكف عن بيع افلام الفيديو الهندية والموسيقى التي يعتبرونها "غير اخلاقية".

اما الطالبات فتتجولن بلباسهن الاسود. وقد "اوقفن" الاسبوع الماضي ثلاث نساء تتهم واحدة منهن بادارة بيت للدعارة. واعتقلت الشرطة الباكستانية بدورها مدرستين من الناشطات اللواتي قمن بتوقيف النساء.

وردا على ذلك قام الطلاب باحتجاز شرطيين.

وبعد اختبار قوة وتوتر شديد استمر ساعات افرجت الشرطة عن المدرستين واطلق الطلاب سراح الشرطيين. لكن المرأة المتهمة بادارة بيت للدعارة افرج عنها بعد يومين من ذلك اثر ادلائها "باعترافات علنية" نظمت لوسائل الاعلام في المسجد.

وفي كانون الثاني/يناير احتلت الطالبات مكتبة عامة احتجاجا على خطة لتدمير مساجد مبنية بطريقة غير مشروعة على اراض حكومية. وبعد ايام من التوتر تراجعت الحكومة وتخلت عن هدم المساجد.

وبعد اسابيع من عدم تحرك الحكومة تظاهر نحو 600 شخص في الحي احتجاجا على "الفاشية الدينية" ودعوا السلطات الى "منع مضايقة وترهيب المواطنين في باكستان باسم الاسلام".

ودعا الرئيس الباكستاني برويز مشرف الجمعة الطلاب الاسلاميين الى "الانفتاح" و"التخلي عن التصلب".

وقال مشرف على هامش مؤتمر حول صحة المرأة "يجب الا يحققوا العدل بانفسهم لان ذلك سيؤدي الى الفوضى ولن نسمح بذلك".

وكتبت صحيفة "دون" الناطقة باللغة الباكستانية "لماذا تجد السلطات صعوبة في فرض القانون؟ هل لانها تريد تجنب حمام دم ام ان ذلك يعكس نزاعا داخل النظام الذي ما زال جزء منه يتعاطف مع حلفائه المسلمين السابقين؟".

من جهته قال وزير الداخلية الباكستاني افتاب شيرباو ان الملا عبد العزيز لا يتمتع باي مصداقية واكد انه سيتم حفظ القانون والنظام بدون ان يوضح التحرك الذي ستقوم به الحكومة.

واضاف شيرباو ان "الحكومة لديها عددا كبيرا من الخيارات لمعالجة الوضع وستتطلع على خطبة الملا عبد العزيز وتحركاته غير المشروعة".

كما أصدر عبد العزيز فتوى تطالب الحكومة بعزل وزيرة بعد نشر صورة لها وهي تعانق رجلا اجنبيا.

والطلب الذي جاء في الفتوى هو أحدث تحد لحكومة الرئيس برويز مشرف من المسجد المؤيد لطالبان.

ونشرت الصحف الباكستانية الاسبوع الماضي صورة لوزيرة السياحة نيلوفر بختيار وهي تعانق رجلا يبدو انه مدربها على القفز بالمظلات بعد اتمام قفزة في فرنسا.

وقالت الصحف انها قامت بالقفزة لجمع أموال لضحايا زلزال أسفر عن مقتل 73 ألف شخص في باكستان في اكتوبر تشرين الاول 2005.

وقال عبد العزيز امام مسجد لال او المسجد الاحمر في اسلام اباد انه يجب عزلها.

وقال عبد العزيز لرويترز "تصرفها غير اسلامي ويتعارض مع قواعدنا الاجتماعية.اساءت للإسلام. تجب معاقبتها ولا يجب النظر باستخفاف الى مثل هذه النداءات.

ففي فبراير شباط قتل مسلم متعصب وزيرة بحكومة اقليم البنجاب بالرصاص لاعتقاده بأن النساء لا يجب ان يشتغلن بالسياسة. وحكم على المسلح بالإعدام الشهر الماضي.

واصبح اتباع رجال الدين الراديكاليين في المسجد الواقع باسلام اباد يتمتعون بالجرأة على نحو متزايد مما زاد المخاوف من ان الرئيس برويز مشرف لا يستطيع وقف الميول نحو طالبان في باكستان وذلك برغم كل ما يقوله عن "الاعتدال المستنير".

وأدى سلوك رجال الدين الراديكاليين والالاف من اتباعهم الذين يستخدمون العصي واخفاق الحكومة في اتخاذ اجراء ضدهم الى استياء الكثير من الباكستانيين.

وقال مشرف انه لن يتم السماح لاحد بتنفيذ القانون بنفسه لكن السلطات لم تتخذ حتى الان اجراءات ضد المسجد بسبب الخوف على ما يبدو من حدوث رد فعل اوسع نطاقا من المحافظين في عام الانتخابات.

وفي الشهر الماضي خطفت طالبات من المدرسة الدينية بالمسجد ثلاث نساء اتهمنهن بإدارة بيت للبغاء في اطار جهود خاصة ضد الرذيلة.

واحتجز الاسلاميون في وقت لاحق اثنين من رجال الشرطة.

وأفرج في نهاية المطاف عن جميع المحتجزين لكن الاسلاميين تعهدوا بمواصلة حملتهم ضد "الفحشاء والانشطة غير الاسلامية".

وقال عبد الرشيد غازي نائب عبد العزيز وشقيقه "انه رد فعل على ما يفعله مشرف الذي يحاول فرض القواعد الغربية في مجتمعنا المسلم."

وفي اول اتصال على مستوى عال بين الحكومة ورجال الدين عقد رئيس الرابطة الاسلامية الحاكمة تشودري شجاعت حسين محادثات معهم في المسجد في مطلع الاسبوع.

وقال غازي ان حسين جاء للتعرف على وجهات نظر رجال الدين.

واضاف "نكافح من اجل قضية..لن نتخلى عنها." في اشارة الى المحكمة الاهلية.

وفي يناير كانون الثاني احتلت نساء من مدرسة المسجد مكتبة قريبة من المسجد احتجاجا على الجهود التي تقوم بها سلطات المدينة لهدم المساجد التي بنيت بطريقة غير مشروعة.

ويتخذ مجمع المسجد شكل المعسكر ويقف عند شبان يحملون العصي وعند بواباته وعند نقاط المراقبة امام الجدار المكسوة بالرايات. وشوهد رجلان او ثلاثة مزودين بأسلحة يقول رجال الدين انها مرخصة بطريقة سليمة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 16 نيسان/2007 -25/ربيع الاول/1428