يوم الخميس الفائت ارتكب الارهابيون التكفيريون والصداميون جريمتين
بشعتين، الأولى هي تفجير جسر الصرافية البغدادي العريق والذي يجمع بين
رصافة دجلة الخير وكرخها. والثانية هي تفجير استراحة في مجلس النواب
العراقي وما أسفر عن هذا العمل الارهابي من ضحايا بين شهيد وجريح.
في الجريمة الأولى استهدف التكفيريون جسراً يمثل رمزاً بغدادياً
ويعد واحداً من اشهر معالم بغداد التي يعتز بها أهلها، وإذا تركنا
جانباً أهمية الجسر كوسيلة ربط بين ضفتي دجلة، فإن الخطير في تفجير جسر
الصرافية هو تقسيم بغداد وعزل رصافتها عن كرخها، بمعنى ان الارهابيين
يريدون وراء عملهم المشين هذا تقسيم بغداد وليس غير ذلك.
أما الجريمة البشعة الأخرى، وهي تفجير قاعة استراحة في مجلس النواب،
فإن هدف هذا العمل الشنيع معروف، وطالما جاهر به الأرهابيون، فالبرلمان
العراقي، بجميع مكوناته(شيعة وسنة عرباً وكرداً وتركمان ومسيحيين
وغيرهم) هؤلاء هم ممثلو الشعب العراقي وقد وصلوا الى مقاعد البرلمان
بانتخابات نزيهة وشفافة، ووجودهم يضفي شرعية على الدولة العراقية وهذا
ما يريده الارهابيون وما يعملون على الضد منه.
وإذا كان التكفيريون الارهابيون قد رفعوا طوال السنوات الماضية
شعارات طائفية فإنهم بتفجيرهم لاستراحة النواب في مبنى البرلمان قد
كشفوا عن عدائهم لكل العراقيين من دون تمييز ومن هنا نرى أن يراجع
البعض مواقفهم ويوقفوا سيل تصريحاتهم واشادتهم بالمقاومة، فالمقاومة
المزعومة ليست موجهة إلا إلى العراقيين جميعهم، ونرى أيضاً أن الاصرار
من قبل البعض على استمرار التبجح بأعمال(المقاومة) الجهادية انما يؤذي
الشعب العراقي ويستخف بعقله.
ومن حدثي يوم الخميس المروعين تفرض بعض الأسئلة نفسها من بينها كيف
استطاعت ناقلة كبيرة أو متوسطة تجاوز كل نقاط التفتيش لتصل الى الجسر
وتنفجر فوقه؟.
وإذا كان هناك افتراض ثانٍ بأن عملية تفجير جسر (الصرافية) كانت
بتلغيمه قبل وقت من وقوع الحادث فكيف جرى هذا؟.
ولماذا لم تلتفت إليها –عملية التلغيم-كل هذه الجموع من الأجهزة
الأمنية المتواجدة بالقرب من الجسر-في ضفتي دجلة- وفوق الجسر وتحته
(الشرطة النهرية)؟.
أما عملية تفجير قاعة الاستراحة في مجلس النواب فالأمر يحتاج الى
ألف سؤال وسؤال، ومما سمعنا فإن الأجهزة الأمنية العراقية ليست معنية
بحماية مبنى مجلس النواب.
على أية حال، ليس دماء نوابنا إلا عزيزة علينا، وهي مثل دماء مئات
الألوف من العراقيين الذين استهدفهم الارهاب وما جسر الصرافية إلا رمز
جميل من رموز بغداد، ولكن كثيراً من معالم بغداد، بل مراقد مقدسة في
العراق تعرضت قبل يوم الخميس الى التفجير..ونحن هنا لا نقلل من أهمية
الحدثين ولا نكابر في اخفاء فجيعتنا بهما..وكل ما نريد أن نقوله هو
أننا سنستمر في حربنا على الارهاب فأرض العراق لا تحتمل أن يدنسها
شياطين الضلالة..فاما نحن واما هم، والله ناصرنا. |