شبكة النبأ: تربعت منتجات الصناعة
العراقية لعدة عقود للمعروض من السلع في أسواق العراق مستحوذة على
اهتمام وثقة المستهلك العراقي بعد ان استطاعت المصانع والمعامل المحلية
توفير المواصفات والخصائص التي تميزها بالكفاءة والاداء الجيد وكانت
عبارة(صنع في العراق) تعني في دلاتها الجودة والقوة والصناعة الفاخرة
التي توازي الانتاج العالمي، حتى اذا سلبت ونهبت المصانع في مرحلة
الفوضى وفتحت الحدود امام الصناعة الاجنبية الرخيصة على مصراعيها وراحت
الصناعة المحلية تواجه مشكلات عدة بينها ضعف التخصيصات والاستثمارات.
(شبكة النبأ المعلوماتية)، حاولت من
خلال هذا التحقيق تسليط الضوء حول واقع القطاع الصناعي الآن، وأهم فرص
النجاح في معالجة وتحجيم المصاعب التي يعاني منها هذا القطاع
والمقترحات الواجب اتخاذها لإعادة الحياة الى صناعتنا الوطنية.
فكانت محطتنا الاولى مع عضو الصناعات الوطنية السيد فؤاد محمد حيث
حدثنا قائلا: لقد عانى القطاع الصناعي من الاضطهاد والتعسف خلال العهد
الماضي وهمش دوره في المساهمة ببناء الاقتصاد الوطني العراقي نتيجة
لعسكرة الصناعة وبعد سقوط النظام توقفت معظم المعامل والمصانع فضلا عن
فتح الحدود امام تدفق البضائع والسلع الاجنبية.
وهذا بطبيعة الحال ينعكس على وضع الصناعة الوطنية لدخول سلع واجهزة
رخيصة الثمن ولكنها رديئة وهو ما يجعل المواطن يفضل الاجهزة الرخيصة
لكثرة حرمانه من ان يرى تلك الاجهزة ابان حكم النظام السابق وما تبقى
من مصانعنا فان عملها بمستويات انتاجية متدنية لضعف الطلب والاستيراد
غير المتقن والخاضع للشروط والقيود والالتزام بالمواصفات وفي ظل الظروف
غير المستقرة.
كل ذلك كان له تاثير كبير في صناعتنا الوطنية المعروفة ولو توفرت
امكانية الدعم والمساندة لهذا القطاع لتمكن من اغناء السوق المحلية
بالكثير من السلع والمنتجات التي تحتاجها ولكان وفرّ ايضا الكثير من
رؤوس الاموال التي تصرف الان على عمليات استيراد السلع والمنتجات
الاجنبية الرديئة.
فمن الضروري اعطاء دور للقطاع الخاص في رسم السياسة الاقتصادية ووضع
ضوابط للاستيراد واخضاع البضائع المستوردة لضوابط السيطرة النوعية
والرقابية.
في حين يفضل عدد من المستثمرين العراقيين العمل خارج العراق بسبب
عدم توفرالشروط الموضوعة لقيام صناعة وطنية عراقية واهمال الدولة لها
وعدم تقديم المساندة والدعم لهذا القطاع الحيوي مما اخطر عددا من
الصناعيين العراقيين حين لم ينجحوا في ايجاد الحلول لهذه الوضعية
المستعصية فاذا استمرت هذه الحالة السلبية فان الكثير من الصناعيين
سيلجأون الى مثل هذه الخطوة فهىء دعوة لتكثيف الجهود للتصدي لمشاكل
الصناعة من خلال استثماررؤوس الاموال.
المعالجات لتلافي المأزق
يقول السيد(فاهم عزيز) وهو باحث اقتصادي لـ شبكة النبأ: ان هناك
العديد من المعالجات لغرض حماية المستهلك وحماية المنتوج الوطني من
خلال وضع ضوابط للاستيراد واخضاع جميع السلع والمواد المستوردة لتدقيق
الجهاز المركزي للتقيس والسيطرة النوعية قبل دخولها ووصولها الى
المستهلك حماية له وللثروة الوطنية ووضع الرسوم عن طريق الاعفاءات
واعفاء المواد الاولية للمعامل من الرسوم الكمركية واعفاء المشاريع
الصناعية من ضريبة الدخل ولمدة 3 ـ5 سنوات اسوة بالمنتوج الزراعي،
والمزاعين الذبن اعفتهم الدولة من دفع ضربية الدخل وتشغيل عجلة الصناعة
الوطنية بتحديث المشاريع الصناعية القائمة.
مشاكل عامة وخاصة
وقد كانت محطتنا التالية مع السيد (سليم شريف) صاحب مجمع "حياة مول"
التجاري، حيث قال لـ شبكة النبأ: عندما نتحدث عن حيثيات تطوير الصناعة
الوطنية، فبالتاكيد الصناعة هي عنصر حيوي ومهم لتطور الشعوب والامم وهي
تحتاج الى الدعم المباشر من قبل الدولة وذلك من خلال التمويل او القروض
عن طريق المصرف الصناعي.
فعلى سبيل المثال في عام 1979 أنطلقت باكورة الصناعة الوطنية
العراقية حيث كانت الدولة انذاك تدعم المشاريع الصناعية بنسبة70%
بالاضافة الى ذلك هناك وجهه اخر من اوجه الدعم وهو يتمثل ببيع
الدولارالامريكي للصناعيين بالسعر الرسمي وكل تلك المؤشرات هي علامات
او اضاءة ناضجة لبناء صناعة وطنية واعدة، ناهيك عن توفير قطع الاراضي
للصناعيين وتوفير المحولات الكهربائية بالاضافة الى ذلك ربط المعامل
الصناعية بخط الطوارىء واعطائهم مولدات كهربائية وتزويدهم بمادتي الكاز
والبانزين، علما بان تلك العوامل هي اسباب حقيقية لانجاح التجربة
الصناعية.
اما اليوم فلا نجد هذا الدعم، ومن المؤسف حقا ويلفت النظر ان العراق
وهو الدولة التي عمرها يناهز 4 او 5 الاف سنة، يستورد مادة الورق
الصحي(الكلينكس) والآيس الاكريم والنساتل بمختلف انواعها والله ان ذلك
عيباً والف عيب، ومن خلال ذلك نستدل بان الصناعة العراقية صفر اليوم،
فما بالك بالصناعات الاخرى، لذى يجب على الحكومة ان تتخذ قرارات جريئة
من اجل تقديم الدعم للصناعين، وذلك من خلال تقديم المنح او القروض
الميسرة، فما الضير ان تخصص الحكومة مبلغ 4 او 5 مليارات دولار للمصرف
الصناعي، وهي تتحدث اليوم عن ميزانية او ثورة انفجارية وارقام خيالية،
اذن اين هذه الارقام؟ ولماذا لايقدم مبلغ لدعم المصرف الصناعي او
الزراعي او العقاري وهذه المصارف هي مقومات الدولة الحديثة؟ لماذا لا
يقدمون تلك القروض من اجل تسترجع المصانع عافيتها من جديد؟، واذا كانت
الحجّة الامن فهناك الكثير من مناطق جنوب ووسط العراق في حالة امن
كبير.
واضاف: ومن الممكن تشجيع الصناعة في تلك المناطق، بالاضافة الى ذلك
هناك نظرية تقول ان رأس المال جبان، أي تعني ان المستثمر هو الاكثر
حرصا على تأمين المعمل او المصنع او المكان الذي يستثمر به، ناهيك ان
السوق العراقية مفتوحة اليوم فيفترض بالدولة ان تفرض رسوم وضرائب على
دخول البضائع من اجل ان تفسح المجال للصناعة العراقية الوطنية في مجال
المنافسة، الدولة الان ترينا فقط المعارض في الخارج فما قيمة هذه
المعارض ونحن نرها من على شاشات التلفزيون، اما سؤالك عن اتحاد
الصناعين، فهو ليس صاحب قرار بل هو مجرد مؤسسة ادارية لنقل حالة
الصناعة والصناعيين ليس الا.
كما اود ان اشير الى حالة في عهد النظام السابق، كنا لا نعلم ما هو
نمط الاقتصاد او السوق العراقية، واليوم كذلك ايضا لا نعلم ما هي طبيعة
السوق العراقية، هل هي راسمالية؟ام هي اشتراكية؟ ام اسلامية؟ والحق
اقول لا نعلم؟ وذلك لان السوق العراقية لاتنتهج أي معيار او أي
استراتيجية محددة يمكن من خلالها ان تتبنى نمط واضح.
وفي الختام اتمنى على الدولة ان تقدم الدعم للمشاريع الصناعية بكل
قوة وكذلك يجب ان تضع استراتيجية من شانها ان ترتقي بالقطاع الصناعي.
اما وقفتنا شبه الاخيرة فكانت مع صاحب مجمع تجاري يعنى باستيراد
السجاد الفاخر والمواد المنزلية الاخرى، حيث حدث شبكة النبأ قائلا:
هناك مشاكل عامة تعاني منها الصناعة الوطنية كالامن والكهرباء وغيرها
من الخدمات الاساسية، اما المشكلات الخاصة فتتمثل بألاستيراد غير
المتقن واغراق السوق بالسلع الرديئة وتوقف الدعم وتقادم المكائن
والمعامل وكثرة العطلات فيها وندرة عمليات التاهيل والتحديث، الامر
الذي اثر بشكل سلبي في الصناعة الوطنية فهناك معامل ومصانع ما زالت
تعمل ولكن انتاجها اقل بكثير من المطلوب أي اقل من جهدها الصناعي، وهذا
يقود الى ارتفاع تكاليف الانتاج في وقت اتسعت فيه المنافسة واشتدت بسبب
الانفتاح غير الطبيعي وغير المنضبط على السلع والبضائع الاجنبية، مما
يجعل منتجاتنا الوطنية في وضع لا تستطيع فيه منافسة مثيلاتها المستوردة
التي لها كل اسباب المنافسة والمزاحمة.
كما ان ثمة مشكلات اخرى يعاني منها القطاع الصناعي الخاص منها عدم
توفر السيولة النقدية الخاصة في المصانع ذلك ان الظرف المضطرب قد
استنزف طاقات المعامل التي ظلت رغم توقفها عن الانتاج اوتدنيها تدفع
الضريبة والايجار وتكاليف الحراسة، والبعض الاخر من اصحاب المعامل
استمر بدفع اجور ومرتبات بعض الملاكات الفنية لكي يحتفظ بعلاقته بها
فظلت هذه المعامل تحت ضغط هذه المشكلات التي استمرت طيلة مدة الحصار،
وندرت الحصول على المواد الاولية الداخلة في الانتاج وزادت هذه
المشكلات تعقيدات وصعوبة ما بعد سقوط النظام السابق.
أهم الحلول
ويرى الخبير الاقتصادي (حسين محمد راضي) ان هناك مستلزمات عديدة
ينبغي توفرها لنمو ونهوض الصناعة، اهمها الدعم المادي والسيولة، وهناك
جهود كبيرة لاعادة نشاط صندوق التنمية الصناعية لدعم هذه المعامل
وتفعيل دور المصرف الصناعي لتقديم قروض مجزية وبفوائد ميسرة ورمزية
واعادة نشاط وعمل الجهاز المركزي للتقيس والسيطرة النوعية ودوائر
الرقابة الصحية لأخذ دورها في فحص وتدقيق المواد الداخلة والتأكد من
صلاحيتها وسلامتها، وتفعيل دور اللجان الحدودية بعد ان ثبت ان كل
البضائع والسلع المتدنية الجودة والتالفة تتدفق الى بلادنا بسبب غياب
وتعطيل عمل هذه المفاصل التفتيشية المهمة.
اراء الصناعيين
اراء عديدة طرحها الصناعيون بشأن صناعاتهم وما آلت اليه في الظروف
الراهنة بدأها الصناعي ناجي خلف والذي حدثنا قائلا: ان الصناعة الوطنية
تعاني في الوقت الحاضر من مشاكل جدية قادت الى شيوع حالة من الشلل اصاب
جميع قطاعاتها واختصاصاتها ففي السابق كان اقتصاد البلد اقتصاد حرب
وكانت جميع الامكانات موجهة الى الصناعة الحربية ولهذا ونتيجة الاهمال
الذي اصاب هذا القطاع فقد شهدت الصناعة الوطنية تدهورا كبيرا وتراجعت
في جميع المجالات اما في المرحلة الراهنة فان الصناعة مثل بقية
المؤسسات الاخرى تاثرت بشكل سلبي بالظروف التي رافقت عملية سقوط النظام
وما بعدها الا ان هذا الشىء انعكس ليزيد من تلك المشاكل التي يواجهها
هذا القطاع وفي مقدمتها انحسار الدعم المادي والشروط الموضوعية لازدهار
الصناعة.
اما هاشم حسين وهو تاجر قماش في كربلاء فيقول لـ شبكة النبأ: ان
هناك مفارقة تواجه عملنا فبدلا من حماية المنتج والمنتجات العراقية
وتوفير الدعم لها وانصاف الصناعي العراقي وتذليل الصعوبات التي تواجهه
الا اننا نجد ان الصورة معكوسة تماما فالرسوم والضريبة وضعت على
الاقمشة الخام المستوردة بينما رفعت هذه الضريبة والرسوم عن الملابس
والمنتجات المصنعة وهذا معناه ان التسهيلات معكوسة تقدم للتاجر او
المنتج الاجنبي ولا تقدم لابن البلد وهذا ناتج عنه ارتفاع اسعار
الاقمشة الخام المستوردة واضعاف موقف معامل الالبسة داخل البلاد من طرح
منتوجاتها باسعار تشجيعية قياسا الى الملابس المستوردة وهذه الحالة
يمكن سحبها على جميع السلع والمنتجات العراقية ونسوق مثالا هنا على
الحالة فسعر القميص المستورد (دولاران) بينما سعر القماش المخصص لصناعة
مثل هذا القميص في الداخل هو ثلاث دولارات وبعد هذا نجد ان هناك ظلما
وقع على الصناعيين العراقيين.
|