التعديلات الدستورية انتهاك خطير لحقوق الانسان ومصر مركز دولي للتعذيب

 شبكة النبأ: دانت منظمة العفو الدولية في تقرير جديد اصدرته الاربعاء "الانتهاكات المنهجية لحقوق الانسان باسم الامن القومي في مصر" وطالبت الحكومة المصرية بالتاكد من ان القانون الجديد لمكافحة الارهاب المزمع اصداره قريبا "لن يرسخ هذه الانتهاكات".

وحذرت المنظمة في تقرير بعنوان "انتهاكات منهجية باسم الامن" ان التعديلات الدستورية التي تم اقرارها في 26 اذار/مارس الماضي وقانون مكافحة الارهاب الجديد الذي تجرى مناقشته حاليا في البرلمان المصري "يمكن ان يعرضا حقوق الانسان لمزيد من التهديدات".

وطالبت المنظمة "الحكومة المصرية بان تسمح لخبيري حقوق الإنسان في الأمم المتحدة المعنيين بالتعذيب ومكافحة الإرهاب بالدخول الفوري إلى البلاد في وقت تعكف فيه على صياغة قانون جديد لمكافحة الإرهاب" معتبرة ان "هذه الزيارات ستشكل مؤشراً واضحاً على التزام الحكومة بالتمسك بالواجبات الدولية المترتبة عليها حيال حقوق الإنسان".

وعرض مسؤولو منظمة العفو الدولية في مؤتمر صحفي التقرير الذي اكدت فيه المنظمة مجددا "قلقها من ان التعديلات الأخيرة في الدستور والتنفيذ الوشيك لقانون جديد لمكافحة الإرهاب يمكن أن يمهدا الطريق لمزيد من الانتهاكات".

واوضح التقرير انه "برغم عدم الإعلان عن أية مسودة بعد لهذا القانون إلا أن السلطات المصرية قالت انه عند إلاعداد له فانها درست قوانين مشابهة في عدد من الدول بينها الولايات المتحدة الأميركية".

واثار تعديل المادة 179 من الدستور بصفة خاصة احتجاج المنظمات الحقوقية المصرية والدولية اذ يتيح لاجهزة الامن المصرية اعتقال المشتبه فيهم في قضايا ارهابية والتنصت على هواتفهم ومراقبة مراسلاتهم واحالتهم الى محاكم استثنائية.

واعتبر نائب مدير فرع منظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة كورت غورينغ "إن مصر ترتكب خطأ فادحاً إذا اتخذت من القانون الوطني الأمريكي نموذجاً لقانون مكافحة الإرهاب لديها".

واضاف ان هذا القانون "مرفوض من قبل الكثيرين في الولايات المتحدة" نفسها لانه يشكل "اعتداء على الحريات".

وقالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية حسيبة حاج صحراوي ان "آلاف المصريين اعتقلوا باسم الأمن واحتجز بعضهم بدون تهمة أو محاكمة طوال سنوات غالبا برغم صدور أوامر عن المحاكم بالإفراج عنهم بينما صدرت أحكام على آخرين عقب محاكمات بالغة الجور".

وتابعت "من واجب الحكومة المصرية حماية الشعب ومكافحة الإرهاب ولكن عندما تفعل ذلك عليها التقيد بالمعايير الأساسية لحقوق الإنسان وبالواجبات المترتبة عليها بموجب القانون الدولي وهذا ما أخفقت بوضوح في القيام به في أغلب الأحيان".

وقدم التقرير وصفا لما أسماه "عمليات التوقيف التعسفية والاعتقال المطول بدون محاكمة والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة من جانب المسؤولين الأمنيين لاسيما مباحث أمن الدولة التي تتمتع بصلاحيات واسعة في ظل حالة الطوارئ التي أبقت عليها الحكومة بصورة شبه متواصلة طوال الأربعين سنة الماضية".

ودانت المنظمة "استخدام محاكم الطوارئ والمحاكم العسكرية الخاصة لمحاكمة المدنيين المتهمين بارتكاب جرائم أمنية" ووصفت إجراءاتها ب"المجحفة". واشارت المنظمة الحقوقية الدولية الى صدور احكام بالاعدام من هذه المحاكم وتنفيذها.

ويزور وفد من المنظمة القاهرة لإصدار التقرير الذي تقول المنظمة انه ينشر "في وقت يزداد فيه قمع المعارضة وحرية الكلام في مصر وتنظر فيه الحكومة في اصدار قانون جديد لمكافحة الارهاب."

واقترح الرئيس حسني مبارك في ديسمبر كانون الاول ادخال 34 تعديلا على الدستور وأقر مجلس الشعب التعديلات ووافق عليها الناخبون في استفتاء عام الشهر الماضي لكن معارضين ومنظمات حقوقية قالوا ان أقلية ضئيلة من الناخبين أدلت بأصواتها في الاستفتاء في حين تقول الحكومة ان ملايين الناخبين شاركوا فيه.

وتقول الحكومة انها ستعمل على سن قانون لمكافحة الارهاب ليكون بديلا لحالة الطوارئ السارية منذ اغتيال الرئيس أنور السادات برصاص متشددين اسلاميين عام 1981.

وقالت حسيبة حاج صحراوي نائبة مدير برنامج الشرق الاوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة ان التعديلات الدستورية تضعف الضمانات ضد التعذيب وبالتالي تجعل وضع حقوق الانسان أسوا في مصر.

وأضافت في مؤتمر صحفي ردا على سؤال "أقول انه أسوأ باعتبار أن الضمانات القليلة التي كانت في الدستور تتعرض الان للهجوم ولذلك فأنت تؤكد فعلا أنه لن يكون هناك رقابة على اي إساءة في المستقبل."

وقال تقرير المنظمة ان تعديل المادة 179 من الدستور الذي تضمن النص على سن قانون لمكافحة الارهاب يسمح أيضا "للرئيس بتجاوز المحاكم العادية واحالة المتهمين بالارهاب الى أي سلطة قضائية يريدها بما فيها المحاكم العسكرية ومحاكم الطوارئ التي لا تشمل الحق في تقديم استئناف ولديها تاريخ حافل بالمحاكمات الجائرة."

وطلب مبارك من البرلمان النظر في انشاء محكمة استئناف عسكرية.

وأضافت المنظمة "يبدو أن التعديلات الاخرى في الدستور نابعة من دوافع سياسية."

وتابعت أن أحد التعديلات الذي يحظر قيام الاحزاب السياسية على أساس ديني يبدو أنه يستهدف "تنظيم الاخوان المسلمين المعارض.... وتخشى منظمة العفو الدولية من استخدام التعديلات الدستورية والقانون المزمع لمكافحة الارهاب لإسكات المعارضة السياسية السلمية فضلا عن ترسيخ أنماط الانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها قوات الامن."

وتقول المنظمة في تقريرها ان من بين الانتهاكات أن "التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة يمارس بصورة منهجية في مراكز الاعتقال في شتى أنحاء مصر بما في ذلك في مراكز الشرطة والمقار التي تديرها مباحث أمن الدولة ومعسكرات الاعتقال.

"يظل التعذيب وسوء المعاملة وعمليات التوقيف والاعتقال التعسفية والمحاكمات بالغة الجور أمام محاكم الطوارئ والمحاكم العسكرية من السمات الرئيسية المميزة لحالة الطوارئ."

وتقول الحكومة ان التعديلات الدستورية أجريت في نطاق برنامج للاصلاح السياسي لكن المنظمة دعت السلطات المصرية الى "أن يتم تعريف أعمال الارهاب في القانون الجديد لمكافحة الارهاب على نحو واضح وبعبارات لا لبس فيها وبشكل لا يمثل مساسا أو تجريما لأفعال تتفق مع ممارسة الحقوق والحريات المكفولة بمقتضى القانون الدولي لحقوق الانسان."

كما دعت الى التوقف عن تطبيق عقوبة الاعدام.

واشار التقرير الى اعتقالات جماعية وقال ان عدد المعتقلين في مصر يبلغ 18 ألف شخص بينهم من زادت فترات اعتقالهم على عشر سنوات وبينهم "العديد من الذين أمرت المحاكم بالافراج عنهم بصورة متكررة."

وقال ان المعتقلين هم "أشخاص محتجزون بدون تهمة أو محاكمة بموجب أوامر صادرة عن وزارة الداخلية في سجون مصر في أوضاع مهينة ولا انسانية."

وتقول الحكومة ان عدد المعتقلين يتراوح بين ثلاثة الاف وأربعة الاف. كما تقول انها تحقق في أي وقائع تعذيب أو سوء معاملة للمعتقلين وتعاقب مرتكبيها.

واشار التقرير الى حالات اعتقال عزل أصحابها عن العالم وحالات تعذيب وسوء معاملة وحالات وفاة في أقسام الحجز كما تضمن حالات معتقلين بعثت بهم الولايات المتحدة ودول أخرى الى مصر منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 لانتزاع اعترافات منهم وقال انهم "عانوا من طيف عريض من صنوف سوء المعاملة."

وأضاف التقرير "كان بين الضحايا مواطنون مصريون ومصريون يحملون الجنسية المزدوجة ومواطنو دول أخرى."

ودعا التقرير الدول الأخرى، ومنها بريطانيا، إلى تجاهل اتفاقات "حظر التعذيب" التي وقعتها مع مصر والتي بمقتضاها يتم ترحيل المشتبه بهم إليها بعد تعهد القاهرة بعدم تعرضهم للتعذيب.

وقالت كيت آلان مديرة العفو الدولية في بريطانيا "إن اتفاقيات حظر التعذيب مع مصر لا تساوي ثمن الورق الذي كتبت عليه ولابد وأن تندد لندن بعمليات التعذيب في مصر".

وأكد التقرير حدوث العديد من الانتهاكات في إطار الدواعي الأمنية المحلية والدولية.

وفي عام 2005، اعترف رئيس الحكومة المصرية أننه منذ عام 2001 رحلت الولايات المتحدة ما يتراوح بين 60 و70 معتقلا إلى مصر في إطار "الحرب على الارهاب".

وأشار التقرير إلى قضية ممدوح حبيب وهو أسترالي من أصل مصري يزعم أنه تعرض للاعتقال والتعذيب في باكستان عام 2001 التي سلمته إلى الولايات المتحدة التي سلمته بدورها إلى مصر.

ويقول إنه تعرض في مصر للتعذيب بما في ذلك وضعه في "زنزانة تغمرها المياه" حيث اضطر للوقوف على أطراف أصابعه لساعات كي لا يغرق.

وتابع قائلا انه اضطر تحت وطأة التعذيب للاعتراف بتدريب الانتحاريين الذين نفذوا هجمات سبتمبر في الولايات المتحدة على فنون الحرب. وتم لاحقا نقله إلى معتقل جوانتانامو ليطلق سراحه أخيرا في يناير كانون الثاني 2005 دون توجيه اتهامات له.

ودعا التقرير مصر إلى تقديم ضمانات بأن قانون مكافحة الارهاب الجديد يتماشى تماما مع قوانين حقوق الانسان والمعايير الدولية.

وطالب التقرير الحكومة المصرية بأن تدين علنا التعذيب ووسائل سوء المعاملة الأخرى وتضمن إجراء تحقيقات مستقلة حول المزاعم القائلة بحدوث انتهاكات، وتحاكم المتورطين في هذه الممارسات.

وحث التقرير القاهرة على إنهاء الاحتجاز الاداري والكشف عن أسماء أولئك المشتبه في تورطهم في أعمال إرهابية وتم ترحيلهم من دول أخرى إلى مصر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 13 نيسان/2007 -22/ربيع الاول/1428