الناخبون من اصول اجنبية يشجعون اليمين المتطرف والفرنسيون يعانون التردد

 شبكة النبأ: فيما يستمر ماراثون انتخابات الرئاسة الفرنسية التي ستجري بعد اسبوعين، يبدي العديد من الفرنسيين المتحدّرين من مهاجرين، خصوصاً من شمال أفريقيا، سواء أكانوا أرباب عائلات أم شباب وفتيات من الضواحي وفي ظاهرة لا سابق لها، استعدادهم للتصويت في الانتخابات الرئاسية المقبلة لزعيم اليمين المتطرف جان ماري لوبن الداعي الى «الأفضلية لأهل البلد».  

يقول مراد عصفور (25 عاماً)، الطالب في تاريخ الفنون في ديجون (وسط شرق البلاد)، ومن دون ان يتردد البتة: «سأصوت لمصلحة لوبن». بحسب الحياة اللندنية.

ويعتبر عصفور ان زعيم الجبهة الوطنية الذي أثار صدمة في فرنسا بوصوله الى الدورة الثانية من الانتخابات الماضية العام 2002، والذي تتوقع استطلاعات الرأي فوزه بنسبة بين 13 الى 16 في المئة من اصوات الناخبين في الدورة الأولى المقررة في 22 الشهر الجاري، هو المرشح الوحيد الذي «يجسد حب فرنسا».

ويؤيد هذا المسلم الملتزم الذي وصل من المغرب وله عام واحد من العمر، إعطاء الأولوية لمكافحة الهجرة لأن «قدرة فرنسا على الاستقبال وصلت الى اقصاها»، معتبراً انه يشاطر لوبن بعض «القيم الاخلاقية» مثل معارضته زواج مثليي الجنس.

وعصفور ليس وحيدا في توجهه هذا. اذ نقلت صحيفة «لو كانار انشينيه» الاسبوعية التهكمية عن استطلاع للرأي اجرته وزارة الداخلية، ان 8 في المئة من الفرنسيين المتحدرين من دول المغرب العربي مستعدون لإعطاء اصواتهم لليمين المتطرف، ما يمثل اكثر من مئة ألف ناخب.

واختار لوبن، الذي حقق انتصاراً اعلامياً بقيامه، أخيراً، بزيارة لإحدى الضواحي «الصعبة» في شمال غربي باريس، وتصويره فتاة متحدرة من شمال افريقيا على احدى الملصقات الاولى في حملته الانتخابية.

تقول حبيبة بوعلام وهي قانونية في الخامسة والثلاثين من العمر انها «تميل الى اليسار» غير ان الحزب الاشتراكي «لم يعد يناسبها»، وبما انها لا ترى «اي فرق» بين الجبهة الوطنية والاتحاد من اجل حركة شعبية الذي يتزعمه مرشح اليمين نيكولا ساركوزي، فقد اختارت «الأصل بدل الصورة» وستمنح صوتها الى لوبن. وتؤيد الشابة المتحدرة من مهاجرين جزائريين، والمقيمة في تولوز (جنوب غربي فرنسا) «ضبط حركة الهجرة».

وتبرر صوفيا شكيرو (27 عاماً) وهي من اعضاء الهيئات القيادية في الحزب الاشتراكي، وصدر لها كتاب بعنوان: «فرنسا بلادي العلمانية» الظاهرة، موضحة ان «الفقير يطارد الأفقر منه».

ولاحظت هذه الناشطة الاشتراكية المتحدّرة من اصول جزائرية والمقيمة في باريس ان عددا من التجار من اصول مهاجرة في حيّها يؤيدون لوبن.

ومن بين هؤلاء التجار اصحاب فنادق صغيرة تدهورت حالها، بعدما صادرتها الاجهزة الاجتماعية لإيواء عائلات لا تحمل اوراقاً قانونية.

وتوضح شكيرو: «انهم ناقمون على السلطات ويقولون مع لوبن سنتخلص من المقيمين بصفة غير شرعية ومن تعدد الزوجات».

ويقول فريد سماحي عضو المكتب السياسي لحزب لوبن: «سئمت مشاهدة ماليين مقيمين بصورة غير شرعية يرسلون الى فنادق»، معرفاً عن نفسه بأنه «فرنسي متمسك بوطنيته ومسلم» وهو لا يتردد في التباهي بتأييده اعطاء «الافضلية لأهل الوطن» في ضواحي فقيرة كان «يشتم» فيها في الماضي.

وتمكن سماحي من حمل الآخرين على «قبوله» ثم على «الاستماع اليه» بعدما انشأ جمعية لمساعدة الاطفال العراقيين، خلال فترة الحظر الدولي المفروض على العراق في عهد صدام.

وهو يؤكد انه نجح في ان يجذب، في اقل من سنة، الى الجبهة الوطنية 3500 عضو جديد يتحدّرون من اصول مهاجرة.

ويوضح الخبير السياسي جان ايف كامو انه بعد ان اعتبر انضمام ناخبين متحدرين من اصول مهاجرة الى لوبن في بادئ الأمر «ظاهرة جانبية»، لكنه بات حالياً مبنياً على «نسبة من التأييد» لأفكاره وبرنامجه.

ومن هؤلاء المنتسبين المؤيدين لطروحات لوبن محام جزائري في الخمسين من العمر انتقل الى تعاطي التجارة في باريس، وهو اب لولدين يتعلمان في مدرسة خاصة.

ويوضح انه لم يعد يحتمل ان يدفع ضرائب «لتوزع على السود والعرب» الذين لا يرون في فرنسا سوى بقرة حلوب».

ويؤكد تقرير لوكالة فرانس برس، بدء حملة انتخابات الرئاسة الفرنسية بدون ان يحسم أي شيء لاسيما وان فرنسياً من اثنين ما زال مترددا، فيما يبدو اليميني نيكولا ساركوزي مرجحا لخوض الدورة الثانية لكن ضد من؟.

وافاد استطلاع للرأي الاحد ان 42% من الناخبين لم يحسموا خيارهم بعد للدورة الاولى اي 18 مليون شخص من اصل اجمالي الناخبين البالغ 44,5 مليونا. فيما يقول 58% انهم "متأكدون تماما" لمن سيصوتون في 22 نيسان/ابريل.

وتبدو النساء اكثر ترددا من الرجال والشباب اكثر ترددا من الاكبر سنا. وما زال اكثر من نصف الناخبين الذين تقل اعمارهم عن 30 عاما مترددين (56%) مقابل 33% لمن تزيد اعمارهم عن خمسين عاما.

في موازاة ذلك تمر المرشحة الاشتراكية سيغولين روايال بمرحلة صعبة فهي تلقى صعوبة في فرض مقترحاتها الاقتصادية وخصوصا في شرح فكرتها الاخيرة عن البطالة و"عقد الفرصة الاولى" بالنسبة للشبان غير المؤهلين الذي تذكر تسميته ب"عقد التوظيف الاول" الذي وضعته حكومة دومينيك دوفيلبان واثار موجة تظاهرات هائلة للشبان قبل عام.

وعنونت "لو جورنال دو ديمانش" ان "روايال في صعوبة وساركوزي يتقدم اكثر".

فأسهم روايال تراجعت في استطلاعات الرأي التي لم تعطها سوى 22 الى 24% من نوايا التصويت مقابل 26 الى 31% لساركوزي. فيما عاد مرشح الوسط فرنسوا بايرو للصعود وقد يجمع حتى 21% من الاصوات.

وفي هذا السياق صعدت كل من روايال وساركوزي اللهجة حيال الاخر. والمواجهات الاخيرة بين مجموعات من الشبان والشرطة عند "غار دو نور" احدى محطات المترو والقطارات الرئيسية في باريس اعطتهما فرصة لذلك لكن يبدو ان ساركوزي هو الذي استفاد منها اكثر في الاستطلاعات.

الى ذلك يرى المحللون ان المرشح اليميني المتطرف جان ماري لوبن (78 عاما) ليس خارج السباق وان جاء وراء المتنافسين الثلاثة خصوصا وانه تمكن في الانتخابات الرئاسية في 2002 من احداث مفاجأة بانتقاله الى الدورة الثانية.

وتشير الاستطلاعات الى ان زعيم الجبهة الوطنية حصل على 12 الى 16% من نوايا التصويت لكنه هو نفسه يعتبر ان هذه التوقعات هي دون الحقيقة ويعتقد ان سيناريو 2002 يمكن ان يتكرر.

يبقى ان اثنين من هؤلاء المرشحين الاربعة ساركوزي وروايال وبايرو ولوبن سينتقلان الى الدورة الثانية التي ستجرى في السادس من ايار/مايو.

اما المرشحون الثمانية الاخرون فلم يتجاوز نصيبهم في افضل الاحوال ال4% من نوايا التصويت في الدورة الاولى، وهم الشيوعية ماري جورج بوفيه وثلاثة تروتسكيين هم ارليت لاغييه واوليفييه بوزانسينو وجيرار شيفاردي ودومينيك فوانيه عن المدافعين عن البيئة وجوزيه بوفيه المعارض للعولمة، ومرشح الصيادين فريدريك نيو والقومي، وفيليب دو فيلييه.

وكما هي العادة في الحملة الانتخابية سيحظى كل من المرشحين الـ12 بفرصة للكلام عبر التلفزيون لمدة مساوية للجميع. كما تراعى قواعد صارمة بالنسبة للاعلانات الدعائية والبرامج الاذاعية والتلفزيونية.

ولخلافة جاك شيراك (74 عاما) الذي يشغل منصب رئيس الجمهورية منذ 1995 ترجح استطلاعات الرأي فوز ساركوزي على روايال في الدورة الثانية لكنه سيهزم في حال واجه فرنسوا بايرو، لذلك فان الترقب يبقى سيد الموقف.

وبعيدا عن حمى الحملة لاقى الرئيس المنتهية ولايته لمناسبة عيد الفصح الترحيب من قبل جمهور حاشد، عندما توجه مع زوجته برناديت، وهما يمضيان عطلة نهاية الاسبوع في فور دو بريغانسون على الكوت دازور (الساحل اللازوردي) بجنوب شرق فرنسا، لحضور القدّاس في بورم ليه ميموزا تحت شمس مشرقة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 12 نيسان/2007 -21/ربيع الاول/1428