دارفور السودان صراع مفتوح: فقر وتشرد وقطاع واعتداء جنسي

 شبكة النبأ: تحولت الحرب المستمرة منذ أربعة أعوام في اقليم دارفور بغرب السودان بين ميليشيات تدعمها حكومة الخرطوم وجماعات متمردة تدّعي النظال من اجل التحرر، الى صراع دام مفتوح بين أطراف عديدة يهدد بتقويض أكبر جهود اغاثة انسانية في العالم تقوم بها منظمات الامم المتحدة.

فالميليشيات ومتمردون وجماعات منشقّة على جماعات التمرد وقطّاع طرق ونحو ما يزيد على 70 قبيلة يتقاتلون على كل شيء من السلطة الى قطعان الماشية.. يدمرون القرى ويشردون مزيدا من الناس ويغتصبون موظفي الاغاثة ويخيفونهم لإبعادهم.

وقالت جيسيكا باري المتحدثة بأسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر لرويترز، "كنّا نعرف من المسؤول عن الضمانات الامنية لنتصل به قبل أن نسافر على الطرق لتوصيل الامدادات. والآن يتطلب الامر قدرا أكبر من التخطيط لانه من الصعب للغاية معرفة من المسؤول في أي منطقة."

ومضت تقول "نظرا لان هناك قدرا كبيرا جدا من التشرذم داخل الجماعات المسلحة فان العثور على شخص يمكن التحدث معه أمر صعب."

وتريد واشنطن وحلفاؤها من الرئيس السوداني عمر حسن البشير الموافقة على نشر قوات حفظ سلام تابعة للامم المتحدة في دارفور، الامر الذي ترفضه الحكومة السودانية لاعتباره تدخلا في الشؤون الداخلية.

ويعارض البشير ذلك قائلا ان نشر قوات أجنبية سيكون بمثابة استعمار بينما يشير بشكل مبهم الى استعداد حكومته لإعادة النظر في بعض القضايا.

ومع استمرار الازمة الدبلوماسية لأعوام عديدة تدهور الوضع في دارفور وظل الاتحاد الافريقي هو قوة الحماية الوحيدة الضعيفة في الاقليم.

ويشرف الاتحاد الافريقي على قوة قوامها سبعة الاف جندي محملة بمهمة ثقيلة في دارفور حيث استمر العنف رغم اتفاق للسلام أبرم بين الحكومة السودانية وأحد فصائل المتمردين عام 2006 بوساطة من الاتحاد الافريقي.

وهاجم مسلحون خمسة من أفراد قوات الاتحاد الافريقي في أعنف هجوم منفرد تتعرض له القوة الافريقية منذ نشرها في عام 2004، وتعرضت طائرة هليكوبتر تقل نائب قائد القوة الافريقية لإطلاق نيران.

وسارع رئيس بعثة الاتحاد الافريقي في دارفور الى الاشارة "بقلق كبير" الى أن أحد الهجومين وقع في منطقة يسيطر عليها فصيل جيش (حركة) تحرير السودان الذي وقع اتفاق السلام مع الخرطوم والاخر في منطقة تسيطر عليها جماعة معارضة لجيش تحرير السودان.

ويريد سام ايبوك المسؤول الافريقي الذي يشرف على جهود تنفيذ اتفاق السلام زيادة الدعم الذي تقدمه الامم المتحدة في مجال الامداد والتموين وأسلحة دفاعية أكثر تطورا وطائرات.

وقال ايبوك لرويترز "هناك تشرذم في صفوف جماعات المتمردين والميليشيات. احدى جماعات التمرد التي رفضت اتفاق السلام انشقت الى ثماني جماعات. ثم هناك قطاع الطرق وجماعات أخرى ليست لديها أهداف واضحة. من المستحيل التمييز بين الجماعات."

ومضى يقول "من السهل جدا على الذين يقتلون جنودنا القول: نعم هذه أراضينا لكن الذين هاجموكم منشقون.. ومن الصعب تحميل أحد المسؤولية."

ويقول موظفو الاغاثة ان السلام مع الحكومة لم يجعل المتمردين السابقين أقل خطورة.

وانسحب الكثير من جماعات المعونة الانسانية من المناطق الريفية. وهم يسافرون على طرق يعرفون أنها لا توفر ضمانات أمنية لان المسلحين يغيرون أولوياتهم باستمرار. كما يمكن لقطاع الطرق أن يقتلوا من أجل الاستيلاء على سيارة أو تليفون يعمل من خلال الاقمار الصناعية أو حتى الملابس. والاعتداء الجنسي على عمال المعونة تهديد دائم.

قال موظف معونة طلب عدم الكشف عن اسمه "بعض الجماعات المسلحة مرتبطة ببرامج سياسية. والبعض الاخر يعمل في خدمة مصالح قبلية أو مصالح محلية بغض النظر عن أي انتماء سياسي."

وأضاف "البعض يشارك أيضا في استراتيجية اعادة توزيع الاراضي ويساهم في زعزعة الاستقرار."

ويقدر خبراء ان نحو 200 ألف شخص قتلوا وان 2.5 مليون شخص نزحوا عن منازلهم منذ اندلاع الصراع في عام 2003 حين حمل متمردون السلاح ضد الخرطوم متهمين الحكومة بإهمال المنطقة. وتقول الحكومة ان تسعة الاف فقط قد قتلوا.

وقال الطيب خميس المتحدث باسم حركة تحرير السودان فصيل التمرد الوحيد الذي وقع اتفاق السلام ان نزع السلاح في دارفور سيكون سهلا ولكن بشرط "أن يلقي (ميليشيا) الجنجويد أسلحتهم أولا."

وتتصاعد الاشتباكات بين القبائل والعشائر في دارفور ويدور بعضها بشكل مستقل عن المتمردين ويرتبط البعض الاخر بهم.

ويقول مسؤولوا الامم المتحدة ان الاقتتال بين القبائل يوقع عددا من القتلى أكبر من الذين يسقطون في الاشتباكات بين القوات الحكومية والمتمردين. ولقي مئات حتفهم في في اشتباكات قبلية منذ مطلع العام.

وفي حادثة وقعت مؤخرا نظم حشد غاضب مظاهرة أمام مكتب حاكم احدى ولايات دارفور لطلب العون بعدما أدت اراقة دماء بين القبائل الى مقتل أكثر من 40 شخصا في قريتهم.

وقدم الحاكم وعودا. لكن من الواضح للجميع أن العنف قلص سلطة الحكومة المحلية الوسيط التقليدي في حل النزاعات القبلية.

ووعد البشير في كلمة أمام البرلمان السوداني هذا الاسبوع باحلال السلام في دارفور قائلا ان قوات الاتحاد الافريقي تلعب دورا أمنيا حيويا. لكنه شدد على أن "ابناء وبنات" السودان وحدهم هم القادرون على توحيد دارفور.

ويقول خبراء على ضوء الفوضى السائدة على الارض ان هذا قد يتطلب أجيالا.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 11 نيسان/2007 -20/ربيع الاول/1428