وسط الشتائم: الفرنسيون يريدون التغيير

 شبكة النبأ: يقول الناخبون الفرنسيون الذين يتوجهون الى صناديق الاقتراع هذا الشهر للادلاء باصواتهم في انتخابات الرئاسة انهم يتطلعون للتغيير لكن الرئيس القادم سيواجه على الارجح نفس العقبات التي اعاقت الكثير من المحاولات السابقة لاصلاح فرنسا التي تتميز بسمات غريبة الشأن.

فالمؤسسات التجارية تشكو من المنافسة الاجنبية وارتفاع الرسوم الاجتماعية والضرائب بينما يعيش العمال في خوف من فقدان وظائفهم.

ويشعر العاطلون بالقلق من فقدان اعانات سخية بينما يضغط ارتفاع الاسعار وانخفاض الاجور على الميزانيات المنزلية. بحسب رويترز.

وقد أدى هذا كله الى وجود حالة من القلق واسعة النطاق وسريان شعور بين الناخبين بان "النموذج الفرنسي" الذي كان محل تفاخر لا يحقق الغرض المطلوب.

وقالت كورين ميشيلي (48 عاما) موظفة في مكتب التوظيف التابع للحكومة والتي كانت ضمن الاف شاركوا مؤخرا في مظاهرة بباريس احتجاجا على تغيير جذري مزمع في وكالتهم "فرنسا تحتاج الى التغيير..الناس ضاقوا ذرعا."

لكن ميشيلي سلطت الضوء على المشكلة التي سيواجهها الرئيس القادم وهي ان دفع الاصلاحات في فرنسا قد يكون امرا صعبا لان الموظفين يريدون حماية امتيازاتهم القديمة.

وعلى مدى العشرين عاما الماضية حاولت عدة حكومات اصلاح قوانين المعاشات والعمل ونظام التعليم وخدمات عامة اخرى لكن جهودها غالبا ما انتهت بكارثة مع نقابات تنظم احتجاجات حاشدة لاصابة فرنسا بحالة من الشلل.

وأظهرت الاحتجاجات التي اسقطت العام الماضي خططا تسهل على اصحاب العمل توظيف وفصل الشباب ان قوة المواطنين لا تزال قوة فعالة.

وقالت سونيا امين (30 عاما) والتي شاركت ايضا في المظاهرة المتعلقة بمكتب التوظيف "نعم تحتاج فرنسا الى التغيير للتعامل مع العولمة ولكن هناك بعض القيم التي ينبغي ان تظل قائمة."

واضافت "نحن مع التغيير ولكن ليس من اجل التغيير في حد ذاته."

وتعهد المرشحون الثلاثة الاوفر حظا وهم نيكولا ساركوزي المحافظ وسيجولين روايال الاشتراكية وفرانسوا بايرو الوسطي بحذف صفحات الماضي اذا فازوا في الانتخابات التي ستجرى خلال شهري ابريل نيسان ومايو آيار.

ومن وجهة النظر الاقتصادية فهناك الكثير من العمل الذي يمكن القيام به في فرنسا التي سجلت اعلى معدل للبطالة في منطقة اليورو في فبراير شباط وأحد اضعف معدلات النمو في أوروبا عام 2006 وتعاني عجزا تجاريا قياسيا.

وفي حين يتعهد المرشحون الابرز بتعزيز العمالة والنمو تعتقد خدمة مودي للمستثمرين إن المشكلات الرئيسية مثل اصلاح المعاشات قد تم تجاهلها خلال الحملة.

وكتبت مودي في بحث نشر الاسبوع الماضي "تبدو الدولة ممزقة بين كلمات الاصلاح والنزوع الكبير نحو الحفاظ على المباديء الاجتماعية."

واضافت "لا تزال المقاومة الفعلية للاصلاح قوية جداوتزايدت بسبب التفكك الايدلوجي العميق والذي يجعل المناداة بالوسطية رهان مأمون في الانتخابات بوجه عام."

وقالت ان معظم الناخبين لا يعرفون شيئا عن المشكلات الحقيقية.

وساركوزي هو اكثر المرشحين على الارجح المؤيدين للسوق ولكنه يصر مع تواصل الحملة على ان الدولة ستساعد الشركات التي تعاني صعوبات مثل شركة ايرباص لصناعة الطائرات وليس نوع الاعمال التي ايدها الكثير من الاقتصاديين.

أما المقترحات الاخرى مثل الاصرار على أن تنظم النقابات اقتراعات سرية خلال الاضرابات التي تمتد لفترة طويلة وارغام نقابات النقل على ضمان الحد الادنى من الخدمات خلال الاضرابات فمن المؤكد إنها ستقود الى مواجهة مع بعض قطاعات مجتمع العمال.

ولا ينتمي سوى ثمانية في المئة من العمال الفرنسيين الى نقابات لكنهم يتمتعون بقبضة قوية على الخدمات العامة وبعض الشركات المهمة مما يجعل من السهل عليهم إصابة الاوضاع في البلاد بالاضطرابات.

وتقربت روايال الى اعضاء النقابات الذين يشكلون شريحة مهمة من القاعدة الانتخابية للاشتراكيين ويقول بعض المحللين ان هذه العلاقة ستسهل عليها دفع الاصلاحات.

غير أن برنامجها الانتخابي لا يشير الى أي حماس نحو الاصلاح ويركز بدلا من ذلك على خطط طموح وجديدة للانفاق.

ولكن فكرة إن فرنسا بلد محافظ متمسك بالماضي أصبحت بالنسبة لبعض الاشخاص مقولة عفا عليها الزمن.

وهم يصفون موجة المظاهرات التي قام بها في الاونة الاخيرة مدرسون وعمال وكالة التوظيف ومكاتب البريد وكذلك الاضرابات في ميناء مارسيليا واير باص باعتبارها احتجاجات معتادة قبل الانتخابات.

ويشير المتفائلون ايضا الى أن فرنسا لا تزال واحدة من اكبر اقتصاديات العالم حيث يشير مؤشر كاك 40 الفرنسي لاسهم الشركات الصناعية لزيادة بنسبة 30 في المئة في التوزيعات العام الماضي في دلالة على ان الشركات الفرنسية تزدهر في عالم متغير.

وقال لورانس باريسوت مدير مجموعة شركات ميديف "عندما تعيش خارج البلاد ترى ان فرنسا قابلة للاصلاح اكثر مما تبدو. هناك مظاهرات واحتجاجات متنوعة ولكن هناك ايضا روح تنظيم المشروعات."

واضاف "فرنسا مستعدة تماما لقدر كبير من التغيير."

الحملة الانتخابية الفرنسية تحتدم والشتائم تنهال

اكتست الحملة الانتخابية الرئاسية الفرنسية بشيء من الحدة هذا الاسبوع حيث أنهى المرشح المحافظ نيكولا ساركوزي وغريمته الاشتراكية سيجولين روايال شهورا من الندية المهذبة.

وحتى اليوم كان المرشحان قد رفضا مهاجمة الاخر بصورة مباشرة. وقالت روايال خلال برامج حواري تلفزيوني مساء الثلاثاء "السيد ساركوزي كذاب.. وهل الكذاب مؤهل ليصبح رئيسا للجمهورية.." متهمة خصمها بلي كلامها في خلاف بشأن القومية. بحسب رويترز.

ورد حلفاء ساركوزي على الفور قائلين ان روايال فقدت قبضتها بعدما خسرت في استطلاعات الرأي على مدى أسابيع.

وقال وزير الشؤون الاقليمية كريستيان استروسي للصحفيين "أعتقد ان السيدة روايال فقدت أعصابها وهدوءها."

وكثيرا ما تنبه روايال على حلفائها أثناء الحشود بألا يطلقوا صيحات استهجان حينما تذكر اسم ساركوزي. وأدى رفضها مبادرة الهجوم الى اصابة مؤيديها باحباط.

وأدى تغير نبرتها الى اسعاد بعض أعضاء حملتها الذين انضموا اليها الاربعاء.

وقال فنسينت بيو المتحدث باسم روايال للصحفيين في مؤتمر صحفي ان ساركوزي "يمارس الكذب مرارا وتكرارا."

وتدهورت العلاقات بين الاشتراكيين وحزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية الذي يقوده ساركوزي بصورة كبيرة في الاسبوع الماضي عقب اشتباكات بين الشرطة وشبان كثير منهم من المهاجرين في محطة رئيسية للقطارات في باريس.

واستخدم ساركوزي العنف من أجل تعزيز مصداقيته بانه متشدد في مجال القانون والنظام ويسعى حزبه لتصوير روايال على انها لينة فيما يتعلق بالجريمة. وهو ما تنكره روايال.

وقال استروزي لدى مغادرته اجتماعا حكوميا "لقد أظهرت انها أقرب الى أفراد العصابات من قربها من الضحية."

وأدت هذه الهجمات المتصاعدة لرسم حدود فاصلة تشير للانقسام بين اليمين واليسار في توقيت مهم في الحملة الانتخابية. وتشير احصائية نشرت يوم الاربعاء الى ان 42 في المئة من الناخبين ما زالوا لم يحسموا أمرهم بشأن التصويت الذي سيجرى في 22 ابريل نيسان.

واذا صدقت التوقعات ولم يفز أحد في الجولة الاولى بالاغلبية المطلقة فسيدخل صاحبا الاكثرية في اصوات الجولة الاولى في انتخابات اعادة في السادس من مايو أيار.

وتصدر ساركوزي كل استطلاعات الرأي تقريبا منذ بداية العام. ولكن محللين يقولون انه ما زال بمقدور روايال الفوز عليه بسهولة. كما ان المرشح الوسطي فرانسوا بايرو واليميني المتشدد جان ماري لوبن لا يفصلهما فارق كبير عن الصدارة.

وقال بايرو ان روايال وساركوزي متعادلان في درجة السوء وانهما يهبطان بمستوى الحملة الانتخابية.

وقال "ان تبادل السباب هذا يعطينا تصورا مسبقا عن شكل الحياة السياسية الفرنسية اذا فاز أحدهما."

وأضاف "يتعين علينا العمل سويا والعيش سويا وتبادل وجهات نظرنا.. بل والوصول لاتفاق من أجل خير البلاد."

كما صعد لوبن الخطاب يوم الاربعاء وقال ان الاعراق المختلفة للناس ليست متساوية. وندد ببايرو بوصفه "متبجحا" ووصف روايال بانها "ليست في مستوى هذا الموقع".

ولكن يتعين على المرشحين القويين توخي الحذر حيث تظهر استطلاعات الرأي ان الهجمات من شأنها خلق فتور في حماسة الناخبين.

وفي انتخابات عام 2002 تراجعت شعبية المرشح الاشتراكي ليونيل جوسبان بعدما ندد بمنافسه الرئيسي جاك شيراك بوصفه مسنا على الحكم. وانتهى المطاف بخروج جوسبان من الجولة الاولى بعدما حل ثالثا فيها. وانتهى المطاف بشيراك رئيسا للبلاد لفترة جديدة.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 10 نيسان/2007 -19/ربيع الاول/1428