مقومات التجربة بعد دخولها عامها الخامس

عدنان آل ردام العبيدي*

لا احد بمقدوره ان يدير ظهره للمتغيرات التي شهدها العراق، وبالرغم من ان البعض اراد ذلك لكنه فيما بعد ادرك ان الذي يحصل في العراق انما هو اكبر حتى من اية عملية تغييرية شهدتها المنطقة ان لم نقل العالم، وبالتالي فان الادبار عما يجري في العراق لا يعني باي حال من الاحوال اكثر من عملية الهروب الى الأمام في احسن تقدير.

ان عملية التغيير هذه ستكون تغييرية فعلاً لمن يراها كذلك ويعمل على ضوء رؤيته لا على ايقاعات ما يملى عليه من الخارج، حيث ان التغيير الذي تشهده بلادنا هو ليس تغيير نظام بنظام سياسي آخر انما الذي يجري هو تغيير في كل المنظومات الاجتماعية والسياسية والتربوية والاقتصادية والاجتماعية والادارية والحقوقية التي كانت تقوم على مرتكزات الغاء الآخر وتهميش الثاني واقصاء الثالث والانفراد والتفرد بكل حيثيات القرار.

مهما ابتعدت بعض الشرائح من العملية التغييرية ومهما طال السقف الزمني لهذا الابتعاد فإن صاحبه بالتالي سيجد نفسه مضطراً للحاق بركب التغيير، لكن ان تكون في ركب التغيير منذ انطلاقته شيء وان تلتحق به بعد ان يقطع اشواطه الاساسية او بعد ان تكون معرقلاً له بكل هذه الفواصل الزمنية شيء آخر.

ففي ظل المشاركة واللاإعتراف هناك استحقاقات عظيمة قد انُجزت وتحققت وهناك مفاهيم تجذرت وترسخت بالرغم من قوة الفعل المعرقل، وفي هذا الاطار بات العراق اليوم وفي ظل نظامه السياسي الجديد حقيقة تغييرية سياسية دستورية شرعية فرضت اجندتها في المحافل الاقليمية والدولية، ففي هذا العهد استطاع العراق ان يعود بكل ثقله الى منظمته الدولية وبات رقماً واضحاً كما كان قبل ثلاثة عقود وربما اكثر، وفي ظل التجربة هذه خاض العراق غمار القمة العربية الرابعة وكان اللاعب الاهم فيها بشهادة الاعلانات والبيانات والمناقشات والحوارات التي اجراها القادة العرب في قممهم انطلاقاً من تونس وانتهاء بالرياض.

وفي ظل هذا المتغير اطفأ العراق ديونه في نادي باريس بنسبة 80 % ولدى دول ومنظومات اخرى بنسبة 100% وبذلك يكون العراق قد ازاح عن كاهله مئات المليارات من الدولارات التي كان ينوء بها لما يسمى بالدول الدائنة او الاخرى (المتضررة) جراء سياسات النظام الذي نحتفي بالذكرى السنوية الرابعة لرحيله.

ربما القائمة في هذا الاطار قد تطول لجهة تعداد الاستحقاقات والانجازات التي حققتها الدولة العراقية الجديدة لكن الاهم من ذلك كله هو ان هذه الدولة والتي كانت حتى الامس القريب الحاضنة الاولى للارهاب باتت تشكل اليوم رأس الحربة العربية والاقليمية والدولية في المواجهة الدامية والشرسة مع هذا التسونامي المدمر للحياة البشرية في كل بقاع الارض ويبدو ان قدر العراق ان يكون الدولة الرائدة والقائدة بنفس الوقت لخوض غمار المواجهة ضد هذا الغزو الهمجي الهادم لثقافتنا وحضارتنا وفكرنا وانسانيتنا وعقائدنا وكياناتنا.

وبالرغم من اننا قبلنا ان نكون خط المواجهة الاول ضد هذا الطوفان الهستيري لكن ما يبعث على الاسى ان بعض الانظمة ما زالت تعتقد ان تعطيل تجربتنا بتغذيتها لهذا الطوفان قد يقيها شروره وهمجيته وحقده وغاياته واهدافه، ومن هنا نؤكد ان الفرصة ما زالت قائمة لتصحيح مثل تلك الرؤى من خلال تصحيح المفاهيم الخاطئة كي تكون داعمة لتجربتنا التي هي بالتأكيد ستكون لصالح المنطقة برمتها انظمة وشعوباً.

*رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين

شبكة النبأ المعلوماتية-الثنين 9 نيسان/2007 -18/ربيع الاول/1428