مصطلحات نفسية: الخوف

 الخوف

Fear

شبكة النبأ: انفعال يثيره احتياز الشعور بخطر.

الخوف ارتكاس وجداني سويّ للعضوية المعرّضة لتهديد واقعي. ويتميزّ الخوف من الحَصَر، خوف لا عقلاني، دون موضوع، ومن القلق الذي لا يتضمّن مظهراً من النسق النباتي.

متعلقات

 

الرهاب الاجتماعي (الخوف المرضي) مشكلة هذا العصر(1)   

أنواع الخوف:

الخوف أنواع ودرجات، وهي حالة تعترض مسيرة المرء في هذه الحياة، وهذه الحالة على أشكال كثيرة منها أمور محسوسة كالخوف من الحيوانات المفترسة مثلا، وهناك مخاوف من أشياء غير محسوسة كالخوف من المجهول أو الخوف من الفشل أو النجاح، أ والخوف من الموت أو من أمر غير محدد ونحو ذلك.

إذن هناك خوف طبيعي كالخوف من الحيوانات المفترسة والزواحف القاتلة، والخوف من عدو، والخوف من الظلام، فمثل هذا الخوف يعتبر شعور طبيعي لدى الناس، بل لدى جميع الكائنات الحية، وكل إنسان يستجيب لهذا الشعور بطريقة مختلفة، إذن هذه تعتبر مخاوف طبيعية حين يعبر عنها بصورة واقعية، أما موضوع المقال فهو الخوف المرضي، وهو خوف لا يتناسب والمثير، كالخوف من الأماكن المرتفعة أو ركوب الطائرة أو المصاعد والسلالم الكهربائية، والخوف من المواقف الاجتماعية المختلفة ؛ في الاجتماعات والاحتفالات والأفراح وفي المدرسة والعمل والأسواق، أو الخوف من مقابلة أفراد مهمين، أو الخوف من التحدث أم الحشود، أو إمامة الناس في الصلاة ونحو ذلك.

عبارة عن خوف غير طبيعي (مرضي) دائم وملازم للمرء من شيء غير مخيف في أصله، وهذا الخوف لا يستند إلى أي أساس واقعي

تعريف الرهاب الاجتماعي:

و الرهاب (phobia) عبارة عن خوف غير طبيعي (مرضي) دائم وملازم للمرء من شيء غير مخيف في أصله، وهذا الخوف لا يستند إلى أي أساس واقعي، ولا يمكن السيطرة عليه من قبل الفرد، رغم إدراكه أنه غير منطقي، ومع ذلك فهو يعتريه ويتحكم في سلوكه، هو شعور شديد بالخوف من موقف لا يثير الخوف نفسه لدى أكثر الناس، وهذا ما يجعل الفرد يشعر بالوحدة، والخجل من نفسه، ويتهم ذاته بالجبن وضعف الثقة بالنفس والشخصية، فهو إذن عبارة عن اضطرابات وظيفية أو علة نفسية المنشأ لا يوجد معها اضطراب جوهري في إدراك الفرد للواقع.

مسميات الرهاب الاجتماعي:

يطلق عليه في العربية عدة مسميات منها: الفزع، الرهاب، الخوف المرضي، الخُواف، المخاوف المرضية، الخوف الاجتماعي المرضي، القلق الاجتماعي المرضي.

انتشار الرهاب الاجتماعي:

وهو عََرَض نفسي منتشر بين مختلف فئات المجتمع، ويشير حسان المالح وآخرون إلى كونه اضطراب نفسي واسع الانتشار، تصل نسبة انتشاره بين 7%-14% في المجتمعات الغربية وغيرها، وهو اضطراب مزمن ومعطل، ولكنه قابل للعلاج، ويظهر عند الإناث والذكور بنسبة 2 إلى 1، كما يظهر عادة في سن الطفولة أو المراهقة، وهو يترافق مع اضطرابات القلق الأخرى ومع الاكتئاب، كما يمكن أن يقود لاستعمال الكحول والمواد المخدرة لدى بعض الأشخاص الذين يحاولون – فيما زعموا - معالجة أعراض خوفهم بها.

وهو عََرَض نفسي منتشر بين مختلف فئات المجتمع، ويشير حسان المالح وآخرون إلى كونه اضطراب نفسي واسع الانتشار، تصل نسبة انتشاره بين 7%-14% في المجتمعات الغربية وغيرها

ويشير فيصل الزراد أن هذا العرض يمثل 20% من مرضى العصاب، في حين أشارت جريدة Expressen اليومية السويدية أن نسبته انتشاره بين الشعب السويدي يتراوح بين 13 - 15 %، أما في الوطن العربي فليس هناك دراسات مسحية شاملة تبين نسبته، ولكن يذكر عبد الله السبيعي أن الرهاب الاجتماعي من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً في مجتمعنا بالذات، ويعتقد أنه أكثر انتشاراً فيه من أي مجتمع آخر، مع عدم وجود دراسات إحصائية دقيقة لذلك، ويضيف قائلا: و يبدو الرهاب الاجتماعي في الرجال - وبالذات المتعلمين منهم والشباب - بشكل أوضح منه في النساء، ويؤكد ذلك حسان المالح وآخرون: بأن بعض الدراسات في العالم العربي، إضافة للملاحظات العيادية، تشير إلى أن هذا الاضطراب واسع الانتشار في مجتمعاتنا العربية..، وتصل نسبة المصابين به، من مرضى العيادات النفسية إلى حوالي 13 % من عموم المرضى، المراجعين لتلك العيادات، ويؤكد ذلك عبد الإله الضعيفي بقوله: " من أبرز المشكلات الصحية النفسية والاجتماعية في مجتمعنا (السعودي) ومن خلال تجربتنا هو الرهاب الاجتماعي والاكتئاب عند النساء والإدمان عند الشباب بأنواعه، وعصاب الوسواس عند الشباب والشابات، ويتفق معي الكثير من المتخصصين في هذا المجال لان المجتمع السعودي له خصوصيات تجعله يهاب طرح مشاكله بشكل علني ومباشر".

أنواع الرهاب الاجتماعي:

الرهاب ليس نوعا واحدا بل هو متعدد الأنواع، فهناك رهاب المرتفعات، ورهاب الأماكن الواسعة، ورهاب الاختبار، ورهاب الأماكن الضيقة، ورهاب الشرطة، ورهاب الناس والمجتمع، ورهاب المرأة من قبل الرجل، ورهاب الرجل من قبل المرأة، ورهاب الماء، ورهاب المصاعد، ورهاب الطيران، ورهاب المدرسة أو الكلية، ورهاب النيران، ورهاب رؤية الدماء، ورهاب رؤية الغرباء، ورهاب الموت، ورهاب الظلام، ورهاب الازدحام، ورهاب الحيوانات الأليفة، ورهاب الحشرات والزواحف العادية، ورهاب العواصف والرعد، ورهاب تحمل المسؤولية، ورهاب العدوى والجراثيم، ورهاب السفر، ورهاب الروائح، ورهاب الأفاعي، ورهاب الأصوات، ورهاب الطعام، ورهاب الأعماق، ورهاب الأشياء الحادة، ورهاب الأشباح، ورهاب التسلق، ورهاب القطط، ورهاب الطيور، ورهاب الهواء والغازات، ورهاب الوحدة، ورهاب اللون الأحمر حيث هو رمز للجروح وغيرها، ورهاب اللذة، ورهاب السمك، ورهاب النحل، ورهاب الأوساخ، ورهاب العبور من فوق الماء، ورهاب الجري، وغير ذلك.

مظاهر وصور الرهاب الاجتماعي:

ومن مظاهره الخوف المستمر الذي قد يرافقه أعراض أخرى، كالصداع وألم الظهر واضطرابات المعدة والإحساس بالعجز، والشعور بالقلق والتوتر، وخفقان القلب، والشعور بالنقص، وتصبب العرق، واحمرار الوجه، والشعور بعدم القدرة على الاستمرار واقفا، وتوقع الشر، وشدة الحذر والحرص، أو التهاون والاستهتار، والاندفاع وسوء التصرف، والإجهاد، والإغماء، وزغللة النظر، والدوار، والارتجاف، والتقيؤ، والاضطراب في الكلام، والبوال أحيانا، والعزلة، والانغماس في الاهتمامات الفردية لا الجماعية، كما أن من ظاهره التصنع بالشجاعة والوساوس والأفعال القسرية، وأحيانا الامتناع عن بعض مظاهر السلوك العادي، وخوف الفرد من الوقوع في الخطأ أمام الآخرين، كما يزداد خوفه كلما ازداد عدد الحاضرين - وليست كثرة الناس شرطا لحدوث الرهاب الاجتماعي إذ انه يحدث الرهاب للفرد عند مواجهة شخص واحد فقط – وتزداد شدة الرهاب، كلما ازدادت أهمية ذلك الشخص، كحواره مع رئيسه في العمل مثلا..، وليس بالضرورة أن تكون كل هذه المظاهر، تصاحب كل حالة رهاب، ولكن تتفاوت بحسب الحالة ودرجة الرهاب، وعمر الحالة، وطبيعة البيئة التي يعيش فيها الفرد.

وقد يوجد بعض المصابين بهذا العرض، يتشبث بصحبة شخص معين بالذات، كأمه أو أبيه أو صديقه، والمريض الغني الخائف من الموت يتشبث بوجود طبيب دائما إلى جواره، ومعه العلاج المناسب لكي يقي نفسه خطر الموت كما يتصور.

كما قد يكون الرهاب معطلاً للنشاط، فيمتنع المصاب به عن الذهاب إلى العمل أو المدرسة لعدد من الأيام، كما أن كثيرا ممن يعانون من الرهاب الاجتماعي، يقضون وقتاً صعباً في ابتداء الصداقات أو المحافظة عليها.

ويمكن القول - بصورة عامة - أن هذا الاضطراب المزمن، يعطل الفرد وطاقاته، في مجال السلوك الاجتماعي، فهو يجعله منسحباً منعزلاً خائفاً، لا يشارك الآخرين، ولا يستطيع التعبير عن نفسه، كما يصبح أداءه المهني أو الدراسي أقل من طاقاته وقدراته، إضافة إلى ذلك، فإن المعاناة الشخصية كبيرة، والمصاب به ويتألم من خوفه وقلقه ونقصه، وقد يصاب بالاكتئاب وأنواع من القلق والسلوك الإدماني.. ونحو ذلك.

عرض لنماذج من معاناة البعض من الرهاب الاجتماعي:

نعرض فيما يلي بعضا من أسئلة أو تقارير الأخوة والأخوات ممن يعانون بصورة أو بأخرى من عرض الرهاب

• أخاف من الظلام والأماكن المغلقة.

• لقد رفضت الترقية عدة مرات في عملي وذلك لأنني سأضطر أن أقود الناس وأوجههم وذلك مالا أستطيعه.

• لا أستطيع أن أمشي خارج البيت في الليل.

• لدي طفل في العاشرة من عمره اكتسب نوعا من الخوف الرهيب من المدرسة، لأن المشرفات على التنظيف يُخِفْن الأطفال بوجود الجن في المراحيض، كي تبقى تلك المراحيض نظيفة، ونتج عن ذلك خوف لديه حتى من التنقل بين غرف المنزل.

• أحس حينما أكون محط أنظار الآخرين وكأنني أقف على إسفنج.

• إن وقوفي في طابور المحاسب في الأسواق العامة، سبب لي كثيرا من المتاعب، وكلما اقتربت من نهاية الطابور، كلما ازدَدْتُ رعشة وتعرقا، وفي النهاية قررت عدم الذهاب للأسواق.

• أحس حينما أتحدث أمام الآخرين، أنني سأخلط الكلام ببعضه.

• ما هي أسباب الخوف من ركوب الطائرة وكيف يمكن التغلب عليه ؟

• أتمنى أن تبتلعني الأرض، و لا أضطر للحديث أمام الجمع من الناس، ولو كان عددهم لا يتجاوز عشرة أفراد.

• لا أستطيع التجوال في الأسواق، حيث كثرة الناس.

• أنا شاب أبلغ من العمر 29 عامًا، عندي حالة رعشة في أصابع اليدين، وهذه الحالة تزداد في حالة الغضب والتوتر، فتمتد إلى أجزاء أخرى من الجسم.

• لا أستطيع أن أمر بالأزقة الضيقة

• أنا رجل أخاف من التجمعات الاجتماعية كحفلات الزواج وغيرها، وأخاف حتى من أداء بعض الأمور اليومية، كمراجعة الدوائر الحكومية.

• لا أستطيع أن أصلي في الصفوف الأولى، حيث أصلي بجانب الباب أو نافذة مفتوحة.

• أحس أن وجهي تتغير معالمه حينما ينظر إلي الآخرون.

• لاحظت أنني لا أستطيع في الآونة الأخيرة، إمامة الناس حينما تفوتني الصلاة مع الجماعة الأولى.

• يوجد لدي خوف شديد، وتسارع في ضربات القلب، فما هو العلاج ؟

• أنا طالبة في الصف العاشر، أعاني من مشكلة هي رعشة الجسم دائماً، فمثلاً عندما أقرأ في الصف فقرة صغيرة، أو عندما أقف في الطابور أمام المعلمات، أو حتى عندما أدعو زميلاتي إلى المنزل تنتابني تلك الرعشة.

• لا أستطيع أن أذهب كضيف عند الأصدقاء، لأنني أخشى غلق الأبواب.

• أنا طالب جامعي، وعمري 21 سنة، عندي مشكلة، وهي أنني دائما (مرتبك وخائف)، وأن حركاتي سريعة، وكأنني (خبل).

• أعاني من مشكلة لا اعرف ما هي بالضبط، وهي عندما أريد إن أتكلم بين مجموعة من الناس، اشعر بخوف شديد وأيضا رعشة.

• لا أدري لماذا دائما، أحس بالضعف في مواجهة الآخرين.

• الرهاب الاجتماعي مرض يكتسب، كيف يمكنني أن أربي ابني بشكل صحيح، فلا يعاني من أية مخاوف حين يكبر؟

• لا أستطيع ركوب الطائرة.

• لا ادري لماذا لا يمكنني الحديث، وينتابني الخوف من الخطأ، وأحس أنني سأتلعثم في الكلام، حينما يسألني الأستاذ في الفصل، رغم أنني اعرف الإجابة، بل احفظها عن ظهر قلب.

• إن شبح مواجهة الناس، هو الكابوس المفزع الذي يقلقني.

• أنا فتاة في أوائل العشرينيات، أشعر بخجل كبير، حين أشعر أن من حولي يركزون معي فيما أفعل.

• كيف أتغلب عن الرهاب، فدائما أشعر بارتباك شديد، عندما أقدم على التحدث، أو التواجد بين العديد من الأشخاص ؟

• أنا شاب أعمل في مجال يقتضي مني التكلم بطلاقة، لكني عندما أقوم بعمل تقديم أو عرض، أشعر بدقات قلبي ترتفع، ونبضي يزداد، وأحيانا أعرق، وأكون في غاية الحرج.

• أعاني من حالة رعب شديد وخوف، عند القيادة في الطرق السريعة، تجعلني لا أتجاوز سرعة 60 كيلو، والخوف كذلك حين تخطي أية سيارة، خاصة الأتوبيس والنقل، على تلك الطرق السريعة.

• أعاني من نوبات خوف وهلع شديد، مع ضيق في التنفس و شعور بالموت.

هذه بعض من المعاناة التي يعانيها من ابتلي بهذا العَرَض، وقد أطلت بعرض مثل هذه الشكاوى لغرض علاجي نفسي، وهو ألا يشعر باليأس أو القنوط من يعاني من أعراض الرهاب، وأن هناك من يعايش ما يحسه من آلام، وأن كثيرين قد تم شفاؤهم بإذن الله تعالى.

أسباب الرهاب الاجتماعي:

ليس هناك سبب محدد بعينه، ولكن وجود استعداد في الشخصية، مع أساليب تنشئة وتربية خاطئة، قد تقود لمثل هذا العَرَض، وقد يكون الشعور بالإثم – كما يشير بعض الباحثين – ينعكس على شكل خوف أو فزع في الأفعال أو الأعمال من بعض الأمراض، أو خوف العواصف والرعود والحروب والزلازل، وقد يكون بسبب فعل منعكس عزز منذ الطفولة فعمم الفرد تلك الخبرة على مواقف مشابهة أو غير مشابهة لذلك الموقف السابق.

وهذا الاضطراب يظهر مبكراً، في سن الطفولة، أو بداية المراهقة، حيث وجدت دراسات مختلفة، أن هناك مرحلتين يكثر فيهما ظهور هذا الاضطراب: مرحلة ما قبل المدرسة على شكل خوف من الغرباء، و المرحلة الأخرى مابين سن 12-17 سنة على شكل مخاوف من النقد و التقويم الاجتماعي والسخرية، وهو مما يتصف به المراهق عادة.

و بالرغم من أن الإصابة بالرهاب الاجتماعي، تحدث في هذه المراحل المبكرة، إلا أنه يعتبر أيضاً من الاضطرابات النفسية المزمنة، والتي قد تستمر عشرات السنين إذا لم تعالج، خاصة أن بعض المصابين بالرهاب الاجتماعي- حتى مع علمهم بهذه الحالة - قد يتأخرون في طلب المساعدة والعلاج سنين عديدة، إما بسبب خجلهم من الحالة نفسها، أو خوفاً من مواجهتها و الاعتراف بوجودها.

ولعل سبب كثرة انتشاره، في مجتمعنا العربي عامة والخليجي خاصة، يرجع إلى أساليب التنشئة الأسرية والتعليمية الخاطئة في مراحل الطفولة، حيث يعمد الأب إلى طرد ابنه من المجلس (صالة الضيوف)، بحجة أنه مازال صغيرا، ولا ينبغي له الجلوس مع الكبار !! فهذا عيب، كما ينهره حين التحدث أمام الكبار، فهذا من قلة الأدب، كما أن الرجل لا يصطحب معه طفله، في المناسبات الأسرية والاجتماعية، لأن هذا عيب، إذ كيف يحضر أطفاله (بزرانه)، مع الضيوف والكبار ؟!! إنه عيب اجتماعي كبير !!، ومنها زجر الطفل بكلام قاس وشديد وبصوت مرتفع حينما يخطئ ولو بشي تافه، ومنها نهر الابن حينما يخطئ في صب القهوة والشاي للضيوف... الخ، وما يقال عن الأب، يقال عن الأم مع بناتها وأطفالها، إلا أن هذه الأساليب الخاطئة، بدأت تختفي تدريجيا ولله الحمد، لكنها لا تزال بصورة أو بأخرى موجودة في الأرياف.

كذلك من أسبابها ما يحصل في المواقف التربوية المدرسية، حين يعمد المعلم أو المعلمة، إلى تعنيف الطالب أو الطالبة، حين يتطوع للإجابة ويخطئ أو تخطئ الإجابة، بل وجعل زملائه وزميلاتها أحيانا يسخرون منه أو منها ببعض الحركات التهكمية، وبالتالي يحجم أو تحجم عن المشاركة في المناقشة فيما بعد، حيث نعاني من قلة المشاركة، من قبل طلبة وطالبات الكلية، ولعل هذا من الأسباب !!.

ومنها أسلوب المعاملة، والذي يغلب عليه التحقير والإهانة، حين يقدم الابن أو البنت، في المبادأة في عمل أو إنجاز، أو طرح فكرة مشروع أو رأي، ونحو ذلك فيقابل بهذا الأسلوب من قبل الكبار، سواءً كانوا آباء أو أمهات أو معلمين ومعلمات !!.

ومنها أساليب التحذير المبالغ فيها، للبنين والبنات، من أمور شتى، ومنها استخدام الأساطير ( السباحين والحدوتات )، المشتملة على مواقف مرعبة ومخيفة، ومنها استخدام الرموز الافتراضية، لأجل كف أو منع أو تهديد الأطفال من بعض المواقف، مستخدمين في ذلك مثل هذه الرموز ( كالسعلو، المقرصة الحامية، عوافي الله، البلو، الحرامي، العفريت، الجني... الخ ).

ومنها ظروف البيئة المنزلية، وما يكتنفها من مشاجرات، وخصام وسباب وشتيمة، بين أفراد الأسرة، ويزداد الأمر سوءا، حين يكون بين الأبوين وأمام الأطفال، فيخرج الطفل من هذه البيئة، وهو يشعر بتصور عن العالم من حوله، أنه ملئ بالمشكلات والتهديد، فينعكس على شخصيته المتوجسة للخوف، والتي تعيش هاجسه، في بيئة فقدت الأمن، وبالتالي كَثُر الهم والحزن، ولذا نجد أن الله جل وعلا، نفى عن عباده الصالحين، كلا النوعين في يوم القيامة، في أكثر من خمسة عشر موضعا، قال تعالى: { فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }البقرة 38.

وترجع مدرسة التحليل النفسي الرهاب، باعتباره تعبير عن حيلة دفاعية لا شعورية، حيث يحاول المريض عن طريق هذا العَرَض، عزل القلق الناشئ من فكرة أو موضوع أو موقف مرَّ به في حياته، وتحويله إلى موضوع رمزي، ليس له علاقة بالسبب الأصلي، والذي غالبا يجهله المريض، فالرهاب إذن عبارة عن عملية دفاع، لحماية المريض من رغبة لا شعورية عدوانية أو مستهجنة في الغالب.

الأساليب العلاجية والوقائية:

تتنوع أساليب العلاج وتعدد، وهذا يتوقف على نوع الرهاب وطبيعته ودرجته، فهناك العلاج السلوكي، ويقوم هذا النوع على إطفاء الشعور بالخوف عن طريق الممارسة السلبية أو الإغراق أو الكف المشترك، ويمكن المعالجة بالتعريض التدريجي للموقف المثير بحيث تتكون لديه ثقة في الشيء الذي يخاف منه، وذلك بأن يُجعل المريض في حالة تقبل واسترخاء ثم يقدم الشيء المثير تدريجيا مع الإيحاء والتعزيز، ومع المثابرة والتكرار يتعلم المريض الاطمئنان للشيء الذي كان يخافه، وهناك طريقة التخدير ثم التدرج في غرس عادة جديدة، ومن الأساليب أسلوب الإغراق أو الطوفان، حيث يقوم هذا الأسلوب، على مواجهة المريض، بأكثر المواضيع إثارة، حتى ينكسر الوهم، بالمواجهة لا بالتدريج، لكن لهذا الأسلوب – بحسب نوع وطبيعة الحالة – بعض الآثار السلبية.

ومن الأساليب التوجيه الإيحائي، بصورة فعالة وإيجابية، مما يؤدي إلى نتائج أفضل من العلاج السلبي العادي، ومن الأساليب العلاج الدوائي، ودور العقاقير هنا، هو إزالة أو تخفيف الفزع قبل حدوثه، ويستخدم مع بعض الحالات، قبل تطبيق العلاج السلوكي، وإلا فلا يوجد عقار، يقطع حالة الخوف، كما هو تأثير العلاج في الأمور العضوية.

وهناك وسائل وقائية، مثل منع مثيرات الخوف، والحيلولة دون تكوين خوف شرطي أو استجابة شرطية، ومن ذلك عدم إظهار القلق على الأولاد، حين تعرضهم لموقف مثير للخوف، مع العمل بكل هدوء – ما أمكن ذلك – لشرح طبيعة ذلك الموقف، ومن ذلك أيضا التقليل من المبالغة في النقد والتحقير والاستهزاء، وكذلك عدم إظهار خوف الكبار أمام أطفالهم لئلا ينتقل لهم هذا الخوف عن طريق التقمص والتقليد، ومنها تعويد الطفل على النظر للجوانب الإيجابية وعدم التركيز على الأخطاء فقط، ومنها تدريب الطفل منذ الصغر على مواجهة المشكلات ومحاولة حلها ومساعدته في ذلك بالتوجيه والتسديد.

تلك أبرز الجوانب المتعلقة في هذا العرض النفسي واسع الانتشار، والتي آمل أن أكون قدمت للقارئ والقارئة ما يجيب على كثير من تساؤلاتهم واستفساراتهم حول هذا المرض، مما يساعدهم على تخطي هذا الأمر، والعمل الوقائي لئلا يتكرر مع أطفالهم، سائلا الله أن يديم على الجميع الصحة والعافية والتسديد في القول والعمل وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

حلول للاستشارات النفسية والسلوكية

ما هو الفرق بين الخوف و القلق المرضى؟

الإحساس بالقلق والخوف هو رد فعل طبيعي وذو فائدة في المواقف التي تواجه الإنسان بتحديات جديدة. فحين يواجه الإنسان بمواقف معينة مثل المقابلة الأولى للخطوبة أو الزواج، أو المقابلة الشخصية الهامة للحصول على عمل، أو يوم الامتحان، فانه من الطبيعي أن يحس الإنسان بمشاعر عدم الارتياح والتوجس، وأن تعرق راحتا يداه، ويحس بآلام في فم المعدة. وتخدم ردود الفعل هذه هدفًا هامًا حيث أنها تنبهنا للاستعداد لمعالجة الموقف المتوقع.

ولكن أعراض القلق المرضي تختلف اختلافًا كبيرًا عن أحاسيس القلق الطبيعية المرتبطة بموقف معين. فأمراض القلق هي أمراض يختص الطب بعلاجها ولهذا الاعتبار فإنها ليست طبيعية أو مفيدة.

وتشمل أعراض مرض القلق الأحاسيس النفسية المسيطرة التي لا يمكن التخلص منها مثل نوبات الرعب والخوف والتوجس والأفكار الوسواسية التي لا يمكن التحكم فيها والذكريات المؤلمة التي تفرض نفسها على الإنسان والكوابيس، كذلك تشمل الأعراض الطبية الجسمانية مثل زيادة ضربات القلب و الإحساس بالتنميل والشد العضلي.

و بعض الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلق التي لم يتم تشخيصها يذهبون إلى أقسام الطوارئ بالمستشفيات وهم يعتقدون أنهم يعانون من أزمة قلبية أو من مرض طبي خطير.

وهناك العديد من الأشياء التي تميز بين أمراض القلق وبين الأحاسيس العادية للقلق،حيث تحدث أعراض أمراض القلق عادة بدون سبب ظاهر، وتستمر هذه الأعراض لفترة طويلة. ولا يخدم القلق أو الذعر المستمر الذي يحس به الأفراد المصابين بهذا المرض أي هدف مفيد، وذلك لأن هذه المشاعر في هذه الحالة عادة لا تتعلق بمواقف الحياة الحقيقية أو المتوقعة. وبدلاً من أن تعمل هذه المشاعر على دفع الشخص إلى التحرك والعمل المفيد،فانه يكون لها تأثيرات مدمرة حيث تدمر العلاقات الاجتماعية مع الأصدقاء وأفراد العائلة والزملاء في العمل فتقلل من إنتاجية العامل في عمله وتجعل تجربة الحياة اليومية مرعبة بالنسبة للمريض منذ البداية. وإذا تُرك المرض بغير علاج، فيمكن حينئذ أن يحد عرض القلق المرضي من حركة الإنسان بشكل كامل أو أن يدفعه إلى اتخاذ تدابير متطرفة مثل أن يرفض المريض أن يترك بيته أو تجنبه المواقف التي قد تؤدي إلى زيادة قلقه.

الخوف عند الأطفال(2)

كيف تساعدين أطفالك في التغلب على مخاوفهم.

أحياناً يبدو العالم بالنسبة للأطفال الصغار مكاناً مرعباً، والأشياء التي تبدو لنا ككبار طبيعية وآمنة تماماً، قد تبدو لهم مؤذية ومخيفة. يجب أن يعلم الأبوان أن الخوف شعور إنساني طبيعي وأن كل الأطفال يشعرون بالخوف في أوقات معينة في حياتهم وأن هذا الخوف هو جزء طبيعي في تطورهم. بمساعدة ورعاية الأبوين، يمكن للطفل أن يفهم مخاوفه ويعرف كيف يتغلب عليها.

الأسباب الرئيسة فى مخاوف الأطفال

يقسم د. تامر الجويلى – مدرس الطب النفسى بجامعة القاهرة – مخاوف الأطفال كالآتى:

,* الخوف من الغرباء يبدأ الطفل فى اكتشاف أن هناك أشخاص قريبين منه وآخرين ليسوا كذلك، وهذه هي بداية ما يسمى بالخوف من الغرباء

* الخوف من الانفصال وفوبيا المدرسة

الخوف من الغرباء يتحول بعد ذلك إلى خوف من الانفصال، وهو خوف الطفل من الانفصال عن أمه أو عن الشخص الذى يرعاه وكذلك الخوف من بيئة جديدة لم يعتاد عليها. الخوف من الانفصال يكون طبيعياً حتى سن السادسة ولكن يمكن أن يتحول بعد ذلك إلى "فوبيا المدرسة" وهو مرض وليس مجرد خوف. يجب أن تختفى "فوبيا المدرسة" فى أول 3 سنوات من عمر الطفل، وإذا لم يحدث ذلك، قد يحتاج الأمر لعلاج نفسى متخصص.

* المخاوف المكتسبة

الخوف من الأشباح، الظلام، لعب معينة، الأصوات العالية،..الخ، كلها أمثلة للمخاوف المكتسبة حيث أنها تكتسب عن طريق التعلم.

على سبيل المثال، إذا شاهد الطفل فيلماً مرعباً عن الأشباح، العنف، أو الظلام سيخاف منها وسترتبط هذه الأشياء لديه بالخوف. يوضح د. تامر أنه فى السن الصغير يتعلم مخ الطفل من خلال الربط بين الأشياء. على سبيل المثال، إذا تعلم الطفل أن يشعر بالأمان من خلال "البصر"، فيجب أن تكون لديه رؤية واضحة طوال الوقت، وبما أن الظلام يهدد بصر الطفل فبالتالى يهدد شعوره بالأمان لأنه اعتاد على رؤية الأشخاص الذين يعرفهم ويشعر بالأمان معهم.

يقول د. تامر: "قد تتعلق المخاوف المكتسبة أيضاً بالبيئة." على سبيل المثال، الأطفال الذين يعيشون فى الريف قد لا يخافون من حيوانات الحقل حيث أنها حولهم فى كل مكان، ولكن قد يخافون من الأشباح، أو من بعض القصص الأسطورية التى تحكى فى بعض الأرياف مثل الريف المصرى. على الجانب الآخر، قد يخاف طفل المدينة من حيوانات الحقل لأنها ليست مألوفة بالنسبة له.

*الوالدان

قد يكون الوالدان دون قصد هما السبب فى مخاوف طفلهما. فهما قد يعرضان طفلهما لسماع قصص مخيفة سواء منهم أو من مربيته أو من أى شخص يقوم برعايته، أو قد يهمل الأبوان الإشراف على ما يشاهده الطفل فى التليفزيون أو عن طريق الإنترنت أو ما يسمعه فى الراديو، أو قد يقوم الأبوان بمناقشة موضوعات أمام الطفل لا يستطيع استيعابها، أو قد يكون أحد الأبوين يعانى من مخاوف خاصة به (مثل الخوف من الظلام، الأشباح، …الخ.) حيث يمكن أن تنتقل هذه المخاوف إلى الطفل.

* البيئة المحيطة بالطفل

قد يكون الطفل خائفاً من البقاء فى البيت بمفرده أو تحت رعاية أخيه الأكبر دون إشراف أبويه أو شخص كبير خاصةً إذا كان هذا الأخ الأكبر يتربص به أو يخيفه كنتيجة لغيرته منه.

*التجارب المؤلمة

إن تعرض الطفل لتجربة أليمة مثل مرض أحد أفراد الأسرة القريبين له، أو حدوث وفاة فى الأسرة قد يسبب له الخوف بل قد يكون سبباً فى إصابته باكتئاب فى حياته فيما بعد.

* الخلافات الزوجية

الخلافات الزوجية من أهم الأسباب وراء عدم شعور الطفل بالأمان وقد يتوجه خوف الطفل إلى شئ آخر مثل لعبة معينة أو الظلام، …الخ. هذا خوف ارتباطي، حيث لا تكون اللعبة هى السبب الرئيسي فى الخوف.

*نقص المعرفة

نقص معرفة الأطفال وعدم فهمهم للأمور بشكل جيد من الأسباب الشائعة الأخرى وراء مخاوف الأطفال. على سبيل المثال، قد لا يستوعب الطفل مفهوم النكتة، فقد يداعبه شخص كبير ويقول له أنه معجب بأصابعه الصغيرة وأنه سيأخذها معه، فى هذه الحالة قد يفهم الطفل هذا الكلام على أنه حقيقة ويصبح خائفاً من ذلك الشخص ومن الموقف ذاته.

*استقلالية الطفل واعتماده على نفسه

عندما يبدأ الطفل فى الاعتماد على نفسه، مثل مشيه وحده لأول مرة، قد يتملكه الشعور بالخوف. سريعاً ما يبدأ الطفل فى ملاحظة أنه مثلما يستطيع المشي والابتعاد عن أمه أو عن الشخص الذي يقوم برعايته يمكن لأمه أيضاً أو لذلك الشخص أن يبتعد عنه، ومن الصعب على الطفل أن يشعر بالأمان خلال هذه التغيرات.

كيفية تهدئة مخاوف الأطفال

* استمعا لطفلكما

اسمحا لطفلكما بالاعتراف بمخاوفه ومناقشتها. احترما مخاوفه وتقبلاها دون الحكم عليه أو السخرية منه لأنها بالنسبة له تعتبر مخاوف حقيقية. هذه هي أفضل طريقة لمساعدة طفلكما.

تعاملا مع مخاوف طفلكما المتعلقة بالمدرسة

يوضح د. تامر أن الآباء يجب أن يتعاملا بشكل مباشر مع مخاوف طفلهما المتعلقة بالمدرسة. يجب أن يعرف الأبوان ما إذا كان أحد يتربص بطفلهما فى المدرسة، أو ما إذا كان أحد مدرسيه يعامله بعنف، أو إذا لم يكن الطفل قادراً على منافسة زملائه، أو إذا كانت لديه مشاكل أخرى.

الأطفال الحساسين قد يكونون أكثر عرضة لهذه النوعية من المخاوف. فى البداية، تعتبر المدرسة بالنسبة للطفل مكاناً مخيفاً ولمساعدة الطفل فى التغلب على هذه المخاوف، يجب أن يكون هناك جهد مشترك من قبل الأبوين والمدرسة معاً. هناك سبب آخر فى هذه النوعية من المخاوف وهو أن تكون الأم نفسها لديها خوف من الانفصال مما ينعكس على طفلها.

خلصا طفلكما من خوفه بتعريضه تدريجياً للشئ الذى يخيفه

عرضا طفلكما تدريجياً للشئ أو الحيوان أو الموقف الذى يخيفه. بتكرار تعريض الطفل لما يخاف منه، سيستطيع الطفل فهم الأمر أياً كان الشئ الذى يخاف منه، وسيختفى السبب وراء خوفه. على سبيل المثال، إذا كان الطفل خائفاً من القطط، يمكن لوالديه أن يعرضاه لرؤية القطط تدريجياً باصطحابه لمكان به قطة لكى يراها الطفل من بعيد. بعد مرة أو بعد عدة مرات من مشاهدة القطة، يمكن للطفل أن يقوم بالتربيت عليها إذا أبدى استعداداً لذلك، ثم يمكنه بعد ذلك إطعامها،..الخ. هذا يجب أن يتم بتدريج شديد، فبهذه الطريقة سيستطيع الطفل التحكم فى الشئ الذى يخيفه وبذلك يستطيع فهم مخاوفه والتعامل معها.

ساعدا طفلكما على التحكم فى خياله

ينصح د. تامر قائلاً: "اجعلا طفلكما يتحدث عن المخاوف الموجودة بخياله، وحاولا أن تجعلاها ظريفة أو مضحكة. الهدف هو استخدام الشئ نفسه الذى يخيف الطفل – على سبيل المثال الشبح - فى مساعدته فى السيطرة على خياله وبالتالى التغلب على مخاوفه." على سبيل المثال، يمكن أن يطلب الأبوان من الطفل تخيل الشبح بشكل مضحك مرتدياً قبعة كبيرة ملونة أو ملابس المهرج.

تخلصا من مصدر الخوف

حاولا بقدر الإمكان التعرف على الأشياء التى تخيف طفلكما مثل الأصوات المزعجة، مشاهد معينة، الخلافات الزوجية، …الخ، ثم تخلصا منها.

كونا على دراية بمخاوفكما

يجب أن يكون الوالدان على دراية بمخاوفهما هما ويجب أن يتعاملا معها بشكل فعال لكى لا ينقلاها لطفلهما. إذا لم يتمكن الأبوان من التعامل مع مخاوفهما قد ينقلاها إلى طفلهما، فخوف الأم من الظلام على سبيل المثال ونومها والنور مضاء قد ينتقل بسهولة إلى الطفل. إذا انتقل هذا الخوف للطفل، فيجب أن يتولى التعامل مع هذا الموقف الطرف الآخر الذى لا يعانى من ذلك الخوف" 

الخوف.. سيجعلك تسلك حياة فاشلة!(3)

غالبا ما يكون الخوف هو المسؤول عن إبقائنا في الظل، فهو يوسوس لنا أننا لن نستطيع تحقيق أحلامنا، يخبرنا أن نبقى صامتين، ويكبح جماح رغباتنا في التعبير عن أنفسنا بحرية و دون خجل. 

للخوف قوه غير محدودة في جعلنا نتجمد في أماكننا ويحدد فرص نجاحنا في ما نحاول أن ننجز.. الخوف باختصار يجعلنا نسلك حياة صغيرة ولا تمت بصلة لما نحلم به.

قد تكون الأشياء التي نخاف منها مختلفة، لكن ردة أفعالنا تجاه الخوف عادة ما تكون متشابهة عند جميع البشر. فعند الخوف تتعرق اليدين، ويجف الحلق، ونكون على استعداد لعمل أي شئ أو تقديم أي تضحية لمجرد الهرب. حاولي التفكير كم مرة أهدرت فرصة أو تجنبت علاقة لمجرد انك كنت خائفة من الاستمرار أو المغامرة.

الخوف ليس أمرا سيئا. فهو موجود لحمايتنا كنوع من الإنذار المبكر. لكن هناك فرق كبير بين الخوف الصحي الذي يخبرك بالتراجع قبل السقوط من فوق مرتفع حاد و بين الخوف الذي يسيطر على حياتك بحيث يمنعك من العيش و الانطلاق.

ينصح العلماء في حالة إصابة الإنسان بالخوف الذي يسيطر على حياتهم بأن يحاولوا أن يتخلصوا منه أو على الأقل محاولة السيطرة عليه، ويقترح العلماء الحلول التالية للتخفيف من وطأة الخوف:

* الاتصال مع الآخرين: مهما كانت المخاوف كبيرة أو صغيرة، تكون مواجهه الخوف اصعب إذا ما قررت مواجهتها لوحدك. حاولي إيجاد صديقة أو أي شخص ترتاحين إلية لتبثي له مخاوفك. قد يساعدك هؤلاء الأشخاص في تبديد هذه المخاوف أو قد يشجعونك على التغلب عليها.

* تعلمي الاسترخاء: إذا ترك الخوف لينمو و يكبر فأنة سوف يؤدي إلى الكثير من المشاكل النفسية. إذا كان خوفك يسبب لك أمراضا بدنية حاولي استخدام أساليب الاسترخاء لكي تكوني مستعدة بدنيا لمواجهه مخاوفك.

 * واجهي مخاوفك: المقصود هو التعود على المواجهة وليس على تعريض نفسك للأذى. بمعنى واجهي مخاوفك بأن تتحدي قدراتك ولكن بالقدر الذي يسمح لك بالتعلم و ليس أن يزيد الخوف عندك. إذا كان الخوف من شيء نفسي كالتحدث أمام الجمهور مثلا فحاولي أولا التحدث أمام عائلتك ثم جمع من الأصدقاء و من ثم زملاء العمل وهكذا تبدئين في التغلب على المشكلة حتى يزول خوفك كليا.

وعلى صعيد آخر، فالكاتب الإسكتلندي روبن سيغر صاحب كتاب Natural Born Winners جعله أهم محرّض على مواجهة الخوف وإسكات الأصوات الداخلية التي تحطم الإنسان وتمنعه من التقدم وتفجير طاقاته.. ولا يمل القول للجميع "إن الإنسان عقّد حياته بسماحه للأفكار السلبية بالسيطرة على عقله!". 

وقال الكاتب، "إننا في حين قد نعجز عن صنع الأفكار السلبية من التسلل إلى عقولنا، فان الخيار يعود إلينا في إعطائها السلطة أو تغييرها بكل بساطة". 

يرى سيغر، أن الأشخاص يشعرون بالأمان مع الأفكار السلبية أو كل ما يؤجل انطلاقتهم نحو المجهول، نحو المغامرة، ونحو تحويل الحلم واقعاً. كما انهم غالباً ما يتذكرون الحوادث الأليمة وآراء الآخرين السلبية فيهم، والنتيجة أن العقل المحاط بالسلبيات، يعمل منطلقاً من الركيزة الحاضرة فيه. 

الذين يتمكنون من تخطي الصعاب والخيبات والفشل المتكرر، غالباً ما يعملون على البحث عن سبل لفهم الحياة. وسيغر من الأشخاص الذين فهموا بعد سلسلة من الحوادث انه لا بد من أن يمسك الإنسان بزمام المبادرة في ما يتصل بقراراته وتغيير مسار حياته.

في المرحلة الأولى يجب تغيير مفهوم العقل وإسكات الأصوات الداخلية المدمرة التي تتوقع الفشل. وفي المرحلة الثانية يجب تحويل الأفكار واقعاً. الخطوات الواقعية تدعم الأفكار الإيجابية، "فإذا كنا سنشارك في الماراتون، لا يكفي أن نطبع الأفكار المشجعة في عقولنا، بل لا بد من أن نتمون يومياً لتنمو قوتنا الجسدية".

علاقة السلطة بالخوف(4)

للاسف كثيراً ما يتم الربط بين السلطة والخوف. لذا كثيراً ما يكون رمز السلطة شخص نهابه كرجل الشرطة بالنسبة لقانون الدولة والاستاذ بالنسبة لنظام المدرسة والأب بالنسبة لقواعد المنزل.... 

الاحترام يبدأ من الاهل تجاه الاطفال الذين يبادلون اهلهم الاسلوب نفسه. فالأهل هم القدوة لابنائهم. عندما يزداد الخوف من الاهل يقل الاحترام لهم، ولا ينمو الطفل بشكل سليم. ولكي ينشأ طفلنا ديمقراطياً في افكاره وتصرفاته علينا ان نتعامل معه بديمقراطية.

90 % من الاطفال يتمردون على ذويهم وهذا امر طبيعي فالتمرد عامل من عوامل النمو وبناء الشخصية. لذا على الاهل تقبل هذا التمرد واعطاء ابنائهم حرية الرأي والتعبير واتخاذ القرارات ما دامت هذه الخيارات لا تهدد مستقبلهم. 

الطفل بحاجة الى سلطة ترسم له حدوداً والا كانت تصرفاته اعتباطية،انفعالية ومتهورة، لذا فالطفل بحاجة الى قواعد توضح له الفرق بين المسموح والممنوع ليشعر بالاطمآنان.

المدرسة النموذجية تلتزم شرعة حقوق الانسان وتطبقها من خلال فلسفتها التربوية.

حين يعتاد الطفل على روتين معين من النظام منذ الطفولة يسهل على الاهل حسم الامور معه. اما  اتخاذ القرارات فيجب ان تسلم تدريجياً الى الطفل لانه في سن معين لا يدرك عواقب افعاله لذا ياخذ الاهل الكثير من القرارات عنه ريثما يدرك مصلحته.

يجب ان يتفهم الاهل ان خيارات اولادهم واذواقهم ليست دوماً مطابقة لهم، فمن الضروري احترام رغبات الطفل ومساعدته على بناء شخصية متوازنة.

ممارسة السلطة لا تكون بالعنف اللفظي او الجسدي بل بالحوار. والسلطة الافضل تكون السلطة الحازمة والمستمرة اي التي لا تتبدل وفق الظروف او مذاج الاهل، والا تحول مفهوم السلطة لدى الطفل الى مفهوم الديكتاتورية.

احترام سلطة الاهل يدفع الطفل الى احترام سلطة ونظام المدرسة فيما بعد، من ثم الجامعة، فنظام العمل والدولة....

ثقافة الخوف(5)

يعرّف الخوف على المستوى الكينوني (الأونتولوجي) بأنه نزعة غريزية قطيعية هي استجابة طبيعية للنزعة الحيوانية للسيطرة. إذن يوجد الخوف طبيعياً حيث توجد ارادة السيطرة طبيعياً، وهو بالمآل ثمرة علاقة الاقوى بالاضعف، في عالم الغاب، وليس استمرار هاتين النزعتين الحيوانيتين إلا نتاج ما ترسب في اللاوعي الجمعي للبشر قبل ان ينفصلوا عن الطبيعة ويتحسسوا ذاتهم ككائنات انسانية، الامر الذي من شأنه ان يفضي بنا الى الاستنباط القائل بالاضمحلال التدرجي لارادة السيطرة ورغبة الخضوع كلما تمكن الانسان من السيطرة على الطبيعة، وعمّق منجزاته المدنية والحضارية.

وعلى المستوى الفردي (العاطفي والشعوري) فإنه بمقدار ما تزداد مساحة الخوف في الداخل الانساني، بمقدار ما تضيق مساحة الشعور بالحب والشجاعة والاحساس بالكرامة والتوادد والرحمة، حيث يلعب الموت دوراً محورياً، اذ يتم من خلاله - حسب هوبز - الفرار من التساوي امامه الى تمايز يؤمن البطولة والشهادة والخلود، وهنا يتدخل الشأن الالهي، لتأسيس قانونيته القائمة على الامر والطاعة.

اما على المستوى الاجتماعي - السياسي، فتحدد ثقافة الخوف وفق معيار درجة ديموقراطية الحياة الاجتماعية والسياسية، او الهيمنة الشمولية الطغيانية.

يقارن ياسين الحافظ برهافة مشوقة بين بنيتي المجتمعين، الغربي المدني الديموقراطي، والشرقي الاستبدادي الطغياني، يقول في سيرته الذاتية: "في الغرب، كنت أذهل عندما ارى قوة الفرد وجرأته وثقته بنفسه او تحرره الكلي من مختلف اشكال الخوف! هناك الفرد ديك، هنا الفرد دودة. هناك حبل سرة الانسان موصول بالالوهة، وهنا حبله مقطوع بتاتاً، بما هو عبد، هناك العنفوان، وهنا الوداعة، هناك بروميثيوثية طاغية، وهنا القناعة وراحة البال، هناك الشك والتساؤل والنقد، وهنا اليقين والتلقين والامتثال"، وعندما يتساءل عن العوامل والاسباب التي أدت الى هذه القوة للفرد الغربي، يجدها في حقيقة "ان بلاده كفت عن ان تكون بلاد الخوف". بينما الفرد في ديارنا العربية، منذ سنواته الاولى وربما منذ شهوره الاولى، تتعاوره اشكال لا تحصى! الخوف من العائلة، من المعتقد الايماني، من التقليد، من المجتمع، من المدرسة، وأخيراً من السلطة الاستبدادية الشرقية، ففي بلاد الخوف، سرير "بروكست" ينتظر كل فرد، ويتمدد فوقه ولكن لتقطع خصيتاه فيغدو ضحية وديعة مذعنة، حياتها فرار، وموتها خلاص.

هكذا تتحد ثقافة الخوف، بمثابتها نتاجاً مكثفاً مزدوجاً للطغيان، طغيان السلطة الاستبدادية وطغيان ثقافة الغالبية، عندها يدخل المجتمع والسلطة معا نفق الرعب، القوة، البطش. وكلما ازداد البطش استفحالا ازدادت النفوس خواء وفقرا. فقيرة تلك النفوس، التي تنظر الى داخلها فلا تجد إلا الخواء، فتملؤها بالبطش والعنف، هكذا يتأمل افلاطون احوال زمانه وحكامه. عندما تنعدم الحرية، يسود الظلام ويكثر الوشاة، وتحاك الدسائس والمؤامرات، ويسود الشك والحذر والريبة، حتى يطاول الحاكم المدجج بكل صنوف القوة، الذي يعيش اسير قوته، بعد ان يفقد الثقة بالجميع ممن يحيطون به، ولهذا يجعلهم جميعاً عيوناً ليس على الناس فحسب، بل وعلى بعضهم بعضاً. واذا تطلب الامر فانه لا يتردد بسبب شكه ان يبطش بأقرب المقربين له، وعلى هذا يخلص افلاطون، الى ان قوة الحاكم ليست إلا نتاج ضعفه، وهو اذ يتوهم السيادة فانه في حقيقة أمره "عبد". انه عبد لشهواته، وميوله الحيوانية العدوانية للسيطرة، وعبد هواجسه التي تجعله يقضي حياته خوفاً على اوهام رفعته التي كانت قد شوهتها السلطة، فجعلته أشد الناس حسداً وغدراً وظلماً، وأتعس الناس قاطبة، فهو بلا اصدقاء، لأن كل من يحيط به محكوم بالرغبة او الرهبة، والتزلف والتملق، الذي يبلغ حد اضفاء الالقاب الالهية، والصفات النبوية على ذاته البشرية، حتى ان الوليد بن عبد الملك استفسر ذات يوم في عجب "أيمكن للخليفة ان يحاسب؟!" طبعاً ان سؤاله هنا لا يتوجه الى حقوق الرعية بمحاسبة حاكمها، بل الى حقوق الله ذاته.

يحدثنا السيوطي عن يزيد بن عبد الملك انه "... أتى بأربعين شيخا فشهدوا له، ما على الخلفاء حساب ولا عذاب" وكان قد سبقه ابوه عبد الملك بن مروان في خطبته الدستورية عندما صعد المنبر ليقول: "والله لا يأمرني احد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه، ثم نزل"!.

وفق هذه الفلسفة التراثية التي تميز خصوصية الذاتية الحضارية للدستور السياسي العربي التي يُنظّر لها فلاسفة الاصالة المحدثنة، فان ديار العروبة تبدو اليوم هي الاكثر تمثلاً لهذا الجانب التراثي التليد، حيث غياب دولة الحق والقانون، وشخصنة السلطة، هي السمة المميزة للنظام العربي القائم، فكيف - والامر كذلك - لا تكون ثقافة الخوف، هي الثقافة الجامعة، والموحدة للحاكم والمحكوم، حيث الخوف يعشعش في صدور الحاكمين والمحكومين على السواء. المجتمع يخاف السلطة، والسلطة تخاف المجتمع، وكلهم في فلك الرعب يسبحون.

ما هي عناصر البنية الداخلية لثقافة الخوف:

يحدد جورج أورويل في روايته (1984) عناصر بنية ثقافة الخوف، بأنها البنية المؤسسة على التفكير المزدوج. فما هي هذه العناصر؟ انها: ان تعرف وان لا تعرف، ان تعي حقيقة صادقة كل الصدق وترى بدلا منها كذبات موضوعة بعناية، وان يكون لديك في اللحظة نفسها وجهتا نظر متباينتان وانت تعتقد، وتؤمن، بهما كليهما. وان تستخدم المنطق ضد المنطق، وان تنكر الفناء بينما تدعيه، وان تعتقد بأن الديموقراطية غير ممكنة وفي الوقت نفسه تنادي بأن الحزب الحاكم هو حام? للديموقراطية، وان تنسى ما تدعو الضرورة ان تنساه ثم تستعيده الى الذاكرة في اللحظة التي تحتاج فيها اليه ثم تعود فتنساه مرة ثانية. والانكى من ذلك كله، ان تطبق الطريقة نفسها في حالة الايجاب والسلب. (الرواية ص174).

الخوف لا يقتل الأنا الاخلاقية في الفرد فحسب بل يقتل الأنا القانونية في داخله، عندما يكون جوهر العلاقات الحاكمة للنظام المستبد هو الاعتباطية المقيدة على حد تعبير حنة أرندت، فان كل شيء يغدو ممكنا في ظل دولة جوهر نظامها الاستبدادي غياب القوانين، ولأنها اعتباطية غير منسرحة تتيح بعض الحرية ولو كانت فوضوية، فإن في دولة غياب القوانين ليس كل شيء ممكنا فحسب بل أيضاً يغدو كل شيء مستحيلا، وعلاقة الممكن بالمستحيل تحددها درجة القرب او البعد من مركز القمع. الخوف، فاذا كنت قادراً على التخويف فكل شيء ممكن، وان كنت في دائرة المفعولية فكل شيء مستحيل، حتى تصل درجة المفعولية الى درجة التعدي الى مفعول له ثان?، أو مفعول مطلق! والمستقبل يغدو قنبلة موقوتة، لكنها تطلق دقاتها في كل لحظة حسب ستيفن سبندر، هكذا تتسع فضاءات خصوبة اللامتوقع.

صناعة البيئة الثقافية للخوف(6)

ما هي ثقافة الخوف، وكيف غدت موضوع بحث من لدن طيف واسع من علماء الانثروبولوجيا والسيسيولوجيا والسياسة؟ باختصار، إننا نقع في خضم ظاهرة ملتهبة ترتطم بمجمل حركتنا وانشغالاتنا الذهنية والنفسية. ولا يمكن أن نفسّر هذه الظاهرة مالم نعتقد جزماً بوجودها، ولكي نمتلك  فكرة عامة عنها لابد من تعريف مكوّناتها. إن أول سؤال يدهمنا هو كيف يتحول الخوف الى ثقافة؟

الثقافة، بحسب تعريف ادوار برينت تيلور عام 1871 في كتابه (الثقافة البدائية)، هي (مجموعة معقّدة تشمل المفاهيم والمعارف والمعتقدات والفنون والقوانين والاخلاق والاعراف وجميع القدرات الاخرى والعادات التي يكتسبها الانسان بوصفه عضواً في المجتمع). فالثقافة بحسب فرويد ذات طبيعة شمولية، وأنها تنصب في الانسان بكامله. وعليه فليس هناك ثقافة فردية يمكن إنتاجها خارج فضاء المجتمع، فالانسان هو "حيوان اجتماعي" بحسب ارسطو.

أما الخوف فهو أداة يستشعر الفرد عبرها بالمعاناة في القلب، ويستدمجها في نفسه، ويستوعبها. إنه قناة الطاقة التي تأخذ المعاناة عبرها طريقها الى القلب البشري. يبقى، أن تأثيرها لايشبه السهم ولكنها متراكمة  في الخاصيّة، فهي لا تتم لمرة أو دفعة واحدة ولكنها تتكشف بصورة ثابتة، كما يذهب الى ذلك ثيودور أدورنو.

ثقافة الخوف، مصطلح مقترح في العديد من الطروحات السيسيولوجية التي تجادل بأن مشاعر الخوف والقلق تهيمن في الخطاب والعلاقات العامة المعاصرة، وتتغير بحسب علاقة أحدهما بالآخر كأفراد وكهيئات ديمقراطية. وبالرغم من أن كل هذه الطروحات قد تقدّم حسابات مختلتفة لمصادر وتداعيات الاتجاه الذي يرومون التوسل به لوصف هذه الحالة، فإن جميع هذه الطروحات تتقاسم المطلب الجوهري وهو أن ثقافة الخوف هي الى حد ما ظاهرة جديدة بدلالات شديدة الاهمية والخطورة.

لقد أصبج الخوف كحالة عاطفية وأونتولوجية غريزية رفيقاً حاضراً بسطوة في حياتنا اليومية.

لقد باتت الكرة الارضية كوكب الخوف الملتهب بظواهر مثيرة للفزع، بعد أن أخذت أشكالاً إجتماعية وسياسية معقدة تتمظهر في مجتمع المخدرات ومجتمع المباحث والمخابرات ومجتمع لوردات الحرب وباعة أسلحة الدمار الشامل.

يحدد هيدغر السمة الخاصة للخوف في (تحديد ما يخاف أمامه وما يخاف من أجله)، الإنسان الخائف والقلق يجد نفسه (مكبّلاً) بما يشعر بنفسه فيه وفي مسماه لينقذ نفسه أمام هذا ـ أمام (هذا) الشيء المتعين، لا يشعر بالأمان أمام ماهو (آخر) أي إجمالاً يفقد صوابه.

هذا التصور للخوف، وهو موضوع دراسات علمية، نجده أحياناً مبهماً في منشأه وأصل وجوده، فليست مصادر الخوف واقعية أحياناً، وبحسب باري جلاسنر في (ثقافة الخوف) إننا نخاف من أشياء هي في الغالب غير ضارة، ولكن خطورة الخوف تكمن في ما ينجبه من تصورات متشائمة تمسك بخناق مواقفنا، بما تجعلنا في حالة عجز تام عن حل مشكلاتنا..

خصائص ثقافة الخوف

1ـ أنها ذات صفة جماعية، لا يقصد بها فرد ولا جماعة دون غيرها، بل هي الثقافة المتفشية في كل قلب ينبض وكل ذي روح. فثقافة الخوف أخذت معنى جماعياً ولم تعد ذات طابع إفرادي كما كانت النظرة الى مفهوم الثقافة حتى نهاية القرن الثامن عشر.

لم يعد الخوف مجرد إحساس فردي مستقل يضطرم غريزياً لمواجهة أخطار مباشرة تتربص بالوجود البيولوجي للفرد، بل بات مندكاً في نسيج الوعي الجماعي للبشر، وتتجلى تمظهراته في أنماط العلاقة السائدة، ولغة التخاطب اليومية، ومنهجية التعامل بين مكوّنات المجتمع. فهنا تضمحل كينونة الفرد لتنصهر في الكيان المجتمعي الكبير الذي يقع تحت وطأة ماكينة ثقافة الخوف بطريقة جبروتية. يتعرض الافراد، خلال عمل الماكينة، لمسخ شامل للهوية، والتفكير، والمشاعر والقيم الانسانية، ليكون الخوف وحده قبطان السفينة، والموت حارساً عليها، والمجتمع مجرد كتلة بشرية مخطوفة على متنها.  

فالفرد يعاد صياغته من خلال دمجه في المجتمع الخاضع تحت تأثير إشعاعات ثقافة الخوف، فلا يعود فرداً سوّياً مستقلاً بل هو جزء من مسخ جماعي، يكتسب خصائص المجتمع الممسوخ، يفكر كل فرد فيه كما يلبس وينطق ويهجس بطريقة واحدة، إنها أوركسترا الخوف التي تعزف لحناً موحداً لخدمة القائد الملهم.

في السياسة، يتولّد تواطىء عفوي بين المجتمع والسلطة السياسية على ممليات ثقافة الخوف، والتي تؤول مفضياتها الى تركين أسس الاستبداد بكافة أشكاله المفزعة. ثقافة تتفشى في البيت والشارع ورياض الاطفال والمدارس والجامعات والجوامع والمؤسسات التجارية والاعلامية والأندية وشبكات النخب الفكرية والصفوة الاجتماعية وصولاً الى القيادة السياسية. فمطلوب من الجميع أن يمتثل لعبادة الخوف على طريقته طالما أن العبادة ستكون خالصة لوجه السلطان، تحقيقاً لمقولة الناس على دين ملوكها.

2ـ أنها طغيانية، يراد منها تحقيق درجة اكتساحية قصوى في التغلغل والتداول اللحظي بحيث تستحوذ بصورة دائمة ومتصلة على مجمل الانشغال الذهني والمشهد العام.

يرى جلاسنر بأن نجاح الخوف يعتمد ليس على القدرة في التعبير عنه فحسب، ولكن أيضاً على كيف يعبّر عن الهواجس الثقافية العميقة. ويسوق مثالاً على ذلك بأن الحرب في العالم كانت ناجحة لأنها مدمغة في مخاوف الشعب سابقاً  من النازية والحرب العالمية الثانية، وراهنا من الارهاب وبخاصة عقب حوادث الحادي عشر من سبتمبر 2001.

واذا كنا فيما مضى نجهل الكثير عن الكوارث الطبيعية والبشرية بفعل ضعف التواصل، فإن الثراء الاتصالي الذي حققه الانترنت والتلفزيون الفضائي ينقل اليناً معلومات عن دفعات هائلة من الجرائم الفردية والمنظمة وعمليات السطو والكوارث بكافة أشكالها بصورة لحظية.

إن إنتاج الخوف، عبر قنوات البث الاعلامي، يهيمن على مجمل فروع الصناعة، فقد أصبح الخوف مفتاحاً لتكنولوجيا السلطة. وفي الوقت نفسه، فإن سيرورة انتاج الخوف قد غيّرت  مفهومنا للخطر وكذا طريقتنا في التعامل مع الخوف. إن آلة الخوف في حالة إزدهار، فالجيل المتواصل من مصادر ومضامين الخوف قد منحها وضع السيرورة التاريخية، المشفوعة بطلب متحوّل لوسيلة فهم، وسيطرة ومحو للاخطار الجديدة.

يعتقد باري جلانسنر بأن أي تحليل لثقافة الخوف يتجاهل الاعلام الخبري يعتبر ناقصاً. إن تأثير وسائل الاعلام (التلفزيون الفضائي بدرجة أساسية) كونه يجعلنا نشعر بأننا نعيش في عالم خطر للغاية، ويجب علينا حماية أنفسنا (بالسلاح، وتكثيف الرقابة البوليسية والاعتقالات، والتي هي من شأنها إشعار الناس بعدم الامن حين يرون كثافة تواجد رجال الامن والشرطة بزيهم العسكري في الشوارع العامة.

باري جلانسنر يوجّه أصابع الاتهام الى وسائل الاعلام الاميركية في تغذية ثقافة الخوف، والتي تسعى الى استقطاب جمهور المشاهدين والقراء من خلال تقديم أحداث تجمع بين الرعب والاثارة.

يعتقد جلانسنر وهو محق في ذلك بناء على مقولة للرئيس الاميركي ريتشارد نيكون بان البشر ينفعلون بالخوف أكثر من الود، ويعلق قائلاً بأن إثاره الخوف لدى أفراد المجتمع يضمن ولائهم بصورة أسهل بكثير من محاولة العمل على استقطاب تأييد المواطنين. مع اختلافنا في ربط الولاء بالخوف،

وفى بعض الاحيان فان تفشى مشاعر الهلع لدى المواطنين الامريكيين يمنع المؤسسات الحاكمة والمواطنين من قبول فكرة تصحيح اية اخطاء مرتبطة بالمخاوف التى قد لا تستند الى اى اساس، بل ان انتشار الخوف بين الامريكيين ادى الى اجهاض الجهود الرامية الى استصدار قوانين منع انتشار الاسلحة النارية.

وحتى على المستوى الاقتصادي، فإن صناعة الخوف او اختلاقه بات تجارة مربحة للغاية بالنسبة لبعض المؤسسات الاقتصادية أو السياسية، بل إن وجود بعضها مرتبط بإستمرار حالة الهلع، كما هو شأن عقد صفقات الاسلحة الضخمة، واعلان حالة الطوارىء والاحكام العرفية التي تشكل بحد ذاتها بيئة خصبة لثقافة الخوف.

يعتقد جلانسنر بأن ثمة دوراً مشبوهاً تزاول عن عمد وسائل الاعلام الاميركية لاقناع المواطنين بأن الموت يحيق بهم من جميع الاتجاهات بدءاً من ركوب السيارة وحتى تناول الطعام. ولحظ بأن الغرض من تضخيم هذه الحوادث لاستغلالها بطريقة خاطئة، حيث يقع المواطن الاميركي ضحية نظرية المؤامرة.

فقد اظهرت استطلاعات الرأى ان حوالى %75 من الامريكيين يشعرون بمخاوف غامضة لا يعرفون مصدرها، اذ ان كل شئ تقريبا اضحى يمثل لهم باعثا على القلق والارتياب، ويؤكد الامريكيون انهم يعيشون فى ظروف استثنائية عصيبة، بالرغم من الاراء التى تزعم سيطرة الولايات المتحدة على مقدرات العالم، ولكنها مع ذلك تعجز عن توفير الامان لشعبها فى الداخل،

وفيما يبدو كمحاولة هروبية من الواقع بات المجتمع الامريكى يدمن الاحساس بالخوف كتراث عزيز لا يسهل التفريط فيه، لدرجة ان ايا من المصنفات الفنية او العلمية التى لا تتصل بهذه الظاهرة لا يكتب لها الرواج فى الولايات المتحدة، مهما كانت درجة الاتقان والرصانة التى تتميز بها هذه الاعمال.

(إن الشيء الوحيد الذي علينا الخوف منه هو ذلك الخوف مما يصنعه الخوف) حسب مقولة منقولة عن الرئيس روزفلت عام 1933. ويشير كيرتشوف وكيرت باك الى أن (الاعتقاد بتهديد ظاهر يجعل من المحتمل شرح وتبرير احساس شخص ما بعدم الارتياح). فالخوف من الخوف يثير فزعاً أشد من الخوف ذاته.

إن التغطية الاعلامية تزيد في عدد الناس المصابين بأعراض تغذي التغطية الاعلامية.. فالخوف يخلق شيئاً ما نخاف منه. الخوف، بحسب باري جلاسنر، يدمّر تفاؤلنا ويجعلنا نعتقد بأننا غير قادرين على حل مشكلاتنا.

وينقل باري جلاسنر عن البروفسور Esther Madriz في كلية هنتر الاميركية بانه أجرى مقابلة مع نساء في مدينة نيويورك حول مخاوفهن من الجريمة فكانوا يرددون عبارة (شاهدت ذلك في الاخبار). ويعلق هنتر على ذلك بأن الاعلام الاخباري لديه مصدر لخوفهم وسبب يجعلهم يعتقدون بأن تلك المخاوف واقعية. وفي سؤال استطلاعي على المستوى الوطني حول السبب الذي يجعل الافراد المشاركين في الاستطلاع بأن البلاد لديها مشكلة جريمة خطيرة، نقل 76 بالمئة منهم قصصاً شاهدوها في وسائل الاعلام، و22 بالمئة فقط رووا تجاربهم الشخصية.

قام البروفسوران Robert Blendon و John Young من جامعة هارفارد بتحليل سبعة وأربعين مسحاً حول استعمال المخدرات أجريت مابين عامي 1978 و1997، اكتشفا بأن اخبار الصحافة أكثر من التجربة الشخصية تزوّد الاميركيين بالمخاوف المسيطرة عليهم. فهناك 8 من أصل عشرة يقولون بأن مشكلة المخدرات لم تسبب مشاكل في عوائلهم، وأن الغالبية العظمى تروي تجربة مباشرة قليلة حول مشاكل ذات علاقة بمشكلة المخدرات. إن القلق المنتشر على نطاق واسع حول مشاكل المخدرات تنبعث حسب الباحثين من المخاوف في الاعلام الخبري وبخاصة التلفزيون. إن البرامج الخبرية المتلفزة تعيش على المخاوف.

أكثر من خمس مائة قصة نشرت في الصحف حول العنف في مواقع العمل خلال 1994 و1995، وكثير منها يتضمن إحصائيات مفزعة للغاية: 2.2 مليون شخص تعرضوا للاعتداء في العمل كل عام، وأن القتل هو السبب الرئيسي للموت في العمل بالنسبة للنساء وهو السبب الثالث بالنسبة للرجال.

نشر احصائيات حول الأمراض وعدد المصابين بها تثير دون ريب حالة هلع وتدخل ضمن صناعة بيئة ثقافية للخوف. في عام 1996 قام كاتب أميركي يدعى بوب جارفيلد باستعراض مقالات حول الامراض الخطيرة المنشورة خلال عام واحد في صحيفة الواشنطن بوست ونيويورك تايمز ويو اس أيه توداي. وتوصل الى أنه بالاضافة الى 59 مليون أميركي مصاباً بأمراض في القلب، هناك 53 مليون مصاب بالصداع النصفي، و25 مليون مصاباً بهشاشة أو ترقق العظام  osteoporosis، الى جانب 16 مليون مصاباً بداء السمنة او زيادة الوزن obesity، و3 ملايين مصاباً بالسرطان، وفوق ذلك فإن كثيراً من الاميركيين يعانون من أكثر من مرض معيق المرتبط بالمفاصل (10 ملايين مصاباً) وإصابات في المخ (2 مليون مصاب). حين تجمع تلك التخمينات، يقرر جارفيلد بأن 543 مليون أميركي هم مرضى خطرين، وهو رقم صادم لأمة يبلغ تعداد سكانها 266 مليون. ويعلق على ذلك (إما أن نكون كمجتمع متشائمين أو أن هناك شخصاً ما يرسم صورة مضخمة).

إن القلق إزاء الاخطار الحقيقية، حين يتجاوز حدوده المعقولة يسبب ضرراً فادحاً، كما هو شأن الخوف من بعض الامراض مثل (السرطان، وانفلونزا الطيور، والايدز..). فحين يصدر تقرير طبي يفيد بأن نسبة الاصابة بمرض سرطان الثدي بين النساء في سن الاربعينات تتراوح مابين 1ـ 10 فإن ذلك من شأنه صناعة بيئة هلع من الموت الوشيك لدى النساء في هذا السن وصاعداً.

فنطاق المخاوف الصحية لا حدود له، وأن أرقاماً كهذه بلا شك ترسم صورة سوداوية وتبعث على الهلع. لقد بات الخوف مكوّناً جوهرياً في ثقافة الاستهلاك، فالاخبار المثيرة للفزع تدفع الناس لمشاهدة التلفاز وشراء الصحف، ونلحظ ذلك أيضاً في الاقبال الواسع على أفلام الرعب.. إن الاسواق تستقبل الخائفين من انعدام بعض السلع للتبضع، وتتفشى عدوى الخوف في أوقات الحروب.

3ـ أنها واحدية المصدر والتوجيه، حيث لا فسحة للتعدد أو التنوع، فوحدها ثقافة الخوف المراد ترسيمها ليكون تداولها مشروعاً، فيما يغدو غيرها إلحاداً وكفراً، وجريمة يعاقب عليها القانون، فهي بهذا المعنى إقتلاعية وإقصائية.

يتقمص أورويل دور صنّاع ثقافة الخوف ليخاطب قراءه بلغتهم (كل شيء في داخلك سيموت، لن تعود قادراً على الحب، والصداقة أو التمتع بالحياة أو الضحك أو التعجب أو الشجاعة أو الاستقامة، إنك ستكون كصَدفة فارغة، سنعصرك حتى تصبح كالجيفة الخالية من كل شيء ثم نملأك بأنفسنا).

4ـ تعطيلية، بمعنى الارتهان الجماعي لصنّاع ثقافة الخوف ومصادرها، والاستقالة أمام الواقع، والانغماس في الراهن مع تخصيب أفق المجهول وعنصر المفاجأة ومداهمة اللامتوقع.

لقد نبّه جورج أورويل على مكمن خطورة ثقافة الخوف في سياق فحصه لمكوّناتها وأغراضها، حيث حددها بصورة مكثّفة في التفكير المزدوج الذي يفرز ثنائيات متضادة: المعرفة والجهل، الصدق والكذب، الايمان وعدم الايمان، المنطق وضد المنطق، الديمقراطية والاستبداد، الذاكرة والنسيان. هو هذا التفكير المزدوج المطلوب إستعماله بحسب كل حالة، وهو يلخًّص عقيدة الحاكم المستبد في مواطنه: (ان عليك ان تهزم نفسك قبل ان يصبح بامكانك ان تكون سليم العقل).

ـ العامل الاجتماعي: التنشئة الاجتماعية

نحن نولد بقائمة من النواهر والزواجر

قليلة هي دفعة الحوافز والتشجيع على المغامرة والسباق نحو الرقي

اختلال عميق بين الحوافز والكوابح

تسجّل الباحثة النفسانية سوزان جيفرز في كتابها (Feel The Fear And Do It Anyway) خلاصة تجاربها  بأنها لم تصادف في حياتها أن سمعت أمّاً تطلب من طفلها حين يذهب الى المدرسة قائلة له (قم يا حبيبي بالكثير من المغامرات اليوم)، ولكن من المحتمل جداً أن تنقل لطفلها عبارات من قبيل (إنتبه لنفسك حبيبي). وتعلق الباحثة (إن عبارة انتبه لنفسك تحمل في طياتها رسالة مزدوجة: فالعالم هناك خطر للغاية..و..ليس بإمكانك التعامل معه)  أو مقاومته. وكما يظهر من هذا المشهد فإن الام تنقل عدم ثقتها في قدرتها على التعامل مع مايصدفها في طريقها الى ابنها.

وبحسب ليفي شتراوس في كتابه (بلدان المدار الحزينة) فإن الانسان هو النتاج الاساس للمجتمع الذي يعيش فيه. وتمثل وجهة النظر هذه تطويراً لنظرية أرسطو الذي كان يرى في الانسان حيواناً إجتماعياً خلق ليعيش في المجتمع. فالضغوط التي يمارسها المجتمع على أفراده هي من نوع سيكولوجي أولاً ثم تتخذ شكلاً ثقافياً، حيث تصبح ثقافة الخوف مشروعة على وقع رهاب المصلحة العليا للمجتمع والصالح العام، أو الاحساس المتفجر بالخطر إزاء شيء ما، قد يبدو أحياناً مجهولاً حتى لصاحبه، ولذلك فإن كافة إمكانات النمو الثقافي والذهني والعاطفي لدى الافراد تتعطل أو تختطف بصورة شبه كاملة لمجرد إخصاب بيئة ثقافية تقوم على افتعال الشعور الجماعي بالتهديد والخطر. فالوراثة الاجماعية، إي إعادة الانسان الى وسطه الاجتماعي وربطه أكثر بما أو بمن يحيط به فرضت نمطاً صارماً من إندكاك الافراد داخل البيئة الثقافية السائدة، أي بيئة الوسط الناجمة عن الولادة، حيث تكون رؤية الاشياء ذات طابع اجتماعي وليس فردياً، بحسب بيير إمانوييل في كتابه (من أجل سياسة ثقافية).

الخوف يستنسخ خوفاً في عملية تكاثر مفرطة في انتشارها، فقد أريد لنمط التربية في المجتمع أن يكون موحداً لتنشأ أجيال الخوف الخانعة، وهنا تكون التربية بحسب تعريف ماكس فيبر (وسيلة من وسائل الهيمنة الاجتماعية)، فالمجتمع يتكفل بإنتاج الخوف والترويج له عبر نمط تربية موحد وقهري، وهنا تتشوّه عملية التكامل الاجتماعي أو التوافق الاجتماعي كما يلفت اليها دوركهايم، فتصبح الشمائل المطلوب تنشئة الاطفال عليها لادماجهم في المجتمع عادات مروَّضة تحول دون انفصالهم عن النظام الصارم للمجتمع أو الارتطام به.

واذا ما أخذنا تعريف هيرسكوفيتس M.J.Herskovits في التربية بوصفها عملية تطبيع ثقافي أو دمج ثقافي enculturation، أي تبني الانماط السلوكية في الثقافة المحيطة، بكلمات أخرى تنشد تربية وتطبيع الاطفال على المعايير السائدة في ثقافتهم. وبحسب تعريف ميستشا تيتييف Mischa Titiev فإن الدمج الثقافي يعني (التطبيق الواعي أو غير الواعي الحاصل خلال السيرورة التعليمية حيث يحصل الانسان، طفلاً وراشداً،  على كفايته من ثقافته). أما الصائغ الأول لمصطلح (enculturation) هيرسكوفيتس عام 1948 فيرى بأن الناس الذي يولدون بآليات بيولوجية موروثة يجب عليهم إما التحوّل أو السيطرة في توافق مع طريقة مجتمعهم في الحياة، أو التحول الى أشكال إجتماعية مقبولة للسلوك الثقافي).

فالتطبيع الثقافي يعني في المنظور الاجتماعي عملية تربوية يتم عبرها نقل القيم والعادات الى جيل بعد جيل، وصولاً الى تحقيق حالة من الانسجام الثقافي المرغوبة لاستقرار النظام والتعايش الخلاّق للمجتمع. وبينما تخلق هذه العملية ـ في تطبيقها الصحيح ـ هوية خاصة بالأبناء تغدو موضع فخرهم وكرامتهم وتمايزهم الحضاري، فإن في مجتمع الخوف تصبح عملية التطبيع الثقافي ذات أغراض مضادة تماماً.

التطبيع الثقافي حين يسري عبر الحقل التعليمي يمظهر نفسه في محتويات وتدابير علم التدريس. فمن خلال المحتوى التعليمي يصبح الفرد أكثر إطلاعاً والماماً بالقيم وعادات مجتمعه، وعبر التدابير يكتشف بأن تقدّمه يقاس من خلال إنجازه في مجال المهارات والنظرات التي تطوّر مظهر وتطلعات مجتمعه. هذا كله يعني، أن قيم مجتمعه هي المقياس لمنجزه وتقدمه وتقديره.

فعدوى الخوف تسري بوتيرة سريعة في كل زوايا المجتمع وتمتد لكي تشمل كافة الفئات، في رد فعل تلقائي غريزي وجودي، تشبه الى حد كبير الحركة المضطربة التي تنتقل الى الحيوانات عندما تتجمع في هيئة جمهور. وبحسب غوستاف لوبون (فصهال حصان في إسطبل ما سرعان ما يعقبه صهال الأحصنة الاخرى في نفس الاسطبل. وأي خوف أو حركة مضطربة ما تصيب الخراف سرعان ما تنتقل الى بقية القطيع). فالانسان يشبه الحيوان حين يكون في هيئة جمعية، بحيث يميل أفراد المجتمع الى تقمّص الزعماء الذين يمارسون عليه تأثيراً أخّاذاً، حيث لا مجال للمقاومة.

إن ثقافة الخوف تتمظهر في لغة التخاطب اليومية والتي يعبر عنها في الاجابات السالبة (لا أستطيع، غير ممكن، صعبة، بعيد، مستحيل..). هذه الثقافة تستعير من ميراث المجتمع الثقافي والتاريخي الذي إنداثت في وعيه اللاهوتي أفكار قدرية، فسوّغت له الرضوخ والقبول بالهزيمة والانصياع تارة تحت عنوان (القضاء والقدر) وتارة (الجبر) وثالثة (طاعة ولي الأمر) ورابعة (وحدة الجماعة واتقاء الفتنة)، والتي جرى توظيفها لترسيخ الاستبداد والتماهي في المجتمع العضوي الذي يلغي فردانية الفرد، وتغييب العقل لحساب تلقائية القطيع. فمن جبروت النزعة الابوية داخل الاسرة الى المجتمع الأبوي الذي يمارس دوراً سلطوياً طغيانياً على أفراده مكرهاً إياهم على إعتناق ما جبل عليه من أساطير وخرافات وهلوسات تشكّل مجتمعة مكوّنات لثقافة الخوف، التي يتعاطاها الأفراد بملء إختيار وإرادة المجتمع عبر مدمني تلك الثقافة وممثلين عنها كل من موقعه، في عملية تقاسم للأدوار فالأب في أسرته، والمعلّم في مدرسته، والشيخ في جامعه، والمدير في شركته، وصولاً الى (ظل الله في الارض) أي الحاكم في سلطته، لتنداح تلك الابوية في كل أوجه الحياة تقريباً، وحيثما وجدت رابطة مصلحية أو إجتماعية من نوع أو آخر. فإذا ما قلبنا الهرم الأبوي من فوق ـ السلطة الى تحت ـ المجتمع، فستكون النتيجة مفجعة، حيث تنتقل ثقافة الخوف بكميات الهلع والقمع المحشوّة بداخلها الى كل مكوّنات المجتمع وتشكيلاته، لتعود تلك الثقافة تنتج نفسها تلقائياً في عملية ميكانيكية بحيث تكون لغة الخوف بكل متوالياتها لغة التخاطب اليومية والعنصر الحاكم في علاقات فئات المجتمع ببعضها البعض.

 لا تتضمن الشهوة في القوة الكامنة للسيطرة في اقتدار المستبد إنما في الضعف النفسي الذي يتمتع به، وهذا العجز يقود إلى ما يطلق عليه ظاهرة "المازوكية" وهي شعور ينتاب المستبد بهم من أفراد المجتمع ويقودهم إلى اللاجدوى والتلذذ بالألم. يرى إريك فروم أن الفرد يكف عن أن يصبح نفسه، إزاء استسلامه لقيم المجتمع السائدة

إنه يصبح كما يريد له الآخرون وكما يتوقعون منه.

 وهي ميول بصفتها العامة مرضية، وتعد هذه العلاقة المتبادلة ضرورة لكلا الطرفين، فالمتعة السادية للحاكم تقابله خضوع الأفراد لقوى تحررهم من الخوف، ومن هذا المنطلق تتشكل "ثقافة الخوف" في الأوساط المجتمعية في البلدان المذكورة.

الروابط الداخلية في مجتمع الخوف تنشأ على قواعد مختلفة بل وغير ثابتة، فليس هناك ما يمكن أن يشكل مرجعية معيارية، بل هي روابط واجفة مرتجفة رهينة وتيرة الخوف المتأرجحة، وللخوف قواعده كالمجاملة المفرطة، والكذب الملبّس زي الحقيقة، أو ما يصطلح عليه هشام شرابي التمويه وإن كان الكذب والتمويه يلتقيان في هدف واحد وهو حجب الحقيقة، مع اختلاف في الاسلوب، ففي الكذب، حسب شرابي، تُنفى الحقيقة وتُستبدل بكذبة، أما في التمويه فالحقيقة لا تنفى، ولا تظهر بشكل كذبة، بل تظهر في زي حقيقة أخرى تدعي أنها الحقيقة الصحيحة، يضاف اليها قواعد أخرى من قبيل إزدواجية الشخصية التي تتمظهر في التضّرع للقوي والتنمّر على الضعيف.

ثقافة الخوف هي المسؤولة عن توسّل ضحاياها بما يصفه الدكتور مصطفى حجازي بالاساليب الدفاعية التي تعزل الانسان عن محيطه عبر الانكفاء على الذات والفرار أمام التحديات الراهنة والمستقبلية، والنكوص أي الارتداد الى سلوكيات تعود خصائصها الى مراحل عمرية سابقة، أي التصرف ليس على أساس العمر والنضج بل على أساس الموقف والوضع النفسي، هذا النكوص الذي يأخذ أشكالاً عدة مثل: التمسك بالتقاليد، والعودة الى الماضي والامتثال للعرف للسائد كقاعدة للسلوك والمعيار للنظر، والاحتماء بالأمجاد والمآثر الماضية، حيث يتم إعادة بناء صورة الماضي كيما تكون مصدر إلهاء وسلوة في مقابل العجز عن العيش في الحاضر فضلاً عن تغييره، والميل الشديد الى تحميل الآخرين الفشل، أي التنصّل من المسؤولية. ويلفت د. مصطفى حجازي الى العوامل النفسية والذهنية التي تنتاب الإنسان المقهور حيث تسوقه عقده وانفعالاته الى البحث "عن مخطئ يحمله وزر العدوانية المتراكمة داخلياً، ويغدو الاعتداء مشروعاً، لا يشكل عدواناً على قيمة إنسانية، بل على مصدر الشر".  وأخيراً التماهي الذي يأخذ أشكالاً عدة: التماهي بأحكام المتسلط، أي توجيه عدوان المتسلط الى نفسه وليس للمتسلط في عملية جلد للذات والحط من شأنها والاستسلام لشعور الهزيمة في الداخل، والتماهي بعداون المتسلط، حيث تتقمص الضحية دور الجلاد، فتفرغ ما وقع عليها من مظالم على من هم أضعف منها، والأخطر من ذلك هو التماهي بقيم المتسلط وأسلوبه الحياتي، حيث يتم إمتصاص قيم الظالم والرغبة عند الانسان المقهور للعيش في عالم المتسلط واقتفاء سيرته في الحياة والسلوك و التفكير.

لا تسمح ثقافة الخوف بنشوء علاقات سويّة بين أفراد المجتمع، فكل شيء يتعرض للتشوية بل لليبوسة والجفاف والموت، وأن منظومة القيم الانسانية تتمزق على نحو متسلسل، فلا حوار، ولا حب، ولا إبداع، ولا عاطفة، فثقافة الخوف تسوق الجميع نحو الأسر الجماعي لمركز القوة المتحكّمة لتملي عليهم طريقة في التفكير وقيماً للتبني، وصولاً الى الحلول في جوف المستبد ـ المركز، الذي يستنسخ خلاياه السرطانية في بنية المجتمع ليخلقه على صورته.

ـ العامل السياسي: سلطة الخوف

إن انتاج الخوف يخدم إستراتجية التجديد الذاتي المجتمعي الثابت. وبمعنى ما، وعليه فإن ثقافة الخوف هي رد فعل انعكاسي لعجز النخبة السياسية لقيادة المجتمع. فقد فشلت السياسة في مواجهة مشكلات المجتمع ضمن رؤاها، ودوافعها، وحلولها. فقد فشلت في تقريب المجتمع عبر آلية التفاهم المشترك والدبلوماسية. على الضد، فإن السياسة تمارس فعلاً تهديدياً لنا جميعاً وتذّكرنا بصورة دائمة بوهننا. في الغرب والولايات المتحدة بخاصة، فإن الحملات المتواصلة ضد الارهاب نجمت عن لا شي بل عمّقت انعدام الثقة المتبادل وضاعفت الاحساس بالعجز والعزلة.

الخوف لا يقتل الأنا الأخلاقية في الفرد فحسب بل يقتل الأنا القانونية في داخله، عندما يكون جوهر العلاقات الحاكمة للنظام المستبد هو الاعتباطية المقيدة على حد تعبير "حنة أرندت"، فان كل شيء يغدو ممكنا في ظل دولة جوهر نظامها الاستبدادي غياب القوانين، ولأنها اعتباطية تتيح بعض الحرية ولو كانت فوضوية، فإن في دولة غياب القوانين ليس كل شيء ممكنا فحسب بل أيضاً يغدو كل شيء مستحيلا، وعلاقة الممكن بالمستحيل تحددها درجة القرب أو البعد من مركز القمع.

ثقافة الخوف تستبطن صناعة الهيمنة، فحين تسنّ الادارة الاميركية تشريعات ضد الارهاب تهدف من ورائها زرع مشاعر الخوف كيما تبرر تضييق فضاء الحريات العامة، وتوسعة مجال هيمنة الدولة على المجتمع. إن استعمال العقوبات السياسية وظهور الافكار الوطنية من قبيل (من لم يكن معنا فهو ضدنا)، وفرض رقابة سرية على أجهزة الاتصالات، وتشريع الاعتقالات العشوائية والاحتجاز والتحقيق وإنشاء أجهزة أمنية تحت شعار الحرب على الارهاب باتت مقبولة من المجتمع الاميركي. السؤال الذي يفرض نفسه هنا: لماذا قبل الناس بهذه التدابير الصارمة؟ إن الاجابة بلا شك ستكون: لأنهم يخافون.

نظرة  الإسلام  للأمن النفسي(7)

  الأمن النفسي في الإسلام يستمد معناه ومضمونه من أساسيات الديــن فالأيمان بالله واليوم الأخر والحساب والقضاء والقدر والنظر إلى الدنيا على إنها زائلة  كل هذه الثوابت التي يؤمن بها الإنسان المسلم تؤدي إلى أمنـــه النفسي وصقله بالاتزان والطمأنيــنة وتحرره من الاضـطراب والقلق وتقـود إلى راحة البال فلا يرتاب ولايشك فيه مصداقاً لقوله تــعالى (وما جعلــه الله ألا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم) ( آل عمران26).

    إن الأيمـان له دور في شـعور الفرد بالأمن، فالأيـــمان حتى يبلغ مـــداه ويشـــرق على القلب سناه، ويســري في أعماق النفــس مجراه فتـبدو آثاره المباركة على الفرد والجماعة، فالأيمان بالله يعد أعظـم أسباب الأمن النفسي

عكس ذلك الذين جحدوا الله فتراهم في خوف واضطراب، وقلق وكآبة وفزع، كما أن الإيمان ينمي الشعور بالانتماء للجماعة إذ حث القرآن الكريـم على مــد يـــــد العــون والمـساعدة وبالتـالي العيـــش في أمـان لقـولـــه تـــــعالى ( إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقـــــوا الله لعلكـم ترحـــمون) (الحجرات10).

    ويصف الرسول صلى الله عليه وآله وســلم وصفاً جميلاً فيه من المعاني السـاميـة، والمنـطلقات التربويـــة العظيـمة، التي لــو تأسى بـها كل فـرد في حياتـه لشـعر بنعمة من نعم الله التي لا تحصى التي تجعل الفرد يشعر بالقوة والسعادة، والآمان، والأخوة، وهذا الوصف  تضمنــــه الحديــث الشريــــف ( مثـل المؤمنين في توادهـم، وتراحمـهم، وتعاطفهم كمـثل الجسـد الــذي إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

   إن ارتباط الأمن النفسي بمجموعة سمات تكون أساساً لمقوماته وبدونها يبقى الفـرد يشعر بحالة قلقة، والسمات منها، التوكل علـى الله والصبر عند الملمات  إذ يقــول الأمام علــي بن أبى طالـب (ع) (أن تجزع تؤزر وأن تصبر تؤجر)،فضلاً عن ذلك فالصبر يعد رافدا ًمن روافد الأمن النفسي لدى المؤمن فهو حبس النفس عن الجزع، والسخط، والشكوى وتحمل الانتظار ومواجهة مصاعب الحياة دون ملل، وتذكير الفرد بأن كل ما يناله في حياته من شقاء وِنــعم هـو من الله عز وجل،  فيشعر بالأمـن ويشكر الله على نعمه ويصبر على البلاء،  والمصيبة، فالصبر إذا ما اقـترن بالصلاة يجعل الفرد مطمئناً إذ يقول الله سبحانه وتعالـى (استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مــع الصابرين). ( البقرة 153)

  وكان رسـول الله صلى عليه وآله وسلم، إذ حزنـه أمـر فزع إلى الصـلاة. كيف لا وللصلاة تأثير عجيـب في دفـع شرور الدنـيا والآخـرة وسـر ذلك أن الصلاة صلة بين العـبد وربه، ومعراج إلى المولى عـز وجـل وعلى قدر هذه الصلة يفتح علـيه من الخـيرات أبوابـها، ويقطع عنــه من الشـرور أسبابها ويفيض عليـه فيرى التوفـيق، والعافـية وينشرح القلب ويندفع الكرب بحول الله وقوته وتأييده ورحمته..

  فالصلاة تنهي عن الفحشـاء، والمنكر، والمؤمن المصلي صـادق في قولـه وأفعاله، فالصدق من القيم التي تساعد في تعزيز الأمن النفسي، ويقول الله تعالى (رجال صدقوا ما عاهدوا الله ).

  ويبدو التأثير النفسي للصدق في الحديث النبوي الشريف (الصدق طمأنينة والكذب ريبة) فالكذب يؤدي بالفرد إلى الخوف، والتوتر لأنه لا يكذب إلى إذا كان خائفاً، أما الصادق فلا يوجد ما يحمله على الكذب لتيقنه أنه لن يصيبه إلا ما

كتـب الله له. ويتضـمن الصدق قيماً أخرى، كالشجاعة، والجرأة، والإخلاص والصـبر يـؤدي بالمؤمن إلـى راحـة النفس، والتــحرر من الخوف، ومجابهة الأمور، وعدم الهرب منها، فالصادق مع نفسه، ومع ربه، ومع الآخريــــــن لا يشعر بالتوتر والقلق بل يحيا حياة آمنة مطمئنة، إذ يقـول الرسـول صــلى الله عليه وآله وسلم (الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة).

ومن السـمات الأخـرى المطـلوبـة لتحقيـق الأمـن النفـسي، هـي:الرضـــــــا والقناعة، والأمل، فهذه جميعها يمكنها بث الأمان لـدى من يتحلى بها فكـرا ًوسلوكا ً، فالرضا والقناعة تشعر المـؤمن بأنه قريب مـــن الله وفي رعايته فيطمئن إلى قدرة الله تعالى ويعقل قوله عز وجل: (في بضع سنين لله الأمر من قبل وبعد ويومئذِ يفرح المؤمنون )(الروم4).

    فحيثما يعتـقد المؤمـن بأن الله هـو مدبـر الكون، وأمـره  نافـذ في خلقه تـهدأ نفسه، ويشعر بالأمـن النفسي، والاطمئنان، فالنفـس المطمئنة، هـي النفس المؤمنة، والتـي يكـون سلوكها  و نهجها على ضوء  القرآن الكريم فترقـى في ظله رقيا شاملا ًيتمثل في تقوى الله لقوله تعالى ( ومن يتق الله  يجعل له مخرجا ً ويرزقه من حيث لا يحتسب)(الطلاق 2-3).

   ومن القـيم التي ترفد الأمن النفسي لدى الفرد حسن الظن بالله، والتفاؤل وإذا ما اعتمد القلب على الله وتوكل عليه، ولم يستسلم للأوهام ولا يتملكه الخيال السيئ ووثق بالله وطمع في فضله اندفعت عنه بذلك الهموم والغموم

وزالت عنه كثير من الإسقام، وحصل للقلب من القوة، والانشراح والسرور والغبطة.

  إن شـعور الفـرد بالرضـا من أول أسبـاب الســكينة النفسـية التــي هي سر السعادة، والمؤمن هو الذي يحس تلك الحالة النفسية، فالرضا نعمة روحية مبعثها الأيمان بالله رب العالمين وحسن الظن به.

.....................................................

 1- الدكتور / إبراهيم بن حمد النقيثان / موقع النفس المطمئنة

 2-مجلة الاسرة العربية

 3-  منتديات ليدو

 4- تلفزيون المستقبل

 5- عبد الرزاق عيد / جريدة النهار/ الاربعاء 21 آذار2001

 6- د. فؤاد ابراهيم / شبكة العراق الثقافية

 7- الدكتور عبد الحسين رزوقي مجيد الجبوري/      موقع حياتنا النفسية

شبكة النبأ المعلوماتية-الثنين 9 نيسان/2007 -18/ربيع الاول/1428