تزايد الصراع بين القاعدة مع السنّة في العراق ينبأ بمعركة شاملة

 شبكة النبأ: ينذر احتدام الصراع بين السنة والمسلحين منهم مع تنظيم القاعدة بالوصول الى مواجهة شاملة في المحافظات الغربية وديالى وتكريت قريباً بسبب تسلط القاعدة على فصائل المسلحين ودعوتهم الى ان يكونوا جزءا منها.

وقال محللون لشبكة النبأ المعلوماتية، ابتدأت القاعدة عملياتها الارهابية بأسم المقاومة ضد المحتل ثم كفّرت الشيعة وشملتهم في حرب مفتوحة معلنة وتفجيرات عشوائية مروعة في الاسواق والاماكن العامة لم تستثني تلك التفجيرات طفلا او شيخا او امراة، وبعد ذلك اخذت تستهدف السنّة الداخلين في العملية السياسية، واخيرا تاتي بوادر المواجهة بين مايسمى كتائب ثورة العشرين والجيش الاسلامي في العراق من جهة وبين تنظيم القاعدة الارهابي من جهة اخرى لتكشف ان لا مكان سيسع هذا التنظيم في العراق وهو منتهي لا محالة.  

وتاتي هذه التداعيات نتيجة سياسة القاعدة في استهداف كل من له راي مغاير لنهجها التسلطي الارهابي التكفيري مع انه لا يختلف عن نهج الفصائل التي تدعي المقاومة وتقتل الناس في الاماكن العامة وتنتهك المحرمات وتغتصب الممتلكات.

ويضيف المحللون لشبكة النبأ المعلوماتية، ان مايحصل الان هو جزء من التداعيات التي خلفها عدم انخراط السنّة العرب في العملية السياسية منذ بدايتها، حيث سمحت الاوضاع فيما بعد بتغلغل القاعدة والنهج التكفيري في المنطقة الغربية متخذة من حالة الضياع التي كانت تحيط بالمجتمع هناك حجة مشجعة لاقناع السنّة بضرورة ضرب الحكومة وعدم تشجيع العملية السياسية او الانخراط فيها.

ودعت جماعة سنية عربية متمردة ذات نفوذ. تنظيم القاعدة في العراق الى "مراجعة" تصرفاته فيما يبدو دليلا على شقاق متزايد بين المتمردين المحليين والقاعدة.

وقال الجيش الاسلامي في العراق الذي يعتقد انه اكبر جماعة للبعثيين وضباط الجيش السابقين الذين يقاتلون القوات الامريكية والعراقية انه تعامل مع مسلحي القاعدة "بالحكمة والصبر" للحفاظ على "المشروع الجهادي".

واستدركت الجماعة في بيان حصلت عليه رويترز قائلة "غير أن هذا لم يجد نفعا."

ويمثل ذلك اول انتقاد علني من الجيش الاسلامي الذي يعتقد انه كان يعمل تحت مظلة القاعدة السنيّة في العراق.

وقال البيان مشيرا الى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين "أصبح عامة أهل السنة هدفا مشروعا لهم وخاصة الاغنياء فاما أن يدفع لهم ما يريدون أو يقتلوه.. وكل من ينتقدهم أو يخالفهم ويبين خطأهم في مثل هذه الافعال فانهم يسعون لقتله."

وتابع "وأصبح الاعتداء على بيوت الناس وأخذ أموالهم أمرا سائغا... وأصبح رمي الناس بالكفر والردة أمراً مألوفا مشاعا."

ويتزامن التوتر المتزايد مع صراع قوى بين القاعدة وزعماء القبائل السنييّن ذوي العقلية التقليدية الذين أغضبهم قتل القاعدة دون تمييز للمدنيين في العراق والتفسير المتزمت للاسلام السني.

ويحظى تنظيم القاعدة في العراق بنفوذ كبير في المحافظات الغربية والوسطى وخاصة في منطقة الانبار مترامية الاطراف التي تمتد حتى سوريا.

وقالت الحكومة العراقية مرارا انها تجري محادثات مع جماعات متمردة من العرب السنة لكنها لم تعط تفاصيل محددة على الاطلاق. وقال مسؤولون عراقيون ان مثل هذه المحادثات التي يعتقد انها تمهيدية تستهدف بناء جبهة ضد القاعدة.

وحث مسؤولون من العرب السنّة ما وصفوه "بالمقاومة الحقيقية" على أن تتبرأ من الهجمات المرتبطة بالقاعدة وتشارك في محادثات مع الحكومة لانهاء العنف الذي اصطبغ بصبغة طائفية ودفع البلاد الى شفا حرب أهلية شاملة.

وقال الجيش الاسلامي في العراق انه على العكس من القاعدة يعتقد "بمشروعية التفاوض مع الاعداء" لكنه اضاف انه لم يتفاوض مطلقا مع الامريكيين.

وقال البيان "لم نفاوض أي عدو لا الامريكيين ولا الصفويين ولا غيرهم الى هذه الساعة" مشيرا الى المؤسسة السياسية الشيعية في العراق التي تقود حكومة وحدة وطنية من مختلف الطوائف.

ودعت الجماعة اسامة بن لادن زعيم القاعدة لتحمل مسؤولية اكبر عن "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين".

وقال "كل منتسب الى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين بأن يراجعوا أنفسهم ويتقوا الله تعالى فان الله موقفهم فسائلهم عما كانوا يفعلون. ولمن اقترف حراما بأن يسارع بالتوبة."

وألقي باللوم على القاعدة عن العديد هجمات حديثة على العديد من الشخصيات من المتمردين السنة وايضا زعماء القبائل السنية.

وفي الشهر الماضي قتل زعيم ميداني لجماعة كتائب ثورة العشرين في كمين غربي بغداد القت الجماعة بالمسؤولية عنه على تنظيم القاعدة.

وهذا الزعيم الميداني حارث ظاهر الضاري كان ايضا نجل زعيم قبلي مناهض للقاعدة.

ويضيف تقرير لوكالة فرانس برس، يبدو ان العرب السنة سيتعين عليهم خوض معركة شاملة مع مسلحين مرتبطين بالقاعدة في محافظات العراق السنّية حيث بدأت المواجهة المسلحة هناك في الامتداد نحو بغداد مشيرين الى أنه لم يعد بوسعهم تجنب هذا الامر.

ولتنظيم القاعدة في العراق نفوذ في عدد من المحافظات الغربية والوسطى ولا سيما محافظة الانبار مترامية الاطراف والتي تمتد حتى سوريا.

لكن قتلهم المدنيين دون تمييز وبخاصة في الاسابيع الاخيرة بالاضافة الى فهمهم المتشدد للاسلام نفر منهم زعماء العشائر السنّة التقليديين وأشعل صراعا بين الفريقين على النفوذ.

مواجهة حتمية قادمة

وقال عضو بارز في جبهة التوافق كبرى الكتل العربية السنّية في البرلمان طالبا عدم ذكر اسمه "مواجهتهم صارت حتمية. اذا لم يكن ذلك في الوقت الراهن ففي المستقبل القريب .. ليس لدينا خيار اخر."

"انه قرار صعب والعنف سيزداد لانهم سيقاتلون ردا علينا لكن علينا أن نفعل ذلك."

ورفض العرب السنة الذين كانت لهم الهيمنة في عهد صدام حسين المشاركة في الانتخابات وفي الحكومات التي قادها الشيعة بعد الغزو عام 2003 مما فتح الباب أمام المسلحين السنة بما في ذلك تنظيم القاعدة للتجذر داخل مجتمعاتهم.

ولكن في أواخر العام 2005 شكل الحزب الاسلامي أكبر الاحزاب السنية مع مجموعات سنّية أخرى جبهة التوافق للمشاركة في الانتخابات ومارس في وقت لاحق ضغوطا من أجل الحصول على وظائف في الحكومة.

وقال المسلحون المرتبطون بالقاعدة ان كل من يشارك في العملية السياسية أياً كان هو "خائن ومرتد" ينبغي قتله.

وبعد ذلك بوقت قصير اندلع صراع مسلح بين زعماء العشائر في الرمادي عاصمة الانبار.

وقال مسؤول حكومي من العرب السنة ان "على العراقيين أن يختاروا من يدعمونه لان هذه الجماعات الاجرامية اخترقت المجتمع العربي السني" وأضاف ان المجتمع الشيعي يعاني هو الاخر من "جماعات اجرامية شيعية".

وشجع مسؤولون عراقيون وأمريكيون رجال العشائر على التكتل ضد القاعدة في الانبار.

وأشاد قائد القوات الامريكية في العراق الجنرال ديفيد بيتريوس الاسبوع الماضي برغبة العشائر في قتال القاعدة. وقال ان أعمال العنف التي تقوم بها القاعدة "بدأت تحول المواطنين السنّة في محافظة الانبار ضدهم."

وتكبدت القوات الامريكية أكبر خسائرها البشرية في العراق في محافظة الانبار التي تشكل ثلث مساحة العراق. وامتد الصراع بين العشائر السنية العربية والمسلحين أيضا الى بغداد.

ونجا نائب رئيس الوزراء سلام الزوبعي وهو سني عربي من محاولة اغتيال في أواخر الشهر الماضي.

وبعدها بأيام قليلة قتل ابن أحد زعماء العشائر المناوئة للقاعدة في هجوم بالقرب من بغداد. وكان الابن القتيل قائدا ميدانيا لواحدة من كبرى جماعات التمرد العربية السنية في العراق يعتقد أنها قدمت سرا الدعم للعشائر.

وقال مسؤولون من العرب السنّة ان مثل هذا الهجوم سيتكرر كثيرا.

وقال مسؤول اخر من العرب السنة "انهم متطرفون ليس الا. كل ما يريدونه هو اشاعة الفوضى. ليس لهم جدول أعمال واضح الملامح .. كل ما لديهم هو الموت والقتل والتفسير الخاطيء للاسلام."

وأضاف "لقد بدأوا كمقاومين للاحتلال ثم شرعوا بعد ذلك في استهداف الشيعة والان يقتلون السنة لمجرد مشاركتهم في العملية السياسية."

وحثوا الحكومة على اجراء محادثات مباشرة مع الجماعات المسلحة لعزل " المتطرفين" عن الذين يمكن أن ينضموا الى العملية السياسية في المجتمعات السنية.

وقالت الحكومة انها تجري محادثات مع المسلحين الذين أبدوا استعدادا لإلقاء سلاحهم لكنها استبعدت أي مفاوضات مع القاعدة.

وقال سالم الجبوري عضو البرلمان السني ان على جماعات المقاومة الحقيقية الحضور وتقديم نفسها ومطالبها للحكومة وعلى الحكومة أن تجري محادثات جادة معها.

وأضاف أن هذا سيعزل المتطرفين الذين يستغلون المقاومة كستار لأفعالهم.

توحيد الصف السني والتصدي للفكر التكفيري

ويضيف تقرير لرويترز بشان اعادة تنظيم السنّة لصفوفهم في مطالب وطنية حقيقية كما فعلت عشائر الانبار في صحوتها مؤخرا. حيث دعا عراقيون سنّة اجتمعوا في العاصمة الاردنية عمان الى توحيد الصف السني والتصدي للفكر التكفيري والى درء العنف والفتنة في العراق.

ويهدف المؤتمر الخامس لعلماء العراق الذي حضره حوالي 200 من شيوخ السنة الى التصدي للفتاوى الدخيلة التي تصطدم مع ثوابت الشريعة الاسلامية وتحلل الدم المسلم.

وقال رئيس ديوان الوقف السني الشيخ أحمد عبد الغفور السامرائي لرويترز انه سيتم الاعلان خلال المؤتمر عن تجمع جديد يعتبر مرجعية لأهل السنة يقوم بإصدار الفتاوى التي تراعي مصلحة العراق وتنبذ العنف وتحذر من الفكر التكفيري.

وقال السامرائي "لقد آن الاوان لمشايخنا ان يجمعوا الصف. علينا أن نجمع الشتات ونوحد الكلمة ونكون مفاتيح للخير."

وفي فبراير شباط الماضي أقال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي السامرائي. وقال السامرائي وقتها أن هذا القرار جاء لانتقاده الحكومة العراقية واعتبره غير قانوني.

وحث السامرائي العلماء على العمل على تعليم المسلمين "التجرد من الاحزاب وقبول الرأي الاخر وان لا تضيق صدورهم بمن عارض آراءهم وخالف ملّتهم."

وشدد الشيوخ على خطر الفكر التكفيري السائد بين بعض الشبان المسلمين مؤكدين على حرمة تكفير اتباع المذاهب الاسلامية وحرمة دم المسلم.

وقال الشيخ نعمان عبد الرزاق السامرائي ان التكفيريين لم يدرسوا الشريعة وكفروا الامة كاملة بقادتها وشعوبها.

واضاف "العراق اليوم يشكو من عدة مشاكل من اكبرها التكفير... الطامة ان اكثر دعاتنا من الهواة. دعاة لم يدرسوا الشريعة ويكفرون."

كما أكد الحاضرون على أهمية التعايش السلمي وتوحيد العراق بكافة ملله ومذاهبه ونبذ العنف الذي قالوا انه يخدم مصالح الاحتلال الامريكي واعداء الاسلام وحثوا الشيعة على العودة الى عراق موحد كما كان الحال قبل الغزو.

وقال الشيخ عبد الملك السعدي "لن يستطيع احد ان يستأصل أحدا... لا يمكن للعراق ان يكون كله سنة او شيعة او اكرادا."

وقال لرويترز "نأمل من اخواننا في كربلاء وفي النجف ان يعملوا كما عملنا ويقولوا لفرق الموت وللذين يقتلون على الهوية.. قفوا فأنتم لا تستطيعون ان تجعلوا من العراق أمة واحدة على مذهب واحد او قومية واحدة."

واضاف في كلمته التي أثرت في عدد كبير من الحاضرين وأبكت البعض "ان ما يجري اليوم في العراق لهو عبث وعمل لا نتيجة له وما يستفيد منه الا المحتل واعداء الاسلام."

ورفض العرب السنة الذين كانت لهم الهيمنة في عهد الرئيس السابق صدام حسين المشاركة في الانتخابات وفي الحكومات التي قادها الشيعة بعد الغزو عام 2003 مما فتح الباب أمام المسلحين السنة بما في ذلك تنظيم القاعدة للتجذر داخل مجتمعاتهم.

وتضمن البيان الختامي للمؤتمر الخامس لعلماء العراق الذي حضره عشرات العلماء السنة تشكيل مجلس علماء العراق لسد فراغ في ساحة العمل الفقهي والشرعي على أن ينبثق عنه مجمع فقهي لإصدار الفتاوى.

ودعا البيان الى عقد مؤتمر موسع لعلماء العراق بكافة مذاهبهم لحقن الدم بالاضافة الى التشديد على "حرمة دم المسلم واتباع جميع المذاهب الاسلامية وأي فئة من المسلمين تؤمن بالله ورسوله."

كما اصدر المشاركون في المؤتمر الذي استمر ليومين توصيات منها ضرورة صدور الفتاوى "عن اهل العلم والابتعاد عن الفتاوى المتسرعة والعاطفية وتلك الصادرة عن انصاف المتعلمين."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 8 نيسان/2007 -17/ربيع الاول/1428