شبكة النبأ: في خضم تصاعد وتيرة
التحديات التي يشهدها الوضع الراهن والى جانب الأزمات والكوارث التي
باتت تشكل عبئا ثقيلا على كاهل المواطن العراقي، ثمة واقع لم تلق عليه
الأضواء بالقدر الكافي وبقي يتفاقم ليشكل خطرا اخرا يهدد بمسخ كل
مقومات النسيج الاجتماعي.الا وهو(ظاهرة التسول).
هذه الظاهرة بدأت تنمو وبخطى ثابتة منذ أيام النظام السابق ولحد
الآن من دون ان يردعها هاجس الاستحياء، بل على العكس أصبحت سمة مميزة
وحالة مألوفة في الشارع العراقي فما يحصل في العراق اليوم قد يحمل
الشيء الكثير من الدلائل ومن علامات الاستفهام، حيث يطفو هذا البلد على
بحر من النفط إلا أن الكثير من أبناءه يعيشون حالة من البؤس والحرمان
ويجوبون الأزقة والشوارع بحثا عن لقمة العيش.
لقد جاءت أحداث العراق في9 /4 /2003 ليزداد الوضع سوءاً جراء صدور
عدد من القرارات التي تقضي بحل بعض الدوائر والوزارات ليصطف جيش جديد
من العاطلين ويلتحق بركب الفقراء والمساكين ومن ثم ليشكلوا عنوانا آخر
له القدرة على تقديم الدعم والعون للعديد من الظواهر الخطرة التي اصبحت
بمثابة قنبلة موقوتة بين حفظ كرامة الإنسان وبين دعم الجريمة اوتقديم
العون للإرهاب مقابل المال.
(شبكة النبأ المعلوماتية) استطلعت اراء بعض المواطنين عن الاسباب
والسبل الكفيلة لتقويض تلك الظاهرة ومحاولة الارتقاء بواقع العائلة
العراقية.
وقفتنا الأولى كانت مع السيد (صادق غريب) الذي قال لـ شبكة النبأ:
من الظلم والإجحاف ان ندّعي بان ظاهرة التسول وليدة التو واللحظة أو
حكراً على امة دون سواها أو تعنى بزمن دون غيره بل على العكس هي ممتدة
لكل العصور وتشمل كل الشعوب، ولكن ما يحصل في العراق قد يشير باصبع
الاتهام الى سوء الإدارة والى سوء توزيع الثروة، فقد أثخن هذا الشعب
بالجراح من جراء الحروب التي خاضها، والتي قد خلفت له مئات الآلاف من
الأيتام والأرامل، وكذلك أحدثت شرخ واضح في بناء كيان الأسرة، كما أنها
أعطت متسعا لابناء الشهداء وزوجات الشهداء فرصة النزول الى الشارع
للبحث عن لقمة العيش عن طريق التسول.
أما (علي إبراهيم) وهو صحفي فقد قال لـ شبكة النبأ: لا استطيع ان
احمل المتسولين مسؤولية التسول او مسؤولية البحث عن لقمة العيش، بل على
العكس اني احمل المسؤولية كاملة على عاتق الحكومة وعلى مؤسسات المجتمع
المدني، فانه واجب انساني ووطني وديني يحتم عليهم البحث عن السبل
الكفيلة للارتقاء بواقع الفرد العراقي.
أما (عدنان عباس) وهو كاتب، فكان له راي اخر ادلى به لـ شبكة النبأ
قائلا: أن ظاهرة التسول اليوم تحمل بصمات المافيا المنظمة، بل ربما هي
اكثر تعقيدا من خلال استخدام الأطفال وبأعمار متفاوتة وتوزيعهم على
الطرقات والتقاطعات الرئيسية وفي الساحات وفي الاماكن المقدسة، والادهى
من ذلك ربما يتعلم الأطفال أساليب جديدة للسرقة من خلال امتهان عملية
التسول، أذن أصبحت تلك الظاهرة ملاذ آمن لتحقيق غايات ضعاف النفوس.
وتحدث السيد(عدنان جواد) لـ شبكة النبأ قائلا: عندما نحاول تسليط
الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة، يجب أن نستغرق في دراسة العوامل
والاسباب الحقيقية التي افضت الى وجودها بالأساس، وذلك من خلال البحث
في حيثيات جوانبها الإنسانية والمادية والاجتماعية والامنية كذلك، ومن
دون ان نتجاهل سوط الفقر اللاذع الذي أنزل هؤلاء الناس الى الشارع
وجعلهم عرضة لألسن وعيون الآخرين، بالإضافة الى كونها مؤشر سلبي أو
علامة خاطئة يمكن أن تستمد منها آفة القتل والإرهاب العون والقوة، لذا
يجب علينا أن ننتبه الى تلك الظاهرة الخطرة، وذلك من خلال استقراء
الاسباب الحقيقية لوجودها وكيفية القضاء عليها.
إلا ان المواطن(احمد كريم) كان له راي مغاير، حيث يقول لـ شبكة
النبأ:
ان ظاهرة التسول سلاح ذو حدين فتارة يعبر عن وجدان هؤلاء الناس
الذين دفعهم الجوع الى تحمل إهانات الآخرين ونظراتهم المعبرة عن
الاحتقار وذلك ظناً منهم بانها الطريقة الامثل لسد أغوار بطونهم
الخاوية وحاجاتهم الاخرى، اذن هو القدر وعوامل أخرى هي التي دفعتهم الى
هذه الحالة، وتارة اخرى يمكن أن تشكل تلك الظاهرة محطة لكي تستغل فيها
النساء الى جوانب غير اخلاقية، اما الأطفال فيمكن أن يتعرضوا ايضا الى
الوان عديدة من اساليب الانحطاط الأخلاقي.
اذن ها هي اراء الموطنين الذين استطلعناهم، انها تنطق بان نتسلح
جميعا باسباب الحكمة وان نطلق العنان للرحمة فيما بيننا، اذن هو واجب
ديني واخلاقي يحتم علينا ان نحرص جميعا من الحكومة الى مؤسسات المجتمع
المدني الى الناس أنفسهم وذلك لاحتواء تلك الظاهرة او الازمة التي تمثل
وصمة عار في جبين كل شيء يمت الى الحياة او الإنسانية بصلة. |