زيارة بيلوسي لسوريا تضفي على الصراع المحلي الديموقراطي الجمهوري طابعا دوليا

 شبكة النبأ: يواصل الديمقراطيون الذين فازوا بأغلبية مقاعد مجلس النواب ترسيخ سيطرتهم وفرض رؤاهم في مجلسي النواب والشيوخ الامريكيين على ادارة الرئيس الجمهوري جورج بوش، مشكلين عقبة أمام عمل ادارته على الصعيدين الداخلي والخارجي.

وقال محللون لشبكة النبأ المعلوماتية، بعد نجاحهم بتمرير مشروع قانون يربط تمويل الحرب في العراق بجدولة سحب القوات الاميركية منه، جاء اصرار رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي على زيارة سوريا ليشكل ساحة مواجهة اخرى مع البيت الابيض الذي قاد جهودا كبيرة لفرض عزلة دولية على هذه الدولة التي يتهمها بدعم الارهاب.

واضاف المحللون، من الواضح ان تحركات الديمقراطيين في الاونة الاخيرة تهدف من ناحية الى التشكيك بجهود الرئيس بوش في ستراتيجيته المتبعة لحرب الارهاب بالعراق أملاً في كسب الراي العام وتمهيدا للفوز بالانتخابات الامريكية القادمة.

ومن ناحية اخرى فان هذه الزيارة يمكن ان تندرج ضمن جدول اعمال خاص بالحزب الديمقراطي الغرض منها تأسيس رؤية جديدة  يتم التعامل مع المنطقة ككل من خلالها اذا ما تحقق الفوز للديمقراطيين في انتخابات الرئاسة الامريكية القادمة، بحيث سيجدون عندها قاعدة تفاهم جديدة واسلوب لم يتبعه بوش في سياساته الخارجية الحالية.

واضاف المحللون، عملياً يعتبر تدخل الديمقراطيين في ادارة الرئيس للحرب بالعراق غير ذو جدوى واقعية ولا يغير من المسار شيئا، وهم يعلمون جيدا ان سلطة الرئيس هي اعلى سلطة في البلاد ويستطيع بها تنفيذ او اعتراض أية قوانين حتى وان اجمع عليها مجلسي التشريع الرئيسيين في امريكا.

وهذا بالضبط ما اشار اليه نائب الرئيس ديك تشيني في تقرير للـ(CNN) حيث انتقد الكونغرس واستراتيجيته الساعية لفرض الانسحاب الامريكي من العراق، مكررا تهديد الرئيس جورج بوش باستخدام حق النقض "الفيتو" للحيلولة دون تمرير إجراءات تربط مبلغ تمويل الحرب الاضافي وقدره 100 مليار دولار، بسحب القوات الامريكية في موعد أقصاه نهاية العام 2008.

وقال تشيني في حفل أقامه السيناتور الجمهوري جيف سيشنس في ألاباما لجمع تبرعات لحزبه "لا يمكنك كسب حرب إذا قمت بإبلاغ العدو أنك ستنسحب."

واضاف ان دور قيادة الجيش الأمريكي هو ابلاغ الرئيس بهذه الخطط وليس الكونغرس.

وقال"الواقع هو ان الجيش الامريكي يستجيب الى قائد أركان واحد في البيت الابيض وليس إلى 535 في مبنى الكابيتول هيل."

يُذكر ان الدستور الامريكي يمنح الكونغرس دورا واضحا وحصرياً في تمويل العمليات، وليس في تقرير السياسة العسكرية.

ويضيف المحللون لشبكة النبأ المعلوماتية، عموما فان هذه الزيارة يمكن ان تندرج ضمن جدول اعمال خاص بالحزب الديمقراطي الغرض منها تأسيس رؤية جديدة  يتم التعامل مع المنطقة ككل من خلالها اذا ما تحقق الفوز للديمقراطيين في انتخابات الرئاسة الامريكية القادمة، بحيث سيجدون عندها قاعدة تفاهم جاهزة واسلوب جديد لم يتبعه بوش في سياساته الخارجية الحالية.

ان بيلوسي التي تنتمي للحزب الديمقراطي، هي اكبر مسؤولة أمريكية تقوم بزيارة الى العاصمة السورية خلال السنوات الاخيرة، وقد اعلنت انها ترغب في مناقشة دور سورية في الشرق الاوسط وأن تعمل على بناء الثقة بين المسؤولين الامريكيين والمسؤولين السوريين خلال اجتماعاتها في دمشق وتقول انها تأمل في احياء العلاقات مع سوريا وتغيير سلوكها.

موقف سورية في العراق

وقالت بيلوسي انها ستناقش ايضا دور سوريا في العراق ومساندتها لجماعات مسلحة وتسريب مقاتلين اجانب وانتحاريين عبر الحدود مع العراق، ورعايتها مصالح حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني.

وسلمت بأن لسوريا دورا تقوم به في لبنان الذي يشهد ازمة سياسية بين السنيورة والحريري وحلفائهما المناهضين لسوريا وبين المعارضة التي تضم حزب الله الحليف لسوريا وايران.

وقالت "نعلم ان الطريق لحل بعض تلك المشاكل يمر بدمشق."

وقد رحبت وسائل الاعلام الحكومية السورية بزيارة بيلوسي وقالت ان المباحثات يمكن ان تبدد "الكثير من سوء التفاهم بين الطرفين".

انتقادات البيت الابيض

وانتقد البيت الابيض زيارة بيلوسي لسوريا ولقاءها المتوقع مع الرئيس الاسد الذي تتهمه الولايات المتحدة بتوتير الاوضاع في المنطقة.

ففي تقرير للبي بي سي، قال الرئيس الامريكي جورج بوش ان زيارة بيلوسي الى دمشق ترسل "رسائل متباينة" من شأنها تقويض الجهود بقيادة الولايات المتحدة لعزل الرئيس السوري، وأضاف بوش "التقاط الصور أو الاجتماع مع الرئيس الاسد سيؤدي الى ان تعتقد حكومة الاسد بأنها جزء من المجتمع الدولي، بينما هي في واقع الامر، دولة ترعى الارهاب".

وصرحت الناطقة بأسم البيت الابيض دانا بيرينو بأن، "سورية تعتبر راعية للارهاب وتحاول الاطاحة بالحكومة اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة وتسمح للمقاتلين الاجانب والانتحاريين بالعبور الى العراق عبر حدودها".

وقالت بيرينو "ان هذه الزيارة تخفف الضغوط التي نمارسها على دمشق من اجل تغيير سلوكها" واضافت اننا نعلم منذ زيارة وزير الخارجية الامريكي السابق كولن باول الى دمشق عام 2002 و2003 ان مثل هذه الزيارات غير مثمرة وتستغلها سورية في حملة علاقاتها العامة".

وقالت "ان سلوك سورية لم يتغير والرئيس الاسد يستغل مثل هذه الزيارات". واضافت "ان الجلوس مع الرئيس السوري والتقاط الصور معه تعتبر فكرة سيئة للغاية".

وكان الناطق باسم الخارجية الامريكية شون ماكورماك قد صرح سابقا بان "زيارة مسؤولين امريكيين رفيعي المستوى الى سورية غير مناسبة في هذا الوقت".

ويرافق بيلوسي في هذه الزيارة الى دمشق كل من النائب الجمهوري كيث اليسون، وهو اول مسلم يدخل مجلس الشيوخ، وتوم لانتوس رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب.

وذكر تقرير لرويترز ان رئيسة الكونغرس الامريكي نانسي بيلوسي جالت في الاحياء القديمة في دمشق قبل التقائها بالرئيس بشار الاسد في زيارة وصفها البيت الابيض انها "فكرة سيئة".

وكانت بيلوسي التي ستلتقي الرئيس الاسد قد قالت في بيروت انها "لا تملك اوهاما" ولكنها تعقد آمالا على لقائها بالزعيم السوري الذي تدهورت علاقاته بالولايات المتحدة بعد اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري.

وقال مسؤولون سوريون انهم يأملون ان تعيد زيارة بيلوسي الى دمشق التوازن للسياسة الامريكية في الشرق الاوسط والتي تراها سوريا بانها منحازة الى اسرائيل.

واستقبلت بيلوسي الديمقراطية ووفدها العالي المستوى بحفاوة في مطار دمشق الدولي حيث كان في انتظارها وزير الخارجية وليد المعلم.

وكانت الولايات المتحدة قد سحبت سفيرها من دمشق بعد اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري في فبراير شباط عام 2005.

وزارت مجموعات من الاعضاء الجمهوريين والديمقراطيين بالكونجرس دمشق واجتمعت مع الاسد في الاشهر القليلة الماضية بعد ان اوصت لجنة دراسة العراق(بيكر هاملتون) بتكثيف الجهود الدبلوماسية لتشمل سوريا وايران للمساعدة في تهدئة العنف في العراق.

وقالت بيلوسي في تقرير للـCNN، "بالتأكيد أن الطريق لحل بعض المشكلات الرئيسية في منطقة الشرق الاوسط، يجب ان يمر بدمشق".

وأشارت الى ان محادثاتها مع المسؤولين السوريين، ستتركز ايضاً على "موضوع مكافحة الارهاب برمته، والحرب ضد الارهاب، والدور الذي يمكن لسوريا ان تلعبه لحل هذه الامور، بالاضافة الى الدور السوري في العراق ودورها في مساندة حركة حماس وحزب الله."

وكان الرئيس السوري قد التقى، في وقت سابق وفداً من الأعضاء الجمهوريين بالكونغرس، في ختام زيارة استمرت يومين، للعاصمة دمشق، جاءت في اطار الإعداد لزيارة بيلوسي لسوريا.

وكان البيت الابيض، ووزارة الخارجية الامريكية، قد انتقدت الزيارة المرتقبة لبيلوسي الى سوريا، في اطار جولة شرق أوسطية بدأت الجمعة.

ورغم معارضة إدارة بوش للزيارة، فقد أكدت وزارة الخارجية انها قدمت المعلومات الاساسية للوفد المرافق لبيلوسي، وعلى استعداد لتقديم المساعدة على الارض في سوريا.

ومن جانبها، عبرت السفارة السورية في واشنطن، عن أملها في ان تسهم زيارة بيلوسي لدمشق، في التخفيف بما وصفته بـ"التشنجات" الحاصلة بين البلدين.

ووفقا للتقارير الأميركية، حاول البيت الابيض إقناع بيلوسي بإلغاء زيارة دمشق وعندما فشل في ذلك حث وفدها على توجيه "رسالة شديدة اللهجة" الى الحكومة السورية بشأن احترام حقوق الانسان في سوريا ولبنان.

ويرافق بيلوسي في جولتها النائب عن الحزب الديمقراطي توم لانتوس الذي يرأس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب والمعروف بموقفه الصارم تجاه الحكومة السورية، وهو مؤيد بارز لإسرائيل.

وفي تقرير للجزيرة نت قالت وزارة الخارجية الاميركية انها حاولت ثني بيلوسي عن خطوتها، مؤكدة على لسان المتحدث بأسمها شون ماكورماك ان دمشق تستغل مثل هذه الزيارات دليلا تقدمه لبقية العالم على ان سياساتها لا تشوبها أخطاء.

واضاف "ليس هذا الوقت المناسب من وجهة نظرنا لقيام مثل هذه الشخصيات عالية المستوى بزيارة سوريا"، وتعد بيلوسي التي ستترأس وفدا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي ثالث أهم شخصية في الولايات المتحدة بعد الرئيس الأميركي ونائبه ديك تشيني.

وبهذه المناسبة أعادت الادارة الاميركية تكرير الاتهامات التي توجهها لسوريا التي تعتبرها عدوها اللدود في المنطقة بعد طهران، بدءا من احتضانها فصائل فلسطينية تتهمها واشنطن بالإرهاب، مرورا بالاتهام بزعزعة استقرار لبنان، وصولا إلى تسهيل دخول مقاتلين أجانب للعراق لإفشال جهود القوات الأميركية فيه.

أما المتحدث باسم بيلوسي فقد أكد ان الزيارة تاتي في اطار توصيات مجموعة دراسة العراق، بتكثيف الجهود الدبلوماسية لتشمل سوريا وإيران للمساعدة في تهدئة العنف بالعراق.

وكانت الادارة الاميركية قد رفضت هذه التوصيات سابقا، ونددت بزيارة قام بها عدد من اعضاء الكونغرس لدمشق في اطار توصيات المجموعة. 

ونقلت وكالة "سانا" السورية للانباء، ان الرئيس الأسد التقى كلاً من فرانك وولف، وجو بيتس، وروبرت أدرهولت، اعضاء مجلس النواب الامريكي، بحضور وليد المعلم، وزير الخارجية.

واضافت الوكالة، انه جرى خلال اللقاء، تبادل وجهات النظر حول الوضع في العراق، والمنطقة بشكل عام.

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 5 نيسان/2007 -14/ربيع الاول/1428