القمة العربية تمهد لعلاقات عربية اسرائيلية شاملة بقيادة سعودية

 شبكة النبأ: يقول محللون ان القمة العربية التي عقدت هذا الاسبوع في الرياض تزيد من احتمال اجراء محادثات سلام بين السعودية واسرائيل في نهاية المطاف الا ان على السعودية ان تتعامل بحرص فيما يتعلق بأي اتصالات مع الدولة اليهودية.

وقال مسؤولون عرب في القمة التي اختتمت يوم الخميس ان المملكة العربية السعودية وافقت على ترؤس لجنة من الدول العربية ستكون مكلفة بالترويج لمبادرة عربية قائمة على مبدأ الارض مقابل السلام لانهاء الصراع العربي الاسرائيلي المزمن. بحسب رويترز.

وقد تمهد هذه الالية الطريق امام الدول العربية التي ليست لها علاقات مع اسرائيل لفتح قنواتها الدبلوماسية الرسمية الخاصة وهو هدف تسعى اليه الولايات المتحدة منذ وقت طويل.

وأبلغ الرئيس الفلسطيني محمود عباس الزعماءالعرب في الجلسة الختامية بأن اللجنة يجب ان تجري اتصالات مع جميع "الاطراف المعنية" بعملية السلام في اشارة الى مجموعة من الدول بينها اسرائيل.

ورفض وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل في مؤتمر صحفي عقب القمة التزحزح عن المقترحات من اجل الترويج لمبادرة السلام العربية لكن الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى قال انه لن يكون هناك تطبيع من دون مقابل.

وقال دبلوماسيون ومحللون ان على السعودية ان تتوخى الحرص قبل تقديم اي مبرر لاجراء محادثات مع اسرائيل التي تطالبها الدول العربية باعادة اراضي احتلتها في حرب 1967 الى كل من سوريا ولبنان والفلسطينيين الذين يريدون اقامة دولة.

وقال دبلوماسي غربي "بالتأكيد هناك حالة من التوتر بين الذين يقولون (لن نتحدث ابدا مع اسرائيل) ومن الجانب الاخر للمبادرة العربية الذي يقول (سنقوم بالتطبيع في نهاية المطاف)."

ولا تقيم سوى ثلاث دول عربية فقط علاقات دبلوماسية كاملة مع اسرائيل هي مصر والاردن وموريتانيا رغم ان بعض الدول الاخرى ترتبط معها باتصالات تجارية محدودة. وستكون المملكة العربية السعودية بمثابة جائزة كبيرة بسبب مكانتها في العالمين العربي والاسلامي.

وردت اسرائيل على القمة بالقول بانها مهتمة بالحوار مع الدول العربية التي "ترغب في السلام مع اسرائيل من اجل العمل على "تطبيع" العلاقات والتعاون.

وكان متشددون اسلاميون غاضبون اغتالوا الرئيس المصري انور السادات عام 1981 بسبب ابرامه اتفاقية سلام مع اسرائيل.

وقال المحلل مصطفى العاني المقيم في ابوظبي انه اذا كانت الولايات المتحدة تتوقع من السعوديين اقامة علاقة من اي نوع مع الاسرائيليين فهذا درب من دروب المستحيل.

واضاف ان القيمة الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية لن تسمح للقيادة السعودية بتقديم تنازلات في هذه القضية. وقال انه لا يعتقد ان هذا الامر ممكن الحدوث وستكون له اثار معاكسة.

والمملكة العربية السعودية موطن الفكر الاسلامي السني المتشدد الذي غالبا ما يوصف باسم الوهابية. وينفذ المتعاطفون مع القاعدة المتأثرين الى حد ما بالفكر الوهابي هجمات منذ عام 2003 بهدف اسقاط الاسرة الحاكمة.

وأكد دبلوماسيون ان عدة لقاءات غير رسمية جمعت بين مسؤولين اسرائيليين والامير بندر بن سلطان الذي قاد جولة من الدبلوماسية المكوكية في المنطقة خلال الاشهر الماضية تركزت بصفة اساسية على ايران والعراق ولبنان.

ونفت المملكة العربية السعودية اجراء اي اتصالات مع اسرائيل.

وأكد دبلوماسيون في الرياض اجتماعات الامير بندر مع المسؤولين الاسرائيليين لكنهم يقولون انه ليس واضحا ما اذا كانت تمت بموافقة الملك عبد الله ام لا.

وينظر الى الامير بندر وهو سفير سابق للسعودية لدى واشنطن على انه طرف مستقل.

وقال مسؤول اوروبي خلال القمة في الرياض عن امكانية اجراء اتصالات بين السعودية واسرائيل "انها تتجه الى مكان ما ولكنهما في الوقت الراهن يحومان حول بعضهما البعض."

من جهته نسب موقع (واي.نت) YNet الاخباري التابع لصحيفة يديعوت أحرونوت الى رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت قوله يوم الخميس ان "تغيرا ثوريا" حدث في رؤية الدول العربية لاسرائيل.

ونقل الموقع عن أولمرت قوله خلال حفل استقبال لأعضاء في حزبه كديما "توجد عملية هنا صقلتها الحرب في لبنان (العام الماضي).. وهذه العملية جعلت الدول المؤثرة في العالم العربي بدأت تدرك أن اسرائيل ليست أكبر مشاكلها. هناك تغير ثوري في مفهومهم."

ولم يتسن على الفور الاتصال بمكتب اولمرت للحصول على تعقيب.

ووصف أولمرت القمة بأنها "حدث جدي بالتأكيد".

ونقل عنه القول "نحن لا نخدع أنفسنا. انهم يريدون عودة الي حدود 1967 وهم يريدون أيضا حق العودة (للاجئين الفلسطينيين)."

وقال ان اسرائيل لم تفاجأ وكانت تتوقع هذه النتيجة.

وأضاف اولمرت ان السعودية هي الدولة التي "ستحدد في نهاية المطاف قدرة العرب على الوصول الي حل وسط مع اسرائيل."

وقال "يوجد هنا اتجاه مُهم يسترعي الانتباه...استعداد السعوديين للقيام بدور رائد والتدخل هو بالتأكيد شيء مثير للاهتمام."

ومضى أولمرت قائلا "اننا لا نبالغ في هذه المسألة لكننا لا نغفلها أيضا."

وفي وقت سابق من يوم الخميس قال مسؤول بمكتب أولمرت ان رئيس الوزراء يدرس المبادرة العربية.

وقالت الولايات المتحدة انها تعتبر نتيجة القمة العربية "إيجابية جدا". 

واعتبر رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت في مقابلات صحافية نشرت الجمعة ان اتفاقية سلام شاملة يمكن ان تبرم بين اسرائيل و"اعدائها" في غضون خمس سنوات.

واضاف في تصريح للصحيفة الاسرائيلية الرئيسية "يديعوت احرونوت" "ثمة احتمال فعلي ان تتمكن اسرائيل من توقيع اتفاقية شاملة للسلام مع اعدائها في غضون خمس سنوات". ورد اولمرت بالايجاب عندما سئل ما اذا كان يعني "كل العالم العربي".

وقال "ثمة امور تحصل لم تكن تحصل في الماضي وتتطور وتنضج. يجب ان نعرف كيف نستغل هذه الفرصة".

واضاف "اولا هناك تحول على المستوى الدولي بشأن حاجات اسرائيل الفعلية. القمة العربية (في الرياض) واطلاق حوار بيني وبين ابو مازن (رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس) يندرجان في اطار المعطيات الجديدة".

وهذه المبادرة التي عرضتها السعودية واقرتها قمة بيروت العربية العام 2002 تنص على تطبيع العلاقات مع اسرائيل في مقابل انسحاب اسرائيلي كامل من الاراضي التي احتلتها العام 1967 واقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية وتسوية "عادلة يتفق عليها" لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين.

ويقول المحللون ان القمة تمثل خطوة طيبة اذا ما قورنت بحالة الجمود العربي المعهودة الا ان امام المبادرة شوط طويل كما ان الامر يستلزم قدرا كبيرا من الدبلوماسية الخلاقة من اجل ايجاد حلول تاريخية لم يكتب لاجيال من الساسة ووسطاء السلام ان يتوصلوا اليها.

وقال معين رباني وهو محلل رفيع من المجموعة الدولية لمعالجة الازمات يتخذ من عمان مقرا له "اعتقد انه سيكون هناك جهد منسق لانجاز هذا العمل... الا انه سيصادف نفس العراقيل التي جابهتها جهود سابقة لاسيما ما يتعلق برغبة اسرائيل في الانسحاب الى حدود عام 1967 من عدمه."

وقال "في الوقت الراهن لا اظن بوجود اي دليل حقيقي على ان هذه الادارة الامريكية لديها الرغبة في تنفيذ مبدأ السلام الكامل مقابل الانسحاب التام."

ويلقي محللون اخرون بشكوك على قدرة اولمرت على حشد تأييد شعبي لأي خطوات سلام جذرية وذلك في ضوء انحسار التأييد لحكومته منذ انتهاء الحرب غير الحاسمة على لبنان العام الماضي. حسب رويترز.

ولم تبد الادارة الامريكية اهتماما يذكر بتحريك عملية السلام في الشرق الاوسط الى الامام خلال معظم فترات حكم الرئيس جورج بوش الابن الا انها بذلت جهودا جديدة في الاونة الاخيرة.

وتقوم وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس بانتظام بجولات مكوكية في الشرق الاوسط وتوصلت في الاونة الاخيرة لاتفاق بشأن عقد اجتماعات دورية بين اولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس فيما تقول واشنطن انه يتوجب على العرب استغلال هذه الفرصة السانحة لاشراك اسرائيل في العملية.

الا ان العرب يحاولون في هذه المرة خلق فرص من صنعهم. ففي الوقت الذي لم يبذل فيه العرب جهودا كافية للترويج لمبادرة عام 2002 في حينها فقد شكلوا هذه المرة لجنة برئاسة السعودية حليفة واشنطن لمتابعة عمل اللجنة وهو الامر الذي ربما يمهد السبيل امام دول عربية لا تقيم علاقات مع اسرائيل لفتح قنوات.

وقال رايم الاف من مركز تشاثام هاوس البحثي في لندن "لدينا الرباعي الدولي المؤلف من الولايات المتحدة والامم المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي ولم يفعل اي شيء يذكر."

واضاف "حقيقة انهم (العرب) قد اعادوا اطلاق هذه المبادرة دون اجراء اي تعديلات كبيرة عليها انما يعني انهم لا يتوقعون الكثير... رفض الاسرائيليون ذلك من قبل لذا فلا ارى ان الامر سيقطع شوطا طويلا."

واذا نحينا جانبا رد الفعل الاسرائيلي فان العرب انفسهم لا يتفقون جميعهم على المباديء التي تتضمنها مبادرة السلام العربية.

فحركة المقاومة الاسلامية حماس التي ترأس الحكومة الفلسطينية تشعر بقلق لان الخطة العربية لا تنص صراحة على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى الديار التي نزحوا عنها عقب قيام اسرائيل.

وخلال اجتماعات سبقت القمة العربية اتفق خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس مع العاهل السعودي الملك عبد الله على عدم المعارضة العلنية للمبادرة الا ان ساسة حضروا القمة يقولون ان حق العودة كان يمثل مثارا للجدل بالنسبة الى الفلسطينيين.

ونددت بالخطة العربية ايضا عدة فصائل فلسطينية تتخذ من دمشق مقرا لها وهي فصائل تعارض اتفاقات السلام الفلسطينية مع اسرائيل.

ويقول محللون انه في الوقت الذي اتفقت فيه دول عربية على تنشيط مبادرة السلام دون ادخلال اي تعديلات عليها فان اي تغييرات تنشأ خلال محادثات مستقبلية يتعين اعادة الموافقة عليها وهو امر قد يفتت الجبهة العربية الموحدة التي تريد السعودية ان تقودها.

ومع كل هذا فان اسرائيل تحبذ دوما التفاوض مع الدول العربية كل على حدة وبرهنت محادثات السلام السابقة على ان الشيطان يكمن دوما في التفاصيل.

وقال جيرالد شتاينبرج رئيس برنامج ادارة الصراع بجامعة بار ايلان الاسرائيلية ان الخطة العربية قد تثبت جدواها اذا كانت السعودية جادة غير ان الفلسطينيين ليسوا في موقف يتيح لهم التوصل الى توافق بشأن قضيتي اللاجئين او القدس.

وقال "انها تفاصيل اساسية للهوية وليست مسألة وضع خط بسهولة ثم نقول اننا سنقايض بعض الامتار هنا وبعض الامتار هناك."

وقال "ان الانخراط في مسائل الهوية لم يبدأ خلال السنوات الستين الاخيرة ولن يحدث بين عشية وضحاها بغض النظر عن مدى سلامة هذه المبادرة."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 1 نيسان/2007 -10/ربيع الاول/1428