مع طفرة الوقود الحيوي.. هل يعاني المزيد من الناس الجوع؟

ربما يكون استغلال النباتات لسد حاجة البشرية من الوقود فكرة عظيمة وربما أيضا تصبح مصدر ثروة العديد من الدول النامية الا أن بعض الخبراء يحذرون من أنه قد يؤدي الى معاناة كثير من البشر الجوع بسبب ارتفاع أسعار الطعام.

ويقول دعاة الوقود الحيوي انه عما قريب قد تسير مركباتنا بالذرة ونولد الكهرباء من السكر ونحصل على الطاقة من زيت النخيل حسب رويترز.

وبالرغم من أن طفرة الوقود الحيوي في بدايتها الا أنها رفعت تكلفة الحبوب في بعض المناطق مثل المكسيك التي خرجت بها مظاهرات احتجاجا على ارتفاع أسعار (التورتيا) الخبز المحلي.

ويتنبأ بعض الخبراء بتغير دائم في اقتصاديات الغذاء اذا حصل المزارعون على أرباح من المحاصيل التي ستخصص للوقود أعلى من تلك التي يحصلون عليها اذا ما زرعوا محاصيل لاطعام البشر.

ويقول خبير امدادات الاغاثة الغذائية البريطاني ادوارد كلاي "نحن نشهد بنية جديدة للاسواق." وأضاف "قد تكون لها تأثيرات عميقة على الفقراء."

وتعهد زعماء العالم في عام 2000 بتقليل سكان العالم الذين يعيشون على دولار أو أقل يوميا ويقاسون الجوع بنسبة النصف عام 2015. ويقدر هؤلاء بنحو 1.2 مليار نسمة وهو ما يساوي خمس سكان الكوكب في 1990.

وطبقا لمراجعة في عام 2006 لتقويم مدى الالتزام بالهدف السابق فان قرابة 824 مليون نسمة في العالم النامي عانوا جوعا مزمنا في 2003 وغالبيتهم جنوب الصحراء الافريقية وفي جنوب اسيا.

ومع انخفاض موارد الشركات الغربية من النفط وارتفاع أسعاره الى قرابة ثلاثة أمثاله منذ بداية 2002 لاعلى من 60 دولار للبرميل فان استخدام الوقود الحيوي على نطاق واسع بدا هدفا يمكن الوصول اليه.

وتبحث الحكومات وشركات النفط عن موارد وقود بديلة وأعلن الرئيس الامريكي جورج بوش صراحة أنه يؤيد تحولا مهما نحو الوقود الحيوي.

ويرفع مزارعون في الولايات المتحدة انتاجهم من الذرة التي تعتبر مادة خاما مربحة لانتاج الوقود الحيوي. وتسبب الطلب المتزايد على الايثانول الذي يستخرج من محاصيل مثل الذرة وقصب السكر في رفع أسعار الذرة لاعلى مستوياتها في السنوات العشر الماضية.

ويشعر المكسيكيون بتأثير ذلك. فقد اشترك عشرات الالاف في مظاهرات في يناير كانون الثاني عندما ارتفعت أسعار الخبز المحلي الى ثلاثة أمثال السعر السابق الى 15 بيزو (1.36 دولار امريكي) للكيلوجرام. وينتج كيلوجرام الذرة حوالي 35 من أقراص التورتيا الرقيقة التي تعتبر غذاء شعبيا مكسيكيا.

وبما أن نصف المكسيكيين يعيشون على 5 دولارات أو أقل في اليوم فان هذا الارتفاع لا يعتبر طفيفا على الاطلاق. وقد تدخل الرئيس فيليب كالديرون المحافظ المؤيد لتحرير الاقتصاد من أجل تثبيت الاسعار.

ولكن هل يعتبر هذا مؤشرا على عصر اقتصادي جديد..

منذ الحرب العالمية الثانية وتكاليف الغذاء تنخفض نسبتها من الدخل في الغرب على الاقل. ويقول الخبير كلي ان أحد الاسئلة الكبيرة الان هو ما اذا كان الوقود الحيوي سيعكس الاتجاه ويأخذ العالم الى عصر اقتصادي جديد يصعب على الفقراء تحمله.

وبالرغم من أنه يقول ان ارتفاع الاسعار الحالي سيكون قصير الامد الا أن كلاي ليس مقتنعا بأن أسعار الغذاء ستعود لسابق عهدها قبل طفرة الوقود الحيوي. ويقول "بحلول العالم القادم ستبدأ الاسعار في الانخفاض... الا أن هذا لا يعني أنها ستنخفض في أي وقت الى ما كانت عليه في السابق."

وليست الولايات المتحدة والبرازيل أكبر منتجين للوقود الحيوي في العالم الوحيدتين اللتين انضمتا لركب الوقود الجديد. فقد لحقت بهما الصين وهي الان الدولة الرابعة في انتاج الوقود الحيوي.

وتتزايد الضغوط لتحويل الاراضي المزروعة من المحاصيل الغذائية الى محاصيل الوقود بسبب زيادة الطلب على الوقود الحيوي وهو ما سيساهم في رفع الاسعار.

وسيسهم في ارتفاع الاسعار توجه اقتصادي الصين والهند الصاعدين نحو تحقيق اكتفاء ذاتي ليس فقط من الوقود وانما من الغذاء أيضا. فالطبقة الوسطى المتنامية في الصين تريد أن تتناول المزيد من اللحوم وهو ما يتطلب انتاج مزيد من حبوب الاعلاف وهو ما سيرفع بدوره الاسعار.

وبينما سيكون من المحتمل خفض الاسعار بسبب اتجاه المزارعين لانتاج محاصيل غذائية في الاجل القصير فان فرصة التغيير محدودة.

ويقول العديد من العلماء والاقتصاديين ان الصين والهند ليس لديهما مياه كافية لزيادة انتاج الحبوب سواء للاعلاف أو لغرض الوقود.

وربما تتسبب طفرة الوقود الحيوي في تغيير سياسات اغاثة المنكوبين أيضا.

فالمزارعون الامريكيون يجنون المزيد من المال من بيع حبوب تنتج الايثانول ويحتمل أن يحدث هذا تغييرا في سياسة منح 99 بالمئة من مساهماتها الاغاثية في صورة سلع وليس في صورة أموال.

ويقول خبير الاغاثة كلايانه قد يكون من الملائم للولايات المتحدة أن تشتري مواد الاغاثة من بلد اخر.

والولايات المتحدة هي أكبر متبرع بأغذية الاغاثة الا أنها تتعرض لنقد حاد وخصوصا من الاوروبيين الذين يقولون ان السلع التي تقدمها كمعونات اغاثة تشوه الاسواق المحلية وتستغرق وقتا طويلا قبل أن تصل وثمن شحنها باهظ مقارنة بشرائها من الاسواق المحلية او القريبة.

ويحاول بوش اقناع الكونجرس بتغيير القانون للسماح بمنح 25 في المئة من المساعدات في صورة أموال. الا أن مشروع القانون قوبل بالرفض بسبب ضغوط المزارعين الذين لا يريدون خسارة ما يعتبر دعما لزراعاتهم.

وسيقدم مشروع قانون بوش للكونجرس هذا العام. وفي السنوات القليلة الماضية كان معدل الاغاثة السنوية بالاغذية عالميا حول عشرة ملايين طن تنفيذا لاتفاقية دولية سارية منذ الستينيات تفرض على الدول الغنية تقديم ما لا يقل عن خمسة ملايين طن غذاء اغاثة سنويا.

وتتأرجح المعونات طبقا للاسعار وتستعد منظمات الاغاثة حاليا لخفض محتمل في الامدادات.

ويقول كلاي انه عندما ارتفعت أسعار الاغذية في 1995 فان اجزاء من العالم اعتادت استغلال مواد الاغاثة في مشروعات تنموية مثل تغذية أطفال المدارس كانت الاكثر تضررا من خفض الامدادات.

وستكون الاماكن نفسها مثل بنجلادش وافريقيا الوسطى واريتريا واثيوبيا وكوريا الشمالية هي أول من يقاسي العواقب.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 14 آذار/2007 -24/صفر/1428