خليل زاد يغادر العراق فخورا رغم ارث الموت والطائفية والتهجير الذي خلفه وراءه

 شبكة النبأ: تنتهي مهمة السفير خليلزاد في العراق ولا تزال جميع الاهداف التي جاء من اجلها تعاني القصور والضعف او عدم التحقق رغم ان عناوين نصر كبيرة حدثت خلال توليه ادارة السياسة الامريكية في العراق خلال الاربع سنوات الماضية من انجاز دستور دائم في العراق ولكنه شبه معطل بسبب مشكلة التعديلات المقترحة، واصدار قانون توزيع الثروات الذي ما يزال معلقا في اروقة مجلس النواب دون اتجاه واضح بشانه، اضف الى ذلك حكومة وحدة وطنية تتحكم بتسييرها الكتل السياسية وليس مجلس الوزراء، وتعتبر هذه التحديات ارثا ثقيلا سيخلفه زلماي للسفير الامريكي الجديد القادم من افغانستان.

وخلال زيارة وداع لشمال العراق هذا الأسبوع رحب زعماء أكراد بالسفير الامريكي زلماي خليل زاد بوصفه "رفيق سلاح" ساهم في تحريرهم الا ان النظرة للارث الذي خلفه تبدو متباينة بالنسبة للفرقاء العراقيين.

وقال خليل زاد في تقرير نقلته رويترز، فيما يستعد لمغادرة البلاد الاسبوع الحالي انه لا يزال فخورا بدوره في الاطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين سواء من خلال عمله خلف الكواليس مع عراقيين في المنفى قبل الغزو الامريكي في مارس اذار عام 2003 او كسفير لواشنطن على مدار 21 شهرا مضت.

ومنذ وصوله قتل عشرات الالاف من العراقيين في أعمال عنف كما بدت الانقسامات الطائفية اعمق من من اي وقت مضى. وأقر خليل زاد بأن المشاكل الاساسية التي ستواجه من سيخلفه في العراق هي ذاتها التي تصدى لها من قبل.

وقال خليل زاد للصحفيين خلال زيارته لكردستان "كنت اتمنى ان يكون الوضع مختلفا. ليس جيدا كما كنت اتمنى ولكن اعتقد انه ينبغي على قادة العراق اتخاذ القرارات اللازمة وبصفة خاصة زعماء السنة والشيعة. ينبغي تقديم تنازلات."

ومنذ البداية نظر كثير من الشيعة العراقيين بعين الريبة للسفير الامريكي بوصفه سنيا واتهموه بالانحياز.

وفي حديث مع رويترز ووكالتي انباء اخريين قال خليل زاد ان كثيرا من الانتقادات التي وجهت اليه هي جزء من عملية شد وجذب تتسم بها المفاوضات الحساسة.

وصرح بأنه أمضى ليال كثيرة "يحتسي الشاي" مع ساسة عراقيين للتأكيد على الحاجة لتحرك عاجل وقال لهم مرارا "لا نتحلى بكثير من الصبر.. تعلمون الاوضاع السياسية في بلادنا نريد ان نرى نتائج."

ويضيف "احساسنا بالوقت مختلف مع احساس شعوب هذه المنطقة به."

وفي يناير كانون الثاني اعلن الرئيس الامريكي جورج بوش عن استراتيجية جديدة في العراق تشمل ارسال 30 الف جندي اضافي فيما يتعرض لضغط متزايد لوضع جدول زمني لسحب قواته من هناك.

ويقول معاونون ان خليل زاد كان في عجلة لتحقيق انجازات قبل مغادرته العراق وانه قام باتصالات مكوكية مع الزعماء لدفع قضايا مثل قانون النفط وتعديل القانون الذي يحظر على اعضاء في حزب البعث السابق لصدام تولي وظائف عامة.

وتعديل هذا القانون احد المطالب الاساسية للاقلية السنية التي كانت لها الهيمنة في عهد صدام والتي تشعر بانها مهمشة الان.

وقال خليل زاد "هناك عمل شاق جار في الوقت الراهن ونحن نتحدث وربما يكون هناك اتفاق في هذا الشأن في المستقبل القريب."

وتابع "أدركت منذ وصولي ان القضية الهامة هي الوصول الى اتفاق بين العراقيين بشأن القضايا الاساسية التي تحدث الفرقة في البلاد. لم يختلف تعريف المشكلة كما أراها ولكن اصبحت بعض العوامل أهم من غيرها مع قرب انتهاء مهمتي."

وأضاف أن المشكلة تتلخص في "التحرك في الاتجاه الصحيح بصفة اساسية ولكن هناك تحديات هائلة. انا متفاءل بالتغييرات التي رأيتها في الاشهر الماضية."

وفي حفل استقبال اقامه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تحدث خليل زاد بمثالية متطرقا "لفكرة اساسية" هي العيش في ديمقراطية ورخاء ووصف رؤيته بانها واقعية في الشرق الاوسط كما هي في امريكا.

وينتظر خليل زاد الموافقة على تعيينه سفيرا أمريكيا لدى الامم المتحدة وذكر ان ترك صدام في السلطة عقب حرب الخليج عام 1991 كان خطأ. وأضاف "شعرت اننا ارتكبنا خطأ بتركنا العراق نهبا للعقوبات وصدام."

وقبل وصوله الى بغداد قبل نحو عامين خدم خليل زاد كسفير في افغانستان مسقط رأسه لمدة 18 شهرا وخلال فترة عمله في العراق تصاعدت اعمال العنف للحد الذي سقط فيه اكثر من 34 ألف قتيل من المدنيين في العام الماضي وفقا لبيانات الامم المتحدة.

والتشدق بعبارة "المصالحة الوطنية" بين الشيعة والسنة والاكراد وطوائف اصغر مثل التركمان والمسيحيين أمر يحدث دوما لكن ليس هناك ما يدل على تطبيقها على أرض الواقع.

وقال خليل زاد في مقابلة يوم الاحد "لا تزال القضية هي كيفية تحقيق توافق وطني."

واشار خليل زاد للعراق كمكان تسود فيه نظريات التامر والريبة وقال ان اسلوبه كان يعتمد دوما على اقتحام المشاكل مضيفا انه سيطبق نفس الاسلوب في الامم المتحدة في حالة الموافقة على تعيينه.

ونقلت (اصوات العراق) قول سفير الولايات المتحدة الأمريكية المنتهية مهامه في العراق ان هناك مشاورات بين الحكومة العراقية والقوات الأميركية من جهة وعناصر مسلحة وقيادات سنية من جهة أخرى ضمن مشروع المصالحة الوطنية وإنهاء العنف الدائر في البلاد.

وأضاف زلماي خليلزاد في المؤتمر الصحفي الاخير الذي عقده ببغداد "هناك توحد للعراقيين ضد تنظيم القاعدة والعمل المشترك بين العشائر وقوات التحالف للتصدي وايجاد الحلول والعمل المشترك والدخول في برامج مصالحة وطنية مع الحكومة."

وأوضح خليلزاد "إن القاعدة تسعى إلى إحباط الجهود الرامية إلى تفعيل المصالحة الوطنية وإاستقطاب المجموعات المسلحة للعملية السياسية الجديدة والتي تعد إستراتيجية انتهجتها الولايات المتحدة في هذه القضية."

واشار إلى إن الستراتيجية الاميركية في العراق توضع من قبل الرئيس الاميركي جورج بوش, ولكنه قال "قد يكون هناك تغيير في التكتيكات."

وتابع خليلزاد خلال المؤتمر "إن المصالحة الوطنية تكون فقط مع الجماعات الغير مرتبطة بالقاعدة , وان هدفنا ان ناتي بالمجموعات التي تحتضن مسار المصالحة والتغييرات الجارية في البلاد."

واشار إلى إن (القاعدة) تهاجم وتكرس العنف الطائفي على بعض القادة السنة ، وان الحرب هي على الطائفتين الشيعية والسنية ، رغم انها تحاول ان تفرض نفسها الى انها حامية للعرب السنة في العراق.

وقال الوضع معقد في العراق وهناك الكثير من الامور يجب اتمامها لانه يتعلق بدولة وأمة ، العراق ليس جزيرة ، هنالك دول جوار ، وشبكات (إرهابية) ركزت عملها فيه .

وأكد السفير الاميركي خلال المؤتمر اليوم "إن اعمال العنف الطائفي قد ازدادت بعد تفجيرات مرقدي سامراء ،وتزايد النزاعات والتهديدات من القاعدة والمتمردين ، ونزاع في جنوب العراق بين قوى مختلفة والاهم والاخطر كان داخل عناصر من جيش المهدي والمتطرفين من السنة لذا يجب ان يكون هناك تسريح لهذه المجموعات التي تتكون من اكثر من طائفة واكثر من مجموعة."

واشار خليلزاد إلى ان ايران يمكنها ان تلعب دور ايجابي وسلبي في العراق ونحن نريده دور ايجابي ، وان السجل كان مختلطا حتى الان وهنالك اشارات ايجابية على الصعيد المحلي في العراق ، وهنالك ضغط على الشبكات التي تأتي بالسلاح من ايران ، لكن دعمنا المشاركة الايرانية والاشتراك بواسطة مبادرات عراقية ، إذ ان هنالك خليط من الضغط والاشتراك وسيتبدل حسب الظروف.

وتحدث زلماي"عن خطوات مهمة في طريق المصالحة الوطنية منها ما يتعلق بقانون النفط والغاز ، والتعديلات على بعض فقرات الدستور ومنها قانون اجتثاث البعث والاتفاق على خطوات مهمة ومقبولة ، والاتفاق الاميركي العراقي على تحفيز السلوك من اجل الجهود الرامية الى الاستقرار في العراق ، ومنها مبادرة مؤتمر الجوار العراقي ، وتشكيل فرق عمل مختلفة ، وهنالك برامج لتسريح المليشيات ، والتعديل الدستوري ، والعمل المستمر في المصالحة ، وتحفيز الفرق للدخول في العملية السياسية من اجل ان تكون ناجحة.

ونقلت نيويورك تايمز في موقعها على شبكة الانترنت ان السفير خليل زاد التقى ممثلين عن مجموعات من المتمردين لاقناعهم بالانضمام الى العملية السياسية في العراق.

ونقلت الصحيفة عن خليل زاد قوله "حصلت محادثات مع ممثلين عن مجموعات مختلفة اثر الانتخابات وخلال تشكيل الحكومة وقبل احداث سامراء كما حصلت محادثات اخرى في وقت لاحق".

وادى تفجير ضريحين شيعيين في سامراء في شباط/فبراير 2006 الى اندلاع موجة عنيفة من العنف الطائفي بين السنة والشيعة لا تزال قائمة حتى الان خصوصا في بغداد.

وكان خليل زاد عين سفيرا في بغداد في حزيران/يونيو 2005 (اكرر حزيران/يونيو 2005).

وتقول نيويورك تايمز انها المرة الاولى التي يعلن فيها مسؤول اميركي علنا انه اجرى محادثات من هذا النوع.

وكانت هذه اللقاءات بدات في مطلع العام 2006 وهي اول اتصالات تجري مع المتمردين السنة في العراق.

ويتحدر خليل زاد (55 سنة) من افغانستان وتقول الصحيفة الاميركية انه زار الاردن حيث اجرى محادثات مع متمردين سنة من الجيش الاسلامي ومن كتائب ثورة العشرين.

ورفض خليل زاد اعطاء تفاصيل حول مضمون هذه المحادثات الا ان مسؤولين اخرين اكدوا ان اللقاءات بين الطرفين تباعدت بعد تفجير الضريحين الشيعيين في سامراء.

ويتعارض موقف خليل زاد مع موقف مسؤولين في الادارة الاميركية يرفضون اجراء اي اتصال بالمتمردين. ومن المتوقع ان يخلف السفير راين كروكر خليل زاد في منصبه في بغداد.

وفي سياق متصل ذكر تقرير نقلته دار الحياة عن تأكيد السفير الأميركي المنتهية مهمته لدى العراق، زلماي خليل زاد، فشل الضغوط الإيرانية على الائتلاف الشيعي، ووصف سياسة طهران إزاء العراق بأنها تعاني من انفصام في الشخصية لأنها تؤيد الحكومة وتقدم الدعم للميليشيات المتطرفة والارهابيين في الوقت ذاته.  

وقال خليل زاد، أعتقد بأن لدى ايران سياسة انفصام في الشخصية تجاه العراق. وأوضح انه على رغم الدعم الايراني لإطاحة الرئيس السابق صدام حسين، فإن طهران تلعب دوراً في مساعدة الميليشيات المتورطة حالياً في صراع مذهبي. انها من جهة ترحب بالتغيير وتعرب عن دعمها للحكومة العراقية، ومن جهة أخرى، هناك أدلة واضحة تؤكد قناعتي، لأنني أدقق في هذه الأمور بحذر شديد، إنها تقدم الدعم للميليشيات والمجموعات المتطرفة بالسلاح والمال والتدريب.

وتابع ان ايران أيدت اطاحة نظام صدام حسين، كما انها تؤيد مشروع الديموقراطية في العراق لأن الشيعة غالبية، ولكن سياستها اسفرت عن فشل الضغوط على الائتلاف الشيعي. وهي في هذا الاطار، تعمل ضد مصالح الغالبية في الحكومة.

وعن خليل زاد يقول مقال للكاتب محمد عبد الجبار الشبوط نشرته صحيفة الوطن الكويتية بعنوان(جاء إلى العراق وعدد سكانه حوالي 27 مليون نسمة ورحل عنه ناقصا ثلاثة ملايين!):

بعد حوالي السنتين في العمل في احدى اكبر جبهات الحرب ضد الارهاب، يغادر السفير الامريكي الافغاني الاصل زلماي خليل زاد بغداد، دون ان يتمكن من انجاز المهمات التي جاء من اجلها، وهذه المهمات هي:

* انجاز كتابة الدستور الدائم بصورة نهائية.

* اقامة حكومة وحدة وطنية ليس عليها خلاف.

* انهاء التمرد.

* تشريع قانون النفط لضمان التوزيع العادل للثروة.

* مشكلة اجتثاث البعث.

في الظاهر يستطيع زلماي ان يقول انه مكن العراقيين من كتابة دستور بلادهم الدائم، وان ينتخبوا برلمانا، وان يقيموا حكومة وحدة وطنية. لكنه لا يستطيع ان ينكر، في نفس الوقت، ان الدستور الدائم يكاد يكون معلقا الان بسبب عدم الاتفاق على الكثير من مواده المؤجلة، بانتظار التعديل الذي كان الوعد به ثمن مشاركة السنة في الانتخابات العامة والحكومة.

وقد خالف مجلس النواب الجدول الزمني الذي وضعه الدستور الدائم لآلية تعديله، ما اخر انجاز التعديل حتى اللحظة الراهنة.

كما لا يستطيع السفير الذي كان بعض العراقيين ينادونه ابو عمر ان يتجاهل ان الحكومة القائمة بالكاد تجسد وصف حكومة الوحدة الوطنية بسبب الخلافات التي تعصف بين اعضائها لأسباب سياسية كما لأسباب طائفية في ظل غياب اجماع سياسي على هوية الدولة وشكلها واسلوب توزيع الثروة والسلطة.

واذا كانت الحكومة قد شكلت على اساس تحالف شيعيـكرديـ سني، فان الطرف الوحيد الذي لا يعاني من مشكلة كبيرة في توحده مع هذه الحكومة هو الطرف الكردي. اما الطرف الشيعي ممثلا في الائتلاف العراقي الموحد فانه يشكو من خلافات داخلية ادت الى خروج حزب الفضيلة (15 نائبا) من الكتلة، فيما يتخذ التيار الصدري (30) مواقف مختلفة عن المواقف الرسمية للائتلاف ازاء قضايا مفصلية مثل الفيدرالية، والقوات المتعددة الجنسيات التي مازال يطلق عليها وصف قوات الاحتلال رغم انها موجودة بطلب من الحكومة العراقية.

اما الطرف السني ممثلا بكتلة التوافق (47 عضوا) فهو بالكاد يشعر بانه جزء من الحكومة، وما انفك وزراؤه، بما في ذلك نائب رئيس الوزراء سلام الزوبعي، يشكون من عدم اشراكهم على نحو جدي بشؤون الحكم، فيما يتهمهم زملاؤهم الشيعة بانهم مع العملية السياسية في النهار، ومع الجماعات الارهابية او المقاومة ـ حسب المتحدثـ في الليل.

الجماعات المسلحة، او التمرد السني كما تقول الادبيات الصحافية والرسمية الامريكية، كان من هموم زلماي التي اخذت منه جهدا كبيرا، دون ان يسفر ذلك عن اخماده والقضاء عليها، او الاتفاق مع قادته على انهائه بموجب تسوية سياسية.

وليس سرا ان هذه المشكلة برزت بعد فترة وجيزة من تولي السفير بول بريمر مهامه كحاكم مدني للعراق بعد سقوط النظام الصدامي. ومما يؤخذ من مذكرات الرجل ان الادارة الامريكية لم تأخذ الامر بمأخذ الجد في البداية، ما ادى الى عدم اتخاذها الاجراءات التي كان يمكن ان تكون كفيلة بمعالجته في مهده، بما في ذلك معالجة القضايا السياسية والاقتصادية فضلا عن العسكرية التي ادت الى وجوده وتفاقمه.

وبعد ان تفاقم، وخاصة بعد تفجيرات سامراء التي ادت الى اندلاع عنف طائفي غير مسبوق، صار خليلزاد يرى ان العنف الجديد اكثر خطورة من التمرد السني، ولذا كانت خطته تقضي بمحاولة التفاهم مع قادة التمرد والوصول الى تسوية سياسية لكي يكون بالامكان التفرغ الى الخطر الاكبر برأيه أي العنف الطائفي الذي كان وما زال يهدد البلاد بالانزلاق الى حرب اهلية واسعة النطاق.

جاء السفير زلماي الى العراق وعدد سكانه حسب موقع وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية 26.783.383 مليون نسمة، ويغادره اليوم وقد سبقه الى المغادرة حوالي ثلاثة ملايين عراقي، بعد ان حل الدمار، وتوقفت الخدمات، واستحكم العنف.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 28 آذار/2007 -8/ربيع الاول/1428