الدرع الصاروخي الامريكي في اوربا استئناف لحرب باردة جديدة

 شبكة النبأ: لايزال الجدل محتدما في اوربا حول المشروع الامريكي باقامة درع صاروخي في عدة اماكن من القارة بزعم حمايتها من الهجمات النووية، حيث ان العديد من دول اوربا ترفض استقبال اجزاء القواعد الصاروخية وانظمة الرادار التابعة له وسط تساؤل عن جدوى مثل هذا الاجراء او الاسباب الحقيقية لاقامة المشروع. بالاضافة الى اعتراضات روسيا الشديدة التي تعتبره تهديدا لحدودها القومية وتقويضا لقوتها النووية.

واتهمت روسيا الولايات المتحدة باستخدام اساليب الحرب الباردة لاقناع اوروبا باستضافة الدرع المضاد للصواريخ الذي تقول موسكو انه يمثل تهديدا لامنها القومي. حسب تقرير لرويترز.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن واشنطن اخفقت في احترام شركائها الاوروبيين بقيامها بتصميم النظام (المضاد للصواريخ) بشكل احادي ثم سعيها الى فرضه.

وقال لافروف في تصريحات تلفزيونية لمجلس النواب الروسي (الدوما) "انه توجه قديم."

وتابع "هكذا تصرفوا في الاوقات الماضية خلال الحرب الباردة عندما اخافوا الجميع من التهديد السوفيتي واقنعوا الجميع بالتجمع معا في كتلة محكمة."

وتعتزم واشنطن نشر اجهزة رصد بالرادار وبطاريات صواريخ في بولندا وجمهورية التشيك كجزء من مشروع مصمم للتصدي لاي هجمات بصواريخ طويلة المدى في المستقبل من دول تعتبرها امريكا معادية مثل ايران وكوريا الشمالية.

وهاجمت موسكو الخطة بشدة قائلة ان ايران لا تمتلك صواريخ طويلة المدى ودفعت عوضا عن ذلك بأن الدرع يهدد الامن القومي الروسي. وتعهدت بتطوير تدابير مضادة.

ويقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الدرع يقدم مثالا على النهج احادي الجانب من قبل الولايات المتحدة ازاء الامن العالمي ويقول انها سياسة جعلت العالم مكانا اكثر خطورة. ووسط علاقات اسوأ مع الولايات المتحدة ومحاولات لاستعراض قوتها الخاصة وراء حدودها دعت روسيا عوضا عن ذلك الى تعاون اكبر متعدد الاطراف للتعامل مع التهديدات العالمية الناشئة.

وقال لافروف ان خبراء عسكريين روس يريدون مناقشة مسألة الدرع مع الامريكيين لاقناعهم بأنه "حتى الان التهديدات المفترضة يمكن ابطالها باستخدام طرق أخرى لا تمثل تهديدا ملموسا للاتحاد الروسي."

وفي اشارة الى المعارضة في بعض الدول الاوروبية لنشر الدرع الصاروخية اضاف لافروف "بالاحتكام الى الاصوات المسموعة حاليا في الاتحاد الاوروبي فان اقتراحاتنا سيتم الانصات لها."

وفي محاولة لتخفيف المعارضة الاوروبية للمشروع قال مسؤول امريكي كبير لصحيفة بولندية ان الدرع سيحمي القارة ويمكن دمجه في حلف شمال الاطلسي.

وقال مساعد وزيرة الخارجية الامريكية دانييل فرايد الموجود في وارسو لمناقشة وضع جزء من الدرع الصاروخي على الاراضي البولندية لصحيفة جازيتا فيبورتشا اليومية البولندية ان واشنطن تجري محادثات بشان الدرع مع كل الدول الاوروبية في حلف الاطلسي.

وقال فرايد "هناك كثير من سوء الفهم بهذا الصدد.. على سبيل المثال وجهة النظر بان الدرع الصاروخي سيحمي فقط الولايات المتحدة.. نريد لهذا النظام ان يحمي اوروبا ايضا. بالنسبة لنا الامن لا يتجزأ."

كما عبر مسؤولون روس عن قلقهم بشان تقارير تفيد بأن واشنطن تريد أيضا ان تستضيف جورجيا الجمهورية السوفيتية السابقة جزءا من الدرع. وقالت كل من واشنطن وتفليس ان مطلبا بهذا المعنى لم يطرح.

من جهة اخرى وحسب رويترز، انتقد شركاء المستشارة الالمانية انجيلا ميركل في الائتلاف الحاكم بشدة في مطلع الاسبوع خطط الولايات المتحدة لوضع اجزاء من درع صاروخي في وسط اوروبا قائلين ان المشروع قد يؤدي الى سباق جديد للتسلح يعيد الى الإذهان فترة الحرب الباردة.

وحذر وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير واشنطن في مقال بصحيفة (فرانكفورتر الجماينه تسايتونج) من محاولة تقسيم اوروبا الى "قديم" و"جديد" بخططها. وشتاينماير عضو بالحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي يحكم مع المحافظين بزعامة ميركل.

وذهب كورت بيك رئيس الحزب الديمقراطي الاشتراكي الى ابعد من ذلك داعيا الاتحاد الاوروبي الى الوقوف صفا واحدا ضد المشروع الذي تعتبره روسيا تعديا على نطاق نفوذها السابق ومحاولة لتغيير ميزان القوى بعد الحرب الباردة.

وتريد الولايات المتحدة بموجب الخطة نشر منظومة رادار في جمهورية التشيك وعشرة صواريخ اعتراضية في بولندا بحلول 2011-2012. وتقول ان المنظومة تهدف الى مجابهة تهديدات ما تسميه "الدول المارقة" مثل ايران وكوريا الشمالية.

وقال بيك في تصريحات لصحيفة بيلد "لا نحتاج الى صواريخ جديدة في اوروبا." وأعادت تصريحاته الى الاذهان النقاش المحتدم الذي شهدته المانيا في اواخر السبعينات حول نشر صواريخ بيرشنج النووية الامريكية متوسطة المدى في اوروبا.

وأضاف "لا يريد الحزب الديمقراطي الاشتراكي سباقا جديدا للتسلح بين الولايات المتحدة وروسيا في الاراضي الاوروبية. ينبغي لاوروبا ان تتحدث بصوت واحد في هذه المسألة."

واضطرت ميركل الى تشكيل ائتلاف مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي بعد فوزها بفارق ضئيل في الانتخابات عام 2005.

ويأتي انتقاد الديمقراطيين الاشتراكيين للخطة الامريكية قبل يوم من زيارة شتاينماير المقررة لواشنطن لإجراء محادثات مع وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس بشأن قضايا من بينها عملية السلام في الشرق الاوسط والبرنامج النووي الايراني.

كما يأتي في اعقاب جولة قام بها مدير برنامج الدفاع الصاروخي الامريكي اللفتنانت الجنرال هنري اوبرينج في اوروبا بهدف تخفيف حدة القلق في القارة بخصوص خطة الدرع الصاروخي.

وتأمل ميركل ايضا في الحصول على دعم الولايات المتحدة لجهودها الرامية الى ازالة الحواجز التجارية بين ضفتي المحيط الاطلسي والتوصل الى اجماع داخل مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى التي ترأسها المانيا ايضا بشأن مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.

وفي سياق متصل نشرت شبكة الدراسات الامنية الدولية تقريرا كتبه بروكس تيغنر عن سياق العمل المتبع في خطة نشر الدرع الصاروخي ومدى جدية تاثيره على الارض وكيفية ارتباط نظام الدرع بحلف الناتو، وكان من اهم الاستنتاجات:

ان اوربا حاليا تدرس التعقيدات المرتبطة بتفاصيل الشراكة الدفاعية مع الولايات المتحدة في مجال الدفاع الصاروخي.

ان هدف الحكومة الامريكية زيادة نظامها الدفاعي الصاروخي الوطني بمواقع رادارات وطائرات اعتراضية جديدة في بولندا والجمهورية التشيكية، يطرح التساؤل حول أولوية دور الناتو في الدفاع الصاروخي والمفاهيم القديمة حول قوة الردع، بحسب مسؤولي الناتو.

وفي فرنسا نسأل: إلى أي درجة يمكن ان يجلب هذا النظام الامريكي الممتد الحماية للأراضي الأوروبية؟

ان هذه مسألة تقنية بحتة، أما سياسيا فنحن نسأل: ما هو شكل العلاقة مع الناتو؟ وهل سيكون هناك تقاسم للمعلومات من قبل واشنطن حول معلومات الإنذار المبكر؟ ومن الذي قد يتخذ القرار بالقيام باطلاق الصواريخ في حالة الدفاع؟

وبحسب قول روبير رنكيه، نائب مدير الشؤون الاستراتيجية في وزارة ا لدفاع الفرنسية، نحن بحاجة إلى فهم افضل للنوايا الامريكية.

وقد تصدر رانكيه وآخرون مؤتمرا في 19 آذار ركز على الخطوات المقبلة للناتو بخصوص مسألة الدفاع الصاروخي، واتخاذ الإدارة الامريكية موقعين لطائرات اعتراضية للصواريخ في كاليفورنيا وآلاسكا، فهدفها في أوروبا تأسيس قاعدة عسكرية مع حوالي 10 صواريخ بالستية في بولندا ونظام رادار مرتبط بها في الجمهورية التشيكية كجزء من نظامها الدفاعي المضاد للصواريخ الذي يتم التحكم به عبر الأقمار الصناعية والمعروف بالدفاع الصاروخي الوطني «NMD» إن الموقع البولنديـ التشيكي الثالث قد يكون الأول خارج الولايات المتحدة والوحيد في أوروبا.

وتبرر واشنطن خطوتها عبر التحدث عن خطر إطلاق صواريخ نووية طويلة المدى من إيران وكوريا الشمالية، وقد أثار القرار الامريكي حنق روسيا وأشعل نقاشا عميقا حول الحاجة لنظام كهذا في أوروبا، والتوقعات المحددة بشأن التهديدات الصاروخية ما وراء ذلك بالنسبة للقارة، وحول ما إذا كان النظام الامريكي مرتبطا بقيادة الناتو وهيكليته.

وإذا ما اختار الحلفاء الـ26 ربط مسرح أنظمتهم الدفاعية الصاروخية بتلك التي للولايات المتحدة، فإن ذلك قد يكلف أكثر بقليل من مليار دولارأميركي خلال 25 عاما، بحسب الشركة التي تقوم بإنجاز منظومة الاتصالات للمرحلة الأولى للناتو، وحتى الآن، لا أحد يعلم حقا ما قد تكون عليه الكلفة النهائية، «كل هذا تخمين فحسب، عندما نوجز الأمر» قال أحد متعهدي الصناعات الدفاعية الأوروبية.«وهذا يعود بالدقة لذلك الغموض الذي لا يريد كثير من سياسي أوروبا الحديث حوله بصراحة كبيرة».

ان الكلفة هي قضية محورية ومركزية لبلد كفرنسا مثلا:« فكوننا بلداً ذا حجم متوسط، فإن مواردنا محدودة وعلينا تحديد أولوياتنا تبعا لذلك»، بحسب رانكيه «إن الدفاع الصاروخي ليس أولوية بالنسبة لفرنسا، كما أننا لا نجد فعاليتها المكلفة فعالة جدا.

وبعيدا عن غموض الكلفة، فإن العواصم الأوروبية تحاول التركيز على ماهية الرابط الاستراتيجي، إذا وجد بين النظام الدفاعي الصاروخي الامريكي وجهود الناتو لتطوير نظامه الدفاعي الصاروخي المتوسط القابل للانتشار المعروف بمسرح الدفاع الصاروخي فمنذ أن أطلق هذا النظام، أولا: كفكرة مدروسة في أوائل التسعينات، يتقدم نظام الدفاع القابل للانتشار التابع للناتو بسرعة. فعقد المرحلة الأولى مع المصانع تم التوقيع عليه في السنة الماضية، ويبدأ العمل الآن على تطوير تجربة قيادة وتحكم لربط أنمظة الدفاع الصاروخي الوطني المتوسطة والقصيرة المدى المختلفة القابلة للانتشار عبر التحالف.

وبالعمل معا مع نفس شبكة اتصالات القيادة والتحكم الهادفة، فإن هذه الأنظمة ستجعل الناتو قادرا على حماية الجيش خارج المنطقة من هجمات صاروخية تكتيكية. وقد تم تطوير هذه التجربة وإذا ما كانت ناجحة، فإن ذلك سيسمح للتحالف بالمحافظة على قدرة تشغيل أولية بحلول2010 وهذا النظام سيشكل حماية ضد الصواريخ البالستية ذات الارتفاع المنخفض.

وبالمقابل، فإن نظام الدفاع الصاروخي الامريكي قد صمم للبحث عن صواريخ بالستية طويلة المدى واستهدافها على ارتفاعات عالية وبالرغم من أن النظامين يتصديان لتهديدات مختلفة، فإنهما، إذا ما انضما معا، سيوفران درعا دفاعية قادرة على التصدى لسلسلة واسعة من التهديدات الصاروخية.

«ان نظام الدفاع الصاروخي الأوسع، أكثر بكثير من كونه امتدادا لسلسلة واحدة بما يذكر غالبا في الصحف»، بحسب تيد وايتسايد رئيس وكالة أسلحة الدمار الشامل في الناتو. إن الفرق بين الخطر التكتيكي والاستراتيجي ليس له معنى هام اليوم فبما أن البحث والتطور يتقدمان في بلدان كإيران وكوريا الشمالية، وسوف يستمر ذلك في المستقبل فإن الفرق بين الصواريخ التكتيكية المتوسطة والطويلة المدى سيضمحل.

«ان نظام الدفاع الصاروخي ينبغي أن يكون النموذج بالنسبة لاكتساب الناتو قدرة دفاع صاروخية على مدى السنوات القليلة المقبلة»، بحسب قول تيد في مقابلة خاصة مع الشبكة لكن هل ينبغي لقدرات الدفاع الصاروخي التابعة للناتو أن تكون مرتبطة بشبكة الدرع الصاروخية الامريكية؟ وإذا كان ذلك مفروضا أو مطلوبا، فمن سيتولى القيادة، وأية قوانين شراكة ستسود؟ الامريكية أو الأوروبية؟ وكيف سيتفاعل النظام الدفاعي الصاروخي الأمريكيـ الأوروبي المشترك؟

فبالنسبة لـوايتسايد، لم يكن هناك من شك حيال ذلك فالنقاش بدأ يحتدم داخل الناتو حول هذا الموضوع وهذا لا يعد سابقة بحال. فقد كان لدي الناتو مفاهيم خاصة خلال فترة الحرب الباردة اعتمدها في مواجهة التهديدات وكان هناك قوانين شراكة يتم العمل عبرها. وخلال تلك الفترة نشر الناتو دفاعات صاروخية متصلة بنظام القيادة والتحكم الدفاعي الجوي.

ثمة نظام قيادة موحد يعمل حاليا على حد قول وايتسايد وقد أعاد هذا النظام تحديد قوانين الشراكة.

أما المشاركون الآخرون فكانوا أكثر قلقا بشأن التداعيات السياسية المحتملة نتيجة لبناء نظام دفاعي صاروخي أمريكي أوروبي مشترك.

وفي سياق متصل بالتحالفات الامنية الدولية الجديدة وقعت اليابان وأستراليا معاهدة للتعاون العسكري ينهي، رمزياً، خمسين عاماً من التبعية العسكرية المشتركة للولايات المتحدة، ويثير حفيظة الصين، القوة الإقليمية الثانية في المنطقة. حسب تقرير نقلته صحيفة دار الحياة.

ولن تتاثر اسيا كثيرا جراء الاعلان المشترك الذي وقعه رئيس وزراء اليابان، شينزو ابي، ونظيره الأسترالي جون هوارد، لان الاتفاق معاهدة دفاع مشترك، فالمسؤول الأسترالي أوضح أن الاتفاق لن «يسهم في عسكرة المنطقة»، رداً على زيادة موازنة الدفاع الصينية، هذا العام، 17.8 في المئة.

وينص الاتفاق على تبادل التمثيل العسكري، وعلى تعاون أوسع في عمليات حفظ السلام، والبعثات الإنسانية ومحاربة الإرهاب. وتبقى القوات الأميركية، وهي تتولى حماية اليابان من أي «اعتداء خارجي» منذ 1952 حيث هي في الشرق الأقصى.

وتشرف وزراة الدفاع الأميركية على أكثر من 90 قاعدة عسكرية في شبه الجزيرة اليابانية، وفي جزيرة أوكيناوا. والأسطول السابع يرابط في ميناء يوكوسوكا. وهذا وحده يقلق جيش التحرير الشعبي (الصيني).

والاتفاق قرينة على ضيق طوكيو وواشنطن وكانبيرا بمضاعفة الموازنة العسكرية الصينية كل خمس سنوات. وطمأن شينزو ابي الى ان المعاهدة لا ترمي الى «تطويق الصين».

ولكن طوكيو تسعى الى ضم الحلفاء مثل استراليا والهند، والى توفير ضمانات أقوى من الأميركيين. وعلق جون هوارد وهو الحريص على إبداء تضامن كانبيرا، «نحن ديموقراطيات كبرى». والحال هذه، باتت الصين عاجزة عن انتقاد الدولتين اللتين تربطها بهما علاقات تجارية واقتصادية وطيدة.

وتعلم بكين جيداً أن الاتفاق هو عملياً تحالف ثلاثي بين استراليا واليابان والولايات المتحدة. والدليل القاطع هو أن كانبيرا وطوكيو أرسلتا قوات الى العراق بقيادة أميركية.

وكان الجنود اليابانيون، إلى حين انسحابهم، في حماية القوات الأسترالية المباشرة. وفي نهاية المطاف، يصح حمل إعلان طوكيو على حجرة في بيت الاستقرار بالشرق الأقصى، وهو منطقة لا تتمتع بمؤسسات دفاعية مثل شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 27 آذار/2007 -7/ربيع الاول/1428