الدعم الامريكي الخفي للمتشددين السّنة يتواصل بإسناد بعض الدول العربية

 شبكة النبأ: يستمر التخبط الامريكي في انحاء العالم بين مشاريع اجبارية للديمقراطية ودعم لحركات التحرر والتمرد على السواء حسب ما تقتضيه المصالح ضيقة الافق لتحقيق اهداف امريكية معلنة واهداف اخرى اكثر وأهم تبقى طي الكتمان لأنها تخالف الاعراف والقوانين الدولية.

ولعل تنظيم القاعدة الارهابي الذي ساعدت الولايات المتحدة في تكوينه وتقويته لمواجهة المد الروسي في افغانستان خلال ثمانينات القرن الماضي وانقلابه عليها فيما بعد ليصبح العدو رقم واحد هو خير دليل على ضعف الرؤية الاستراتيجية للسياسة الدولية المتبعة في امريكا، الامر الذي يدعو للشك في ان الولايات المتحدة لن تتوانى عن تغذية العنف الطائفي ودعم مختلف اطراف المتشددين السنة لمواجهة المد الشيعي المزعوم سواء في العراق او لبنان.

فقد أفادت صحيفة صندي تليغراف البريطانية مؤخرا أن وزيراً بريطانياً حذّر من أن مسلحين سنة ينتقلون من العراق الى لبنان لأنهم يعتبرونه هدفاً طيعاً للهجمات الارهابية.

ونسبت الى كيم هاولز وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط قوله ان الجهاديين السنة جاؤوا من العراق ودول أخرى وباتوا يمثلون خطراً جديداً برز في المخيمات الفلسطينية.

وذكرت الصحيفة أن هؤلاء المسلحين يعملون ضمن خلايا متعددة تضم كل واحدة منها 12 عنصراً تنشط داخل معسكر عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا في جنوب لبنان، مشيرة الى أن السلطات اللبنانية عززت في الآونة الأخيرة الاجراءات الأمنية أمام معسكرات اللاجئين الفلسطينيين الاثني عشر والتي تؤوي 400 ألف فلسطيني غالبيتهم الساحقة من السنة.

وقالت ان الجماعات السنية تحصل على الدعم المالي من أثرياء سعوديين للحد من تأثير حزب الله في جنوب لبنان بعد اتساع نطاق شعبيته في حرب الصيف الماضي ضد القوات الاسرائيلية في لبنان.

ونقلت عن جواد عدرا من مؤسسة الأبحاث المستقلة في بيروت (انفورميشن انترناشنال) قوله ان الاستقطاب المتزايد يقدم أرضية خصبة للتطرف المعادي للغرب بين أوساط الجاليات السنية في مدينتي طرابلس وصيدا.

وشدد عدرا على أن الدول الغربية بحاجة لأن تكون في غاية الحرص كي لا يستثمر المتطرفون السنة الدعم السياسي الذي تقدمه الى زعماء السنة في لبنان للتعامل مع التهديد الشيعي الذي تشكله ايران من خلال حزب الله.

وحذّر من أن تنامي التطرف السني في المخيمات الفلسطينية والمناطق الفقيرة في لبنان يمثل قنبلة موقوتة تنتظر لحظة الانفجار ويمكن أن تمحو جميع المعتدلين من طريقها.

كما اثار مقال الصحفي الامريكي سيمور هيرش الذي حمل عنوان"تبديل استراتيجي" موجة قوية من الاهتمام وردود الافعال، حيث كشف فيه عن استراتيجية الإدارة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط الهادفة إلى إذكاء وقود الصراع السني- الشيعي، عن طريق دعم الحركات السنية المتشددة بواسطة المزيد من العمليات السرية التي يتم الاشراف على ادارتها ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي، ووكالة المخابرات المركزية الامريكية، ودعم السعودية المالي، ومساندة مصر والاردن الاستخبارية، اضافة إلى تعاون حكومة السنيورة وقوى 14 آذار. والمعارضة السورية والايرانية وبعض الأطراف العراقية.

واجرت صحيفة انتي وار الأمريكية الالكترونية حواراً مطولاً مع الصحفي سيمور هيرش،  تحت عنوان "لماذا دعم الولايات المتحدة للجهاديين السنة؟"، وتضمن الحوار العديد من الاسئلة المهمة التي غطت المحاور الاتية:

• ان الادارة الأمريكية تسعى من اجل التعامل بلا حدود ولا ضوابط مع كل من يرغب أو يمكن ان يعمل ضد الشيعة في كافة مناطق الشرق الأوسط.

• تجاهلت جماعة المحافظين الجدد في مطلع عام 2003  التقارير الاستخبارية التي حذرت من الآتي:

- ان الشيعة العراقيين سوف يدعمون في البداية إسقاط النظام العراقي، ثم يتحولون بعد ذلك إلى دعم إيران.

- ان إيران سوف تتدخل في العراق لحماية أمنها بسبب التهديد الذي سوف يشكله وجود القوات الأمريكية في العراق.

- ان السيطرة الكاملة على الحدود العراقية- الإيرانية غير ممكنة، بسبب طول الحدود ووعورتها، إضافة إلى التداخل السكاني الممتد منذ آلاف السنين.

• تعتقد جماعة المحافظين الجدد ان(نشر الديمقراطية) في منطقة الشرق الأوسط، سوف يتم عن طريق العراق، والذي سوف يتحول إلى القيام بنشر(مياه الديمقراطية) بنفس الطريق التي تنشر بها (النافورة) المياه، وبرغم ان (نوفرة الديمقراطية العراقية) لم تعمل كما كان متوقعاً فان جماعة المحافظين الجدد ماتزال تعمل من اجل المزيد من التصعيد عن طريق استهداف إيران وسوريا.

• ان استهداف الشيعة في لبنان سوف يتم عن طريق خلق فتنة ضد الشيعة اللبنانيين يكون متورطاً فيها المزيد من الأطراف السنية، وقد قدمت المخابرات الامريكية بواسطة السعودية المال والسلاح والعتاد إلى ثلاثة جماعات سنّية لبنانية متطرفة، وزعيم حزب الله السيد- حسن نصر الله يعرف أن حياته ليست مستهدفة بواسطة الإسرائيليين وحدهم بل وبواسطة الجماعات الجهادية والسلفية والوهابية.. وهناك حديث عن ان الإدارة الأمريكية سوف تعمل على إطلاق سراح الكثير من الأصوليين الجهاديين السنة المعتقلين حالياً في غوانتانامو وتعيد تصديرهم الى لبنان، وبقية أنحاء الشرق الأوسط عن طريق القنوات الاستخبارية المتحالفة معها، وذلك بما يفسح المجال لهم للقيام بممارسة العنف ضد الشيعة.

• إن الشعب الأمريكي سوف يتوقف كثيراً في معارضة قيام الإدارة الأمريكية بدعم (الجماعات السنية المتشددة) المتحالفة مع القاعدة، وذلك لأن الامريكيين على وجه الخصوص لا يتمتعون بذاكرة طويلة، بل بذاكرة قصيرة لا تتوقف إلا عند التفاصيل السطحية الهامشية القائمة.

• الضغوط في الماضي ضد حزب الله اللبناني كانت تتم بواسطة إسرائيل، ولكن هذه المرة سوف يتم استبدال اسرائيل بأطراف اخرى تقوم بالضغط على حزب الله نيابة عنها، وهي: حكومة السنيورة وقوى 14 آذار، والحركات السنية المتشددة، والقوات الدولية، والاتحاد الاوروبي، والمعتدلين العرب (السعودية، الأردن، ومصر).

• تفاصيل فضيحة (إيران- كونترا) ظهرت بعد فترة، ولكن الآن تفاصيل فضيحة القاعدة تظهر أولاً بأول، وعلى ما يبدو فإن هناك الكثير من التفاصيل المثيرة التي سوف تظهر في القريب العاجل.

وعموماً يمكن القول: إن ما لا تفهمه إسرائيل وأمريكا، يتمثل في الآتي:

- ان الخلاف السني الشيعي، هو بالأساس خلاف ديني، وبالتالي فإن عملية تسييس هذا الخلاف ليأخذ طابعاً صراعياً يؤدي لحرب أهلية عربية- إسلامية، سنية- شيعية لمصلحة إسرائيل هو امر غير ممكن.

- ان وجود أنظمة سنية تقبل التعامل مع إسرائيل وأمريكا ليس معناه ان المجتمع السني سوف يقبل بالضرورة التعامل مع إسرائيل.

- ان اخطاء اطروحة الحرب السنية- الشيعية التي تراهن جماعة المحافظين الجدد وإسرائيل على اشعالها في المنطقة هو خطأ يجسده الواقع العملي المتناقض الذي تجد فيه حركات سنية تحارب أمريكا في العراق وأفغانستان وفلسطين، وحركات شيعية تحارب امريكا واسرائيل في لبنان، وقوى سنية تدعم امريكا واسرائيل في السعودية والأردن.

وفي سياق متصل نقلت صحيفة نيويورك تايمز في موقعها على شبكة الانترنت ان السفير الاميركي في العراق زلماي خليل زاد الذي يغادر مركزه خلال الايام القليلة المقبلة، التقى ممثلين عن مجموعات من المتمردين لإقناعهم بالانضمام الى العملية السياسية في العراق. ونقلت الصحيفة عن خليل زاد قوله "حصلت محادثات مع ممثلين عن مجموعات مختلفة اثر الانتخابات وخلال تشكيل الحكومة وقبل احداث سامراء، كما حصلت محادثات اخرى في وقت لاحق".

ويتحدر خليل زاد (55 سنة) من افغانستان، وتقول الصحيفة انه زار الاردن حيث اجرى محادثات مع متمردين سنة من الجيش الاسلامي ومن كتائب ثورة العشرين.

ورفض خليل زاد اعطاء تفاصيل حول مضمون هذه المحادثات الا ان مسؤولين اخرين اكدوا ان اللقاءات بين الطرفين تباعدت بعد تفجير الضريحين الشيعيين في سامراء.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 27 آذار/2007 -7/ربيع الاول/1428