
شبكة النبأ: تجد السلطات الامنية في
اوربا تحديا في الوقوف على انماط وسلوك المشتبه بهم في الانخراط
بالمجموعات الارهابية او المخططين للهجمات او المتسترين على ذلك،
ويعتبر هذا تحديا كبيرا اذا ماعلمنا ان هامش الحريات الذي تتمتع به
المجتمعات في اوربا كبير وواسع بحيث لا يمكن للسلطات القيام باي
اجراءات تعسفية خارج نطاق القانون في التعامل مع الاشخاص المثيرين
للشكوك.
خاصة ان وسائل تاثير التشدد الفكري سهلة الانتقال بين اوساط النساء
والشباب المراهقين على اختلاف فئاتهم وثقافاتهم وغالبا ما يستغل
الارهاب هذه الشريحة لتنفيذ المآرب العدوانية.
ولعل الارهاب يدرك اهمية استعمال وسائل التقنية الحديثة في اجراءات
تسهيل الاتصال والحركة ووسائل الاقناع والتعرف والتخطيط لاعتداءات ويتم
ذلك بسهولة ويسر.
وتاخذ قضية مراقبة او التعرف على الاشخاص الذين من الممكن ان
يتحولوا الى متطرفين ابعادا مختلفة المقاييس بحيث يصعب على المختصين
التوقع الدقيق بمن يمكن ان يتحول الى متشدد، ان لم يكن ذلك مستحيلا.
والامثلة بهذا الشان كثيرة، فعلى الظاهر تبدو الأم الهولندية
المغربية الشابة مثل قصة مهاجرة ناجحة. فقد درست البزنس في الكلية،
وكانت تذهب الى الحانة مع أصدقائها وتعرف بذوقها العصري في الأزياء.
ولذلك فان مواطنيها فوجئوا عندما ظهرت بشرى الهور، التي تبلغ الآن 24
عاما، في قاعة محكمة بريطانية وهي ترتدي قفازات يدوية تحت حجاب اسود.
وقال المدعون انها كانت قد غطت خططاً لهجوم إرهابي وكتبت رسالة تعرض
فيها التضحية بنفسها وطفلها كشهداء. حسب تقرير لواشنطن بوست نقلته
الشرق الاوسط.
وقال رينيه هانجيس، المرشد في الكلية الذي تذكر انها كانت فتاة
هولندية طبيعية «دهشنا عندما علمنا انها أصبحت متعصبة».
وربما كان الناس في زوتفين مندهشين ولكن المتهمين بالإرهاب من
خلفيات غير مألوفة أصبحوا شائعين على نحو متزايد في أوروبا الغربية.
وارتباطا بخطط جديدة تظهر على السطح كل شهر تعتقل الشرطة في انحاء
أوروبا أعدادا كبيرة من النساء والمراهقين والمتهمين البيض وأشخاصا
عمّدوا كمسيحيين، وهم جماعات اعتبرت في الماضي من بين الأقل احتمالا في
اعتناق التطرف الإسلامي.
وتتنوع الأصول الديموغرافية لأولئك المعتقلين الى حد أن مسؤولي
ومحللي مكافحة الارهاب الأوروبيين يقولون انهم تخلوا عن محاولة التكهن
بنمط الأشخاص الذين يحتمل بصورة اكبر ان يصبحوا ارهابيين. وقد اصبح
العمر والجنس والاثنية والتعليم والحالة الاقتصادية ذات علاقة بالموضوع
اكثر فأكثر.
وقال جيبي جوسترا، المنسق القومي الهولندي لقضايا مكافحة الإرهاب في
مقابلة معه «انه من الصعب جدا اعطاء صورة عن الارهابيين، أي تكوين صورة
يمكنك تمييزها حتى تتمكن من التكهن بأن هذا الشخص سيكون متطرفا، وربما
عبر الخط باتجاه الإرهاب. وذلك مستحيل حسب اعتقادي».
وقالت السلطات الأوروبية ان نماذج المعتقلين بتهم الارهاب تتغير على
الدوام. ففي هولندا قال مسؤولون انهم يرون زيادة في عدد المراهقين
والأشخاص المنحدرين من اصول تركية، وهما مجموعتان اعتادت ان تكون من
المجموعات الدنيا. ومن بين اللاعبين الأساسيين في مجموعة هوفستاد، وهي
خلية من متطرفين إسلاميين استهدفت سياسيين وشخصيات ثقافية هولندية، كان
جيسون والترز الابن المراهق لجندي أميركي.
وفي بلجيكا المجاورة ما يزال الناس في حيرة بشان من دفع موريل
ديغوك، الشقراء البالغة 38 عاما، والكاثوليكية البيضاء، الى التحول الى
الإسلام والسفر الى العراق لتفجير نفسها في نوفمبر2005. وكان نزار
طرابلسي، الذين ادين قبل عامين بالتخطيط لتفجير قاعدة الناتو في
بلجيكا، نجم كرة قدم أوروبي قبل ان يذهب الى افغانستان للالتحاق
بمعسكرات تدريب القاعدة.
وفي بريطانيا كان ثلاثة من المتهمين المعتقلين في قضية اختطاف طائرة
الصيف الماضي من المتحولين دينيا ممن نشأوا في ضواحي شمال لندن. وكان
احدهم ابن انجليزي مرفه من نشطاء حزب المحافظين. وكان يعمل في حانة وقد
احب فيلم Team America.
وكشفت دراسة هولندية أكملت مؤخرا حول 242 من المتطرفين الاسلاميين
المدانين او المتهمين بالتخطيط لهجات ارهابية في اوروبا خلال الفترة من
2001 حتى 2006 ان معظمهم رجال من أصول عربية ولدوا ونشأوا في اوروبا
وجاءوا من خلفيات الطبقة الدنيا او الوسطى.
وتتراوح أعمارهم بين 16 الى 59 في وقت اعتقالهم، وكان متوسط العمر
27 عاما. وكان بينهم واحد من كل أربعة لديه سجل جنائي. وحاول مؤلف
الدراسة ادوين باكر، وهو باحث في معهد كلينغندايل بلاهاي، ان يدرس ما
يقرب من 20 حالة متغيرة تخص الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية للمتهمين.
وعلى العموم توصل الى أنه ليست هناك صورة يمكن الاعتماد عليها، فقد
كانت مزاياهم انعكاسا دقيقا لعموم السكان المسلمين المهاجرين في
اوروبا. وجاء في الدراسة انه «لا يوجد معيار للإرهابي الجهادي في
أوروبا».
وقال باكر في مقابلة إن الكثير من وكالات الشرطة بطيئة في التخلي عن
فتح ملفات للأشخاص لكن الكثير من وكالات الاستخبارات الأوروبية ترى ذلك
باعتبارها وسيلة لا يمكن الاعتماد عليها لمعرفة الإرهابيين المحتملين.
وأضاف «كيف يمكنك تشخيص ذلك؟ أنت لا تستطيع. فبالنسبة للدوائر
السرية لا يعطيها ذلك إي مفتاح. علينا أن نركز على السلوك الأكثر إثارة
للشبهة لا على أساس فتح ملفات لهم».
وحاليا هناك ثمانية رجال من القاعدة أمام القضاء البريطاني بتهمة
تورطهم بوضع مؤامرة تهدف إلى مهاجمة عدد من الأهداف غير المحددة في
بريطانيا بقنابل مصنوعة من نيترات الأمونيوم وهي مادة تدخل ضمن الأسمدة
الزراعية.
وحسب شهادة قدمت خلال المحاكمة التي بدأت في مارس 2006 فإن المتهمين
أقنعوا امرأة كندية كانوا التقوا بها عبر الانترنت كي ترسل نقودا
بواسطتها لأنها أقل شبهة منهم.
وقالت زينب أرمند بيشه، الطالبة في كلية كارلتون بنورثفيلد، ولاية
مين، إن أحد أعضاء الخلية سألها كي ترسل عبر الهاتف مبلغ 5000 دولار كي
يتمكن المتهمون من الذهاب إلى باكستان عام 2003 للدخول إلى معسكر
تدريبي خاص بالقاعدة. وذكرت في تصريح كتبته للمحققين البريطانيين: «قال
إنه من اللازم أن تكون امرأة لأن الأخوات لا يتعرضن للمسك، الإخوة هم
الذين يُمسكون إذا بعثوا نقودا».
وحسب شهادة قدمتها في الخريف الماضي التقت بيشه بأحد المتهمين،
واسمه انتوني غارسيا، من شرق لندن عبر حجرات الدردشة على الانترنت ثم
ارتبطا مباشرة عاطفيا. ثم أصبحا مخطوبين على الرغم من أنهما لم يريا
أحدهما الآخر وجها لوجه. وقدمها إلى المتآمرين المتهمين بمن فيهم الرجل
الذي طلب منها إرسال النقود عبر الهاتف. |