صدام بين القديم والجديد في مدينة ماليزية إسلامية

 تخصص عثمان بكر في فن خيال الظل الماليزي التقليدي لكن تعتريه مخاوف من زوال حرفته جراء القيود التي فرضها حكام اسلاميون متزمتون في ولاية كيلانتان في شمال شرق البلاد.

وقال عثمان الذي عمل طبالا لمدة 20 عاما في عروض خيال الظل التي تعرف باسم وايانج كوليت حيث يشتهر فن تحريك الدمى القائم على أساطير من ملاحم هندوسية هندية "فقدت مصدرا للدخل."

وبدأ فن خيال الظل في التلاشي تدريجيا في المقاطعة بعد سنوات من القيود التي فرضت على ذلك الشكل القديم من فن تحريك الدمى الذي يعود تاريخه الى قرون ماضية قبل انتشار الاسلام في المنطقة وترجع أصوله الى الهندوسية كما تنقل (رويترز) ذلك.

ويقوم عثمان وهو جندي سابق بإعالة أطفاله الثمانية حاليا من خلال تعليم السيلات وهو فن قتالي تقليدي للملايو. وتخلي كثير من رفاقه في فن خيال الظل عن عملهم وانتقلوا الى مكان اخر.

وقبل عامين كان حزب الاسلام الماليزي الذي يتحكم في معظم أنحاء منطقة كيلانتان الريفية التي يقطنها نحو 1.5 مليون نسمة قد اعلن العاصمة كوتا بارو مدينة اسلامية.

وكانت تلك الخطوة أحدث حلقة في سلسلة تغييرات أعلنها الحزب الاسلامي منذ توليه مقاليد الامور هناك في عام 1990 حيث يسعى الى كبح سلوكيات يعتبرها مخالفة لمعتقدات الاسلام.

وأغلق الحزب الحانات التي تقدم الخمور وأقام فاصلا بين طوابير خروج الرجال والنساء في المتاجر الكبرى كما حمل على فنون التمثيل التقليدية التي اعتبرها خرقا لتعاليم الشريعة الاسلامية.

وعلى الرغم من إن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة في ماليزيا فان نصف السكان الذين يقدر عددهم بنحو 26 مليون نسمة من غير المسلمين كما ان الحكومة الوطنية التي يديرها ائتلاف يتزعمه حزب المنظمة الوطنية المتحدة للملايو علمانية.

وكيلانتان منغمسة حتى النخاع في الثقافة التقليدية الماليزية التي ترجع الى قرون منصرمة قبل وصول الاسلام الى المنطقة قبل 800 عام. وعندما وصل الاسلام الى المنطقة المنعزلة نسبيا الواقعة الى جنوب حدود تايلاند هيمن بطريقة أكثر روحانية.

لكن الحزب الاسلامي الماليزي يتمسك بتفسير متشدد للاسلام يصطدم أحيانا بعناصر الثقافة الماليزية.

وأثارت السلطات في كوتا بارو الغضب الشهر الماضي بالاعلان عن خطط لفرض غرامة مالية على غير المسلمات اذا ارتدين ملابس كاشفة غير محتشمة. لكنها تراجعت في وقت لاحق عن ذلك وقالت ان الامر سيقتصر على المسلمات.

وقال عزمي نوح تاجر أقمشة في سوق ستي خديجة في كوتا بارو حيث يحيط بمتجره باعة يجلسون على الارصفة وتتكدس امامهم الخضراوات وصفوف الدجاج "حاليا نرى المزيد من النساء يرتدين أغطية الرأس. لم يكن بهذه الكثرة من قبل."

وأضاف "يغلقون دور السينما بالمدينة منذ أكثر من عام ويزيلون كل الابنية غير القانونية ويبنون أماكن أكثر للناس من أجل الصلاة."

وقال عزمي ان سوق ستي خديجة هو الوحيد في ماليزيا الذي يوجد فيه مسجد مضيفا ان مسؤولين من المسجد يستهدفون احيانا رفقاء من الرجال والنساء المسلمين غير المتزوجين الذين يسيرون في السوق وينصحونهم باصلاح أمرهم.

وقال تشانج وهو تاجر أثاث من اصل صيني انه على الرغم من وجود دوافع دينية خلف التدابير التي اتخذتها سلطات المدينة بالاساس لكنها أخافت رجال العصابات. وقال تشانج الذي رفض الافصاح عن اسمه كاملا إنه صوت لصالح الحزب الاسلامي الماليزي في الانتخابات الأخيرة.

واضاف "رجال العصابات الصينيين لا يريدون المجيء إلى هنا بسبب فرض قواعد الدين بالقوة وهذا هو سبب عدم وجود رجال عصابات."

وقال مسؤول بالحزب ان الحزب الاسلامي الماليزي يرغب في عقد لقاءات للترويج لفكرة المدينة الاسلامية إضافة إلى إقامة حفلات موسيقية بهدف جذب الشبان الصغار الذين من المتوقع ان يمثلوا نسبة كبيرة من الناخبين في الانتخابات المقبلة.

وقال السياسي قمر الدين جعفر "نحن معنيون بالناخبين الشبان. لهذا هناك تركيز على الانشطة التي تجتذبهم."

واضاف ان الحزب الاسلامي الماليزي يعتزم إقامة حفل موسيقي يحييه المطرب البريطاني يوسف اسلام الذي اشتهر باسم كات ستيفنز وهو فنان بارز اعتنق الاسلام.

وقال في إشارة إلى القواعد التي تنظم جلوس الرجال والنساء منفصلين في مثل هذه المناسبات "طالما ان الحفلات تقام في إطار المعايير الاسلامية...لابأس بها."

ويعد التقرب إلى الناخبين الشبان أمر حيوي بالنسبة للحزب الاسلامي الذي يتشبث بالسلطة عن طريق اغلبية مقعد واحد في مجلس كيلانتان. ولن تجرى الانتخابات الوطنية في ماليزيا قبل يوليو تموز 2009 لكن هناك تكهنات بشأن أمكانية اجرائها في نهاية عام 2007 أو مطلع 2008.

ويتذكر كثيرون من قدامى سكان كوتا بارو الأيام الخوالي قبل التغييرات التي أمر الحكام الاسلاميون بفرضها والتي ازالت معالم كثيرة لمجتمعاتهم مثيرة للمشاعر.

وكان "شاطيء ضوء القمر" الذي يفد اليه أطفال صغار للعب بطائراتهم الورقية المصممة على شكل طيور او فراشات يعرف باسم "شاطيء الحب الجارف".

وتحفل الطرق الرئيسية بإرشادات تحث على توخي الحرص والتروي في القيادة مستمدة من نصوص دينية اسلامية.

وقال أ. تاميل سيلفاه ويعمل في مجال التأمين ان اللافتات لم تغير بشكل كبير من سلوك معظم السائقين.

واضاف سيلفاه (26 عاما) وهو من اصل هندي انه نظرا لوقوع كوتا بارو قرب الحدود الماليزية مع تايلاند يمكن للسكان بسهوله خرق الحظر على الخمور ومحظورات أخرى حددتها السلطات.

وتابع "لا تبعد (الحدود) سوى مسافة 40 دقيقة...السكان المحليون يمكنهم الوصول إلى الحدود...ما لم تكن الرقابة مشددة يمكن للملايو الذهاب إلى هناك وعمل أي شيء."

وفي منزله الخشبي الواقع وسط حقول الأرز الزمردية اللون في قرية كامبونج جال قال عثمان بكر (54 عاما) ان حكومة حزب الاسلام الماليزي المحلية بدأت في السماح بتقديم عروض خيال الظل التي تخلو من عناصر

قد تثير الاستياء مثل طقوس تقديم القرابين للآلهة.

لكنه تشكك في كون ذلك كافيا لاحياء هذا الشكل من الفنون. وقال "الأطفال في الآونة الحالية لا يعرفون ماهية تلك الفنون."  

شبكة النبأ المعلوماتية - الاثلاثاء 9/كانون الثاني/2007 - 18 /ذي الحجة /1427