هل يمكن ان يصل الانسان الى نقطة محددة تتوقف عندها المعرفة ويصل
فيها العقل البشري الى نقطة الاشباع المعرفي؟.
تساؤل يطرحه كثير من الحكماء والفلاسفة والمفكرين بل وحتى من عامة
الناس، وهنا أتذكر جملة راقية قرأتها لأحد المفكرين الكبار حين سئل عن
قدرته العلمية فقال ، أنا لا زلت تلميذا صغيرا في مدرسة كبيرة اسمها
الحياة.
أسوق هذا الكلام وأنا أتطلع الى لافتات كثيرة تحملها اجساد وارواح
بعمر الزهور تتوزع في الشوارع الرئيسة لمدينة الرباط المغربية وتحمل
معها اجهزة مكبرات الصوت وتوجه الناس من المارة في حالة ارتكاب خطأ ما
في الشارع او على الرصيف او من قبل سائقي السيارات او أي خطأ آخر
يرتكبه انسان يؤدي الى ايذاء الآخرين عن قصد او خلافه، وتبقى مهمة
هؤلاء الشابات والشبان اليافعين تنبيه الانسان الذي يخطأ وتوجيهه
للقيام بالفعل الصحيح بأسلوب غاية في الرقة والانسانية والتحضر.
وهذا ما رأيته في مدن مغربية اخرى كالدار البيضاء ومدينة الجديدة
وهرهورة وغيرها من المدن المغربية التي تتناثر على شواطئ المحيط
الاطلسي، لم أر رجلا او شيخا او امرأة او طفلا يعترض على التوجيه الذي
يصل اليه عبر مكبر الصوت او بالتوجيه المباشر، ولم أر حرجا من لدن
الطرفين الموجه والقائم بالخطأ المقصود او غير المقصود، ولن أخفي على
القارئ الكريم انني برغم عمري الذي تاخم الخمسين عاما تعلمت من هؤلاء
اليافعين ومن لافتاتهم الشيء الكثير.
وكم ورد في خاطري لو اننا نغير سلوكنا الخاطئ وفق هذا الاسلوب
والتوجيه الراقي، لقد تذكرت العبوات الناسفة والاطلاق العشوائي للنار
والمفخخات والدهم غير المرخص لقوات الاحتلال او غيرها، لقد تذكرت هذا
السلوك الهمجي وتمنيت ان يحمل زهور الوطن من شابات وشباب العراق لافتات
تنصح الخاطئين بحق ارواح العراقيين او حياتهم العامة وتنبههم على
القيام بالاسلوب الانساني الصحيح لجعل حياة العراقيين اكثر رأفة ورحمة
ورفاهية وامان، ولكن سرعان ما تبادر لذهني ان النار لا تطفئها الا
النار وان الخطأ الجسيم لا تقوى الاصوات الرقيقة على اصلاحه وان وطني
الذي يحترق الآن بحاجة الى مياة المحيط الاطلسي كله لكي تهمد النيران
التي تأكله.
ومع ذلك ومن باب الحلم المشروع مازلت أحلم كعراقي بأن نغير سلوكنا
نحو الافضل ولكن اعرف وانتم تعرفون ان الفعل الصحيح غالبا ما يقترن
بالكبار وعقلاء القوم وحكمائهم اولا ثم يبدأ الصغار بالتجربة بتقليد
الكبار وافعالهم لكن اذا كان كبارنا هم بحاجة الى تغيير سلوكهم فالى من
يلجأ صغار التجارب والاعمار من العراقيين، الى اين يولون وجهاتهم كي
يتعلموا ويتخلصوا من أخطائهم.
هكذا اذن لم يبق امامنا الا ان نقول لكبارنا وعقلائنا وحكمائنا
وندعوهم الى تغيير سلوكهم لكي نتعلم منهم نحن صغار القوم بالتجارب
والاعمار، أما اذا ظل العقلاء غافلين ونائمين ومصرين على افعالهم
الخاطئة فتلك مسألة ستقترن دائما بالقانون العظيم الذي يقول لا يصح الا
الصحيح وعند ذاك سيقفز الصغار في العمر والتجربة وسيتصدرون مسؤولية
السلوك الجمعي لكي نصل ويصلون الى بر السلوك الصالح وما هي الا دعوة
لتغيير السلوك الخاطئ والى السلوك الانساني المتفق عليه بين امم العالم
اجمع.
فيا كبارنا وحكماءنا وعلماءنا من اهل العراق، هل انتم سامعون، هل
انتم سامعون ، هل انتم سامعون. |