خطة بوش بشأن العراق تظهر انقساما امريكيا واتفاقا عربيا

 قال البيت الابيض يوم الثلاثاء إن قرارا مزمعا من الكونجرس ضد خطة الرئيس جورج بوش التي تقضي بزيادة القوات الامريكية في العراق يمكن ان ترسل اشارة الى العالم بأن امريكا منقسمة بشأن الحرب.

وواجهت خطة بوش بشأن العراق التي كشف عنها النقاب في الاسبوع الماضي انتقادات شديدة من الديمقراطيين وتشككا ان لم يكن معارضة مباشرة من كثيرين من الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه الرئيس.

وهناك مخططات في مجلسي النواب والشيوخ لاصدار قرارات غير ملزمة برفض خطة بوش التي تقضي بارسال 21500 جندي امريكي اضافي للمساعدة في تأمين بغداد ومحافظة الانبار المضطربة.

وقال المتحدث باسم البيت الابيض توني سنو ان اعضاء الكونجرس يحتاجون الى توجيه سؤال الى انفسهم وهو "هل يرسل هذا اشارة بأن الولايات المتحدة منقسمة بشأن العنصر الاساسي للنجاح في العراق."

والهدف للزعماء الديمقراطيين في المجلسين سيكون اجتذاب أكبر عدد ممكن من الجمهوريين. وانضمام عدد كبير من الجمهوريين الى الديمقراطيين في التصويت يمكن ان يظهر بوش على انه معزول سياسيا.

وأعطى بوش لخطته دفعة في مقابلة تلفزيونية ثانية في ثلاثة ايام ويزمع القيام بخطوة اخرى في كلمته عن حالة الاتحاد يوم الثلاثاء القادم.

وقال بوش في برنامج تلفزيوني ان تقريرا للامم المتحدة بأن 34 الف عراقي قتلوا في اعمال العنف العام الماضي يبعث برسالة بانه "من الافضل ان نساعد هذه الحكومة على وقف العنف الطائفي."

وقال بوش انه يشعر بالاحباط ازاء قضية العراق "لانني ادرك عواقب الفشل".

وقال بوش انه لو لم يكن يعتقد انه بالامكان المحافظة على الاوضاع لما طلب ارسال 21 الف جندي اضافي الى العراق لتعزيز القوات التي هناك.

وامام بوش معركة صعبة لاقناع الامريكيين. واظهر استطلاع جديد للرأي ان 61 في المئة من الامريكيين يعارضون خطته بينما يؤيدها 31 في المئة.

وبينما يؤيد معظم الجمهوريين مبادرة بوش فان الديمقراطيين يعارضونها بشدة وقالت أغلبية كبيرة من الديمقراطيين نسبتها 62 في المئة ان الكونجرس يجب ان يحاول عرقلة هذه الخطة من خلال حجب التمويل عن القوات الاضافية.

وقال سنو ان التصويت السلبي في الكونجرس يمكن ان يرسل اشارة سيئة الى القوات الامريكية التي تقاتل في العراق واضاف ان اعضاء الكونجرس يحتاجون الى بحث ذلك.

وقال انه يرحب بمناقشة الموضوع لكن الذين يعارضون سياسة بوش يجب ان يقدموا خطة بديلة.

وقال سنو للصحفيين "في عصر الاتصالات الفورية والعالمية ما هي الرسالة التي تحتاج الى ارسالها الى الذين يحاربون الديمقراطية في العراق وأيضا ما هي الرسالة التي سترسل الى القوات."

وقال زعيم الاغلبية في مجلس النواب ستيني هويار وهو ديمقراطي عن ماريلاند انه يعتقد ان مجلس النواب سيصدر قرارا يعبر عن عدم موافقته على خطة الرئيس لزيادة القوات لكنه قال ان مجلس الشيوخ سيتحرك أولا.

بدورها أبلغت بلدان عربية يوم الثلاثاء الولايات المتحدة تأييدها لخطة الرئيس جورج بوش لزيادة القوات الامريكية بالعراق على أمل أن يسهم ذلك في منع انزلاقه الى حرب أهلية.

وتشعر كل من مصر والاردن ودول الخليج العربية بالقلق ازاء امكانية امتداد الفوضى في العراق الى المنطقة بأسرها وعبر وزراء خارجيتها عن دعمهم لزيادة عدد القوات الامريكية بأكثر من 20 ألف جندي وذلك خلال محادثات مع وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس بالكويت.

وعبر الشيخ محمد صباح السالم الصباح وزير الخارجية الكويتي في مؤتمر صحفي مشترك مع رايس التي تقوم بجولة اقليمية لدعم التأييد لخطط بوش عن رغبته في ان "نرى تنفيذ خطة الرئيس الامريكي جورج بوش وأن يكون الوجود الامريكي العسكري في بغداد وسيلة لاستقرار العراق وألا ينزلق في حرب أهلية بشعة."

غير أن رايس أقرت بأن من غير المرجح للخطة أن تنهي العنف سريعا.

وقالت "سيكون الذين يمارسون العنف قادرين دائما على قتل أبرياء ولذلك.. فسيستمر وجود أعمال عنف حتى مع الخطة الامنية الجديدة."

وقال بيان صدر عقب اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والاردن مع رايس "رحب المجتمعون بالتزام الولايات المتحدة الوارد في خطاب الرئيس بوش الاخير بالدفاع عن أمن الخليج وسلامة الاراضي العراقية وتأمين نجاح عملية سياسية عادلة وجامعة تضمن استقرار العراق ومشاركة جميع الاطراف فيها."

كما دعا البيان أيضا الى تعديل الدستور العراقي الذي تؤيده الولايات المتحدة والذي ينظر اليه كثير من السنة باعتباره يحابي الشيعة.

وكانت الولايات المتحدة حصلت في وقت سابق يوم الثلاثاء على تأييد السعودية لخطتها غير أن المملكة قالت ان نجاح الخطة يعتمد على تصدي بغداد للعنف الطائفي الذي يدفع البلاد نحو الحرب الاهلية.

وتخشى كثير من البلدان العربية بما في ذلك السعودية من أن تقود الخطة التي أعلنها الرئيس الامريكي لارساء الاستقرار في العراق الى انسحاب مبكر للقوات الامريكية من العراق وترك البلاد التي يتفشى بها العنف تنزلق نحو حرب أهلية قد تمتد الى خارج الحدود العراقية.

وقال وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل في مؤتمر صحفي مشترك مع رايس بالرياض "اننا نتفق على الاهداف التي وضعتها الخطة.. وهي الاهداف التي اذا طبقت ستحل المشاكل التي تواجه العراق."

غير أنه أضاف أنه ينبغي للحكومة العراقية أن تقوم بدورها.

وقال "ان مسؤلياته (العراق) مسؤليات ثقيلة وعليه ان يتعامل مع الكثير من القضايا التي لها عواقب ضخمة بالنسبة للمستقبل في العراق../مثل/ ايقاف المقاومة وان يدخل الجميع ويشركه في العملية السياسية بدل العملية العسكرية وتنفيذ امنيات الشعب." مضيفا أنه ينبغي حل الميليشيات.

وأضاف "اذا كانت هناك حكومة ديمقراطية موجودة الان ولم تعين من خلال الرصاص ولكنها من خلال بطاقات الاقتراع فعليه (العراق) ان يتعامل مع قضايا المليشيات."

وتابع الوزير السعودي "والتنفيذ يتطلب التجاوب من العراقيين أنفسهم لهذه الاهداف.. لان المسؤولية تقع أساسا على العراقيين للوصول الى اتفاق."

وتحث الادارة الامريكية السعودية وغيرها من البلدان العربية على القيام بدور أكبر في دعم العراق.

وتخشى السعودية أن يؤدي اي انسحاب مبكر للقوات الامريكية من العراق الى زيادة قوة الشيعة وترك الاقلية السنية تحت رحمة الميليشيات الشيعية.

وأقرت رايس التي اجتمعت مع الملك عبد الله مساء الاثنين بالمخاوف السعودية بخصوص الميليشيات غير أنها ناقشت قضية اسقاط الديون العراقية المستحقة للسعودية والتي تقول واشنطن انها ستكون مساعدة كبرى.

وقالت رايس "سنواصل العمل مع الحكومة العراقية لضمان تفكيك الشبكات التي تدير ميليشيات خطيرة... ستكون هناك حاجة لمناقشة القضية المالية."

وامتنع وزير الخارجية السعودي عن الافصاح عما ستفعله الرياض اذا فشلت الاستراتيجية الامريكية الجديدة في ارساء الاستقرار بالعراق ولكنه رفض الايحاءات بأن السعودية ستستخدم النفط كأداة سياسية للضغط على ايران بشأن سياساتها في المنطقة.

وتتهم كل من واشنطن والرياض ايران بتشجيع عنف الميليشيات في العراق.

وتحتجز القوات الامريكية خمسة ايرانيين بعد مداهمة مكتب تابع للحكومة الايرانية في مدينة أربيل العراقية الاسبوع الماضي في ثاني عملية من نوعها في العراق في الاسابيع الاخيرة.

وقال مسؤول سعودي يوم الاثنين إن ايران طلبت من السعودية المساعدة في تهدئة التوتر بين طهران وواشنطن في الوقت الذي تشير فيه الولايات المتحدة الى امكانية "التعامل" مع طهران اذا غيرت أسلوبها في العراق.

لكن صحيفة ايرانية نقلت يوم الثلاثاء عن مسؤول بوزارة الخارجية نفيه لطلب الوساطة. وهون كل من الامير سعود ورايس من شأن الحديث عن طلب وساطة.

وقال الامير سعود "لا يوجد هناك حاجة للوساطة في هذا المجال" مضيفا "علاقتنا مع الولايات المتحدة هي علاقات طويلة الامد ولا تحتاج الى أي شرح أو تفسير... وايران هي جارة للمملكة وبدون شك نحن نأمل أن نتفادى ونتحاشى أي نوع من الصراع."

من جهته قال علي الدباغ، الناطق باسم الحكومة العراقية إن رئيس الحكومة نورى المالكى طالب المجتمع الدولي يوم الأربعاء بتوفير الدعم للحكومة العراقية واصفا العراق بانه "الجبهة المتقدمة لمكافحة الارهاب".

وقال الدباغ للصحفيين بعد إنتهاء لقاء ضم رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي وسفراء وممثلي عدد من السفارات ومسؤولي البعثات الدبلوماسية العربية والاجنبية في بغداد إن المالكي تحدث عن " خطة امن بغداد وعناصرها وحياديتها وضرورة عزلها عن أية تأثيرات او ضغوطات سياسية او طائفية."

واضاف الدباغ ان المالكي اكد خلال اللقاء للحاضرين أن " الارهاب الذي يستهدف العراق هو خطر داهم على جميع الدول، وان العراق يحتاج الى دعم دولي لمكافحة الارهاب حيث ان العراق هو الجبهة المتقدمة لمكافحة الارهاب نيابة عن المجتمع الدولي."

وقال الدباغ ان المالكي اكد خلال حديثه عن خطة امن بغداد القادمة أنها "تستهدف كل الخارجين عن القانون ، ولا تستهدف فئة معينة او منطقة معينة وانما كل بغداد... وتفتش عن كل الذين يخرجون او يخرقون القانون."

وأضاف الدباغ أن العراق "يحتاج الى تفهم دولي واوربي للوضع في العراق .. لحشد الدعم الدولي لخطة الحكومة من اجل استتاب الامن ومن اجل المصالحة السياسية ورؤية الحكومة في تدعيم الامن."

وفي سؤال فيما اذا كان العراق قد طالب بمزيد من القوات العسكرية من سفراء وممثلي هذه الدول، قال الدباغ "ليس هناك حديث عن مشاركة عسكرية لهذه الدول.. لا نحتاج قوات من دول جديدة فى العراق."

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 18 كانون الثاني/2007 - 28 /ذي الحجة /1427