سيناريوهات التقسيم والحرب الاهلية في العراق وآفاق التدخل العسكري المباشر لدول الجوار

شبكة النبأ: قد يمثل المؤتمر الدولي المزمع عقده في بغداد بعد عدة ايام فرصة اخيرة للمجتمع الدولي لتدارك الأمر قبل ان يولي ضهره عن العراق ويتركه في اتون صراع مذهبي وحرب أهلية قد تتحول الى صراع اقليمي مباشر، ويمثل التلكؤ أو الضعف في تنفيذ الخطة الامنية الجديدة القشّة التي ستقصم ظهر البعير وتترك الباب مشرعاً لأحتمالات اكثر دموية تدفع بالفرقاء في العراق الى صراع مفتوح ومن ثم تدخل دول الجوار مباشرة لحماية مصالح كل منها بعد ان كانت محركاً رئيسياً غير مباشر لأدامة النزاع وتقويته عبر اجندات خاصة لكل هذه الدول على حساب العراق والعراقيين.

وقال وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي إن العنف الطائفي يوشك على تقسيم العراق وان الوضع هناك يزعزع استقرار المنطقة بأكملها حسب تقرير نقلته رويترز.

وقال بلازي في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني "نتفق على ملاحظة حزينة. نحن نقترب من التقسيم. هناك اليوم وضع يزعزع الاستقرار الاقليمي."

وأضاف "نعتقد ان الحل الوحيد والذي ذكرناه بالفعل هو انسحاب القوات...الموجودة حاليا في العراق بحلول عام 2008 والعمل في نفس الوقت على استعادة سيادة القانون."

ورحبت فرنسا بالمؤتمر الذي سيعقد في العاشر من مارس آذار مع جيران العراق والقوى العالمية والذي يهدف الى استقرار الاوضاع في البلاد وقالت انها ستشارك في أعماله.

وفي الشهر الماضي قال رئيس الوزراء الفرنسي دومينيك دو فيلبان الذي كان وزيراً للخارجية اثناء الحرب في العراق إن الولايات المتحدة فشلت في العراق وإن السبب الاساسي لعدم الاستقرار هناك هو الشعور بأن الوجود الامريكي غير مشروع.

وفي سياق متصل صرح المنسق الامريكي الجديد للتنمية الاقتصادية في العراق السفير تيموثي كارني ان سياسة الولايات المتحدة في العراق بعد غزوه في 2003 كانت «حمقاء ومريبة». حسب الفرانس برس.

ورأى كارني لاذاعة «ان بي آر»ان سياسة الولايات المتحدة التي اتسمت باستبعاد العراقيين من حكم البلاد في السنتين اللتين تلتا الغزو كانت «حمقاء جدا» وساهمت في تدهور الوضع الامني واطالة النزاع في هذا البلد.

وقال «لا نحتاج الى الحديث بالتفصيل عن هذا الامر لكنني اعتقد بان كلمات مثل «غير مؤهلة وحمقاء ومريبة» في كل جوانبها هي اقل ما يمكن ان يقال عند الحديث عن تلك المرحلة».

وكان كارني قام بزيارة قصيرة الى العراق بعد غزوه في مارس 2003 لأدارة وزارة الصناعة لكنه غادر العراق بعد شهرين ليصبح احد اشد منتقدي سياسة الاحتلال الامريكية.

وقال للاذاعة نفسها ان «الفشل الأكبر في السياسة والعمليات في 2003 كان التقصير في دعوة العراقيين الى مجالسنا وكنا نعتقد حينذاك بأننا نستطيع حكم هذا البلد».

واضاف ان «كلفة ذلك باهظة جدا من حيث الوقت ودماء جنودنا والعراقيين وعدد كبير من حلفائنا»، مشدداً على ان ذلك كان «حماقة كبيرة».

من جهة اخرى صرح نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني ان العراق اصبح الجبهة الحاسمة في الحرب على الارهاب مؤكداً ان هذا الامر "حقيقة محرجة".

وقال تشيني خلال اجتماع لجناح المحافظين في الحزب الجمهوري "من المفيد ان نذكر شئنا أم أبينا بأن العدو الذي نواجهه في الحرب على الارهاب جعل العراق الجبهة الرئيسية في هذه الحرب".

وانتقد تشيني الديموقراطيين لمعارضتهم الاستراتيجية الجديدة في العراق.

وقال "اذا اردنا استخدام عبارة شعبية نقول انها حقيقة محرجة. حسب قاموس (اسامة) بن لادن انتصار في بغداد سيكون انتصارا للولايات المتحدة وخسارة في العراق ستشكل فشلاً للولايات المتحدة". وتابع ان "دعم الحرب على الارهاب لا معنى له بدون دعم لأي مكان يقاتلنا فيه الارهابيون".

واصبحت الفتنة الطائفية بين الشيعة والسنة وتداعياتها على المنطقة وآثارها المستقبلية في مركز اهتمام مراكز البحوث والدراسات الغربية وتهديداً يقلق الحكومات العربية على خلفية ما يجري في العراق من قتل على الهوية المذهبية.

وبحسب دبلوماسيين اقليميين ومسؤولين امريكيين فإن احتمال وقوع حرب اقليمية بين السنة والشيعة دخل حيز اهتمام القادة العرب والمخططين العسكريين الامريكيين، الذين اطلقوا على هذا الاحتمال تسمية (السيناريو الكابوسي) محذرين من (فشل خطة امن بغداد) الذي لو حصل فإن (النزاع سيبتلع كل المنطقة، مشعلاً حربا شاملة وسط اكبر رقعة نفطية في العالم) وفق تقرير لـ(نيويورك تايمز).

وقد يبدو اليوم (ان الصراع الشامل يقترب اكثر فأكثر من التحقق نظراً للديناميكية الاقليمية التي تدفع الدول المجاورة للعراق الى معسكرين متناميين) فمن جهة كما يقول التقرير ان هناك (هلال شيعي) يمتد من ايران الى وسط العراق ويمر عبر سورية ولبنان، ومن جهة ثانية هناك حلفاء الولايات المتحدة، العربية السعودية ومصر والدول الخليجية الاخرى.

ولا تخفي هذه الدول التي هي بمجموعها سنية تخوفها من (انبثاق تكتل شيعي متشدد ممول بشكل أساسي من ايران) اضافة الى القلق الكبير من (ان يؤدي الانسحاب الامريكي من العراق أو تقليص عديد القوات الامريكية وتسليم القيادة العسكرية لجيش عراقي ضعيف الى دخول الجبهتين في صراع دموي مباشر).

وتعمل الولايات المتحدة على استراتيجية اشمل تستهدف اقناع حلفائها العرب بجدية مواجهة صعود ايران وطلبت خلال اجتماع (6 + 2 ) في الخليج الذي حضرته وزيرة الخارجية كونداليزا رايس وشاركت فيه الدول الخليجية الست اضافة الى مصر والاردن ـ المساعدة في العراق والاراضي الفلسطينية ولبنان مقابل وعود بابقاء القوات الامريكية في العراق ما دام هذا الامر ضرورياً) وفق مصادر دبلوماسية مطلعة.

ويأتي قيام الادارة الامريكية بتعزيز قواتها في الخليج وتوثيق تعاونها الامني مع الدول العربية الحليفة في اطار هذه الاستراتيجية الجديدة. وكشفت مصادر دفاعية امريكية عن (خطط لربط انظمة الدفاع الجوي للدول الخليجية الست وانشاء نظام دفاعي صاروخي تشرف عليه الولايات المتحدة) فضلا عن (وضع القوات الجوية خططاً اخرى لتعزيز تدريباتها مع الحلفاء العرب في المنطقة) وتحدثت عن (خطة لتدريبات جوية مع عمان ودولة الامارات).

وتشير وكالة (ستراتفور) الامريكية الاستخباراتية الخاصة الى (ان الاردن تخطط لنقل قوات الى الصحراء العراقية الغربية اذا خرجت الاحداث عن السيطرة) فيما تحدثت جريدة (ميلليت) التركية عن (استعدادات عسكرية تركية للدفاع عن الشعب التركماني في العراق).

ويتركز مصدر الخوف على احتمال ان يحدث حمام دم طائفي في العراق عبر الدول المجاورة الى صراع للدفاع عن مصالحها ويجادل باحثون بأن (عملية التطهير المذهبي التي تمارسها ميليشيات شيعية في محاولة لاخلاء المدن المختلطة في السنة يتواصل على الرغم من الخطة الامنية الجديدة ولو على نطاق محدود، اضافة الى (ان الآلاف من المهجرين لم يعودوا حتى الآن الى مناطقهم خوفا من انتقام هذه الميليشيات التي لها تواجد ونفوذ مؤثر في الشرطة والجيش العراقي).

ويقول المسؤول الاستخباراتي السابق بوزارة الخارجية الامريكية المتخصص بقضايا الشرق الاوسط واين وايت(قد نكون اصبحنا في ثلث المسار مع قدرة ضعيفة على المواجهة).

وبحسب ما ذكرته نشرة (ديفنس نيوز) فإن (القيادة العسكرية الامريكية صاغت خططا للطوارئ لمواجهة أي انزلاق الى الفوضى الشاملة في العراق تفجر في النهاية صداماً اقليمياً طائفيا). وقالت (ستراتفور) نقلاً عن عسكري امريكي (ان الاردنيين اكدوا انه في حال غرق العراق في حرب طائفية، فإن (الاردن سيدفع بجنوده الى الحدود وربما يتخطاها ليصل الى الرطبة، أي حوالي 80 كيلومترا داخل العراق من اجل وقف تدفق اللاجئين السنة الى اراضيه) مضيفا (ان الخطر يكمن في ان يقيم الاردنيون منطقة امنية داخل العراق وان يتبعهم في ذلك السوريون والسعوديون والكويتيون) محذراً من (احتمالات دخول السوريين الى محافظة نينوى فيما يرسل الاتراك قواتهم الى شمال العراق بذريعة حماية التركمان في كردستان).

ويرى خبير امريكي (ان الخوف الاردني ينبع من احتمالين: اولهما تحويل السنة الهاربين من العراق العاصمة عمان الى مركز للمقاومة السنية ضد الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة في بغداد، وان تقوم الميليشيات الشيعية عندها بارسال فرق صغيرة من المقاتلين الى الاردن لتنفيذ عمليات اغتيال أو شن هجمات ارهابية ضد المتمردين السنة ومواقعهم، وثانيهما وهو الاهم ويتشاركه الحلفاء السنة عبر المنطقة، وهو (ان تسيطر حكومة عراقية موالية لإيران على البلاد).

وتشير (النيويورك تايمز) الى (ان مسؤولين اردنيين ابلغوا واشنطن بقلق كيف ان 200 مواطن سني تحولوا الى شيعة خلال الاشهر الاخيرة) معتبرين (هذا التحول ناجم عن التأثر بمواجهة »حزب الله« لاسرائيل خلال الحرب الاخيرة، وبتصاعد نفوذ رجل الدين الشاب مقتدى الصدر في العراق). وقالت (قد يبدو الامر غير معقول، لكنه يظهر كيف انهم يتخوفون من هذا المنحى) مشيرا الى (ان السعودية حذرت بدورها من تنامي شعبية (حزب الله) و(التيار الصدري) في مناطقها الشرقية) موضحا (ان الشيعة في هذه المناطق يحبون حسن نصرالله والصدر).

ويشدد وايت في تقرير كتبه (ان العراقيين الشيعة سيطلقون حملة شاملة من اجل ابعاد السنة عن المناطق الكبرى وسط العراق، وعندها ستقوم العربية السعودية بتمويل هجوم مضاد بمساعدة الضباط العراقيين السابقين عبر الاردن الذي يحافظ على علاقة بالنخبة العسكرية السنية العراقية) مشيرا الى (ان مصر ستقوم بدورها بتأمين السلاح والعتاد والمدفعية والعربات).

ويعتقد وايت (ان ما يتجاهله الناس هو احتمال ان يقوم السنة بضم ضباطه من الجيش العراقي السابق وكل الحرس الجمهوري) قائلا (ان اعطيتهم السلاح والمعدات اللازمة فسيتحولون الى قوة هائلة في مواجهة الميليشيات الشيعية) مؤكداً على (ان وقوع حرب اهلية شاملة في العراق سيقود الى صراع اقليمي) وهوسيناريو كان يستبعده الجميع تقريبا قبل اشهر قليلة.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 5 آذار/2007 -15/صفر/1428