بندر صديق بوش..هل ينجح بالتقريب بين قطبي المنطقة وسط دعوات داخلية في ايران باحتواء الازمة النووية

شبكة النبأ: في اطار النشاطات الدبلوماسية التي تقوم بها السعودية منذ فترة يجري الملك عبدالله مباحثات يصفها المراقبون بأنها في غاية الأهمية مع الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد الذي يصل الرياض في أول زيارة رسمية للسعودية منذ توليه منصب الرئاسة في ايران قبل عامين.

وقال محللون لشبكة النبأ، الملف العراقي هو الأبرز في المباحثات الى جانب الملف النووي الايراني بالاضافة الى لبنان وحزب الله، فالمواقف المعلنة من ايران والسعودية تؤكد الحرص المشترك على وحدة العراق واستقلاله وسلامة أراضيه فيما يؤمل ان تترجم هذه المواقف الى عمل على ارض الواقع بالتوافق مع جميع الاطراف المعنية ودول الجوار من خلال تنسيق المواقف في المؤتمر الدولي المؤمل عقده ببغداد الاسبوع القادم.

واضاف المحللون لشبكة النبأ، يعلق المراقبون أهمية كبيرة على مباحثات القمة السعوديةـ الايرانية حيث سبقتها عدة زيارات وتحضيرات متبادلة من الطرفين كان أبرزها زيارة الأمير بندربن سلطان رئيس مجلس الأمن الوطني السعودي والسفير السابق في الولايات المتحدة الأمريكية والذي ينظر اليه على أنه رجل المهام الخاصة في المملكة الى طهران ومباحثاته المكثفة مع المسؤولين الايرانيين.

واضاف المحللون، تشعر ايران بالتفاؤل للموقف السعودي تجاه أزمة الملف النووي الايراني حيث تعارض السعودية بشكل مبدئي التعامل مع هذه القضية من خلال القوة أو قيام الولايات المتحدة الأمريكية بأي عمل عسكري ضد ايران، مشددة في أكثر من مناسبة على ان اراضيها لن تكون بأي شكل من الأشكال قاعدة لانطلاق أي أعمال عسكرية ضد ايران في حال وصول المفاوضات بين طهران والمجتمع الدولي الى طريق مسدود.

ولا يستبعد المراقبون قيام السعودية في المرحلة الحالية ومن خلال الأمير بندر بن سلطان  (الصديق المقرب للرئيس بوش) بجهود من أجل تقريب وجهات النظر بين واشنطن وطهران للوصول الى حل للأزمة يحفظ ماء الوجه للطرفين.. ويجنب المنطقة كارثة تلحق الضرر بالجميع وعلى صعيد الأزمة اللبنانية يشير المراقبون الى المباحثات التي بدأت بين الجانبين السعودي والايراني في هذا الشأن وذلك في ضوء اقرار المعنيين بالأزمة اللبنانية بالدور الايراني الكبير من خلال حزب الله. ويعرب اللبنانيون عن أملهم في ان تسهم مباحثات  الملك عبد الله والرئيس أحمدي نجاد اليوم عن انفراجات مهمة للأزمة تسهم في الحيلولة دون انزلاق لبنان الى حرب أهلية يخسر فيها الجميع.

وكانت مخاوف دولية قد تفاقمت لدى اعلان الرئيس الايراني ان بلاده قد ركبت 3000 جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم في منشأة نتانز الايرانية، اضافة الى تاكيد المرشد الايراني علي خامنئي على حق ايران بالتكنولوجيا النووية وعدم التنازل عن هذا الحق.

ففي خطاب القاه في الثامن من يناير الماضي حذر خامنئي من ان يقدم أي ايراني، سواء كان فردا عاديا أو مسؤولاً على الانسحاب من برنامج ايران النووي الآن أو في المستقبل. واذا ما تذكرنا الاشاعات التي تتحدث الآن عن معاناة خامنئي من مرض خطير، وانه ربما يموت قريباً، لبدا لنا ان ما جاء في خطابه المذكور كان وصية مهمة للايرانيين عليهم الالتزام بها.

وهنا يتعين ان نلاحظ ان الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي جرى انتخابه مؤخراً رئيساً لمجلس الخبراء، وهو مجلس يمتلك سلطة اختيار الرجل الملائم لمنصب القائد الأعلى، كان قد أمضى يومين من المحادثات المكثفة على مستوى كبار رجال الدين في مدينة قم المقدسة في الوقت نفسه الذي القى فيه خامنئي خطابه المذكور سابقا.

وكانت القضية الأساسية في تلك الاجتماعات هي اختيار قائد أعلى جديد وأكد رفسنجاني في خطابه في قم ان على مجلس الخبراء اختيار قائد جديد في أسرع وقت ممكن من أجل الحفاظ على أمن النظام، وتجنب وقوع صراع على السلطة في المستقبل.

ويذكر ان المادة 111 من دستور ايران تسمح لمجلس الخبراء تغيير القائد الأعلى اذا لم يعد قادرا بسبب ما على القيام بمسؤولياته، والى ان يحدث هذا سيقوم الرئيس احمدي نجاد، ورئيس المحكمة العليا آية الله محمود هاشمي شهرودي مع رجل دين آخر كبير من مجلس حماية الدستور هو على الأرجح آية الله احمد جنتي، سيقومون جماعيا بواجبات القائد الأعلى. ويمكن ان يؤدي هذا الى سيطرة انصار الخط المتشدد الجديد على القيادة الايرانية.

غير ان المناقشات الجارية الآن بين الزعماء الايرانيين تشير الى ان خطاب خامنئي أثار قدراً كبيراً من القلق والاحتجاجات. وتركزت هذه الاحتجاجات على مسألة واحدة هي: ما مدى مشروعية ان يتخذ قائد محتضر قرارات مهمة في قضايا يمكن ان تعرض النظام الاسلامي الايراني للخطر؟

والواقع ان الجدل الحاد الدائر حول القيادة ظهر واضحا من خلال لقاء تلفزيوني مع رفسنجاني في العاشر من فبراير. وكان ذلك البرنامج مخصصا لمجموعات من الزعماء الايرانيين من فترة الثورةالاسلامية التي تحتفل ايران الآن بالذكرى السنوية الثامنة والعشرين على قيامها.

فقد انتهز رفسنجاني، الذي يتطلع لمنصب القائد الأعلى ولا يمتلك بعد التأييد اللازم في مجلس الخبراء، انتهز فرصة اللقاء لتعزيز مركزه ومهاجمة خصومه، وتوسع في حديثه حول علمه وخلفيته الدينية لأن نقطة ضعفه في هذه المسألة يستخدمها خصومه لمهاجمته، ثم تناول باسهاب ايضا الجدل الذي شهدته الفترة الأولى في الجمهورية الاسلامية، حينما عارض مع رجال دين كبار تعيين أول رئيس لايران هو ابوالحسن بني صدر الذي لم يكن رجل دين بالرغم من تأييد آية الله الخميني له.

وألمح رفسنجاني في اللقاء التلفزيوني الى الوضع الراهن في ايران، الذي يدعم فيه القائد الأعلى خامنئي الرئيس أحمدي نجاد الذي هو ليس من رجال الدين ولا يحظى بتأييدهم.

ورأى المراقبون في هذا اللقاء أقوى هجوم يشنه رفسنجاني ضد نجاد منذ توليه منصب رئاسة الجمهورية وحتى الآن.

لكن ما أن مرت بضعة أيام على ذلك اللقاء حتى اقترح حسين مراشي، شقيق زوجة رفسنجاني، البدء بتحقيق برلماني لمعرفة مدى الضرر الذي ألحقه نجاد بعلاقات ايران الخارجية مما يضع عدم أهلية نجاد السياسية أمام المساءلة واحتمال طرح الثقة عليه في البرلمان.

ومعروف ان بمقدور البرلمان الايراني التشكيك بجدارة الرئيس اذا ما صوت ثلثا أعضائه ضد الرئيس نجاد.

ومن الملاحظ ان هذه هي المرة الأولى التي يعبر فيها حزب رسمي داخل النظام عن رفضه لموقف نجاد فيما يتعلق ببرنامج ايران النووي. ويبدو هذا للمراقبين حدثا مهما، لكن بالرغم من هذا تبقى المعارضة بلا قوة في النظام الايراني.

ولو تذكرنا الفراغ المحتمل في القيادة لأمكن القول ان النظام الاسلامي في ايران يتجه الآن نحو مفترق طرق تاريخي مع كل ما ينطوي عليه ذلك من أخطار وعدم استقرار ربما يشمل المنطقة كلها.

وكان تعرض الرئيس الايراني نجاد قد تعرض الى انتقادات شديدة من المعتدلين الايرانيين بسبب اشعاله الازمة النووية مع الغرب في خطاب القاه مؤخراً شبه فيه برنامج ايران النووي بقطار "بلا فرامل" حسب تقرير نقلته الـ فرانس برس.

وقال النائب الايراني الاصلاحي قدرة الله علي خاني في تصريح نشرته صحيفة "اعتماد ميلي" ان "تصريحات احمدي نجاد مثل(القطار النووي بدون فرامل) تقوض جهود مسؤولين اخرين وتجعل الاعداء اكثر تمسكا بقرارتهم". واضاف ان مثل هذه التصريحات "تسرع من تبني قرارات اكثر قسوة ضد ايران" في اشارة الى التهديدات باصدار قرار ثان من مجلس الامن يفرض عقوبات ضد ايران بسبب ملفها النووي.

ودعا النائب الاصلاحي اسماعيل غيرامي مقدم، الرئيس الايراني الى استخدام نفس اللغة التي يستخدمها كبير المفاوضين النوويين علي لاريجاني ومستشار المرشد الاعلى علي اكبر ولايتي اثناء زيارتهما الى خارج البلاد.

وقال مقدم لصحيفة "اعتماد ملي" "اليوم الافضل لنا ان نتحدث بلغة معقولة تشبه لغة ولايتي ولاريجاني وليس ان نتحرك في الاتجاه الذي يرغب اعداءنا لنا ان نتحرك به ونستخدم شعارات مستفزة ونعمل بروح المغامرة".

واضاف النائب "ان الشعب الايراني والجمهورية الاسلامية لا يستحقون هذه اللغة. ان عبارة (بلا فرامل) تعني ان احمدي نجاد هو الذي يتخذ القرارات وحده ولا يقبل بأية مشاورات".

وتعكس الانتقادات لخطاب احمدي نجاد الشكاوى التي ترددت خلال الاسابيع الاخيرة ليس فقط من الاصلاحيين ولكن كذلك من النواب المحافظين حول طريقة تعامل الحكومة مع المسالة النووية الايرانية والسياسات الاقتصادية التوسعية.

ونشرت صحيفتان تعتبران عادة من الصحف المحافظة وهما "جمهوري اسلامي" و"همشهري"  مقالين يحملان نقداً غير مسبوق لطريقة تعامل احمدي نجاد مع المسالة النووية.

وقالت الصحيفة في مقال كتبه المعلق المحافظ المرموق امير محبيان "ان أمامنا اياما صعبة. ولا شك في ان الضعف والسذاجة والعنف اللفظي غير الضروري غير مقبولة في السياسة الخارجية".

واضافت "ويجب ان لا ننسى ان سياستنا الخارجية يجب ان تعكس الحضارة الايرانية القديمة والثقافة الاسلامية العميقة".

وحذر اكبر هاشمي رفسنجاني الرئيس السابق المتنفذ الذي هزمه احمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية عام 2005 المسؤولين الايرانيين من غضب اميركا "الجريحة" عقب تصريحات احمدي نجاد.

وقال رفسنجاني "كل ما فعله الاميركيون هو جلب قواتهم على وجه السرعة الى العراق وافغانستان. وكل ما فعلوه هو ازالة اعداء ايران: صدام حسين وطالبان".

من جهة ثانية قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، غلام حسين إلهام إن إيران لا تواجه تهديدا عسكريا كما أنها لا تهدد أحداً.

ورداً على سؤال حول التصريحات التي نسبت مؤخراً إلى نائب وزير الخارجية الإيراني من أن "إيران مستعدة للحرب"، رجح الناطق بلسان الحكومة بان تكون تصريحات نائب وزير الخارجية قد نقلت بطريقه غير صحيحة.

وأكد أن السياسة الإيرانية واضحة للغاية وقال إن سياستنا كانت ومازالت تتمثل في الدعوة للسلام والعدل للجميع وان تحركنا وسلوكنا يتم في هذا الإطار.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 4 آذار/2007 -14/صفر/1428