استمرار التعقيدات العرقية في البوسنة يعزز التقسيم والانفصال

 شبكة النبأ: رغم ان الاوضاع في اجزاء يوغسلافيا السابقة افضل بكثير عما كانت عليه قبل عدة سنوات حيث شهدت نزاعات كبيرة اقل ما يقال عنها انها دموية بين اقطاب مختلفة كانت لا تجاهر باختلافاتها لوقوعها تحت حكم ديكتاتوري سابق يعاقب بشدة كل من يخرج عن طاعته او يثير القلاقل والفوضى الا انها لاتزال تعاني من قلة التنسيق بين اجزاءها الصربية من جهة والكرواتية مع المسلمين من جهة اخرى، فقد أضحت أوصال يوغسلافيا السابقة مقطعة الى جزئين رئيسيين للصرب الجزء الشرقي منها، والغربي يتبع لاتحاد المسلمين والكروات، ويتحتم حسب الاتفاقات الامنية ان تلتزم جميع الاطراف بحدود معينة مسبقاً عند القيام بواجبات المطاردة والقاء القبض للخارجين على القانون مما يعرقل اهداف احلال الامن وتظهر هنا الحاجة الماسة الى توحيد اجهزة الشرطة والجيش اضافة الى تطبيق اتفاقات امنية موحدة تهيأ الارضية لولوج يوغسلافيا الاتحادية الجديدة باجزاءها الى الاتحاد الاوربي.

وحين يهرب المجرمون لسراييفو الشرقية ينبغي على رجال الشرطة من المسلمين والكروات التوقف عند الحد الفاصل لمدينتهم على أمل أن يواصل زملاؤهم في الشرطة الصربية المطاردة حسب تقرير نقلته رويترز.

ويقول الجنرال فنسنزو كوبولا رئيس بعثة شرطة الاتحاد الاوروبي في البوسنة "تحتاج البوسنة لنظام لا يجعلك تتوقف عند حدود جمهورية الصرب أو أي منطقة."

ويضيف "واصلوا (المطاردة) لانكم جزء من قوة شرطة واحدة."

والشرطة البوسنية وقوامها 16 ألف فرد مقسمة بين اكثر من جهة وتخضع لأشراف وزارتي داخلية اقليميتين الاولى في جمهورية الصرب والثانية في الاتحاد الكرواتي البوسني المسلم.

ويوجد في عشر مناطق اتحادية ومنطقة بركو الاتحادية أجهزة شرطة خاصة ويصل عددها بعد إضافة الاجهزة التابعة للدولة الى 15 قوة شرطة.

ولكل قوة زي مختلف وسيارات تحمل علامات خاصة ولوائح خاصة.

ويقول مسؤولون إن التعاون بين هذه القوات غير منظم مما يعرض عمل الشرطي للمشاحنات الطائفية ويقوض جهود مكافحة الجريمة المنظمة.

وتعدد قوى الامن هو ميراث للحروب التي شهدتها منطقة البلقان في التسعينات ومعاهدة دايتون للسلام في عام 1995 التي اسفرت عن تأسيس جمهورية صرب البوسنة التي تحظى بدرجة كبيرة من الحكم الذاتي والاتحاد الكرواتي البوسني المسلم.

ويشعر الاتحاد الاوروبي أن الوقت قد حان لتشكيل قوة شرطة واحدة ووعد بأبرام اتفاق الاستقرار والارتباط مع البوسنة وهو الخطوة الاولى لانضمامها لعضوية الاتحاد الاوروبي كمكافاة على هذه الخطوة.

وقال كوبولا إن العمليات المشتركة التي تحظى بدعاية واسعة ينبغي إن تكون القاعدة وليس الاستثناء وأضاف "لا ينبغي ان تخضع للرغبة بل للقانون والاجراءات."

غير أن قادة صرب البوسنة يريدون المحافظة على ما يتمتعون به من حكم ذاتي ويقولون انهم قدموا تنازلات كافية لدعم الحكومة المركزية الضعيفة ومن بينها الموافقة على تشكيل جيش مشترك للاتحاد.

ولم تحرز ثلاثة اجتماعات عقدت الاسبوع الماضي اي تقدم ويأمل رعاة السلام في البوسنة ان تحدث انفراجة قبل انتهاء المهلة التي حددها البوسنيين لإقرار خطة لإصلاح جهاز الشرطة قبل الثاني من مارس آذار.

وكنتيجة لعدم توقيع اتفاق الاستقرار والارتباط يتوقع ان تمدد واشنطن ولندن ورعاة آخرون في اجتماعهم في الاسبوع الجاري تفويض مراقب السلام القوي في البوسنة والذي يمكنه فصل من يعرقلون عملية السلام.

ويقول صرب البوسنة انهم يعارضون دمج قوة الشرطة لأن الحرب البوسنية التي دارت رحاها بين عام 1992 و1995 اقنعتهم بانهم أكثر أمناً حين يعتنون بشؤونهم.

ورفض رئيس وزراء صرب البوسنة ميلوراد دوديك وعود المستقبل المشرق في اطار الاتحاد الاوروبي قائلا قبل جولة اخرى غير حاسمة لمحادثات اصلاح جهاز الشرطة في الاسبوع الماضي "دعوهم يذهبون لمستقبلهم المشرق. اريد ان اذهب مع شرطة جمهورية الصرب."

ويقول الساسة الصرب إن مستوى التعاون بين قوات الشرطة الاقليمية جيد مشيرين للنجاح في التصدي لعصابات تزييف اليورو وسرقة السيارات.

ولكن المسلمين والكروات يفضلون توحيد جهاز الشرطة على أمل ان يخفف من تقسيم البوسنة في ظل اتفاقات دايتون.

واشعل دوديك الانتخابات في العام الماضي بتهديده باجراء استفتاء على الانفصال اذا ما قوض الحكم الذاتي الذي تمتع به المنطقة بصورة أكبر وقوبل تهديده بدعم قوي من المواطنين الصرب.

وقالت صربية تبيع السجائر المهربة في شوارع سراييفو الشرقية "لا اختلاط. ينبغي ان نظل منفصلين هذا ما اعرفه وآمل الا يوافقوا على الخطة."

وتابعت "عانت أسر كثيرة في الحرب العالمية الثانية على أيدي اصدقاء محليين للالمان والمتعاونين الكروات مع النازي وفي الحرب الماضية ايضا. اينبغي ان نعيش معاً مرة اخرى الان.. محالة. لابد أن تكون لنا قوة شرطة خاصة."

وتستعيد البلقان وضع الاوراق المخلوطة التي كانت ابتعدت عنها بعد الحرب الاطلسية الاخيرة على صربيا وتسوية النزاعات الاهلية المسلحة وفق اتفاق دايتون للسلام الذي مرت العام الماضي ذكراه العاشرة.

ففي الوقت الذي تحتدم الأزمة بين بلغراد والمجتمع الدولي بعد الاعلان رسميا لخطة المبعوث الدولي مارتي اهيتساري حول استقلال مشروط لاقليم كوسوفو الذي يواجه بمعارضة شديدة في الاحزاب القومية المتشددة في الطرفين الصربي والالباني داخل الاقليم نفسه وفي صربيا ايضا حيث هدد الصرب الكوسوفيون باعلان استقلال مناطقهم.

فيما تشن الجماعات الالبانية المتشددة عمليات عسكرية ضد الوجود الاطلسي والدولي في الاقليم احتجاجاً على عدم منح كوسوفو الاستقلال الكامل.

وفي هذا الخضم شرع الكروات في البوسنة في محاولات جديدة للانفصال عن الاتحاد الفيدرالي الذي يجمعهم مع المسلمين البوسنيين واستحداث كيان خاص بهم يتمتع بالحقوق نفسها الممنوحة للكيان الصربي (الجمهورية الصربية) الذي يسيطر على 20 بالمائة من الاراضي البوسنية.

وتتخذ المساعي الكرواتية هذه المرة أبعاداً جديدة وتسلك نهجا جديدا باعتمادها على حملة شاملة لجمع التواقيع في العاصمة سراييفو والمناطق الكرواتية جنوب البوسنة وغربها بعد ما كانت تقتصر في السابق على مذكرات الاحزاب القومية الى المسؤولين الدوليين والمطالب البرلمانية المتكررة.

وذكر تلفزيون مدينة (موستار) التي تعتبر عاصمة للكروات البوسنيين (ان الحملة تحظى بتأييد واسع  ، حيث تم جمع آلاف التواقيع المؤيدة لحق الشعب الكرواتي بتقرير مصيره داخل جمهورية البوسنة - الهرسك اعتمادا على اتفاق دايتون الذي يمثل الدستور النافذ للبلاد.

وكان الكروات وافقوا على «اتفاق دايتون» على التقسيم الحالي للبوسنة بضغط من الرئيس الكرواتي الراحل فراينو تودجمان الذي كافأته الولايات المتحدة على ذلك لمساعدته في القضاء على الحركة المسلحة الصربية التي اندلعت في منطقة (كرانينا) الواقعة جنوب غرب البلاد  ، منذ بدء انهيار يوغوسلافيا السابقة عام 1991 واستمرت حتى عام 1995  ، فيما تمت مكافأة الكروات البوسنيين بمنحهم جنسية جمهورية كرواتيا مزدوجة مع جنسيتهم البوسنية.

وقدمت حكومة صرب البوسنة مؤخراً اعتذاراتها لضحايا نزاع 1992-1995 من مسلمين وكرواتيين بعد ان اتهمت محكمة العدل الدولية قوات صرب البوسنة بارتكاب جريمة ابادة في سريبرينيتسا.

وعبرت الحكومة في بيان عن "اسفها العميق لجرائم الحرب التي ارتكبت بحق اشخاص من غير الصربيين خلال حرب البوسنة".

وفي المقابل طلبت الحكومة من مسلمي وكرواتيي البوسنة الاعتذار بدورهم للصرب "من اجل العمل لبناء مستقبل افضل لجميع الشعوب والمواطنين" في البلاد.

وكانت البوسنة تقدمت بشكوى في 1993 امام محكمة العدل الدولية اعلى هيئة قضائية تابعة للامم المتحدة متهمة صربيا بتنفيذ ابادة خلال النزاع البوسني.

واعتبرت محكمة العدل الدولية الاثنين ان صربيا لم تنظم ابادة في هذه الجمهورية اليوغوسلافية السابقة.

الا انها وصفت المجزرة التي قضى فيها ثمانية الاف مسلم في سريبرينيتسا (البوسنة الشرقية) في 1995 بالابادة ووجهت اللوم لبلغراد لانها لم تعمل على منعها.

كذلك تعهدت حكومة الجمهورية الصربية التي تشكل مع الاتحاد الكرواتي-المسلم البوسنة ما بعد الحرب بذل "كل الجهود الممكنة لتوقيف المسؤولين عن جرائم حرب ولا سيما منهم المتهمين بارتكاب جرائم وقعت في سريبرينيتسا".

ولا تزال محكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا السابقة حتى اليوم تبحث عن ستة فارين صربيين ومن صرب البوسنة بينهم الزعيمان السابقان السياسي والعسكري لصرب البوسنة رادوفان كرادجيتش وراتكو ملاديتش.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة2 آذار/2007 -12/صفر/1428