بين ازدواجية (البعارين) ونظرية المؤامرة.. احذروا غضبة الحليم

طالب الوحيلي

(قل لصاحبك باني سوف أغزوكم بقوم لا يميزون بين الناقة والجمل)!!!!وتلك ازدواجية (البعارين) وليس المعايير،فاحذروا صولة الحليم... 

ينسب الى احد منظري حزب البعث الذي يعيش هذه الايام خرف شيخوخته،بعد ان وطئته ردود افعال بسبب عدم حصوله على منصب يليق بتأريخه النضالي ايام معارضته للنظام الصدامي ، ينسب اليه قول مفاده،ان البعثي حتى وان تبرأ من حزبه، فلابد ان تتملكه نظرية المؤامرة، فتجد هذا المنظر وقد استثمرها وسط زوجتيه العزيزتين!!ولعله تجنى ـ بفضح هذا السرـ على بعض رفاقه المعتزلين ظاهريا، والظاهرين على الساحة والصائلين فيها بالطول والعرض،، فتجد احدهم وقد تسنم أرقى المناصب الحكومية بعد سقوط الحكم البعثي رسميا في العراق، حيث لا يطاله قانون الاجتثاث ولا تشمله أي جريرة ما دام لم تلطخ يداه بدم الأبرياء من ضحايا ذلك العهد والله اعلم.

لكن ذلك لا يمنع العراقي الذي اكتوى بنيران تلك العقود من الخراب الايديلوجي من استذكار تلك المصائب التي لحقت بالعراق من جراء سياسات فاشلة أفرزتها حقبة حزب البعث، كما ان لاشيء يمنعه من القلق على مصيره الذي تتنازعه المزايدات السياسية الغريبة بالرغم من احتكام الجميع الى صناديق الاقتراع، وكل تيار يجد في نفسه ما يرجحه على غيره، ليكون الفيصل الأخير هو نتائج الانتخابات التي أعلنت ارجحية القوى التي آمنت بها تلك الأكثرية عن يقين ودراية وقراءة وفرتها بواكير العملية السياسية او اللعبة السياسية كما يسميها حريفو هذا الفن،فانداح بعيدا من لا قاعدة ولا تأريخ جهادي له، ليبحث عن ضالته في إنضاج مؤامراته مستثمرا تداعيات الواقع الدولي والإقليمي أمام سيادة مشرع إسلامي بكر متمثل بقوى الائتلاف الموحد، كونها خرجت من جوهر منهاج المرجعية الدينية، بالرغم من واجهتها الديمقراطية البعيدة عن الخطاب الراديكالي، وبالرغم من اجتهادها الكبير في بث التطمينات الى الأطراف المشاركة في المسألة العراقية، ولدول الجوار والمحيط الدولي.

وقد توافرت تلك القناعات بين الشركاء الرئيسيين (الجبهة الكوردية)لكن المشكلة هي حين تكون قلوب البعض مع العراق وسيوفهم عليه !!وترى البعض الآخر حلو اللسان قليل الإحسان، وترى غيره ((يلغ الدماء مع الوحوش نهاره...... ويعود في الليل تقيا راهبا )).

نحن أمام مشرع سياسي استطاع بما لديه من قاعدة جماهيرية فائقة العدد،ان يباشر في قيادة المجتمع بالاشتراك مع كافة الأطراف التي دخلت قبة البرلمان بعيدا عن مستحقات الناخب، ومع ذلك تجد عدد من الكتل وهي تنوء بحمل ثقيل من المواقف السلبية المعيقة لبناء الدولة على أسس سليمة مبتعدة عن تركة الماضي وخطابه الدكتاتوري او تهميش الاخر سواء كان سياسيا او عقائديا، لذا يحق للمواطن المبتلى ان يتهم تلك القوى بأنها ما دخلت العملية السياسية الا لغرض نخرها من الداخل وعرقلة تنفيذ الخطط والمشاريع البناءة التي يرجوها الناخب المثقل بهموم العوز والحرمان والخوف من نكبات الزمان،لكي يتجرأ كل واحد من قادة واعضاء تلك الكتل فيتصور نفسه المنقذ او صاحب المشروع البديل، لاسيما حين اعلن عن تنفيذ الخطة الامنية (خطة فرض القانون)التي سارت في أيامها الاول بنجاح كبير أشعرت المواطن بأمل كاد ان يفقده، فترى الكثير ممن استرقت الفضائيات المنصفة لحظات من هواجسه ومشاعره وقد تراقصت في فمه الكلمات فرحا بعودته لداره بعد ان هجرها خوفا من القتل، يقف وسط حارته وهو يدعو أبناء جيرته بالعودة بلا خوف من طغيان الإرهاب.

وبقدر ما في هذا الأمر من معنى للانتصار على الإرهاب، تجد اؤلئك المرجفون وقد شاطت في أفواههم الكلمات، وفاحت من أعطافهم روائح المؤامرة، فمثلا كان احدهم قد أعلن أصلا عن رغبة حزبه في الانسحاب من العملية السياسية، بعد ان أشارت بعض أصابع الاتهام له بعلاقته بما حيك في ظهر الكوفة من مؤامرة قادها (الكرعاوي ) وكادت ان تدمر المشروع الوطني برمته، ويحق لنا ان نتخيل القوة التي وراء جند السماء !!ومستوى التسليح والتخطيط والدعم، ثم حجم الضجيج الذي اثارته فضائيات الارهاب ولاسيما قناة الشر..قية التي اغلقت الحكومة مكاتبها في العراق لكنها ازدادت تطرفا وترويجا لاشنع الجرائم وابشع الخطابات.

 ومن ذلك تبنيها مهمة الدفاع عن زمرة جند السماء وتباكيها على بعض ابناء عشائرنا في الجنوب التي سرعانما اعلنت رفضها واحتجاجها ورغبتها بمقاضاة هذه القناة لافترائها على شرف تلك العشائر نليبقى المتهم الاول في العلم بما دبر في (الزركة) مكتب رئيس ذلك الحزب في لندن.

في غضون ذلك وقعت حوادث ارهابية متفرقة ان قل عددها عن سابق الايام، لكنها اصابت موجعا، وحصدت عشرات الارواح البريئة في بغداد الجديدة والعلوية ومدينة الصدر والمحمودية والسيدية واستهداف مطعم آل البيت في التاجي وعودة الجثث المجهولة الهوية..الخ وكل ذلك يتمحور مع اهداف البعض ممن ينتظرون فشل الخطة الامنية لتنفيذ اجندتهم التي روجوا لها حيث عرض رئيس إحدى الكتل البرلمانية المنافسة مشروعه البديل على وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس التي رحبت بها وهي (خطة بديلة لإدارة البلاد في حالة فشل الخطة الأمنية) وقد اشار قيادي في هذه الكتلة في تصريح لـ"راديو سوا" إلى أن هذه الخطة تلقى دعم بعض القادة العرب!!

اذن لابد للعاقل ان يربط بين التصعيد الارهابي في هذا الوقت وبين هكذا مشروع وبين تصاريح وخطابات يلقيها هنا وهناك قادة كتلة اخرى اعلنت نفسها منذ البدء بانها العدو اللدود للنظام الجديد ولاغلبية الشعب وانها الصوت السياسي للمقاومة (الشريفة) وغير الشريفة،حيث شككت ابتداء بخطة فرض القانون، واتخذوا من احد التيارات العراقية الواسعة عدوا ومصدر للخطر الذي يهددهم في كل مكان، فيما  اعتبروه يوما ما التيار المقاوم الاكبر للاحتلال والاكثر وطنية من غيره، ليعلن نائب الرئيس العراقي في تصريحات عرضت الاحد الماضي، ان على الولايات المتحدة ان تصنف جيش المهدي الذي يقوده الزعيم الشيعي مقتدى الصدر على انه جماعة ارهابية.

وقال لقناة الجزيرة ان ما هو متوقع من الادارة الأميركية لكي تتجنب ازدواجية المعايير أن تصنف جيش المهدي والميليشيات الأخرى التي عملت تحت لوائه بانها جماعات ارهابية ويتعين تطبيق المعايير الدولية ضدها...وهو يعلم قبل غيره ما لهذا التيار من حجم في الواقع العراقي، لاذا فانه يريد اعتبار اغلبية الشعب العراقي ارهابيا من اجل حفنة مجرمين وذباحين ومغتصبين لم يراعوا حرمة ولا دم ولا شرف ولا جيرة ولا اعراف لاتباع اهل البيت طيلة المدة التي اعقبت سقوط صنمهم، ليحولوا العاصمة بغداد الى مقاطعات طائفية يهدر فيها دم الشيعي، واني اتحدى هذا الرجل ان يرحم شيعيا لو وقع في براثن ميليشياتهم التي انتشرت في اليرموك والمنصور وحي العدل والجامعة والاعظمية والفضل وباب المعظم والدورة والسيدية وحي الجهاد ومحيط بغداد وديالى وغيرها حيث مازالت تلك الميليشيات الإرهابية تقتل الأبرياء دون ان تؤثر بها الخطة الامنية المهذبة جدا والتي تسير على وفق القانون، فيما ايد التيار الصدري وبارك كل اجراء قانوني تفرضه الحكومة مهما كان قاسيا وقد اعتقل المئات من عناصره بمداهمات مستمرة، وقد ارتضوا بهذا الواقع مادام يؤدي الى فرض الأمن وإنقاذ الأبرياء من القتل على الهوية، فلماذا هذا التحامل على هذا التيار الا لغرض جره الى المواجهة وعرقلة عمل الخطة، وذلك تكتيك خبيث الغرض منه إفشالها.

ولعل اخسأ لعبة ميكافيلية حاولت لعبها القوى المتآمرة على خطة فرض القانون، هي فيلم صابرين الجنابي، تلك البائسة التي اتخذوا منها ضحية لاستدرار عطف الأمة العربية وتأجيج صراع يجمع كل الأحقاد، لترمي منتجيه ومخرجيه ومروجيه في خزي لا يليق بأبناء العراق وكرامتهم،  حيث ارتضو ان يقبلوا حكم الجنود الامريكان في وقوع جريمة الاغتصاب من عدمها، وشككوا بقرار رئيس الوزراء الذي شكل على الفور لجنة تحقيقية أثبتت زيف وكذب ادعاء المدعية، ولعل احق تعليق يمكن ان يقال على الذين وراء هكذا فيلم إنهم ماداموا مسلمين فعليهم ان يرجعوا لإحكام الشريعة الإسلامية في إثبات واقعة كهذه، وان تأت المدعية بارعة شهود عدول شاهدوا وقوع الفعل، وإلا فهي ومن وراءها من الافاكين!!

يقال أن احد أصحاب الإمام علي (ع) قد قصد معاوية في دمشق، وعند خروجه منه سرق اللصوص جمله، فعاد لمعاوية غاضبا وقد اخبره بما جرى، فأمر معاوية رجاله بإعادة الجمل اليه، وبعد وقت قصير جاؤوا له بناقة وليس جملا، وحين ابلغ معاوية بهذا اخطأ قال له (قل لصاحبك باني سوف أغزوكم بقوم لا يميزون بين الناقة والجمل)!!!!وتلك ازدواجية (البعارين) وليس المعايير،فاحذروا صولة الحليم...

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 23 شباط/2007 -5/صفر/1428