خطة أميركية ثالثة بشأن العراق وتجهيز بديل للمالكي نهاية شهر اذار

كشفت زيارة وزيرة الخارجية الامريكية الخاطفة الى العراق ولقائها بالمالكي مع بدء الخطة الامنية الجديدة عن نية الولايات المتحدة مواصلة الضغط على رئيس الوزراء لتنفيذ التزامات المصالحة الوطنية من جانبها السياسي بالتزامن مع الحل العسكري الجاري الان على الارض وتنفيذ التزامات منها، تنفيذ التعديل الحكومي والقاء القبض على سبعة الاف متهم اعدت اسماؤهم من قبل الجيش الامريكي ومنهم اعضاء في البرلمان العراقي وقياديين من المجلس الاعلى فضلا عن بارزين في التيار الصدري مما يسبب تحديا وضغطا كبيرا على المالكي.

وكشفت مصادر مقربة من كتلة الائتلاف العراقي الموحد ان تصريحات نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي عن استعداده لتولي رئاسة الحكومة العراقية لم تنطلق من فراغ.

وأضافت هذه المصادر في حديث مفصل لـ الوطن عن شجون الائتلاف في التعامل مع الحكومة، ان الكثيرين من العاملين اليوم في مكاتب أمانة مجلس الوزراء ينحصرون في أشخاص حزب الدعوة الاسلامية، من بين أكثر من 800 هناك %66 منهم ينتمون لحزب الدعوة، والثلث الاخر من الموظفين الصغار الذين تم تعيينهم خلال حكومة الدكتور اياد علاوي الأولى، والباقون يتوزعون ما بين حزب الدعوةـ تنظيم العراق، او التيار الصدري.

وكانت اللجنة السباعية التي تمثل مجلس ادارة الائتلاف، ناقشت في اجتماعاتها الأخيرة أداء الحكومة على خلفية انتقادات لاذعة من مكتب مرجعية السيد علي السيستاني، ظهرت بعض معالمها في خطب الجمعة لوكلاء المرجعية أبرزها في خطبة كربلاء، التي اعتبرت فشل حكومة المالكي فشلا للتيار الاسلامي في الحكم.

يضاف الى ذلك، عدم قدرة المالكي على الانتهاء من التعديل الوزاري في سياق مساع أمريكية ـ بريطانية مشتركة لتفعيل لجنة المراقبة على صندوق المدفوعات العراقي الذي توضع فيه أموال تصدير النفط، لكشف أساليب التلاعب والفساد المالي، حيث عززت السفارتان نفوذهما في هيئة النزاهة لتفعيل عملها، من خلال اضافة عدد من الخبراء، كمستشارين لنقل تجارب متقدمة لملاحقة الفساد الاداري والمالي الذي تنوء تحته هذه الحكومة.

وتعتقد هذه المصادر ان القشة التي ستنهي وجود المالكي في رئاسة الوزراء هي اجراء عملية التقييم الشامل لخطة "فرض القانون" نهاية مارس المقبل وسط زحام تبادل الاتهامات حول قائمة تضم 7 الاف شخص، قدمتها القوات متعددة الجنسيات، تتهمهم بدعم فرق الموت والمليشيات بمختلف انواعها، شيعية وسنية، وكيفية تعامل حكومة المالكي مع هذا الموضوع الدقيق والحساس، وقالت الوطن ان من بين هذه الأسماء نواب في البرلمان العراقي من مختلف الكتل، منهم 17 نائبا من كتلة الائتلاف العراقي وحدها، من بينهم نواب عن حزب الدعوة والتيار الصدري، فضلا عن قيادات ميدانية في تنظيم مؤسسة شهيد المحراب التي يتزعمها عمار الحكيم، نجل السيد عبد العزيز.

من جانبها، اعتذرت مريم الريس، مستشارة رئيس الوزراء عن تاكيد عدد المطلوبين للعدالة او الكشف عن اسماء نواب البرلمان العراقي وموعد القاء القبض عليهم، وهل هم في العراق ام خارجه؟ واكتفت بالقول (سيتم القاء القبض عليهم تباعا ولا احد فوق القانون).

وكانت القوات متعددة الجنسيات قد زودت غرفة عمليات القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية بخريطة ميدانية (ذات أرقام تربيعية) لتعريف العدو في تطبيق خطة فرض القانون

وتابعت بالقول (ان تعريف العدو، قد تغير من قبل القوات الامريكية، ليشمل ما وصف بمناطق النفوذ الايراني، التي شملت منطقة مدينة الصدر باجمعها فضلا عن مناطق الشعب والبنوك وحي اور، التي توصف بكونها من معاقل جيش المهدي. وتحدد هذه الخريطة الوان المناطق بالوان، الاحمر للمناطق التي لا تسيطر عليها الحكومة والبرتقالي للمناطق الاقل خطورة والاصفر للاقل والازرق للاكثر امنا، الاخضر للمناطق الامنة، ويبرز هذا التباين، في اعتبار وزارة الداخلية منطقة مدينة الصدر من المناطق الزرقاء، وصفراء في بعض احيائها، فيما اعطتها الخريطة الامريكية كلها اللون البرتقالي، وكذلك فعلت لمنطقة الكرادة والجادرية ذات الاغلبية الشيعية، وابرزها مواقع وجود فيلق بدر ومكاتب المجلس الاعلى للثورة الاسلامية).

وكشفت هذه المصادر القريبة من كتلة الاتئلاف ان نوري المالكي اكد خلال الاجتماع الأخير للجنة السباعية انه يفضل الاستقالة على ان ينفذ الطلبات الأمريكية بشن حملة اعتقالات واسعة على هذه الشخصيات واحالتها الى القوات الأمريكية للتحقيق معها، مما جعل الدكتور عادل عبد المهدي، الرجل القوي في المجلس الأعلى يتلقف الكرة ويسارع لإعلان استعداده لقبول منصب رئاسة الوزراء، في حالة طلب منه ذلك.

وفي سياق متصل كتب كل من هيلين كوبر وديفيد سانغر مقالا نشرته صحيفة نيويورك تايمز بعنوان 'ادارة بوش تتعرض للضغوط وتحذر العراق من تداعيات عدم تنفيذ التزاماته'، تناولا فيه المأزق الذي يمكن ان تقع فيه ادارة الرئيس بوش في حال فشلت حكومة المالكي في تحقيق وعودها في ضبط الامن في بغداد والقضاء على الميليشات الطائفية المسلحة.

وقال مراسلا الصحيفة في واشنطن ان مسؤولين في الادارة الاميركية حذروا حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي من مغبة التعثر في تنفيذ الالتزامات التي تعهد بها الجانب العراقي في الصفقة السياسية الامنية الاخيرة، مضيفين ان الرئيس بوش وكبار المسؤولين في ادارته ابلغوا الحكومة العراقية ان الاستمرار في تمويل القوات الاميركية الاضافية وغيرها من العناصر والمشاريع التي احتوتها الاستراتيجية التي اعلن عنها الرئيس بوش منوط بمدى تنفيذ رئيس الوزراء العراقي للوعود التي قطعها للقضاء على العنف.

ونقل كل من كوبر وسانغر قول ستيفن هادلي، مستشار الرئيس بوش للامن القومي: ان العملية ستسير بطريقة التمويل بدفعات وعلى اساس تقدم العمل.

ولفت الكاتبان الى ان استراتيجية الرئيس بوش تعرضت خلال الايام القليلة الماضية الى هجوم عنيف في مجلسي الشيوخ والنواب لم يقتصر على الديموقراطيين فقط، وهو الامر الذي يعزز دعواتهم لتقليص حجم الدعم المالي لخطة الادارة في شأن الحرب في العراق.

كما نقل الكاتبان عن مسؤولين كبار رفضوا الكشف عن هوياتهم انهم يدرسون خطة ثالثة في حال فشل حكومة المالكي في تنفيذ وعودها، موضحين ان هذه الخطة تتبنى دعم قيادة شيعية جديدة للحكومة العراقية تتمثل في نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي الذي كانت واشنطن ترغب في ان يتولى رئاسة الحكومة بعد الجعفري مباشرة، لكنه فشل بسبب تأييد اعضاء التيار الصدري للمالكي خلال عملية التصويت التي اجراها الائتلاف الموحد لاختيار مرشحه لرئاسة الحكومة.

من هنا لفت الكاتبان الى ان مسؤولين نافذين يرون ان دعم عضو بارز في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية لتولي هذا الموقع يعطي لايران تاثيرا كبيرا في توجهات وخطط الحكومة العراقية، كما اكد الكاتبان عدم وجود نية اميركية لاطاحة حكومة المالكي لكنهما نقلا عن مسؤولين بارزين في ادارة الرئيس بوش ان فشل المالكي في تنفيذ خطته الامنية والقضاء على العنف في بغداد سيدفع العراقيين الى التحرك من اجل تغييره.

واورد الكاتبان في ختام تقريرهما في نيويورك تايمز قول مسؤول بارز في الخارجية الاميركية ان الوزيرة كونداليزا رايس اكتشفت خلال جولتها الاخيرة في المنطقة ان قادة الدول العربية السنية التي زارتها لا يثقون بكفاءة المالكي واعتبروا انه فشل على الصعيدين السياسي والشخصي في القضاء على الميليشيات الشيعية المسلحة، خالصين الى ان الاداء الذي ستظهر به حكومة المالكي خلال الشهرين المقبلين سيكون مسألة حاسمة بالنسبة للاميركيين الذين لن يقدموا دعمهم في المستقبل الا بعد التاكد من فاعلية هذا الاداء.

من جهة اخرى وفي سياق رابع محتمل الحدوث، يحدد بريجينسكي أربع خطوات أمام الإدارة الأمريكية لتحقيق الانتصارفي العراق.

زبيغنيو بريجينسكي، مستشار الامن القومي في ادارة الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر لايستبعد ان تستفز ادارة بوش نزاعا مع ايران، اذا ما اخفقت في تحقيق تقدم في ورطتها الدموية، موضحا ان السيناريو المحتمل للحرب ضد ايران سيبدأ باتهامات توجهها واشنطن لها بمسؤولية الاخفاق ثم التوجه نحو بعض الاستثارة في العراق أو عمل ارهابي في الولايات المتحدة تلام ايران بسببه ويصل ذروته في عمل عسكري دفاعي ضد ايران، محذرا من (ان مثل هذا التطور سيجعل الولايات المتحدة تنغمس في مستنقع يتعمق ويتسع ويستمر 20 عاما أو اكثر يمتد عبر العراق وايران وافغانستان وباكستان).

ويلاحظ بريجينسكي، ان الادارة الامريكية تعيد الآن صورا ومظاهر من التاريخ عن الصدامات السابقة مع النازية والشيوعية، بحيث يتم طرح (التطرف الاسلامي والقاعدة) باعتبارهما المعادلين للتهديد الذي طرحته المانيا النازية وروسيا السوفييتية، و11 سبتمبر معادلا لهجوم (بيرل هاربر) الذي دفع امريكا للمشاركة في الحرب العالمية الثانية واصفا ذلك بأنه قصة تبسيطية وتضليلية، موضحا ان التهديد النازي اعتمد على قوة عسكرية للدولة الاوروبية الاكثر تقدما من الناحية الصناعية في حينه، فيما الستالينية اثارت اعجابا عبر تعاليمها الماركسية على مستوى العالم في وقت كانت عاجزة فيه عن تعبئة الموارد عسكريا، أما المسلمون فهم لا يعتنقون الاصولية الاسلامية، و(القاعدة تمثل انحرافا معزولا)، وايران على الرغم من نفوذها الاقليمي لا تشكل تهديدا للعالم، و(العراقيون مشاركون في نزاع ليس نيابة عن الايديولوجية الاسلامية) وانما بسبب (الاحتلال الامريكي الذي دمر الدولة العراقية) على حد تعبيره.

وحدد بريجينسكي اربع خطوات لتحقيق هدفين الاول (استراتيجية تنهي احتلال العراق) والثاني (صياغة حوار امني اقليمي) وهي:

1- اعلان واشنطن رسميا وبشكل واضح نيتها مغادرة العراق خلال اقصر فترة ممكنة.

2- اجراء محادثات مع القادة العراقيين لتحديد تاريخ فك الاشتباك وفترة عام واحد كافية لتنفيذ ذلك مع تجنيب التصعيد العسكري بما فيه رفع القوات بشكل كبير ومؤقت لعدم فوائده على المستوى التكتيكي.

3- تشجيع القادة العراقيين لدعوة زعماء دول الجوار وبلدان مسلمة اخرى مثل مصر والمغرب والجزائر وباكستان للبحث في وسائل تعزيز الاستقرار في البلاد بالتزامن مع فك الاشتباك الامريكي وذلك بعقد مؤتمر حول استقرار المنطقة.

4- السعي القوي والصادق من جانب ادارة بوش للوصول الى تحقيق سلام اسرائيلي ـ فلسطيني لا سيما ان سجل الاحداث يؤكد ان الطرفين غير قادرين على تحقيق ذلك لوحدهما، فضلا عن ان عدم حل هذه المشكلة يؤجج المشاعر الاصولية والقومية في المنطقة.

وقال ان الولايات المتحدة تمكنت بعد الحرب العالمية الثانية من الانتصار في الدفاع عن الديمقراطية في اوروبا لاتباعها استراتيجية طويلة المدى في توحيد الاصدقاء وشق صفوف الخصوم، مما جعلها تردع العدوان بدون ان تبدأ في اثارة العداء، وكذلك (استكشاف امكانية تحقيق اتفاقات عبر التفاوض) ناصحا ادارة بوش بتعيين (استراتيجية مماثلة تستند الى المشاركة السياسية البناءة).

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 20 شباط/2007 -2/صفر/1428