المسلمون يواجهون الكراهية في أمريكا ولكن هناك ايجابيات..

في عام 2006 أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة جالوب وشارك فيه الف امريكي أن 39 في المئة يؤيدون مطالبة المسلمين في الولايات المتحدة بمن فيهم المواطنون الامريكيون بحمل بطاقات هوية خاصة. وقال نحو الربع انهم لا يرغبون أن يكون لهم جيران من المسلمين.

من هنا تزداد معاناة المسلمين يوميا خصوصا مع تعقد الاوضاع في الشرق الاوسط ولكن تبقى هناك ايضا بعض الجوانب الايجابية.

فقد رأت تالا علي (25 عاما) مزايا وعيوب أن تكون مسلمة في وسط امريكا. فهناك أشخاص يخرجون رؤوسهم من نوافذ السيارات ليصيحوا فيها قائلين "عودي الى ديارك يا ارهابية." لكن الغرباء الذين يثير حجابها فضولهم يقتربون منها ليسألوها عن الاسلام.

وتقول تالا التي ارتدت حجابا قرنفليا والتي جاءت الى الولايات المتحدة مع والدها الاردني وامها الفلسطينية حين كانت طفلة في الخامسة من عمرها "أحب أن يسألني الناس".

وقالت وهي في انتظار اصدقائها بعد أداء صلاة الجمعة في مسجد في سينسناتي "هنا قد أكون المسلمة الوحيدة التي يقابلها بعض الناس" وأضافت "أضع دوما في ذهني أنني سفيرة للاسلام."

وبالنسبة لتالا ومسلمين اخرين يعيشون بعيدا عن المدن الامريكية الكبرى التي يقطنها المهاجرون فان الحياة اليومية اختبار لقوة الاحتمال والقدرة على التواصل مع الامريكيين الاخرين الذين ينظرون الى الاسلام بارتياب بعد خمس سنوات من هجمات 11 سبتمبر ايلول وسط حربين دمويتين في العراق وافغانستان.

وتقول عنايات مالك وهي طبيبة وعضو مجلس ادارة المركز الاسلامي في سينسناتي الكبرى "الاعتقاد السلبي يتزايد بالرغم من كل ما نفعله".

ويستقبل المركز خمسة الاف زائر سنويا من الكنائس والمدارس وممن ينتابهم الفضول.

وتشعر منسقة الجولات شكيلة احمد بالحرج الشديد من أن تروي أسوأ ما حدث لها كمرشدة لكنها تصر أنه ليس هناك أسئلة "سيئة".

ومضت تقول وهي جالسة في هدوء في صالة الالعاب الرياضية الخالية بالمركز بعد قيامها بجولة "من الاهمية بمكان للناس أن يستطيعوا طرح الاسئلة."

وتزين أعلام عشرات الدول الحوائط وتقول شكيلة "الافضل لنا أن تسأل على أن يكون لديك مفهوم خاطيء."

وشكيلة وعنايات واخرون أعضاء في مجالس الديانات المختلفة ويتحدثون في منتديات مجتمعية ويكافحون عاما بعد عام لمد جسور داخل وسط امريكا الذي يغلب عليه المسيحيون البيض.

لكن في الوقت الذي يكرسون فيه أنفسهم للتواصل فان المعركة الشاقة لتعليم الامريكيين تؤثر سلبا على التفاؤل.

وتقول عنايات "طوفان التغطية الاعلامية بتجسيدها السلبي طاغ." وأضافت "أرى ضوءا خافتا للغاية في نهاية النفق."

تكافح كارين دبدوب مشاكل مستديمة خلال عملها لحساب مجلس العلاقات الامريكية الاسلامية في اوهايو.

ففي عام 2005 فجر مسجد في سينسناتي. وانتقد طلاب مسلمون صائمون عام 2006 حين سمح لهم بتجنب الكافيتريا اثناء شهر رمضان. وتتقاطر التهديدات بالقنابل ورسائل الكراهية.

وقالت دبدوب وهي من سكان سينسناتي اعتنقت الاسلام قبل 16 عاما "سنصل. انه ليس بالطريق السهل لكننا سنصل."

وتقول دبدوب ان عينيها الزرقاوين وبشرتها البيضاء لم يجنباها النظرات غير الودية والتي كثيرا ما تستهدف النساء المحجبات في امريكا.

وأضافت "من حين لاخر يبتسم أحد في وجهي لكن ليس بنفس القدر المعتاد".

ان الجالية المسلمة في سينسناتي البالغ قوامها 25 الف نسمة صورة مصغرة عن الاسلام في امريكا. ويقول مجلس العلاقات الامريكية الاسلامية ان نحو ثلث مسلمي امريكا الذين يتراوح عددهم بين ستة وسبعة ملايين من جنوب اسيا بينما ثلثهم امريكيون من أصول افريقية وربعهم من العرب. اما الاخرون فهم مهاجرون اوروبيون او قوقازيون اعتنقوا الاسلام.

في كل مكان تقريبا فان المجتمع يكرس نفسه للتواصل مع الاخرين.

في ميزوري يخرج الاطفال المسلمون الذين يدرسون في مدرسة اسلامية بمدينة كانساس الكبرى لاداء خدمات للمجتمع.

وتقول ناظرة المدرسة صبا حمودة ان مسجد المدرسة خرب ذات مرة ودنس القران لكنها تعتقد أنه كلما زاد عدد الامريكيين الذين يفهمون الاسلام كلما زاد تقبلهم لجيرانهم المسلمين.

غير أن الطلاب ما زالوا يشعرون في بعض الاحيان أنه ينظر اليهم نظرة نمطية ويساء فهمهم خارج منطقة الراحة التي يتمتعون بها في مدرستهم الصغيرة.

وتقول سابريم قاضي (15 عاما) اثناء استراحة من درس الدراسات الاسلامية الذي تلقته في الصباح "الناس يعتقدون أننا ارهابيين بسبب 11 سبتمبر."

وفي جنوب غرب الولايات المتحدة الذي يعرف عنه زيادة عدد مهاجريه من أصول لاتينية عن عدد أفراد جاليته المسلمة يكرر المسلمون منهج التواصل بالرغم من الازدراء الطائفي.

ويشعر الاردني احمد الشقيرات امام مركز خدمة المجتمع الاسلامي في مدينة تمب الواقعة في وادي فينيكس حيث يوجد قرابة ما بين 40 و50 الف مسلم بالترحاب لكنه في الوقت نفسه يعاني من التعصب.

ويقع المركز الاسلامي بمئذنته الى جانب أول كنيسة مستقلة في شارع ثانوي هاديء في تمب. ومنذ خمس سنوات اقتسم الاثنان جائزة مدينة تمب للتنوع عن جيرتهم الجيدة.

وقال الشقيرات عن جيرانه "نتبادل الزيارات ونتحدث دائما."

لكن بالرغم من نظرته العالمية التي تتسم بالفخر تصدر الشقيرات عناوين الصحف في اواخر العام الماضي بوصفه واحدا ممن أطلق عليهم اسم "الائمة الطائرين" وهي مجموعة من ستة رجال دين مسلمين أجبروا على النزول من طائرة تابعة للخطوط الجوية الامريكية بعد أن شعر بعض الركاب وأفراد الطاقم بالقلق بسبب الصلاة التي أدوها.

ويقول الشقيرات عن الحادث الذي استرجعه انه يظهر "المبالغة في رد الفعل والتمييز" من قبل شركة الطيران. لكنه يقول ان هذا ضاعف من التزامه بالتواصل مع الاخرين.

وأضاف قائلا لرويترز وهو جالس في مكتب بالمسجد الواقع على ناصية الشارع بعد أداء صلاة العشاء "لو كان هؤلاء الناس زاروا مسجدا ورأوا المسلمين وهم يصلون لفهموا".

ومضى يقول "الغضب لن يوصلنا لشيء. ما نحتاجه هو المزيد من التعليم".

بدورها تعمل الشرطة الأميركية من أجل بناء الثقة بينها وبين السكان المسلمين ففي مدينة هيوستن يوجد 94 مسجدا، وقد قام الضابط في الشرطة المحلية، مظفر صِديقي، بزيارتها جميعا. والجدير بالذكر أن المجهودات التي يبذلها صديقي الرامية إلى بناء الثقة حيث يقوم بزيارة المساجد الواحد تلو الآخر، تمثل نموذجا للمساعي الأخيرة التي تقوم بها الشرطة في المدن الأميركية في ربوع الولايات المتحدة لتعزيز الثقة بين السلطات الأمنية المحلية والجاليات المسلمة في أنحاء البلاد.

وترغب الشرطة من السكان المسلمين في مدنهم أن يعلموا أن بإمكانهم العيش وأداء الصلاة وممارسة شعائرهم الدينية مثلهم مثل غيرهم من المواطنين.

وأكد صديقي أن المواطنين يخافون من الشرطة في بعض البلدان الإسلامية، ولذا فيتعين تثقيف العديد من المسلمين في الولايات المتحدة بشأن أن عليهم أن يثقوا بأجهزة تطبيق القانون. وأضاف أنه في باكستان، على سبيل المثال، حيث ولد صديقي وحيث يساعد في بناء مخفر للشرطة، غالبا لا يستنجد الناس بأفراد الشرطة، بل إنهم بدلا من ذلك يختبئون منهم.

أما في الولايات المتحدة فإن قوات الشرطة بحاجة إلى ثقة المواطنين الملتزمين بالقانون، بمن فيهم المسلمون، للقيام بواجبهم في حماية الأشخاص والمجتمعات من المجرمين.

وقال رئيس شرطة هيوستن هارولد هورت في حديث أدلى به لموقع يو إس إنفو "إنني أدرك أهمية التواصل مع سكان مدينتنا من المسلمين".

وأشار صديقي إلى أن برامج تدريب الشرطة في الولايات المتحدة يشترط فيها تضمين ندوات حول التعددية العرقية والدينية التي يتم فيها توعية الطلبة العسكريين حول عادات وتقاليد الأشخاص الذين ينتمون إلى ثقافات مختلفة ومتعددة ويعيشون جنبا إلى جنب. وقد أدرك صديقي بعد الهجمات الإرهابية التي شنها متطرفون إسلاميون على الولايات المتحدة في 11 أيلول/ سبتمبر 2001 أن إدارة شرطة هيوستن بحاجة إلى بذل المزيد من أجل توعية ضباط الشرطة حول المسلمين وإقناع الجالية الإسلامية أن ضباط الشرطة موجودون لحمايتها.

وأصبح صديقي يتردد بانتظام على مركز الدعوة الإسلامية حيث يلتقي أفراد الجالية الإسلامية لمعالجة مشاكلهم ومخاوفهم. ويجلس صديقي مرة في الأسبوع أمام طاولة في مركز الجالية العربية الأميركية حيث يوزع على السكان بعض الموارد ويقوم بتوعيتهم حول عملية تطبيق القانون.

 

وقال رئيس شرطة ديربورن مايكل سيليسكي إن مدينة ديربورن، بولاية مشيغان التي يوجد بها أكبر تجمع للعرب خارج الدول العربية حيث يقطنها حوالى ‏40‏ ألف أميركي من أصل عربي‏، قد أنشأت مركزاً للشرطة المحلية في قلب ‏المنطقة التجارية والسكانية العربية في أواخر التسعينات. ومنذ ذلك الحين، أخذت إدارة شرطة ديربورن تطور علاقات متينة داخل الجاليات العربية، من زعماء الدين إلى أصحاب الأعمال التجارية إلى أعيان الأحياء.

وتابع سيليسكي: "بعد 11 أيلول/ سبتمبر أصبحنا قادرين على التواصل مع زعماء الجالية وأكدنا لهم أن المدينة والشرطة ستعملان معا لحمايتهم من أية أعمال انتقامية." وذكر أنه يشترط على ضباط شرطة ديربورن حضور دورات تدريبية حول التعددية الثقافية والعرقية بشكل سنوي، حيث يتم التركيز في هذه الدورات على المجموعات العرقية المختلفة وتتغير تبعا للقضايا الراهنة في المدينة.

وقد أدرك رئيس شرطة سان هوزيه روب ديفيز، بكاليفورنيا أن إدارته يمكن أن تستفيد من بناء الثقة بينها وبين الجالية الإسلامية التي تعيش في المدينة البالغ عددها 7 آلاف نسمة، ولذا ألزم نفسه في عام 2006 بصيام شهر رمضان. وقد التزم ديفيز وهو يتبع الطائفة المرمونية المسيحية بصيام شهر رمضان كاملا حيث امتنع عن الطعام والشراب من الفجر حتى غروب الشمس وكان يتناول وجبة الإفطار مع جيرانه المسلمين.

وشدد ديفيز في تصريحات له على "أنه يتعين على  الجميع أن يعلموا أن رئيس الشرطة هو ملك للجميع وليس فقط ملك للأغلبية، وليس فقط لمن هم في السلطة. ومن الضروري أن أكون رئيس شرطة للجميع ولاسيما أولئك الذين يشعرون بالتهميش."

وقال المسؤول في الشرطة الفدرالية الأميركية ديف جوباتز الذي يعمل مع إدارة الأمن العام في ولاية تكساس لتثقيف جنودها حول المعلومات الأساسية عن الإسلام وعن العادات الشرق أوسطية إن "المفتاح لتحقيق ذلك يتمثل في إيجاد قاسم مشترك. وقد فهمت ما يجب القيام به وهو أن نوحد بين عناصر أجهزة تطبيق القانون والجالية الإسلامية لخوض الحرب على الإرهاب."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 14 شباط/2007 -26/محرم/1428