الفساد الاداري والمالي في العراق: فساد بلا مفسدين وديمقراطية بلا شفافية

تحقيق: عصام حاكم

 الفساد والشفافية  مفردتان أصبحتا الاكثر ترددا على ألسنة العراقيين برغم  تضادهما الواضح، فمع الدعوات الواسعة والكبيرة التي تعنى بالشفافية بوصفها أحد ركائز أي نظام ديمقراطي في العالم، نرى أن شفافيتنا ما زالت معتمة،عتمة جعلت من الفساد يدب في مفاصل كل صغيرة وكبيرة في البلد من المجالس البلدية في القرى حتى أعلى الهياكل الادارية في البلاد،الكل يتحدث عن الفساد .

الفساد هو شريك للارهاب فكلاهما يساهم في تدمير الدولة العراقية وقتل الشعب العراقي واستنزاف موارده وثرواته وابنائه.

وبرغم هذا لم نرى معنى حقيقيا للفاسدين وكاننا شعب نعاني فسادا بلا مفسدين، أنها مفارقة مضحكة جعلتنا نتوجه، بالسؤال عن (أسباب أنعدام المسؤولية، وعن هذا الداء الذي أستشرى في جسد هذه الامة)، لعلنا نجد اجابات شافية لذلك الالم اليومي الذي يتعرض له المواطنون.

وحول هذا الموضوع ، استطلعت (شبكة النبأ) اراء عدد من المواطنين لوصف هذه الحالة الجديدة القديمة.

المواطن(نزارجاهل) مهندس/قال: لقد عجز المواطن أن يجد تفسيرا لمسببات هذا الاستشراء في أنتهاك المال العام، لقد توقعنا أن تعاد ثروات البلاد التي نهبت، وامواله التي سرقت وهربت خارج البلاد، وان يساق للعدالة من أساء أستخدام المال العام، واثرى على حساب الشعب، واذا بنا نجد الفساد يزداد حدة وانتشارا.

واضاف: ما هي الاسباب في تنامي هذه الظاهرة في ظل الديقراطية والشفافية واجواء الحرية؟ أسئلة عديدة متشابكة تدور في ذهن المواطن تحتاج الى أجوبه مقنعة!

المواطن(ميثم عبد الرحيم) طالب جامعي، اجاب قائلا:

منذ أكثر من ثلاث سنوات على بدء الاحتلال وصيحات المواطنين تعلو وتتسع مطالبة بمعالجة جذرية لايقاف أنتهاك المال العام،وتبديد ثرواته، والمثير في الامر أن العديد من المسؤولين في الدولة والعديد من الاحزاب والتنظيمات السياسية تشارك الجماهير في مطالبتها،موجهة أنتقادات مريره لما يجري، والاعلام بكافة أشكاله أصبح الحديث عن الفساد ومظاهره واشكاله وتفاصيله يحتل موقعا متصدرا في أنشطته، وتصريحات مفوضية النزاهة والمفتشون في الوزارات تعكس المرارة وما يشبه اليأس من حديثهم،لعدم القدرة على التصدي بفعالية وبنجاح للاخطبوط المتجذر.. وهذا مما يعطي مؤشرا واضحا عن ما وصل اليه الفساد وشبكته من قوة متحكمة في مفاصل الدولة، مكنتها ليس فقط من أن تدافع بشدة عن واقعها وانما أيضا من أن تزيد من قدرة شبكتها وانتشارها مما عزز من ثقتها واطمئنانها وعدم تخوفها وخشيتها من الملاحقة والمساءلة وفشل القضاء من أصدار قرار قضائي يتناول واحدا من الانتهاكات المفضوحة للمال العام.

المواطن(علاء حاكم عبود)33 عاما/معلم، اجاب قائلا:

أن محاربة الفساد الاداري هي مسؤولية المجتمع كله ولا تقتصر على المجهودات الحكومية، بل أنها تستدعي أحيانا تعاونا وثيقا بين المواطنين والاجهزة الحكومية،وان كان من الواضح أن المسؤولية كبرى تقع على الاجهزة الحكومية جميعا لنجاح أي برنامج يهدف الى محاربة الفساد.

واضاف: الفساد ليس ظاهرة عارضة في الدوائر الحكومية،بل هو مستتب يعتبره البعض ممن لا أصل لهم نمطا للحياة وجزءا لا يتجزأ من التعامل،بل ويتسامح الكثيرون بشأنه لدرجة أعتبار الرشوة(أكرامية) أو عملا خيرا أو تعبيرا مسبقا عن الشكر والامتنان أو تعويضا عن المرتبات المتواضعة للموظفين، وكذلك أعتبار الوساطة والمحسوبيه واجبا على أصحاب المناصب وحقا  لاقربائهم  واصدقائهم  ويلامون إن لم يستجيبوا له، والنظر الى الكذب في التعامل كأمر طبيعي لا يثير السخط والاستياء مع تطلع الكثيرين ممن تتاح لهم الفرصة في أغتنام أي مبلغ قد يدره عليهم من دافع المسؤولية ولو كان هذا المبلغ خيانة لواجبات العمل أو لآمانة المال.

المواطنة(هيفاء حسين عبد)45 عاما،موظفة/قالت:

أن محاربة الفساد والحد من أثاره يتحققان عن طريق الاصلاحات الادارية وحدها لأن هناك شروط أساسية تحجم الفساد وتقلل أثاره وهذه الشروط يمكن أجمالها بما يلي:

الوعي العام لدى الناس بأخطار الفساد وضرورة محاربته على جميع الجهات وليس للاستسلام له كقدر محتوم أو التسامح معه كأجراء لازم لتسيير التعامل والوعي التام بضرورة كشف كل المفسدين كلا على حسب موقعه.

واضافت: التزام السلطات العليا في أعلى مستويتها بمحاربة الفساد وفي جميع الاجهزة،أو توفير اليات فاعله للوقاية والمحاسبة والتخفيف في أشتراط الموافقات الحكوميةعلى كل صغيرة وكبيرة لآنها في كل موافقة فرصة للفساد،

تقوية قدرات أجهزة القطاعات الحكومية لتنفيذ الصلاحيات والتي تفرض بمحاربة الفساد وبمختلف أشكاله وما يتطلب ذلك من وضع نظام يقوم على الآعتبارات المعنية السليمة، ويتفادى القيود والتعقيدات التي لا مبرر لها،ويتبع الاصول في التعيين والترقية على أساس الكفاءة وحدها مع أتاحة الفرصة للتظلم بوسائل سريعة وحاسمة،ورفع مرتبات الموظفين وتطبيق نظام حوافز كفوء ومتوازن يحقق أهذاف أكثر أنسانية وعقلانية.

المواطنة(كريمة ستارخيون) مدرسة،قالت:

ثمة حاجة ملحة للالتزام بمنهج شامل وليس أنتقاليا في معالجة قضايا الفساد بالنسبة للافراد ومرافق الدولة الاساسية على حدا سواء،وهذا يستلزم أعتماد خطة عمل وسياسة متكاملة لتغطية جميع مجالات أداء الدولة،من قمتها وحتى أصغر وحدة أدارية، وان تشمل الجميع من كبار مسؤولي الدولة وحتى صغار الموظفين،فلا للتسامح مع أثارة قضايا فردية وانتقائية واهمال مخالفات صارخة لظاهره باتت تعرف ب(القطط السمان) بسبب الخوف ممن يقف وراءها أو بدافع المسايرة السياسيه لهم.

المواطن(فاهم عزيز)أستاذ جامعي،يقول:

أن مخاطر الفساد تثير قلقا واسعا بين الناس، وتطرح أهمية معالجة هذه الافة الاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية ووضع خطط وضوابط صارمة لمكافحة أثارها وتداعياتها على الحياة السياسية ومستقبل البلاد.

واضاف: ان الفساد بجميع أوجهه ليس محصورا في بلد واحد أو منطقة واحدة من العالم،بل هو ظاهرة عالمية منتشرة على نطاق واسع ويشمل ذلك البلدان العربية النامية،الا أن مناخا جديدا ومغريا قد تشكل الان في العراق نتيجة لغياب السلطة الوطنية الفعالة وذات الصلاحيات القوية، اضافة الى الانفتاح العام الذي رافق تغيير النظام ووقوع البلاد تحت الاحتلال الاجنبي.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 14 شباط/2007 -26/محرم/1428