الصراع السعودي الايراني في العراق قد يشعل حربا طائفية تقسيمية لانهاية لها

 يرى محللون أن السعودية تخشى من أن يكون الصراع في العراق قد قوض قدرة الولايات المتحدة على ضمان الامن في منطقة الخليج وزاد من خطر إيران.

وأطاح غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة في 2003 بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي كانت تنظر له واشنطن وحلفاؤها العرب السنة على أنه حصن ضد النفوذ الايراني وأحل محله نظاما ائتلافيا تهيمن عليه أحزاب من الاغلبية الشيعية كما تنقل رويترز ذلك.

وعزز الشيعة العراقيون المتحالف بعضهم مع ايران سلطتهم. ووضعت أعمال العنف الطائفية بين المسلحين السنة والميليشيات الشيعية البلاد على شفا حرب أهلية.

وتخشى السعودية من أن يمتد الصراع لحدودها. وتتركز الاقلية الشيعية في السعودية في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط بالقرب من الحدود مع ايران والعراق.

ويرى دبلوماسيون غربيون في الرياض أن السياسة السعودية تريد أن تضمن أن تظل المظلة الامنية الامريكية في المنطقة في مكانها لحماية أكبر بلد مصدر للنفط في العالم من الدول المجاورة.

وقال أحد الدبلوماسيين "وزاد هذا الان بسبب العراق..هناك نفوذ ايراني متزايد في المنطقة."

والى جانب القوات الامريكية في العراق وقوامها نحو 134 ألف جندي تحتفظ الولايات بتواجد عسكري كبير في الكويت وقطر والبحرين التي تستضيف الاسطول البحري الامريكي الخامس.

وقال المحلل نيل باتريك من وحدة المخابرات الاقتصادية "الخلاصة هي أن السعوديين يبعثون اشارات أكثر وضوحا بأنهم لا يريدون الولايات المتحدة أن تنسحب على عجل."

وتتهم الولايات المتحدة ايران بأنها تطور سرا برنامجا للاسلحة النووية الامر الذي تنفيه طهران.

وفي ديسمبر كانون الاول استقال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة الامير تركي الفيصل دون ابداء أسباب. وأثار هذا التحرك وتلميحات لمستشار أمني سعودي بأن الرياض قد ترسل جنودا لحماية السنة في العراق وتخفض أسعار النفط في العالم للضغط على ايران التكهنات بوجود خلافات حادة بشأن السياسة بين الاسرة الحاكمة.

ونفى مسؤولون سعوديون أنهم قد يستخدمون النفط كاداة للضغط لكن محللين أشاروا الى رفض دول الخليج العربية الدعوات العراقية بخفض الانتاج وزيادة الاسعار عندما كان العراق في وضع حرج بعد الحرب مع ايران بين عامي 1980 و1988.

وزارت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس الرياض في الاونة الاخيرة وحصلت على تأييد السعودية لخطة الرئيس الامريكي جورج بوش بارسال جنود اضافيين لتهدئة الاوضاع في العراق خلال هذا العام رغم أن مسؤولين سعوديين أعربوا عن تحفظاتهم تجاه نوايا القيادة الشيعية في العراق.

وقال مصطفى علاني وهو محلل عراقي يزور الرياض انه بعد الزيارة وموافقة السعودية على خطة الولايات المتحدة قال الملك عبد الله بن عبد العزيز انه يجب أن يتوقف الجدل.

وأضاف أن السعوديين كانوا يشعرون بالقلق من تقرير بيكر-هاميلتون الذي اوصى بأن يتفاوض الامريكيون مع ايران لكنهم حصلوا على ضمانات بشأن العراق وأمن السعودية واحتواء ايران.

وكان علاني يشير الى توصيات وردت في تقرير وضعته مجموعة دراسة العراق وهي لجنة أمريكية مؤلفة من أعضاء كبار في الحزبين الديمقراطي والجمهوري بقيادة وزير الخارجية الاسبق جيمس بيكر. وكان من بين التوصيات أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تجد طريقة لبقة للخروج من العراق وأن تشرك ايران في المساعي لارساء الاستقرار هناك.

وقالت دول الخليج العربية انها ستسعى لتطوير خطط نووية خاصة بها في رسالة واضحة لواشنطن بأن سباقا للتسلح النووي قد يجري في المنطقة اذا لم يتم التصدي لايران.

لكن في الوقت ذاته زادت الرياض وطهران الاتصالات الدبلوماسية.

وأجرى علي لاريجاني كبير المفاوضين النوويين الايرانيين محادثات في الرياض في الاونة الاخيرة مع الملك عبد الله بن عبد العزيز فيما وصفته مصادر سعودية بأنه محاولة للحصول على مساعدة السعودية مع واشنطن ولطمأنة السعودية بشأن البرنامج النووي.

بدوره حذر الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز في مقابلة نشرتها جريدة السياسة الكويتية السبت من مخاطر الفشل في تهدئة التوترات بين المسلمين السنة والمسلمين الشيعة.

وقال الملك عبدالله في هذه المقابلة انه في ما يتعلق ب"استغلال للدين وتأجيج للصراع المذهبي بين السنة والشيعة فاننا نأخذ الامر على سبيل الحذر ولا نأخذه على سبيل الخطر"

واستطرد قائلا "اذا عرفنا كيف نتعامل مع هذا الحذر فسيكون الامر جيدا ولن يكون هناك خطر ولكن اذا فشلنا في حذرنا فربما تكون هناك المخاطر التي قد تضرب هنا او هناك ونتمنى من الله الا تحدث".

وقد دفع العنف المذهبي في العراق بين الغالبية الشيعية وبين الاقلية السنية بكثيرين الى التحذير من مخاطر امتداده الى الدول الخليجية المجاورة وبقية العالم العربي.

وقال العاهل السعودي ايضا للصحيفة "نحن نتابع هذا الأمر وعلى علم بابعاد عملية التشيع والى اين وصلت.. لكننا نرى أن هذه العملية لن تحقق غرضها لأن أكثرية المسلمين الطاغية التي تعتنق مذهب اهل السنة والجماعة لا يمكن ان تتحول عن عقيدتها ومذهبها وفي آخر الأمر فان الكلمة هي كلمة أكثرية المسلمين والتي تبدو المذاهب الأخرى غير قادرة على اختراقها أو النيل من سلطتها التاريخية".

وكان الامين العام لمجلس الامن القومي الايراني علي لاريجاني زار السعودية مؤخرا فيما تدور مواجهات دامية بين الاقلية السنية والغالبية الشيعية في العراق وفي اوج الازمة السياسية في لبنان حيث تدعم ايران حزب الله الشيعي المعارض.

واكد لاريجاني انه تحادث مع المسؤولين السعوديين لتحسين العلاقات بين الشيعة والسنة والوضع الامني في منطقة الشرق الاوسط مضيفا بحسب التلفزيون الايراني الرسمي انه بحث مع نظيره السعودي الامير بندر بن سلطان في سبل "ارساء مزيد من الامن في المنطقة" بما ان ايران والسعودية "دولتان نافذتان" في المنطقة.

واكد الملك عبدالله في حديثه لصحيفة السياسة الكويتية ان "إيران دولة جارة ومسلمة وقد نصحت لاريجاني وأفهمته أن سياسة المملكة تقتضي بالا تتدخل في شؤون أحد ولا تساعد أي أحد يعادي أحداً سواء كانت إيران أو غيره والمملكة بالمقابل لا تريد أن يعاديها أحد أو يعادي أشقاءها في مجلس التعاون أو دول العالم العربي المرتبطة معها باتفاقات أمن مشترك".

من جهتها حثت تركيا الولايات المتحدة على ألا تترك فراغا في السلطة عندما تنسحب من العراق والا تسمح بتقسيم البلاد قائلة ان تقسيم العراق سيؤدي الى "حرب لا نهاية لها" تشمل كل جيرانه.

وقال عبد الله جول وزير الخارجية التركي خلال الاجتماع السنوي لمنتدى التعاون الاقتصادي المنعقد في منتجع دافوس السويسري في جبال الألب "لا يمكنهم ترك فراغ وراءهم .

"اذا العراق قسم ستكون هناك حرب أهلية حقيقية وكل الجيران سيتورطون في ذلك.

"واذا حدث هذا سيكون هناك عصر ظلام آخر في التاريخ العراقي ستكون هناك حرب لا نهاية لها حرب أهلية."

وقال جول ان تركيا لن تعترف بأي دولة قد تظهر الى الوجود اذا قسم العراق ولا أحد من جيران العراق بما في ذلك السعودية يرغب في رؤية هذا البلد مُقسما.

وأردف قائلا"اذا كان هناك تقسيم لن نعترف بأي حكومة جديدة في المنطقة.

"كلنا (تركيا والجيران) لنا نفس الهدف وهو الحفاظ على العراق موحدا."

وحث رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان على التعاون بين الولايات المتحدة وجيران العراق بشأن انسحاب القوات الدولية سلميا من العراق قائلا ان على هذه الدول عبئا كبيرا في منع امتداد الحرب الاهلية.

ومن ناحية أخرى حث جول امريكا والعراق على التعامل مع عدة الاف من متمردي حزب العمال الكردستاني الذي يتخذون من شمال العراق قاعدة لهم قائلا انه اذا لم تتم السيطرة عليهم فان تركيا ستتدخل عسكريا.

وقال"نتوقع ان يفعل الامريكيون ذلك .اما يتعين عليهم ان يفعلوا ذلك او اذا لم يتمكنوا من فعل ذلك علينا ان نفعله. انه امر مشروع تماما."

وتحث انقرة القوات الامريكية على شن حملة على متمردي حزب العمال الكردستاني الذين يستخدمون شمال العراق قاعدة لهم.

وهدد اردوغان بارسال قوات الى شمال العراق لسحق المتمردين اذا اخفقت القوات الامريكية والحكومية العراقية في القيام بعمل على الرغم من ان معظم المحللين يرفضون هذه التهديدات بوصفها طنطنة للتأثير على الناخبين.

وتواجه تركيا انتخابات رئاسية وبرلمانية في 2007.

وقتل اكثر من 30 الف شخص معظمهم في جنوب شرق تركيا الذي تقطنه اغلبية كردية منذ ان شن حزب العمال الكردستاني حملته المسلحة لاقامة وطن كردي في عام 1984 .

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 28 كانون الثاني/2007 - 8 /محرم/1428