ظاهرة غياب أعضاء البرلمان العراقي تهدد بتعطل العملية السياسية

 باتت ظاهرة تغيب غالبية أعضاء مجلس النواب العراقي عن حضور جلساته تلقي بظلالها على واقع عمل المجلس النيابي ،حيث أصبحت معظم القضايا التي تحتاج إلى تصديق البرلمان معطلة بسبب هذا الغياب الذي بدأت وتيرته في التزايد لأسباب متباينة .

وفشل مجلس النواب في عقد جلسته رقم ( 59) التي تأجلت لأكثر من خمس مرات خلال كانون الأول ديسمبر الماضى ، بسبب عدم إكتمال النصاب القانوني القاضي بحضور ( 138) عضوا على الأقل من أصل نواب البرلمان البالغ عددهم ( 275) عضوا.

ويقول عضو مجلس النواب عن (جبهة التوافق العراقية) حارث العبيدي لوكالة أنباء (أصوات العراق) " أعتقد أنه من الخطأ الكبير أن يستمر أعضاء البرلمان في تغيبهم غير المبرر عن حضور الجلسات ،لما يسببه ذلك من تأخير لأغلب المشاريع التي تحتاج مصادقة أعضاء المجلس."

وأوضح العبيدي أن "ما يقلق أعضاء البرلمان هو تأخير عمل اللجان المؤقتة التي شكلت لدراسة بعض المسائل الخلافية" ،داعيا هيئة رئاسة مجلس النواب إلى "إتخاذ إجراءات رادعة بحق المتغيبين الذين باتوا لا يعيرون أي أهمية لكونهم أعضاء في البرلمان."

وقررت هيئة رئاسة مجلس النواب الشهر الماضي خصم نصف مليون دينار من المخصصات الشهرية لعضو المجلس عن كل يوم غياب بدون سبب بعد تكرار إلغاء الجلسات بسبب عدم

إكتمال النصاب القانوني .

وتبلغ هذه المخصصات ( 17) مليون دينار شهريا ، بحسب أحد النواب .

وهددت رئاسة المجلس بنشر أسماء الأعضاء المتغيبين بكثرة في الصحف ووسائل الإعلام ،وطالبت كتلهم بمحاسبتهم .

وأضاف العبيدي أنه "لو كان الوضع الأمني هو الحائل دون حضور الأعضاء لقبة البرلمان ،

فأعتقد أن ذلك يسري على الجميع بدون إستثناء."

وقال النائب عن (جبهة التوافق) إنه "يجب على العراقيين جميعا ،وفي مقدمتهم نواب البرلمان ،أن يقفوا صفا واحدا لمواجهة العنف في العراق... ولاداعي لحضور البعض وتغيب البعض الآخر."

وحول سفر أكثر من نصف أعضاء البرلمان لتأدية مناسك الحج هذا العام ,قال العبيدي " أتصور أن مناقشة الأوضاع المعقدة في العراق ،والتي يقف في مقدمتها الوضع الأمني ، أفضل واكبر أجرا عند الله من الذهاب لتأدية مناسك الحج كل عام."

وذكرت مصادر برلمانية أن عدد أعضاء البرلمان الذين ذهبوا لتأدية مناسك الحج هذا العام حوالي ( 176) نائبا ،أغلبهم سبق لهم الحج مرة أو مرتين من قبل. ويبلغ هذا العدد أكثر من نصف أعضاء البرلمان ،وهو ما يعطل الجلسات بسبب غياب النصاب القانوني .

وكان المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي أصدر ،قبل ثلاثة أساييع ،فتوى تمنع حج نواب البرلمان إلى بيت الله الحرام هذه السنة ،لعدم تعطيل جلسات مجلس النواب .

وسبق للشيخ اليعقوبي أن إنتقد قيام البرلمان برفع جلساته لمدة شهر ،خلال شهر آب أغسطس من عام ( 2006) الماضي ،للعطلة الصيفية للنواب. وعلل اليعقوبي ذلك وقتها بأن القضايا والملفات الكثيرة المطروحة على مجلس النواب لا تحتمل منح أعضائه إجازة سنوية .

من جانبه , أظهر نصار الربيعي رئيس الكتلة الصدرية داخل البرلمان عتبا شديدا على الهيئة الرئاسية لتأخرها في عدم إتخاذ إجرارات رادعة بحق الأعضاء المتغيبين بدون سبب مشروع.

وقال الربيعي في إتصال هاتفي مع ( أصوات العراق) " أعتقد أن المواطن العراقي بدأ يستهجن غياب الأعضاء المتكرر وسفرهم المستمر خارج العراق."

وأضاف "إن ذلك يعد تنصلا من مسؤولياتهم التي انتخبوا من أجلها ."

وبين الربيعي أن "العراق يعاني من أزمات أمنية واقتصادية تتفاقم يوما بعد آخر , وبالتالي فهو يحتاج إلى وقفة من جميع أبنائه."

أما رئيس لجنة الثقافة القانونية، والخبير القانوني طارق حرب فأوضح أن" النظام الداخلي لمجلس النواب أتاح لرئاسة البرلمان اتخاذ عقوبات رادعة بحق المتغيبين اقلها فرض غرامات مالية."

وقال حرب "القانون رقم ( 6 لسنة 2006) حدد الخطوات التي يجب أن يتخذها البرلمان إزاء العضو المتغيب بما فيها الإقالة ,حيث أجاز القانون لرئاسة البرلمان إقالة أي عضو لا يلتزم بحضور الجلسات لأن التصويت داخل البرلمان على أي موضوع يستلزم الحصول على نصف عدد الأعضاء وعضو آخر."

وأضاف " أمر الإقالة متروك لمجلس النواب ذاته ،فهو الذي يقرر فيما لو كان العضو يستحق الإقالة أم لا" ،واصفا ماتشهده قبة البرلمان من تغيب متكرر من قبل الأعضاء بأنه "خيانة برلمانية."

ومن جانب آخر , ألقى عضو مجلس النواب عن (حزب الفضيلة) ،أحد مكونات الإئتلاف العراقي الموحد ،باللائمة على رؤساء الكتل السياسية الذين لم يحركوا ساكنا إمام تغيب أعضاء من قوائمهم عن جلسات البرلمان .

وقال شريف "يجب إحترام تطلعات الناخب العراقي الذي أثبت يوم الإنتخابات بأنه يتطلع إلى عراق جديد."

وأوضح أن "العملية السياسية تحتاج إلى قرارات سريعة في بعض الأحيان ،خاصة تلك المتعلقة بالملف الأمني والتي تتطلب غطاءً شرعيا قبل تنفيذها مثل خطة أمن بغداد ... بالإضافة إلى القرارات المتعلقة بالاقتصاد والخدمات."

واعتبر القيادي في (حزب الفضيلة) أن غياب أعضاء البرلمان في هذه المرحلة بالذات  "سيؤثر سلبا على الدعم المعنوي الذي يجب أن يقدم إلى الحكومة في مواجهه الملفات الساخنة" ,مشيرا إلى أنه لهذا السبب "إضطرت الهيئة الرئاسية في مجلس النواب إلى عقد جلسات تداولية بسب عدم إكتمال النصاب القانوني." 

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 4/كانون الثاني/2007 - 13 /ذي الحجة /1427