كانت هجرة الاطباء وأساتذة الجامعات والعقول العلمية ذات الكفاءة
العلمية العالية إحدى السمات التي تميز بها عام 2006 في العراق وذلك
نتيجة لتردي الأوضاع الامنية وتزايد عمليات القتل والتصفية والتهجير
القسري وهو ما أدى بالتالي إلى الاضرار بالمواطن العراقي وزيادة
معاناته.
وقال السيد قاسم يحي علاوي مدير دائرة الاعلام في وزارة الصحة
لوكالة أنباء ( أصوات العراق) " شهد عام 2006 أعمال عنف كثيرة أدت الى
هجرت الاطباء الاختصاصيين ومن الدرجة الاولى الذين يعتمد عليهم البلد
الى خارج العراق حفاظا على ارواحهم من عمليات القتل التي طالت اعداد
كبيرة من الاطباء والكادر التمريضي."
وأضاف " تراوح عدد الاطباء الذين هاجروا من العراق على مدار الشهور
القليلة الماضية ما بين ألفين وثلاثة آلاف طبيب وهو ما آثر بشكل سلبي
ليس على عمل الوزارة فحسب بل حتى على سير الدراسة في الكليات الطبية
علما أن المؤسسات الطبية التي كان يشغلها هؤلاء الاطباء أغلقت تماما
بسبب الهجرة."
وأشار إلى أن " المشكلة التي تعاني منها وزارة الصحة تتمثل في أن
الاطباء الخريجين الجدد لم يقدموا معاملات للتعيين على ملاك وزارة
الصحة بل طلباتهم من اجل الحصول على وثائق تثبت انهم اطباء وزاولوا
المهنة كأطباء مقيمين لدينا لغرض الهجرة من العراق والعمل في البلدان
الاخرى."
وأضاف أن " الاطباء المهاجرين هاجروا بسبب عمليات الخطف والتهديدات
التي تلقوها من الجماعات المسلحة حيث تمت مساومتهم بين حياتهم وبين
الهجرة خارج العراق ففضلوا الهجرة وهذه الحالة اذا استمرت قد تؤثر على
مستقبل وزارة الصحة وبالتالي تنعكس على المواطنيين."
من جانبه قال الدكتور عبد مناف جاسم حمادي مدير المركز الوطني لنقل
الدم " تزايد أعمال العنف من مفخخات وعبوات ناسفة لم تؤد فقط إلى هجرة
الاطباء ولكنها أثرت أيضا على توفير ما يحتاجه المواطن العراقي من
أدوية ومستلزمات طبية وأكياس الدم " مشيرا إلى أن أعمال القتل والعنف
في مدينة الصدر شمال شرق بغداد حالت دون وصول قناني الدم الى المركز
مما اثر بشكل سلبي على عمله.
من جانبه قال مصدر طبي في مستشفى الكاظمية ، طلب عدم ذكر اسمه ، لـ
( أصوات العراق) "مستشفى الكاظمية ورغم التهديدات وتردي الوضع الامني
في البلد الا انها تعمل بقدر المستطاع ليلا ونهارا لاسعاف الجرحى
وحالات الولادة والحالات الطارئة ولكن المستشفى تعاني من نقص كبير في
الاطباء والادوية حيث ترك الكثير من الاطباء ومدراء الاقسام المستشفى
بسبب التهديدات من قبل جهات مجهولة."
فيما أوضح الدكتور صباح الحسيني وكيل وزارة الصحة السابق أن الكوادر
الصحية تعاني من أزمة أمنية حقيقية بسبب عمليات الاستهداف المتكررة.
وأضاف الحسيني أن عددا من المؤسسات الصحية بدأت تعاني بالفعل من نقص
واضح في كوادرها الطبية ممن قتلوا أو هاجروا تحت تهديد المسلحين مثل
مستشفى ابن النفيس التخصصي بأمراض القلب ومستشفى ابن الهيثم ومركز
أمراض القلب في مدينة الطب.
ودعا وكيل وزارة الصحة السابق الحكومة العراقية"بضرورة تحسين
الأوضاع المعاشية للأطباء وأساتذة الجامعات لضمان بقائهم في العراق في
ظل الظروف الحالية."
وفي الاطار نفسه قال سعد شاكر خضير المدير الإداري لرابطة
التدريسيين العراقيين " بدأت ظاهرة استهداف الكفاءات العراقية تتسع
يوما بعد أخر بعد احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية غير أنها
تزايدت لتشمل العلماء والأطباء وأساتذة الجامعات."
وأضاف " فداحة الثمن الذي يدفعه العراق نتيجة استهداف كفاءاته
العلمية وقرع طبول الخطر ينبه إلى أن هناك مشروعا ما ..تقف وراءه أطراف
سياسية تحاول إرجاع العراق إلى العصور القديمة."
وقال المدير الإداري لرابطة التدريسيين العراقيين(منظمة تتبع منظمات
المجتمع المدني تطلع بمهمة جمع وتوثيق الإحصائيات لأساتذة الجامعات
الذين تم استهدافهم ) إن " أكثر من 185 أستاذا جامعيا اغتيلوا حتى الان
وهو ما يشير إلى أن هناك كارثة حقيقة يعاني منها قطاع التعليم العالى
في العراق."
وتساءل عن أسباب صمت الحكومة العراقية جراء مايتعرض له الأساتذة
وقال " أصدرنا عشرات البيانات ونداءات الاستغاثة ولكن ما من مجيب ،
ونعتقد أن الميليشيات المسلحة هي التي ساهمت في الإيغال بدماء الأساتذة
العراقيين."
وعن سبل حماية الأساتذة والكفاءات العراقية والاطباء قال الدكتور
عباس القريشي أستاذ جامعي "هناك ثلاثة تحديات أساسية في العراق أولها
قوات الاحتلال ووجودها في العراق وثانيها المنظمات (الإرهابية)
والتكفيرية والتحدي الثالث هو الميليشيات."
وأضاف " مالم تجد الحكومة حلا سريعا لهذه التحديات مجتمعة فان
الأمور ستبقى على حالها."
من جانبه رأى محمد البدري (أستاذ جامعي) أنت الحل هو بناء مجمعات
سكنية للأساتذة داخل الجامعات وتشديد الرقابة الأمنية عليها.
وقال البدري إن الحل الأسلم هو أن تقوم الدولة ببناء مجمعات سكنية
داخل الجامعات تخصص لسكن الأساتذة مع عوائلهم حتى يتمكنوا من الاستمرار
بالدوام وضمان عدم هجرتهم إلى خارج البلد لاسيما وان فرص السفر والعمل
بالجامعات العربية متاحة بشكل كبير.
وأشار إلى أن ممارسة الضغط على الحكومة بهذا الاتجاه قد يؤدي إلى
نتائج ايجابية.
ورغم رفض المصادر الأمنية في وزارة الداخلية التعليق حول هذا
الموضوع إلا أنها أوضحت في تصريحات لـ ( أصوات العراق) أن حماية العقول
العراقية من أولى أولوياتها إلا أن هذه المصادر لم توضح الكيفية التي
تتم من اجل تحقيق هذا الهدف.
وقال المدير الإداري لرابطة التدريسيين العراقيين سعد شاكر خضير (
185) استاذا جامعيا عراقيا اغتيلوا منذ دخول القوات الأجنبية التي
قادتها الولايات المتحدة إلى العراق في آذار مارس ( 2003) وحتى الآن .
واضاف "بدأت ظاهرة استهداف الكفاءات العراقية تتسع يوما بعد آخر عقب
احتلال العراق من قبل القوات الأميركية ،ومع ازدياد موجة العنف وتدهور
الأوضاع الأمنية لتشمل العلماء والأطباء وأساتذة الجامعات."
على جانب آخر ،قال وكيل وزارة الصحة العراقية السابق الدكتور صباح
الحسيني إن الوزارة
"خسرت حتى الآن أكثر من (720) طبيبا بين قتيل وجريح" خلال الفترة
التي تلت دخول القوات الأجنبية إلي العراق .
وأوضح الحسيني ،أن عددا من المؤسسات الصحية "بدأت تعاني بالفعل من
نقص واضح في كوادرها الطبية ،الذين إما قتلوا... وإما هجروا تحت تهديد
المسلحين."
وناشد وكيل وزارة الصحة السابق الحكومة العراقية "التدخل لإنقاذ
حياة العلماء العراقيين" ،
مشيرا إلى أن مايجري هو "مخطط يراد منه إفراغ العراق من إرثه
العلمي." |