الفلسطينيون يستقبلون العيد بجيوب فارغة وغياب أجواء الفرح عن معظم العائلات اللبنانية

  في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني ومع اقتراب الاحتفال بعيد الاضحى لدى المسلمين يضطر عدد من الفلسطينين لبيع جزء من ممتلكاتهم الشخصية من أجل توفير متطلبات العيد لاطفالهم من ملابس جديدة وهدايا.

فقد وقفت امرأة فلسطينية في الاربعينات من عمرها في السوق الشعبي في مدينة رام الله في الاراضي الفلسطينية تبيع ثوبها الفلسطيني التقليدي المطرز وبعد حوار طويل مع إمرأة أخرى في الستينات من عمرها تجلس على بسطة لبيع الملابس المستعملة اشترت منها الثوب الفلسطيني المطرز بمبلغ مئة شيقل (ما يقارب 20 دولار) علما ان سعر مثل هذا الثوب يصل إلى ألف شيقل (200 دولار).

ورفضت المرأة خجلا أي حديث عن سبب بيعها هذا الثوب الذي عادة ما يلبس في المناسبات وتتباهى الفلسطينيات بلبسه لما يمثله من تراث وتاريخ وتحديدا في الاعراس.

وقالت أم منصور التي كانت تجلس الى جانب بسطتها لبيع الملابس المستعملة وهي تنفث دخان سيجارتها "أن الناس يبيعون بعض أغراضهم وإن كانت عزيزة عليهم من أجل شراء ملابس جديدة لاطفالهم".

وتابعت أم منصور التي مضى على عملها 15 سنة في هذه المهنة "لم أر ظروفا صعبة يمر بها الفلسطينيون أصعب من هذه الظروف."

وتشهد الاراضي الفلسطينة المحتلة أوضاعا اقتصادية صعبة منذ أن تسلمت حركة حماس الحكم في مارس آذار الماضي وفرض المجتمع الدولي حصارا سياسيا وماليا على السلطة الوطنية لعدم قبول حماس الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف والاعتراف بالاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.

وأدى هذا الحصار المالي الى عدم تكمن الحكومة من دفع رواتب كاملة الى 165 الف موظف وكذلك الى توقف العمل في العديد من مشاريع إعادة تأهيل البنية التحتية الامر الذي أدى أرتفاع نسبة البطالة الى 47 في المئة وكذلك ارتفاع نسبة الفقر الى مستويات لا سابق لها في الاراضي الفلسطينية المحتلة اقتربت من نسبة 70 في المئة من الفلسطينيين في الاراضي المحتلة يعيشون تحت خط الفقر.

وفيما لم تتبق إلا أيام على حلول عيد الاضحى ازدحم السوق الشعبي في مدينة رام الله بعشرات المواطنين الفلسطينين من جميع الفئات ممن يبحثون عن ملابس وأحذية جديدة عادة ما تباع في هذا السوق بأسعار رخيصة مقارنة مع المحلات الاخرى في المدينة. كما يشهد سوق الذهب في المدينة حركة ضعيفة.

وقال حسن الخطيب صاحب محل لبيع المجوهرات في مدينة رام الله لرويترز "لا يوجد عيد كما ترى واليوم كأي يوم آخر لم يأت أحد لشراء هدية لخطيبته بل على العكس يأتي الينا الناس هذه الايام ليبيغوا بعض مصاغهم" وبينما كان يتحدث دخلت امراة في الاربعينات من عمرها كان تريد بيع سوار.

ولم يقتصر أثر الوضع الاقتصادي الصعب على تغير هذه العادة الفلسطينية.

الشاب محمد في الثلاثينات من العمر ويعمل موظفا في مدينة رام الله ومن سكان احدى القرى في شمال الضفة الغربية لن يذهب هذا العيد ليكون بجانب أهله.

ويقول محمد أنه لا يملك المال ليقدمه الى اخواته المتزوجات والى عمته بمناسبة العيد بحسب التقاليد الفلسطينية في الاعياد.

ويأمل الفلسطينيون أن يساهم الذي اللقاء جرى بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود أولمرت في التخفيف من معانتهم لاسيما وان هناك حديث عن إزالة عدد من الحواجز العسكرية التي تحد من حركة الفلسطينين بين مدنهم وقراهم.

وفي لبنان غابت اجواء فرحة العيد عن معظم العائلات اللبنانية المسلمة والمسيحية رغم ان عيد الميلاد يليه عيدا الاضحى ورأس السنة وكلها اعياد دينية مباركة تتجسد فيها معاني المحبة والسلام.

فقد غابت مظاهر الفرح والاضواء التي كانت تتلألأ فيها الشوارع والاحياء والمحلات التجارية في بيروت والمناطق اللبنانية كافة بسبب الوضع السياسي المتأزم الذي ادى الى تردي الاوضاع الاقتصاية والسياسية على حد سواء مما انعكس سلبا على المواطن اللبناني الذي كان يأمل في عيدية آمنة ومستقرة تنتهي معها حال التشنج التي تعيشها البلاد.

وبالرغم من كل الاجواء السياسية المشحونة فان المواطنين اللبنانيين يحتفلون بمظاهر ايمانية صافية وروابط اجتماعية متماسكة تتمثل باحياء العادات والتقاليد التي توارثوها عن الآباء والاجداد ابرزها تبادل الزيارات بين الاهل والاقرباء لاضفاء روح الالفة والمحبة بين العائلات المسلمة والعمل على وصل الارحام التي شدد عليها ديننا الاسلامي الحنيف والتهنئة بحلول العيد المبارك.

ويتطلع المواطن اللبناني في فترة الاعياد (الميلاد والاضحى ورأس السنة) الى ابقاء هدنة الاعياد سارية المفعول الى ما بعدها وان يكون العام الجديد سنة استقرار سياسي وامني واعادة احياء المؤسسات الدستورية والخاصة الى عهدها السابق وتنشيط الدورة الاقتصادية ليعود من خلالها لبنان الى لعب دوره المتميز كصلة وصل بين الشرق والغرب.من جهة اخرى قال احد اصحاب المؤسسات التجارية ويدعى بيار حبيب لوكالة الانباء الكويتية(كونا) ان الناس تريد شراء الهدايا لاولادها في الاعياد لكنها احجمت هذا العام عن ذلك بسبب عدم الاستقرار في لبنان والوضع السياسي غير المريح.

ولاحظ ان الناس تدخر ما لديها من اموال خوفا من حصول تطورات دراماتيكية ليست في الحسبان رغم ان لبنان يتكل على فترة الاعياد لانعاش اقتصاده.واشار الى انه بسبب تردي هذه الاوضاع فانه تكبد خسائر اضافية بعد خسارة موسم الصيف بسبب الاعمال الحربية في شهر يوليو الماضي وصلت الى مئات آلاف الدولارات ما دفعه الى عمليات صرف عدد كبير من الموظفين لديه والابقاء على القليل منهم برواتب متدنية.

من جهته قال المواطن انور المهتار لـ(كونا) انه لم يسبق للبنان ان مر بمثل هذه المحنة وان اجواء العيد غائبة لدى عائلته كما هي الحال لدى معارفه واقربائه وابناء بلده.

وراى ان »عيد الاضحى هذا العام يطل وسط غيمة سوداء تحجب عن الوطن النور والبهجة والسعادة التي طالما تميز بها هذا العيد الذي يحمل فضائل سماوية ودينية وهو رمز ديني طالما عيده المسلمون وشاركهم فيه اخوانهم المسيحيون وتبادلوا فيه هدايا الاضحى والميلاد تكريسا للوفاق والمحبة وللتنوع الذي يتميز به لبنان«.

في المقابل تقاطر المسيحيون الى كنائسهم ومعابدهم لحضور قداس الميلاد منتصف الليلة قبل الماضية على عادتهم حيث ناشد الكهنة والاساقفة السياسيين العمل على اخراج لبنان من محنته واخراج الخوف من نفوس المواطنين ونشر المحبة والطمأنينة لتحل مكان القلق والخوف.

وشدد البطريرك الماروني بطرس صفير في عظته على ضرورة اخراج لبنان من الوضع الذي يعاني منه من خلال حلول سلمية ومتوازية وسريعة فيما ناشد متروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة المسؤولين العودة الى ضمائرهم والعمل على حل الازمة الحالية التي طالت من اجل الخروج من العنف المظلم وادخال بعض الامل الى نفوس المواطنين.

من جهة اخرى تشهد اسواق بيروت حاليا قبيل عيدي الاضحى ورأس السنة تحسنا طفيفا على المبيعات وذلك من خلال اقبال الزبائن على شراء بعض الحاجيات الضرورية لاحياء مناسبة العيد فيما تكتفي بعض العائلات بما لديها من مؤن في تحضير الطعام البيتي وحلويات العيد، مدخرة ما تبقى لديها من مال لحين انفراج الازمة.وبانتظار ما ستؤول اليه الاوضاع السياسية في لبنان يبقى المواطن اللبناني رازحا تحت الضغوطات المعيشية ومتحملا الاعباء الاقتصادية المتردية التي باتت تهدد مستقبله ومستقبل اولاده. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 28/كانون الأول  /2006 - 6 /ذي الحجة /1427