من قال ان دراكولا روماني الاصل!!!

 درويش محمى*

خلال زيارته الاخيرة لقوات بلاده المشاركة ضمن قوات التحالف في العراق، افتتح  وزير الدفاع الروماني معسكراً أطلق عليه اسم دراكولا، ولأنني لا اعرف الرجل ولم اتشرف بلقائه، ولم تتح لي الفرصة لاسئله عن دوافع أختياره لمثل هذا الاسم، لذا اتوقع واستنتج استنتاجاً، والله اعلم، انه فعل ما فعل، رغبة في ان يكون لرجاله قوة وصلابة الدراكولا وبأسه، او املاً بان يحظى جنوده بحياة أزلية طويلة على غرار جدهم الاول، الخارق الملقب بدراكولا، ومهما كانت دوافع معالي الوزير الروماني واسبابه، في اطلاقه لتلك التسمية على احدى المعسكرات، فهو لم يتوفق ويفلح  في اختياره، كون دراكولا الروماني المسكين، لا يصل الى مستوى دراكولات العراق والعالم الاسلامي والشرق الاوسط، ولا يجاريهم في بطشهم وقسوتهم وتعطشهم للدماء.

يقال ان دراكولا هو الامير" فلاد تيبس"، الذي حكم بلاد الرومان بالحديد والنار، في منتصف القرن الخامس عشر، وعرف ببطشه وقسوته، ويقال ايضاً ان شخصية الدراكولا الذي ذاع صيته واشتهر اسمه، من خلال "الافلام السينمائية" ليس الا مجرد اسطورة ابتكرها خيال كاتب مبدع، واخراج  سينمائي ماهر، ولكن ما يحدث اليوم في العراق، من سفك للدماء وقتل للابرياء، ومشاهد للقتل الفردي والجماعي، والتي اصبحت ظاهرة يومية، وخاصة عمليات الذبح  والنحر في الغرف المظلمة النتنة، وامام الكاميرات، هي" افلام رعب حقيقية"، بالصوت والصورة، وتنتشر بكثرة على الشبكة العنكبوتية، تجعل من ذلك الروماني الاسطورة والمسمى بدراكولا، صفراً على الشمال في قاموس القتل والاجرام، مقارنة بدراكولاتنا وعنفهم وبطشهم وقسوة قلوبهم.

لا وجه للمقارنة، الدراكولا الروماني" الجنتلمان" الذي يبغض ويتجنب الثوم ورائحته الكريهة، والمسكين الذي لا يقضي على ضحاياه رغبة في القتل، بل يكتفي بمجرد عضة رقيقة ناعمة على الرقبة، مضطراً طبعاً، بدافع العطش والرغبة في الحياة، والخاشع الذي لا يدخل الكنيسة ولا اماكن العبادة خوفاً من مواجهة ربه، و يذهب في حال سبيله ويفر ليختبئ في الظلام، اذا شهر احدهم في وجهه صليباً صغيراً، لا يجوز وضعه في نفس الخانة، ومقارنته بدراكولات العراق وافغانستان، وهم من اكلة الثوم والبصل، ويفتكون بضحاياهم  بصورة بشعة لا يتصورها العقل البشري، عن طريق النحر والذبح بالسكين من الوريد للوريد، مثل هذه المقارنة اجحاف ما بعده اجحاف، لان الدراكولا العربي الاصولي، لا يخشى ولا يهاب شيئاً حتى خالقه، وهو يذبح في خلق الله وعباده، ويحمل القرأن الكريم بيد والسكين باليد الاخرى، ويمارس القتل الدموي بطقوس روحانية وربانية، تتخللها الايات والادعية، والتكبير والترتيل والتهليل والتحميد. 

قد يخالفني احدهم ويشكك بأقوالي ويدعي العكس، وانا اتحدى ايا كان أن يبرهن بالحجة والدليل ويثبت العكس، ويأتي بفيلم حقيقي وثائقي واحد عن الدراكولا الروماني المسكين، وهو يفتك بضحاياه، وعلى النقيض لا يحتاج المرء سوى الدخول الى الشبكة العنكبوتية، ليكتشف بنفسه وليرى بأم عينيه، فظاعة ووحشية الدراكولا العربي، وهو يتلذذ بقتل ضحاياه، بطريقة همجية بشعة، ولايحتاج المرء سوى دقائق محدودة، امام احدى شاشات الكومبيوتر الصغيرة، ليصل الى حقيقة مؤسفة، ان دراكولا الحقيقي ينتمي للشرق وهو اصولي العقيدة ويتكلم العربية.

دفعني الفضول وربما حب الاستكشاف، لمشاهدة احدى عمليات "النحر" اوالاعدام، وبسهولة ويسر ودون عناء وجدت ضالتي، عبارة عن فيلم وثائقي قصير، تعود ملكيته الى جماعة تسمي نفسها بأنصار السنة، رجل يجلس القرفصاء ومعصوب العينين وخلفه ثلاث رجال او بالاحرى "وحوش"، موشحين بالسواد ومسلحين بالعتاد، احدهم يقرأ في ورقة، ويعرف عن جماعته واهدافها، والضحية وإثمها، هم جنود الله وهو عدو الله، مترجم مسكين وأحد عباد لله، خرج يبحث عن لقمة العيش لاطفاله وهو من اهالي الموصل، والمترجم المسكين لانه يترجم من العربية للانكليزية لدى شركة اجنبية، فهو خائن ووجب عليه الحد والقصاص، ويبدأ الجلاد المقنع  بعملية تنفيذ الحكم بالتكبير والعويل، ويرتفع السكين ليعمل برقبة المترجم الضحية المظلوم، وليذبح من الوريد للوريد بدون اي شفقة او رحمة، وانا بدوري كمشاهد اصابني الغثيان والقرف والغضب وشبه اغماء، ومن ثم الاكتئاب لايام وايام.

 نصيحتي لقرائي الاعزاء من محبي افلام الرعب، اياكم والفضول وحب الاستطلاع، واياكم ثم اياكم ومشاهدة فيلم له علاقة من قريب او بعيد "بدراكولا" عربي أصولي، ويكفيكم التمتع بالرعب الهوليودي وافلام الدراكولا الروماني الاسطورة الطيب المسكين.     

*كاتب سوري

[email protected] 

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 22/كانون الأول  /2006 - 30 /ذي القعدة /1427