تقرير فصلي: الموقف في العراق أكثر تعقيدا من حرب أهلية.. والفشل الامريكي كارثة

 قالت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) في أحدث تقرير فصلي عن العراق نشر يوم الاثنين ان الهجمات على القوات التي تقودها الولايات المتحدة وقوات الامن العراقية والمدنيين قفزت الي مستويات قياسية.

واشار التقرير ايضا الي زيادة في عدد الضحايا المدنيين وقال ان هذا مرتبط بشكل مباشر بتصاعد نشاط فرق القتل الطائفية التي تساعدها عناصر في القوات العراقية.

وصدر التقرير في اليوم الذي أدى فيه وزير الدفاع الامريكي الجديد روبرت جيتس اليمين وبينما يدرس الرئيس جورج بوش تغييرات على سياسته في العراق. ويخلف جيتس الوزير المستقيل دونالد رامسفيلد الذي تعرض لانتقادات شديدة لاسلوب ادارته للحرب في العراق.

ووقفا لارقام مرفقة بالتقرير قدمها البنتاجون فان متوسط عدد الهجمات في الاسبوع ارتفع الي 959 في الاشهر الثلاثة من 12 أغسطس اب الي 10 نوفمبر تشرين الثاني بزيادة 22 في المئة من 784 في الاشهر الثلاثة السابقة.

وبينما يقول قادة عسكريون امريكيون انهم يواصلون مقاتلة المسلحين ومتشددي القاعدة فانهم اوضحوا أن العنف الطائفي بين الشيعة والسنة يمثل أكبر عقبة امام الاستقرار في العراق.

وقال التقرير ان عدد الضحايا المدنيين زاد بنسبة 2 في المئة عن الاشهر الثلاثة السابقة وحوالي 60 في المئة مقارنة مع المتوسط في وقت سابق من العام.

واضاف التقرير قائلا "فرق الاعدام تستهدف في الاغلب المدنيين والزيادة في اعداد الضحايا المدنيين مرتبطة بشكل مباشر بزيادة في انشطة فرق الاعدام."

واضاف التقرير قائلا "فرق الاعدام الشيعية تتلقى دعما من بعض العناصر في اجهزة الشرطة والامن العراقية الذين يسهلون حرية الحركة ويقدم تحذيرا مسبقا عن العمليات المنتظرة."

وقال التقرير "هذا سبب رئيسي لارتفاع مستويات جرائم القتل وعمليات الاعدام."

وحسب ارقام البنتاجون فان المتوسط اليومي للضحايا المدنيين في الفترة التي يغطيها التقرير يبلغ 93 رغم انه يقول ان الاعداد غير قاطعة لانها تأتي من تقارير اولية لم يتم التحقق منها ويجب ان تستخدم فقط لعقد مقارنات مع الفترات السابقة.

وقال التقرير، الذي يصدر كل ثلاثة أشهر للكونغرس منذ عام 2005، إن جيش المهدي التابع لرجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، "حل محل تنظيم القاعدة الإرهابي بالعراق"، واعتبر التقرير أن هذه الجيش هو أحد "أكثر المعجلات خطورة" لموجة العنف الطائفي التي غمرت البلاد منذ نحو عام.

وأفاد التقرير أن متوسط عدد الهجمات أسبوعيا ارتفع من حوالي 800 إلى ما يقرب من ألف هجوم، وذلك في الفترة التي يتناولها التقرير من منتصف أغسطس/آب إلى منتصف نوفمبر/تشرين الثاني.

وتزامن صدور التقرير مع تولي وزير الدفاع الأمريكي الجديد روبرت غيتس مهام منصبه رسميا الاثنين.

وخلص التقرير إلى أن عدد الهجمات المسجلة خلال شهري سبتمبر/ايلول وأكتوبر/تشرين الأول هو الأكبر على الإطلاق، غير أنه لم يذكر أرقاما تفصيلية في هذا السياق.

وأوضح التقرير أن معظم الهجمات التي حدثت خلال هذه الفترة رافقت شهر رمضان الذي شن خلاله المسلحون هجمات عنيفة ضد الجيش الأمريكي وقوات الأمن العراقية والمدنيين، وأن تلك الهجمات أسفرت عن مصرع الآلاف، قضى بعضهم بعمليات الإعدام التي نفذتها فرق الموت الطائفية بإطلاق الرصاص على رؤوس الضحايا.

وحول تأثيرات العنف المتصاعد في العراق، قال التقرير إن العنف يسبب خسائر كبيرة للحكومة والمجتمع العراقي.

وفي إشارة إلى الجدل الدائر حول إمكانية إطلاق تعبير "حرب أهلية" على العنف بالعراق، ذكر التقرير أن الموقف في العراق أكثر تعقيدا من "حرب أهلية"، وأن "المحاولات الجارية لتحديد مصادر العنف المتعددة والمتنوعة في العراق لن يساعد الجهود العراقية الرامية نحو التوصل إلى تسوية سياسية."

وتناول التقرير كافة الهجمات التي وقعت بالعراق خلال ثلاثة أشهر، ومن بينها الهجمات ضد البنية الأساسية.

وأكد التقرير أن المرحلة الثانية من العمليات الأمنية التي نفذتها قوات التحالف بالتعاون مع قوات الأمن العراقية، والتي تزامنت مع الفترة التي يغطيها التقرير، سعت إلى الحد من القتل الطائفي في بغداد، والذي خلّف جثث الضحايا ملقاة بالشوارع.

وفيما أشار التقرير إلى تراجع موجة العنف الطائفي في المرحلة الأولى، قال إن المرحلة الثانية شهدت ارتفاعا في عمليات القتل الطائفي، "التي نُفذ بعضها بمساعدة عناصر من قوات الشرطة العراقية."

وأرجع التقرير ارتفاع عدد الجرائم وعمليات الإعدام إلى دور عناصر من الشرطة العراقية، ولكنه لم يحدد المدى الذي اخترقت به أعضاء فرق الموت الطائفية، عناصر قوات الشرطة التي تخضع لإشراف وزارة الداخلية العراقية.

وشدد التقرير على فشل وزارة الداخلية العراقية في "اجتثاث الفساد والطائفية."

ويقول التقرير إن متوسط العدد الأسبوعي للهجمات في العراق قد ارتفع بنسبة 22 % خلال الفترة ما بين منتصف أغسطس/ أب إلى نوفمبر/ تشرين الثاني الماضيين.

وارتفع عدد الهجمات إلى ألف هجوم أسبوعيا في مقابل 800 هجوم أسبوعيا في الفترة ما بين مايو/ أيار وأغسطس.

وحدد التقرير العاصمة بغداد ومحافظة الأنبار بأنها أسوا المناطق المنكوبة بالعنف. ويقول التقرير إن فشل الحكومة العراقية في وضع حد للعنف الطائفي في البلاد قد أدى إلى تآكل ثقة العراقيين في مستقبلهم.

بدوره قال روبرت جيتس الذي أدى اليمين الدستورية يوم الاثنين لتولي منصب وزير الدفاع الامريكي انه يتفهم الرغبة في سحب القوات من العراق غير أن الفشل سيكون "كارثة" تطارد وتهدد الولايات المتحدة لعقود من الزمن.

وقال جيتس بمبنى وزارة الدفاع الامريكية "جميعنا يريد ايجاد وسيلة لاعادة أبناء وبنات أمريكا الى الوطن ثانية. ولكن ..كما أوضح الرئيس (جورج بوش).. لا يمكننا على الاطلاق تحمل الفشل في الشرق الاوسط."

وأضاف "الفشل في العراق في مفترق الطرق هذا سيكون كارثة تطارد أمتنا وتضعف مصداقيتنا وتعرض الامريكيين للخطر على مدى عقود قادمة من الزمن."

وكان جيتس (63 عاما) وهو مدير سابق للمخابرات المركزية الامريكية أقر خلال جلسة لمجلس الشيوخ لتأكيد ترشيحه في ديسمبر كانون الاول الجاري بأن الولايات المتحدة لا تحقق النصر بالعراق غير أنه قال انها لا تخسرها أيضا.

وأدى جيتس اليمين في الساعة 7.03 صباحا (1203 بتوقيت جرينتش) على يد كبير موظفي البيت الابيض جوشوا بولتن في مكتبه.

وفي وقت لاحق أدى اليمين في مراسم احتفالية بوزارة الدفاع أمام ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي والذي يعد أقوى المدافعين عن حرب العراق بادارة بوش.

ووصف جيتس العراق بأنه أولويته الاولى وقال انه سيزوره قريبا للاجتماع مع القادة العسكريين فيما يحاول صياغة خطة جديدة للحرب.

غير أن جيتس حذر أيضا من المشكلات المتفاقمة في أفغانستان حيث تواجه القوات الامريكية وقوات حلف شمال الاطلسي نشاطا مسلحا جديدا لحركة طالبان بعد خمس سنوات من الغزو.

وقال ان "التقدم الذي حققه الشعب الافغاني على مدى السنوات الخمس الماضية في خطر. قدمت الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي التزاما تجاه الشعب الافغاني وننوي الحفاظ عليه.

"لا يمكن السماح بأن تصبح أفغانستان ملاذا للمتطرفين مرة أخرى."

وتابع وزير الدفاع الجديد يقول ان نهج الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان سيحدد ما اذا كان البلدان والبلدان الاخرى تواصل سبل التقدم التدريجي أو أن "قوى التشدد والفوضى ستصبح مسيطرة."

وكان بوش أعلن أن جيتس سيحل محل دونالد رامسفيلد بوزارة الدفاع بعد يوم من خسارة الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه بوش السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ في دورتهما القادمة ويرجع هذا الى حد كبير للاستياء الجماهيري من سير الحرب في العراق. وطالما كان رامسفيلد هدفا للانتقادات لادارة أمريكا للحرب بالعراق.

وقال بوش خلال مراسم اداء اليمين "اننا بلد في حالة حرب... وأعتمد على وزير دفاعنا في تزويدي بأفضل النصائح الممكنة والمساعدة في توجيه قوات بلدنا المسلحة فيما تشتبك مع أعداء الحرية في أنحاء العالم.. بوب جيتس هو الرجل الصحيح الذي يضطلع بتلك التحديات" في اشارة الى روبرت جيتس.

وفاز جيتس بسهولة بتأكيد مجلس الشيوخ لترشيحه في وقت سابق من الشهر الجاري وشارك منذ ذلك الحين في اجتماعات مجلس الامن القومي كما تلقى افادات بوزارة الدفاع.

وعمل جيتس مديرا للمخابرات المركزية الامريكية من عام 1991 وحتى عام 1993 خلال رئاسة بوش الاب. وأبلغ جيتس الرئيس بوش بأن يتوقع منه الصراحة.

وقال لبوش خلال كلمته التي استمرت ست دقائق بالبنتاجون "لقد طلبت صراحتي ومشورتي المخلصة في تلك اللحظة المهمة في تاريخ أمتنا وستحصل على كليهما." ويسعى بوش للحصول على النصيحة بخصوص خطة جديدة للنهج في العراق من مسؤولين عسكريين ومن وزارة الخارجية واخرين داخل وخارج ادارته.

وشملت التوصيات سحب القوات الامريكية كما شملت أيضا تعزيز مستوياتها البالغة حاليا نحو 134 ألف جندي.

ورفض توني سنو المتحدث باسم البيت الابيض مناقشة التكهنات بأن بوش يدرس خطة لاضافة 20 ألف جندي أو أكثر.

وقال سنو "لن أتحدث عن نظريات زيادة (عدد القوات) أو عدمها." وأضاف أن البدائل التي يتم دراستها تشمل أيضا عناصر غير عسكرية.

ودعا كثير من الديمقراطيين الى انسحاب مرحلي من العراق رغم أن الزعيم الديمقراطي بمجلس الشيوخ هاري ريد قال انه سيؤيد زيادة لفترة قصيرة الاجل في مستويات القوات الامريكية في العراق اذا كان ذلك جزءا من خطة أشمل للانسحاب.  

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 20/كانون الأول  /2006 - 28 /ذي القعدة /1427