بعد مقالي الموسوم "ثلاث ملفات ساخنة في جعبة الحكيم الى واشنطن"
والذي بينت فيه تلك الملفات الثلاث بشئ من التفصيل اكتب اليوم مقالا
اوضح فيه رؤية اخرى مكملة لرؤية المقال السابق مع التأكيد على ان بعض
تلك التحليلات انما تأتي من واقع شخص ملم ببعض الخفايا وما يدور خلف
كواليس العملية السياسية الجارية في العراق اليوم. خصوصا وان الايام لم
تطل الا وقد حظر البعثيون "مؤتمر المصالحة" المزعوم بينما قاطعه من
كانوا يدعون الى هكذا نوع من المصالحة كحركة الوفاق وكتلة الحوار؟!
من يتابع خطوات الحكومة العراقية بغض النظر عن شخصية رئيس الوزراء
ولمدة طافت السنوات الثلاث يجد انها تتخبط او تدور حول نفسها وهي بذلك
كالمثل القائل "ثور بساقية" مع الاخذ بنظر الاعتبار ان الامثال تضرب
ولا تقاس حتما! وأقول هذا من جهة ان تلك الحكومات قد بدأت بالضرب تحت
الحزام في عهد المغفور له الدكتور اياد علاوي حينما قصفت الطائرات
"الصديقة" الفلوجة ودهست الدبابات "الصديقة" اجساد مؤيدي التيار الصدري
واتباعه! حينها اطلقت حكومة علاوي تسمية الارهابيين على كل هؤلاء بغض
النظر عن الانتماءات والولاءات في مقدمة لتبرير القتل العمدي. حين خرج
الدكتور اياد علاوي من رئاسة الحكومة اصبح في الصف الاول من المتحمسين
واول الداعيين الى اشراك هؤلاء "الارهابيين" في الحكومة فزرع من زرع في
مفاصل الدولة في اخر ايامه. جاء بعده الى رئاسة الوزراء الدكتور
ابراهيم الجعفري وفي عهده توسع حجم الاخطاء والمقاطعات والشد والجذب في
محاولة الى افشال حكومته من داخلها فشلّت عن الحركة وتأكد موتها بأجبار
الرجل على التنحي طواعية قبل سحب الثقة عنوة! في مقابلة تلفزيونية مع
الدكتور ابراهيم الجعفري على قناة العربية قال الجعفري انه اقترح على
السيد بريمر ايام مجلس الحكم احتواء التيار العربي السني من جهة
والتيار الصدري من جهة ثانية الا ان بريمر لم يكن موفقا في حفظ ما اتفق
عليه الرجلان، واضاف الجعفري انه لو كان بريمر حكيما لاستمع الى
نصيحتي. هذه المقابلة طبعا بعد وقت طويل من عزل الرجل عن رئاسة الوزراء
بينما يقول الواقع الميداني ان العمليات المسلحة باسناد "الاصدقاء" لم
تتوقف في عهده لا ضد التيار العربي السني ولا ضد التيار الصدري؟!
واليوم لازال رئيس الحكومة الثالث الاستاذ نوري المالكي على رأس الهرم
الحكومي ولطالما سمعنا وعرفنا الرجل عن قرب وكرهه الشديد للبعثيين وهو
المساند الاول للدكتور احمد الجلبي في هيئة اجتثاث البعث التي يطالب
اليوم باعادة النظر في سياستها بل وتعداه ليشمل سياسة الاحزاب؟! الفارق
الوحيد في عهد هذا الرجل عمن سبقه ان نيران "الاصدقاء" قد خف بعض الشئ
ولكن ماكينة الحقد الطائفي والثأر وتصفية الحسابات السياسية قد بلغت
الذروة! وهذا النوع من المواجهة اشد وطأة واكثر فتكا طبعا!
مؤتمر المصالحة الذي افتتحه رئيس الوزراء نوري المالكي اليوم السبت
والذي امر فيه منتسبي الجيش المنحل الالتحاق بالجيش الحالي لن يكون
عونا لاستتباب الامن ودعوته الى اعادة النظر في هيئة اجتثاث البعث
ستكون وبالا على الحكومة والشعب العراقي معا. لقد اثبتت لنا الايام ان
اي تراجع للحكومة يعني نصرا للارهابيين والصداميين وان تحويل الخطوط
الحمر الى خضر بين ليلة وضحاها له ثمن وهذا الثمن هو المزيد من الضحايا
الابرياء من الطرفين المسلمين.
الحقيقة الميدانية تقول ان الحكومة العراقية في تراجع مستمر والفريق
الاخر في تقدم مستمر. اما من يظن ان القضاء على الصداميين سيكون لاحقا
فهو واهم فالامر ببساطة شديدة من لم تستطع هزيمته وهو خارج الحكومة فهو
اشد عليك وهو داخلها ومعشعش في مفاصلها، فاقرءوا معي ياسادة الفاتحة
على حكومة المالكي او على العراق للمرة الرابعة، من يدري!
*محلل وناشط سياسي عراقي مستقل
www.riyad.bravehost.com |