مؤتمر المصالحة الوطنية يختتم بلا نتائج هامة الا برواتب مجزية للجيش المنحل ودعم رئيس الوزراء

  اختتم مؤتمر المصالحة الوطنية العراقية الاحد في العراق بلا نتائج هامة باستثناء توصية عملية وحيدة هي "صرف رواتب تقاعدية مجزية" لضباط الجيش العراقي الذي تم حله بعد سقوط نظام صدام حسين.

وقال الناطق باسم المؤتمر نصير العاني ان "التوصية العملية الوحيدة التي خرجت عن المؤتمر هي صرف رواتب تقاعدية لضباط الجيش العراقي السابق اما بقية التوصيات فهي تدخل في نطاق الشعارات والنوايا الطيبة التي تحتاج الى ان تختبر على ارض الواقع".

وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي دعا في كلمة القاها في افتتاح المؤتمر امس البرلمان العراقي الى اعادة النظر في قواعد عمل هيئة اجتثاث البعث.

غير انه لم ترد اي اشارة لهذه الدعوة في التوصيات التي صدرت اليوم عن اللجان الاربع التي انقسم اليها المؤتمر والتي بحثت اربع قضايا هي التعديلات الدستورية والجيش والميليشيات وتوسيع المشاركة السياسية.

وعلى العكس اكدت لجنة التعديلات الدستورية في توصياتها "ضرورة تاكيد الالتزام" بالمادتين رقم 7 و137 في الدستور العراقي الجديد الذي اقر في العام 2005 واللتين تنصان على حظر حزب البعث وحظر تولي اي عضو سابق في حزب البعث منصبا قياديا في الدولة ما لم يكن قد ترك الحزب قبل عشر سنوات من سقوط نظام صدام.

لكن العاني اوضح ان سكوت توصيات المؤتمر عن دعوة المالكي يعود الى ان "اعادة النظر في قانون اجتثاث البعث من اختصاص رئيس الوزراء وهو الذي يتعين عليه عرض اقتراح بتعديل بهذا القانون على البرلمان".

وكان الحاكم المدني الاميركي السابق للعراق بول بريمر اصدر بعد شهرين من سقوط نظام صدام ما يعرف بقانون اجتثاث البعث الذي ادى الى تطهير مؤسسات الدولة من اكثر من 30 الفا من اعضاء حزب البعث كما تم حل جيش صدام الذي كان يضم اكثر من 800 الف عسكري.

ويعتبر تسريح البعثيين من الجيش والوظائف الحكومية اليوم احدى الاخطاء الرئيسية للادارة الاميركية في العراق اذ ادى ذلك الى خلل في ادارات الدولة والى تهميش الطائفة السنية. وانضم العديد من ضباط وجنود جيش صدام السابق اليوم الى المتمردين المعارضين للعملية السياسية الجارية في العراق.

وقال رئيس لجنة الجيش في المؤتمر نجيب الصالحي (رئيس حركة الضباط الاحرار التي شاركت في العملية السياسية والانتخابات التشريعية ولكنها غير ممثلة في البرلمان) في الجلسة الختامية العلنية للمؤتمر ان اللجنة توصي "برعاية العسكريين السابقين من خلال منحهم رواتب تقاعدية مجزية".

واضاف "لنكن واقعيين الجيش السابق (في عهد صدام حسين) كان يضم مليون عسكري والجيش الحالي لا يستطيع استيعاب كل هذا العدد ولذا ينبغي صرف رواتب تقاعدية مجزية لهم".

واقترح تشكيل "لجنة خاصة تابعة لرئيس الوزراء نوري المالكي بصفته القائد العام للقوات المسلحة لبحث كيفية رعاية العسكريين السابقين" مشددا على انهم من "ابناء العراق البررة وذوي روح وطنية".

واكد ان اللجنة تطالب كذلك بعودة الخدمة العسكرية الالزامية في العراق التي الغيت بعد سقوط نظام صدام حسين في 2003.

وقال العاني ان المعنيين بالرعاية هم بصفة خاصة ضباط الجيش العراقي المنحل الذين يبلغ عددهم قرابة 350 الفا.

واقترح المشاركون في مؤتمر المصالحة الذي قاطعته الكتلة الصدرية ومجموعتان سنيتان تشاركان في العملية السياسية هما مجلس الحوار الوطني الذي يتزعمه صالح المطلك والقائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق اياد علاوي "حظر الميليشيات المسلحة ودمج افرادها في الادارات المدنية وتطهير القوات العراقية من العناصر المسيئة المنتمية الى هذه الميليشيات".

وتضغط الادارة الاميركية على الحكومة العراقية من اجل حل الميليشيات الطائفية وخصوصا ميليشيا جيش المهدي التابعة لحركة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر المتهمة بالمساهمة في تاجيج العنف الطائفي الذي بات يحصد 120 شخصا يوميا وفق الامم المتحدة.

وكان المالكي دعا الى هذا المؤتمر في اطار خطة من اجل محاصرة العنف الطائفي تتضمن كذلك الدعوة الى مؤتمر اقليمي لتعزيز الامن وتاكيد دعم دول الجوار لحكومته.

وتلقى المالكي الاحد دعما قويا من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي اكد له امام الصحفيين خلال زيارة مفاجئة قام بها لبغداد "سنقف بقوة الى جانبكم ومع الشعب العراقي حتى لا يتم القضاء على الارهاب والطائفية والذين يفضلون العيش في الكراهية على سلام ديموقراطيتكم".

وتضمنت توصيات مؤتمر الاحزاب والقوى السياسية عن مجموعة من ضرورة حل الميليشيات وانهاء تواجد الاحتلال وإعادة منتسبي الجيش المنحل للخدمة واعطاء صلاحيات أوسع لرئيس الوزراء وجعل السلاح بيد الدولة.

وقد تلت كل لجنة من اللجان الاربع التي تم تشكيلها لاعداد توصيات المؤتمر ما تم التوصل إليه من مقررات.

وقالت السيدة صفية السهيل رئيس لجنة اعادة التوازن السياسي خلال الجلسة الختامية للمؤتمر إن من المقررات التي توصلت اليها اللجنة تشكيل لجنة من أجل التحاور مع الاطراف التي لم تشارك في العملية السياسية والعمل الجاد والحقيقي من اجل انهاء المحاصصة على أساس طائفي والعمل على إعطاء رئيس الوزراء صلاحيات أوسع.

وأضافت في كلمتها أمام الجلسة الختامية " أحب التاكيد على ان التوازن لايعني الرجل والقوى السياسية بل يعني مشاركة المرأة في العملية السياسية , والتي تشكل نسبة (6%)."

وكان مؤتمر القوى السياسية قد بدأ أعماله أمس السبت بحضور شخصيات عراقية معارضة للعملية السياسية من داخل وخارج العراق من بينهم أعضاء من حزب البعث السابق ,وجماعات مسلحة.

وعن توصيات ومقررات لجنة اعادة النظر بالدستور والفيدرالية قال رئيس اللجنة حيدر العبادي خلال الجلسة الختامية للمؤتمر اليوم "من مقررات هذه اللجنة هو ليس اجراء إعادة النظر في كل بنود الدستور بل اعادة النظر بالمواد المختلف عليها والتي يؤدي التوصل الى وجهة نظر متفقة فيها الى توحيد العراقيين وقد استندت هذه اللجنة على اعمال لجنة تعديل الدستور البرلمانية."

وأضاف " لذا فقد تم الاتفاق على اعادة النظر بالفيدرالية لتكون منسجمة مع النظام الفيدرالي الاتحادي الذي ورد في الدستور العراقي عن طريق توضيح العلاقة بين الاقليم والمركز وتوضيح صلاحيات الاقليم ,واعادة النظر في قضايا الامن والدفاع والثروات الوطنية."

وأشار إلى " ضرورة الالتزام باعادة النظر بالمادة السابعة من الدستور والتي تحدد كيفية التعامل مع حزب البعث المنحل ,كذلك اكدنا انه لاوجود لفكر حزب البعث في العراق الجديد, كما تمت المطالبة باعادة النظر بالماة (41) المتعلقة بقانون الاحوال الشخصية , وتوسيع مشاركة العراقيين في ابداء ارائهم في تعديل الدستور."

وأضاف انه تم الاتفاق وبالاجماع على ضرورة تعديل المادة الدستورية المتعقلة بنصاب البرلمان وقال " لقد تم التوصل وبالاجماع (21 عضوا) على مسالة تعديل المادة الدستورية المتعلقة بعدد نصاب أعضاء البرلمان وذلك عن طريق تقليل نصاب الاعضاء من اجل النجاح في عقد الجلسات لاسيما وان البرلمان في الايام السابقة قد فشل في عقد جلساته بسبب عدم اكمتال النصاب."

ويشترط لاجتماع البرلمان حضور نصف عدد الاعضاء (البالغ عددهم 257 عضوا) زائد واحد.

وأضاف "كما تم اقتراح الغاء الفقرة الدستورية والتي تنص على منع اجراء تعديل دستوري الا بعد مرور ثمان سنوات أي دورتين انتخابيتين ,لاننا لا نرى أي ضرورة لوجود هذه الفقرة اذا ما تم تثبيت الشروط التي تتمثل بموافقة ثلثي اعضاء البرلمان واجراء استفتاء شعبي."

وأشار إلى أنه " تم الاتفاق على الغاء المواد الوصفية من الدستور والتي لايؤثر إلغاؤها على الدستور."

وفي الوقت نفسه تم الاعلان عن توصيات لجنة السيادة والميليشيات والتي تضمنت وضع جدول لانسحاب قوات احتلال من البلاد تزامنا مع تدريب ,وتجهيز القوات الامنية العراقية واستلام الملف الامني بما يضمن تحركات القوات الامنية مع صلاحيات واسعة لها ,وان يكون السلاح بيد الدولة مع الاستعانة بمنتسبي الجيش السابق من غير المتورطين,واقرار قانون الزامية التجنيد ,مع اعادة النظر بقانون حل المليشيات.

هذا وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد دعا يوم السبت ضباط الجيش العراقي من جميع الرتب الذين طردوا من الخدمة بعد الغزو الامريكي في عام 2003 الى التقدم مرة اخرى لشغل مناصبهم في الجيش الجديد في مبادرة وجهها الى الاقلية السنية الساخطة بهدف تقليل أعمال العنف الطائفية.

ووجه نوري المالكي هذه الدعوة في مؤتمر للمصالحة الوطنية يضم سياسيين شيعة وسنة واكراد لوقف العنف الطائفي الذي زاد مخاطر تفجر حرب أهلية وكان سببا رئيسيا في قرار الرئيس الامريكي جورج بوش اجراء مراجعة لاستراتيجيته في العراق.

وقال سياسي كبير من التحالف الشيعي القوي ان ممثلين لبعض جماعات التمرد العربية السنية كانوا حاضرين ولكن مندوبين قالوا انه لن يتم الكشف عن أسماء المشاركين .

وقال المالكي "ان الجيش العراقي الجديد قد فتح ابوابه امام منتسبي الجيش السابق من ضباط ومراتب وان حكومة الوحدة الوطنية على استعداد لاستيعاب من لديه الرغبة في خدمة الوطن على اساس مهني وبما يتناسب مع حجم الجيش (الجديد) على الاستيعاب."

واضاف ان الحكومة تسعى الى زج الضباط السابقين "في جميع المواقع للاستفادة من طاقاتهم وخبراتهم ومهاراتهم وبما يساعدنا في استكمال بناء قواتنا المسلحة وتسلم المهام الامنية في جميع المحافظات... وستقوم الحكومة بصرف رواتب تقاعدية لكل الذين لا يتم استيعابهم."

وبعد فترة قصيرة من الغزو الامريكي للإطاحة بصدام حسين سارع المنسق الامريكي بول بريمر الى حل الجيش العراقي وهو قرار وصفه الخبراء بأنه انطوي على خطأ في الحسابات. وانضم كثير من افراد الجيش الى صفوف التمرد السني.

وأشاد البيت الابيض بكلمة المالكي ولكنه لم يشر بشكل محدد الى الدعوة لعودة الضباط.

وقال جوردون جوندرو المتحدث باسم مجلس الامن القومي بالبيت الابيض "خطاب رئيس الوزراء المالكي هذا الصباح في بغداد شجعنا.

"لقد أكد التزامه بالسيطرة على الميليشيات والمتمردين ووقف العنف. انه يؤيد بشكل واضح انشاء عراق يقوم على اساس الوحدة الوطنية وليس على الطوائف الفردية." 

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 19/كانون الأول  /2006 - 27 /ذي القعدة /1427