مفهوم التطرف وعلاقته بالإرهاب

يونس زكور*

يشيع في معظم الأحيان عند الكثيرين استخدام لفظ التطرف للدلالة على الإرهاب، وإطلاق المتطرفين على الإرهابيين، رغم ما بين هذين المصطلحين من فارق كبير في المدى، الأمر الذي يستلزم توضيح العلاقة بين المفهومين ورسم الحدود الفاصلة بينهما، ذلك لأن طرق علاج الإرهاب والتعامل معه تختلف بلا شك عن طرق محاربة التطرف، وعلى هذا الأساس سوف نحاول تحديد مفهوم التطرف وعلاقته بالإرهاب ، إذن فما المقصود بالتطرف؟ وما حدود العلاقة بينه وبين الإرهاب؟

أولا: مفهوم التطرف

1- التطرف في اللغة والاصطلاح:

التطرف في اللغة: هو الوقوف في الطرف ، هو عكس التوسط والاعتدال ومن تم فقد يقصد به التسيب أو المغالاة ، وإن شاع استخدامه في المغالاة والإفراط فقط، والتطرف كذلك يعني الغلو وهو ارتفاع الشيء ومجاوزة الحد فيه، وفي المصباح المنير: غلا في الدين غلوا من باب تعد أي تعصب وتشدد حتى جاوز الحد. فالتطرف هو الميل عن المقصد الذي هو الطريق الميسر للسلوك فيه، والمتطرف هو الذي يميل إلى أحد الطرفين (1).

التطرف في الاصطلاح: يرتبط بأفكار بعيدة عن ما هو متعارف عليه سياسيا واجتماعيا ودينيا دون أن ترتبط تلك المعتقدات بسلوكيات مادية متطرفة أو عنيفة في مواجهة المجتمع أو الدولة (2). ويرى البعض أن التطرف يحمل في جوهره حركة في اتجاه القاعدة الاجتماعية أو القانونية أو الأخلاقية، يتجاوز مداها (أي الحركة) الحدود التي وصلت إليها القاعدة وارتضاها المجتمع (3).

وعلى هذا الأساس فإن التطرف هو مجموعة من المعتقدات والأفكار التي تتجاوز المتفق عليه سياسيا واجتماعيا ودينيا فالتطرف هو دائما يكون مرتبطا بما هو فكري بالأساس.

2- خصائص التطرف:

تتعدد خصائص التطرف لتشمل كل تصرف يخرج عن حد الاعتدال وذلك في كافة صور السلوك ومنها:

تعصب المتطرفين لرأي بحيث لا يتم السماح للآخرين بمجرد إبداء الرأي، أي الإيمان الراسخ بأنهم على صواب والآخرين في ضلال عن الحقيقة ، لأنهم وحدهم على حق والآخرون في متاهات وضلالات (4).

العنف في التعامل والخشونة والغلظة في الدعوة والشذوذ في المظهر.

النظرة التشاؤمية والتقليل من أعمال الآخرين والاستهتار بها.

الاندفاع وعدم ضبط النفس.

الخروج عن القصد الحسن والتسيير المعتدل (5).

ثانيا: الفرق بين الإرهاب والتطرف

إن التفريق بين الإرهاب والتطرف هو مسألة جد شائكة ، وذلك لشيوع التطرف والإرهاب كوجهين لعملة واحدة ، ومع ذلك فتفرقة ضرورية، ويمكن رسم أوجه الاختلاف بينهما من خلال النقاط التالية:

التطرف يرتبط بالفكر والإرهاب يرتبط بالفعل كيف ذلك؟

إن التطرف يرتبط بمعتقدات وأفكار بعيدة عما هو معتاد ومتعارف عليه سياسيا واجتماعيا ودينيا دون أن ترتبط تلك المعتقدات والأفكار بسلوكيات مادية عنيفة في مواجهة المجتمع أو الدولة ، أما إذا ارتبط التطرف بالعنف المادي أو التهديد بالعنف فإنه يتحول إلى إرهاب ، فالتطرف دائما في دائرة الفكر أما عندما يتحول الفكر المتطرف إلى أنماط عنيفة من السلوك من اعتداءات على الحريات أو الممتلكات أو الأرواح أو تشكيل التنظيمات المسلحة التي تستخدم في مواجهة المجتمع والدولة فهو عندئذ يتحول إلى إرهاب (6).

التطرف لا يعاقب عليه القانون ولا يعتبر جريمة بينما الإرهاب هو جريمة يعاقب عليها القانون ، فالتطرف هو حركة اتجاه القاعدة الاجتماعية والقانونية ومن تم يصعب تجريمه، فتطرف الفكر لا يعاقب عليه القانون باعتبار هذا الأخير لا يعاقب على النوايا والأفكار ، في حين أن السلوك الإرهابي المجرم هو حركة عكس القاعدة القانونية ومن تم يتم تجريمه.

- يختلف التطرف عن الإرهاب أيضا من خلال طرق معالجته فالتطرف في الفكر ، تكون وسيلة علاجه هي الفكر والحوار أما إذا تحول التطرف إلى تصادم فهو يخرج عن حدود الفكر إلى نطاق الجريمة مما يستلزم تغيير مدخل المعاملة وأسلوبها (7).

إذن من خلال هذه التمييزات بين الإرهاب والتطرف تطرح الأسئلة التالية: هل التطرف هو دائما مقدمة حتمية للإرهاب؟ ألا يمكن لشخص أن يتطرف في فكرة دونما اللجوء إلى العنف لتطبيق أفكاره على أرض الواقع؟ ومن جهة أخرى ألا توجد مجموعة من الأشخاص يمارسون الإرهاب مقابل المال فقط ولا يرتبطون بأي منظومة فكرية؟

إن محاولة الإجابة عن هذه الأسئلة سوف توضح لنا بجلاء بأن التطرف يمكن أن يكون أحد أسباب الإرهاب وليس هو الإرهاب نفسه.

*باحث في العلوم السياسية متخصص في قضاياالإرهاب  بجامعة محمد الخامس – آكدال

للعلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط

[email protected] 

--------------------------------------------------------

1- إمام حسنين عطا الله، الإرهاب البنيان القانوني للجريمة ، دار المطبوعات الجامعية 2004 ، ص 230.

2- زكور يونس ، الإرهاب مقاربة للمفهوم من خلال الفقه والقانون. مشروع نهاية الدراسة ، تحت إشراف د. سعيد خمري، 2005-2006 ، الكلية المتعددة التخصصات آسفي ، ص 92.

3- نفس المرجع السابق.

4- فرانسوا بورجا ، ترجمة د. لورين زكري ، الإسلام السياسي صوت الجنوب ، مطبعة النجاح الجديدة ط 1994 ، ص 31.

5- إمام حسنين عطا الله، مرجع سابق ، ص 232.

6- زكور يونس ، مرجع سابق ، ص 93.

7- إمام حسنين عطا الله، مرجع سابق ، ص ص 234 - 235. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 13 /كانون الأول  /2006 -21 /ذي القعدة /1427