ردود افعال متناقضة ازاء تقرير بيكر يغلفها القلق

  

تباينت ردود الافعال حيال التوصيات التي اعلنها تقرير بايكر - هاميلتون وتراوحت بين مؤيد ومؤيد متحفظ وبين قلق منها ورافض لها. لكن الجميع يتفق على ان التقرير يضع توصيات من شأنها ايجاد حلول ناجعة للوضع في العراق.

فقد قال معلقون عرب يوم الاربعاء ان ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش ستتجاهل توصيات لا ترحب بها بشأن السياسة في الشرق الاوسط أعدتها مجموعة دراسة العراق وهي لجنة مستقلة مشكلة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي خاصة ما يتعلق منها باجراء اتصالات مع سوريا وايران.

واقترحت المجموعة التي يشارك في رئاستها وزير الخارجية الامريكي الاسبق جيمس بيكر التخلي عن سياسة بوش القائمة على محاولة عزل سوريا وايران واستئناف مساعي انهاء الصراع الاسرائيلي الفلسطيني الذي لم يعطه بوش أولوية كبرى.

غير أن معلقين عربا قالوا ان تغيير النهج بشأن تلك السياسات في هذه المرحلة من الرئاسة هو أكثر مما يتوقع من رئيس لم يبد مرونة تذكر.

وبصفة عامة فان التوصيات سترقى الى حد تحول كامل في السياسة بشأن الشرق الاوسط التي اتبعها بوش خلال السنوات الست الماضية.

وقال المعلقون ان بوش سيكون أكثر تقبلا للتوصيات بخصوص العراق حيث يواجه حاجة ملحة لانقاذ سمعته وتجنب كارثة كاملة.

غير أن بعض المعلقين العرب في منطقة الخليج حذروا من أن التوصيات تمثل خطوة نحو انسحاب الولايات المتحدة من العراق وهو ما سيترك حكوماتهم عرضة للخطر.

وقال وليد قزيحة أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الامريكية في القاهرة "ادارة بوش في حالة ذهنية على الارجح تجعلها لا تنفذ هذه الامور خاصة الجزء الخاص بسوريا وايران منها."

وأضاف "هذه توصيات جيدة وستسهم كثيرا في تخفيف المشكلات التي يواجهها الامريكيون غير أني أشك كثيرا في أنهم سيأخذونها بجدية."

وقال محمد السيد سعيد نائب مدير مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة ان بوش ذهب بعيدا للغاية في عداوته لسوريا وايران لدرجة تحول دون الدخول معهما في محادثات جدية في الوقت الحالي.

وأضاف "أظهرت سوريا مؤشرات على استعدادها للمشاركة لكن لا أعتقد أن ادارة بوش في حالة تسمح لها بعمل ذلك مع سوريا وايران. لن يتم الالتفات الى تلك النصيحة."

وشكك سعيد أيضا في استعداد بوش للضغط على اسرائيل للتوصل الى تسوية على غرار ما فعله والده الرئيس جورج بوش الاب ووزير خارجيته جيمس بيكر في عام 1991.

ومضى يقول "هذا يتطلب قدرا كبيرا من الشجاعة. سيتعين عليه أن يتعامل مع الاسرائيليين.. وسيتعين عليه ممارسة السلطة والضغط. لا أتوقع أنهم سيتصرفون بناء على هذه التوصية."

واتفق عادل الحربي المحرر السياسي بصحيفة الرياض اليومية السعودية على أن الادارة الامريكية لن تشارك في محادثات مع دمشق وطهران.

وكان رد الفعل الاولى من جانب سوريا وايران بشأن توصيات مجموعة دراسة العراق ايجابيا وان كان مشوبا بالحذر.

وقال علي أغا محمدي عضو المجلس الاعلى للامن القومي الايراني لرويترز ان التقرير يستحق دراسة جدية. غير أنه أضاف أن "مشاركة أمريكا (في حوار مع ايران) ينبغي أن تستند الى استراتيجة تضمن تحقيق مكاسب للجانبين."

وقال مسؤول ايراني كبير سابق لرويترز ان سيتعين أن تشمل المحادثات مع الولايات المتحدة تنازلات بما في ذلك تنازلات من جانب الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الايراني.

وفي منطقة الخليج حيث تختلف النظرة بعض الشيء بسبب المخاوف من هيمنة الشيعة على العراق قال معلقون ان الحكومات المحلية تلاحظ مؤشرات على أن الولايات المتحدة تفقد الارادة لاتمام خططها بالنسبة للعراق.

وقال الحربي المحرر السياسي بصحيفة الرياض السعودية "لا أعتقد أن بامكان المملكة (العربية السعودية) الترحيب بمغادرة العراق في هذه المرحلة. لقد قالت المملكة مرارا انه ينبغي لقوات الاحتلال أن تلعب دورها في العراق.. لا أن تنسحب."

وأضاف "لا يزال هناك كثير من العوائق أمام الانسحاب.. مثل حل الميليشيات وتعزيز الجيش... سيكون هناك خلاف في واشنطن بشأن ذلك.. لكن لا أعتقد أنه سيكون هناك انسحاب (كبير) في عام 2007."

وقال شفيق الغبرا الباحث السياسي الكويتي ورئيس مؤسسة جسور عربية الاستشارية ومقرها الكويت ان تبني التوصيات سيكون اقرارا بالهزيمة في العراق ويمهد الطريق أمام ايران وتنظيم القاعدة لاقتسام العراق فيما بينهما.

وأضاف "اذا تصرف (بوش) أو اذا اضطر للتصرف بناء على التوصيات فسيفجر ذلك المنطقة بشكل سلبي للغاية. واذا حدث (انسحاب).. فان الوضع في العراق.. والغزو وتغيير النظام والانسحاب سيسجل في التاريخ الامريكي كتنصل من المسؤولية."

بدوره  قال رئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود أولمرت يوم الخميس إن من الخطأ الربط بين الصراع العربي الاسرائيلي وما يحدث في الشرق الأوسط من اضطرابات واستبعد أي محادثات فورية مع سوريا بالرغم من تقرير امريكي يحث على إجراء مثل هذه المفاوضات.

وقال أولمرت إنه يتوقع ضغوطا قليلة من الولايات المتحدة بعد التقرير الذي أصدرته مجموعة دراسة العراق التي طالبت الرئيس الأمريكي جورج بوش بالسعي لصنع السلام العربي الاسرائيلي في إطار الجهود الرامية إلى التخفيف من التوترات في المنطقة.

وقال أولمرت في مؤتمر عقد في تل أبيب "الشرق الاوسط به الكثير من المشاكل التي لا علاقة لها بنا."

ومضى يقول "لست مقتنعا بأن هذا التقرير يلقي بكل المشكلات الأمريكية على كاهل اسرائيل."

وقال التقرير الذي أصدرته المجموعة المكونة من خبراء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري بالولايات المتحدة برئاسة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر إن الولايات المتحدة لا يمكنها تحقيق أهدافها في الشرق الأوسط ما لم تتعامل بشكل مباشر مع الصراع العربي الاسرائيلي.

وفي حين أن أغلب التقرير يتناول التحولات المقترحة في السياسة الأمريكية في حرب العراق التي لا تلقى شعبية فإن من توصياته الرئيسية الدعوة لإجراء محادثات مباشرة في أسرع وقت ممكن تشمل اسرائيل ولبنان وسوريا والفلسطينيين.

وذكر اولمرت في إشارة إلى اجتماع عقده مع بوش في واشنطن الشهر الماضي أنه لم يسمع شيئا يشير إلى تغير في موقف واشنطن من حيث عدم التفاوض مع سوريا.

وأردف قائلا "لا يمكنني سوى أن أقول إن الآراء التي سمعتها من الرئيس ومن كل كبار العاملين في الإدارة فيما يتعلق بالقضية السورية تدور حول أنه (بوش) لا يرى جدوى من المحادثات على المسار الأمريكي السوري أو على المسار الاسرائيلي السوري."

وقال أولمرت إن الوقت لم يحن بعد لإجراء محادثات مع سوريا ومن أسباب ذلك دعم دمشق لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الحاكمة.

ومضى يقول "الطريقة التي تتصرف بها سوريا هذه الأيام خاصة عملها المخرب في لبنان ودعمها لحماس المتطرفة...لا تؤدي لإيجاد الصورة اللازمة لخلق امكانية إجراء محادثات في المستقبل القريب."

وأظهرت انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي في الشهر الماضي استياء بالغا من الحرب في العراق وأثارت تكهنات في اسرائيل بأن بوش ربما يحاول ان يكلل رئاسته التي امتدت فترتين بإحراز تقدم على مسار السلام العربي الاسرائيلي.

ويقول زعماء عرب إن النزاع الاسرائيلي الفلسطيني المستعر يمثل محور الاضطرابات التي يعاني منها الشرق الأوسط.

وانهارت المحادثات الاسرائيلية الفلسطينية منتصف عام 2000 قبيل بدء الانتفاضة الفلسطينية. كما انهارت المجادثات الاسرائيلية مع سوريا في أوائل عام 2000.

وفي حين أن التقرير الذي أصدرته مجموعة دراسة العراق طالب باستئناف المحادثات المتوقفة منذ فترة طويلة فإنه قال إن على سوريا تحقيق قائمة بالمطالب الدولية.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 8 /كانون الأول  /2006 -16 /ذي القعدة /1427