توصيات لجنة بيكر فرصة لاحداث تغييرات استراتيجية في المنطقة

 

تعرض مجموعة الدراسات حول العراق الاربعاء توصياتها حول الاستراتيجية الاميركية في العراق بعد اشهر من العمل والانتظار وتعتبر هذه التوصيات بمثابة فرصة امام الرئيس الاميركي جورج بوش لاعادة النظر في سياسته العراقية.

وازاء استمرار تدهور الوضع الامني في العراق الذي شكل سببا اساسيا في هزيمة الجمهوريين في انتخابات نصف الولاية في تشرين الثاني/نوفمبر تثير توصيات المجموعة برئاسة وزير الخارجية الاميركي السابق جيمس بيكر والسناتور الاميركي السابق لي هاملتون آمالا تتجاوز على الارجح التغييرات الممكن اجراؤها في العراق على المدى المنظور.

وينتظر ان تدعو المجموعة ادارة بوش الى تجاوز تحفظاته في شأن التحاور مع سوريا وايران لدعوتهما الى مؤتمر اقليمي حول العراق والى سحب تدريجي للقسم الاساسي من القوات الاميركية بحلول بداية 2008.

الا ان الكثيرين يتساءلون حتى قبل نشر التوصيات رسميا الاربعاء حول احتمالات وضعها موضع التنفيذ لا سيما ان بوش بدا خلال الايام الاخيرة وكانه يعرض موقفا مناقضا لتوصيات المجموعة.

وقال بوش الخميس "هناك الكثير من التكهنات مفادها ان هذه التقارير في واشنطن تؤمن مخرجا مشرفا في العراق. سنبقى في العراق طالما ان العمل لم ينته".

وبصفته القائد الاعلى للقوات المسلحة يملك بوش الكلمة الاخيرة في المسائل الخارجية والدفاعية. الا انه شدد السبت على انه يبحث عن "توافق" حول العراق.

واعلن مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الامن القومي ستيفن هادلي الاحد ان الرئيس الاميركي يبحث عن "نهج جديد لادارة الوضع في العراق" لكن توصيات لجنة بيكر المرتقبة لا تشكل سوى احد عناصر استراتيجيته المقبلة.

وقال هادلي في مقابلة مع تلفزيون "اي بي سي" ان "بوش قال علنا ما قاله دونالد رامسفلد ان الامور لا تسير بشكل جيد ولا بوتيرة سريعة في العراق. ولا بد من احداث تغييرات. من الضروري ايجاد نهج جديد لادارة الوضع في العراق وهذا ما نقوم به من خلال اعادة رسم سياساتنا في هذا البلد".

واكد هادلي ان ادارة بوش تطالب بتغييرات منذ اشهر الا انها تعتبر انها غير ملزمة بتوصيات مجموعة الدراسات.

وقال "علينا الا ننسى بان هذه التوصيات ستكون احد عناصر عملية (الدراسة) التي اطلقتها الحكومة الاميركية" لتصحيح الوضع في العراق.

ومضى يقول ان "الرئيس سيتلقى ايضا نتائج الدراسة الداخلية للحكومة الاميركية فهو يريد ان يعرف موقف المسؤولين البرلمانيين الجمهوريين والديموقراطيين (...). يريد ان يحصل على مزيد من المعلومات عما تعتزم الحكومة العراقية القيام به. وسيعمد الى درس كل هذه الامور".

ويقوم البنتاغون ومجلس الامن القومي الاميركيان بدراسات ايضا حول الخيارات الاستراتيجية في العراق الامر الذي سيتيح لبوش بحسب الخبراء اختيار التوصيات التي تناسبه.

ويرى الاستاذ في مدرسة الدبلوماسية في جامعة سيتون هال عظمت حسن وقد شغل منصب سفير باكستان في سوريا ولبنان والمغرب ان تقرير مجموعة الدراسات يصيب سياسة بوش في العمق.

وقال "يمكنه اما ان يغرق مع السفينة واما ان يحاول انقاذ شيء ما (...) عبر محاولة اعتماد خطة جديدة مع مقاربة في اتجاه جيران العراق".

وذكرت تسريبات عن التقرير في الصحف الاميركية ان لجنة بيكر لا تنوي طلب تحديد اي برنامج زمني للانسحاب الاميركي من العراق انما الاشارة الى ان الوجود الاميركي لن يستمر الى ما لا نهاية وذلك من اجل دفع المسؤولين العراقيين الى التدخل بقوة من اجل القضاء على العنف.

الا ان احدا لا يمكنه التنبؤ باحتمالات تحول توصيات لجنة بيكر الى واقع على الارض.

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن شخصية لم تكشف عن اسمها شاركت في المداولات التي قامت بها مجموعة الدراسات قولها "منذ البداية كنا نخشى ان تقضي الاحداث على الارض على اهدافنا". وشملت مقابلات المجموعة الرئيس الاميركي ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير وخبراء عديدين ودبلوماسيين.

وفي ظل الشكوك والمخاوف الحادة المحيطة بمستقبل العراق واحتمال انزلاقه في الفوضى والحرب الاهلية، تثير توصيات لجنة بيكر تطلعات كبرى سيكون من الصعب الاستجابة لها.

ومن المتوقع ان تدعو لجنة بيكر ادارة بوش الى العدول عن رفضها التحاور مع سوريا وايران لتدعوهما الى مؤتمر اقليمي حول العراق، والتوصية بسحب القسم الاكبر من القوات القتالية تدريجيا بحلول مطلع 2008 ولم ينتظر العديدون صدور هذه التوصيات رسميا الاربعاء للتشكيك في فرص تطبيقها بعد ان اعلن بوش في الايام الماضية عن موقف بدا في تعارض معها.

واعلن بوش الخميس في عمان في ختام محادثات مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان »ثمة تكهنات كثيرة بان هذه التقارير التي سترفع الى واشنطن ستوحي بخروج مشرف من العراق«واكد »سنبقى في العراق طالما ان المهمة لم تنجز وطالما ان الحكومة تطلب منا البقاء«.

ويملك بوش بصفته القائد العام للقوات المسلحة كلمة الفصل في الشؤون الخارجية والعسكرية.

لكنه افاد السبت انه يسعى الى »اجماع«حول العراق.

ويبحث البنتاغون ومجلس الامن القومي في البيت الابيض الخيارات الاستراتيجية في العراق.

وايا تكن توصيات اللجنة، فان المسألة الجوهرية بنظر اريك هوغلاند الخبير في الشؤون الايرانية في جامعة بايتس كولدج تكمن في حجم النفوذ المتبقي للولايات المتحدة في العراق.

وقال هوغلاند ان الولايات المتحدة لم يعد لها للاسف سوى دور المتفرج (..) وهي فقدت نفوذها وسلطتها تدريجيا.

وقابلت مجموعة الدراسات حول العراق المؤلفة من عشر شخصيات ديموقراطية وجمهورية منذ مارس رئيس الوزراء البريطاني توني بلير وبوش والمسؤولين الرئيسيين في ادارته فضلا عن عدد من الخبراء والدبلوماسيين.

واللجنة برئاسة جيمس بيكر وزير الخارجية في عهد الرئيس جورج بوش الاب والسناتور الديموقراطي السابق لي هاملتون.

وتحدثت وسائل الاعلام الامريكية في الاسابيع الماضية عن عدة توصيات يتوقع ان تصدرها مجموعة الدراسات حول العراق الاربعاء حول الخيارات الاستراتيجية للالتزام العسكري الامريكي في البلاد:

الانسحاب: يتوقع ان توصي المجموعة بسحب القسم الاكبر من القوات القتالية الامريكية من العراق بحلول مطلع .2008

لكن هذا الموعد لن يكون بمثابة مهلة محددة وانما هدف سيتوقف بلوغه على تطور الوضع.

ومن بين العسكريين الامريكيين البالغ عددهم حوالى 140 الفا المنتشرين في العراق، سيدعى البنتاغون الى سحب 15 لواء مقاتلا وترك حوالى 70 الف رجل في العراق لا سيما قوة تدخل سريع ومدربون وخبراء لوجستيون.

الاستراتيجية: انتقال الجيش الامريكي من دور قتالي الى دور مساند.وفي هذا الاطار، يمكن ان يتم الحاق عسكريين امريكيين بصفوف القوات العراقية اعتبارا من يناير لتحسين فاعليتها.

الدبلوماسية: يرتقب ان توصي المجموعة الولايات المتحدة باعتماد دبلوماسية انشط في الشرق الاوسط لا سميا عبر اجراء اتصالات مباشرة مع ايران وسوريا.

وفي البداية يمكن اجراء اتصالات في اطار مؤتمر اقليمي حول العراق او مفاوضات سلام شاملة في الشرق الاوسط تشمل النزاع الاسرائيليـالفلسطيني، لكن يجب ان تتحول لاحقا الى محادثات مباشرة مع دمشق وطهران.

وتضم هذه اللجنة المستقلة عشرة اعضاء (خمسة ديموقراطيين وخمسة جمهوريين)، وبينهم الامين العام السابق للبيت الابيض (في ظل رئاسة بيل كلينتون) ليون بانيتا والعضو السابقة في المحكمة العليا ساندرا داي اوكونور ووزير العدل السابق ادوين ميس. 

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 5/كانون الأول  /2006 -13/ذي القعدة /1427