تغييرات بوش تسعى الى تحقيق توافق اراء الحزبين ودعم مركزية الحكومة العراقية والحفاظ على مكسب الديمقراطية

 

تعهد الرئيس الامريكي جورج بوش يوم السبت بالسعي من أجل توافق آراء الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول سبل احراز تقدم في العراق في حين ينتظر توصيات لجنة حول كيفية تحويل المسار في الحرب التي لا تحظى بالتأييد في الولايات المتحدة.

ووجه بوش كلمات استرضاء لمنتقدي سياسته في العراق دون تقديم تنازلات وذلك قبل ان تصدر لجنة يرأسها وزير الخارجية الامريكي الاسبق جيمس بيكر تقريرا يوم الاربعاء من المتوقع ان يدعو الى انسحاب تدريحي للقوات الامريكية من العراق.

وأكد بوش مجددا خلال كلمته الاذاعية الاسبوعية تعهده بدعم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بعد القمة التي عقدت بينهما في الاردن يوم الخميس والتي أصر فيها على ان واشنطن لا تبحث عن "مخرج مشرف" من العراق.

وأشار بوش الذي يتعرض لضغوط بشأن العراق بعد خسارة حزبه في انتخابات الكونجرس الشهر الماضي الى انه سيفحص عن كثب النتائج التي توصلت اليها لجنة بيكر المستقلة لدراسة الاوضاع في العراق ولكن ذلك لا يعني بالضرورة الموافقة عليها. وأوشك البيت الابيض ووزارة الدفاع الامريكية على الانتهاء ايضا من المراجعات التي يقومان بها في هذه المسألة.

وقال بوش "اريد ان استمع الى جميع النصائح قبل اتخاذ اي قرارات بشأن تعديلات لاستراتيجيتنا في العراق."

ويأمل كثيرون في واشنطن ان تقدم لجنة بيكر المؤلفة من اعضاء من الحزبين وسيلة لبوش للبدء في اخراج القوات الامريكية مما ينظر اليه على نطاق متزايد بانه حرب اهلية طائفية بعد ثلاث سنوات ونصف من غزو قادته الولايات المتحدة للعراق للاطاحة بصدام حسين.

لكن مسؤولين بوزارة الخارجية ومجلس الامن القومي ابلغوا دبلوماسيين اجانب يوم الاربعاء بألا يتوقعوا حدوث اي تحول كبير في السياسة الامريكية ايا كانت التوصيات التي ستطرحها لجنة بيكر وذلك حسبما نقلت صحيفة واشنطن بوست عن بعض هؤلاء الدبلوماسيين.

وسيكون لمقترحات اللجنة ثقلا كبيرا حتى اذا قرر بوش عدم الاخذ بها. ويقال ان المقترحات تتضمن حدوث تحول في الدور العسكري الامريكي خلال العام القادم تقريبا وعقد مؤتمر اقليمي قد يؤدي الى اجراء محادثات مع ايران وسوريا.

وسيتحتم على بوش ابتداء من يناير كانون الثاني القادم ان يخوض صراعا مع الديمقراطيين الذين اصبحوا يشكلون الاغلبية في الكونجرس بعد ان فقد حزبه الجمهوري السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ في انتخابات السابع من نوفمبر تشرين الثاني وهي خسارة يعود السبب الرئيس فيها للتذمر العام من سياسته في العراق.

ودأب الديمقراطيون على اتهام بوش بعدم الاستماع الى نصائحهم بشأن العراق لكن بوش تحدث بلهجة استرضاء اليوم السبت حيث اعترف بأن العنف هناك يزعج الكثير من الامريكيين.

وقال بوش "النجاح في العراق سوف يتطلب من الزعماء في واشنطن .. الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء.. تضافر الجهود والتوصل الى اجماع اكبر حول افضل الطرق لاحراز تقدم. ولذا فسوف أعمل مع الزعماء في الحزبين من اجل تحقيق هذا الهدف."

لكنه أصر على المضي قدما في هدفه المتمثل في اقامة عراق ديمقراطي في قلب الشرق الاوسط وهو امر يقول الكثير من المتنقدين انه غير واقعي في ظل الصراع الطائفي المتزايد بالاضافة الى هجمات المسلحين التي لا تتوقف.

ونفى بوش ان يكون العراق قد انزلق في هوة حرب اهلية واضعا في الاعتبار ان الرأي العام الامريكي ربما يكون اكثر عزوفا عن دعم وجود عسكري امريكي مفتوح في مثل هذه الظروف.

ومن المقرر ان يعقد بوش محادثات في البيت الابيض يوم الاثنين مع زعيم كبير للاغلبية الشيعية بالعراق هو عبد العزيز الحكيم زعيم المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق في مشاركة مباشرة اكبر من قبل بوش في جهود وقف العنف.

واوضح بوش ان هناك عددا من المبادئ الرئيسية التي سوف تكون بمثابة المرشد للجهود الأمريكية لتحسين الاوضاع في العراق.

وذكر ان اول تلك المبادئ ضرورة نجاح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في مهمته "باعتبار ان نجاحه يعد امرا حيويا لنجاح الولايات المتحدة في العراق" لافتا الى ان حكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها المالكي كان قد تم اختيارها عبر انتخابات حرة شارك فيها نحو 12 مليون عراقي.

وقال ان "هدف الولايات المتحدة في العراق تدعيم هذه الحكومة الديمقراطية ومساعدة القيادات العراقية على بناء دولة حرة تستطيع البقاء وحكم نفسها والدفاع عن نفسها وتكون حليفا في الحرب على الارهاب".

واضاف بوش ان المبدأ الثاني الذي ينبغي الحرص عليه في السياسة الامريكية بالعراق هو ان "نجاح الحكومة العراقية يعتمد على نجاح قوات الامن الوطنية" مشيرا الى الحاجة الى بذل المزيد من الجهد في هذا الصدد وعلى نحو اكثر سرعة.

واعتبر ان المالكي بحاجة الى ان يظهر للشعب العراقي الذي انتخبه انه عازم على اتخاذ قرارات صعبة ضرورية لتحقيق الامن في البلاد ومن ثم فهو بحاجة سريعة الى قوات عراقية اكثر قدرة واكبر حجما تحت سيطرته.

وقال بوش ان "مساعدة القادة العراقيين المنتخبين على امتلاك القوات العراقية التي يحتاجونها تعني مساعدة الحكومة الديمقراطية للعراق على ان تكون اكثر فعالية في مكافحة الارهابيين والمتطرفين وتحقيق الامن والاستقرار لا سيما في بغداد".

واضاف ان المبدأ الثالث الذي ستسترشد به ادارته في سياستها بالعراق هو ان "النجاح في العراق يتطلب وجود مؤسسات قوية تقف في وجه الصعوبات التي قد تواجهها بمرور الوقت" مشيرا الى ان هدف بلاده في العراق هو مساعدة المالكي على بناء دولة "متحدة يسودها حكم القانون مع احترام حقوق الاقليات".

ولفت الرئيس بوش الى ان المالكي اكد رفض الشعب العراقي تقسيم البلاد معتبرا ان التقسيم من شأنه ان يقود الى زيادة العنف الطائفي.

وقال ان "الامن في العراق يتطلب تحرك قوات الامن العراقية لتحقيق هذا الهدف الا انه يبقى مرهونا على المدى الطويل بتحقيق المصالحة بين مختلف الطوائف والديانات في العراق وهو امر تلتزم به الحكومة العراقية".

واضاف بوش ان لقاءه الاخير مع المالكي شهد استعراضا للاستراتيجية الامريكية الحالية في العراق و"التي قاربت على الانتهاء" مشيرا الى انه طلب من القادة العسكريين في البنتاغون وعلى الارض في العراق تقديم مقترحات وتوصيات بشأن افضل السبل للمضي قدما في العراق.

واقر بوش بصعوبة الوضع في العراق في ظل استمرار العنف هناك مؤكدا ان تحقيق التقدم في العراق يتطلب تدعيم حكومة المالكي والمؤسسات الديمقراطية هناك وتحقيق المصالحة الوطنية.

واعتبر أن "القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة في العراق سوف تؤثر في الشرق الاوسط بشكل عام بالنظر الى ان الفشل في العراق سوف يشجع المتطرفين الذين يكرهون امريكا ويريدون نهايتها كما سيقوي من هؤلاء الذين يسعون الى تقويض الديمقراطيات الفتية عبر المنطقة ويعطي للمتطرفين مجالا مفتوحا للاطاحة بالحكومات المعتدلة والسيطرة على دول المنطقة وفرض سيطرتهم على ملايين الناس وتهديد الشعب الأمريكي" مؤكدا على ضرورة ان لا تسمح الولايات المتحدة لذلك بالحدوث.

وقال بوش ان "النجاح في العراق سوف يتطلب قادة أمريكيين من الجمهوريين والديمقراطيين على السواء يتحدون لتحقيق اجماع اكبر على افضل السبل للمضي قدما هناك" متعهدا بالعمل مع المسؤولين في كلا الحزبين لتحقيق هذا الهدف ومساعدة العراقيين على بناء دولة حرة وديمقراطية في قلب الشرق الاوسط تسهم في تدعيم المعتدلين والاصلاحيين عبر المنطقة.

من جهة اخرى قالت صحيفة نيويورك تايمز يوم السبت ان وزير الدفاع الامريكي المستقيل دونالد رامسفيلد قال للبيت الابيض قبل يومين من استقالته الشهر الماضي ان سياسة ادارة الرئيس جورج بوش في العراق غير مجدية واقترح تعديلا كبيرا .

وقال رامسفيلد في مذكرة سرية تحمل تاريخ 6 نوفمبر تشرين الثاني "في رأيي حان الوقت لتعديل كبير. الامر بوضوح هو ان ما تقوم به القوات الامريكية في العراق في الوقت الراهن غير مجد بدرجة كافية او انه لايتم بالسرعة الكافية."

ونشرت نيويورك تايمز نسخة من المذكرة بالاضافة الى مقال عنها على موقعها على الانترنت.

واكدت وزارة الدفاع الامريكية صحة المذكرة ولكنها امتنعت عن الادلاء بتعليقات اخرى .

وقالت الصحيفة ان رامسفيلد وضع في المذكرة الخطوط العريضة لعدة خيارات لإجراء تغيرات في السياسة من بينها اجراء تخفيضات في القوات والقواعد الامريكية في العراق بالاضافة الى اعادة صياغة للمهمة والاهداف الامريكية في العراق ولكنه لم يقدم توصيات.

ولكنه قال ان عقد مؤتمر متعدد الاطراف على غرار مؤتمر دايتون الذي عقد في عام 1995 وادى الى ابرام اتفاقية سلام انهت حرب البوسنة خيار"اقل جاذبية" مثل الاستمرار في الطريق الحالي.

وحملت المذكرة تاريخا يوافق اليوم السابق لسيطرة الديمقراطيين على الكونجرس الامريكي في انتخابات التجديد النصفي وسط سخط الناخبين بشأن حرب العراق وقبل يومين من استقالة رامسفيلد.

وتكررت لهجة رامسفيلد في تصريحات أدلى بها بوش في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني عندما اعلن استقالة وزير الدفاع. وقال بوش ان الوقت حان لإجراء تغيير في العراق وان سياسة العراق "لا تعمل بشكل طيب بما يكفي او بسرعة كافية."

ومازال رامسفيلد في منصبه الى ان يصدق مجلس الشيوخ على روبرت جيتس مدير المخابرات السابق الذي رشحه الرئيس جورج بوش وزيرا للدفاع. 

شبكة النبأ المعلوماتية-االاثنين 4 /كانون الأول  /2006 -12/ذي القعدة /1427