العراق يعيش مرحلة ما بعد الحرب الأهلية

 

النبأ/علي النواب: اعلن البيت الابيض الاثنين ان شدة اعمال العنف الطائفية التي يشهدها العراق تعكس "مرحلة جديدة" في الوضع ولكن لا تعني ان العراق اصبح غارقا في الحرب الاهلية.

وفي لقاء مع الصحافيين على متن الطائرة التي اقلت الرئيس الاميركي جورج بوش الى استونيا قال ستيفن هادلي وهو احد ابرز مستشاري بوش ان هذه "المرحلة الجديدة" بدأت في شباط/فبراير مع الاعتداء على اهم المراكز الشيعية المقدسة في سامراء" مع اقراره بان الامور قد ساءت اكثر خلال الايام الماضية.

واضاف مستشار الامن القومي الاميركي في مستهل جولة ستقود بوش الاربعاء الى الاردن لاجراء محادثات مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي "اننا بكل وضوح في مرحلة جديدة تتميز بزيادة اعمال العنف الطائفي وهذا الامر يتطلب بالتأكيد من جانبنا ان نتأقلم مع هذه المرحلة الجديدة".

واوضح "انها مرحلة جديدة بدأت في شباط/فبراير وبكل تأكيد ان الامور قد ساءت خلال الايام الماضية". وقال ايضا "لكن العراقيين لا يتحدثون عن حرب اهلية وان حكومة الوحدة الوطنية لا تتحدث ايضا عن حرب اهلية" مشيرا الى ان الجيش والشرطة والحكومة ليست مقسمة حسب التوزيع الطائفي .

وعلى الصعيد ذاته قال الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان يوم الاثنين في تصريحات نادرة بشأن الاوضاع في العراق إن البلد الذي مزقته الحرب بات على شفا الحرب الاهلية وقد يسقط في أتونها ما لم تتخذ خطوات عاجلة لتفادي ذلك.

وقال عنان للصحفيين ردا على سؤال "في ضوء التطورات على أرض الواقع.. ما لم يتم القيام بشيء على وجه السرعة وبشكل جذري لوقف تدهور الوضع فقد نصل الى حد (الحرب الاهلية) بل أننا كدنا في واقع الامر نصل الى ذلك."

ماقاله الرئيس الاميركي جورج بوش وما صرح به  مستشار الامن القومي الاميركي وما اعلنه  الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان من ان هنالك مرحلة جديدة من الحرب قد بدات هو اتفاق واضح وصريح لاغبار عليه ،اخذين بعين الاعتبار ما اعلنه مؤخرا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي "اننا بكل وضوح في مرحلة جديدة تتميز بزيادة اعمال العنف الطائفي وهذا الامر يتطلب بالتأكيد من جانبنا ان نتأقلم مع هذه المرحلة الجديدة".

اذن ماهو مفهوم  المرحلة الجديدة الذي يحاول الجميع الالتفاف حوله بقصد او دون قصد ؟

هنالك مصلح كيميائي يسمى ( التسامي ) ومعناه تحول المادة من الحالة الصلبة الى الحالة الغازية مباشرة دون المرور بالحالة السائلة ، هذا التعريف البسيط هو تفسير مباشر للمرحلة الجديدة الانفة الذكر ، بمعنى ان حالة الاحتقان والمناوشات الطائفية المحدودة من خلال توسعها وتشعبها وتداخلها وربما حتميتها لم يضعها المطاف امام بوابة الحرب الاهلية بل قفزت هذه الحاله فوق بوابة الحرب الاهلية لتسقط في ساحة حرب اخرى ولنطلق عليها اسما مجازيا هو ( الحرب الوضيعة ) وهي حرب بلا ضوابط ولاقيود وبلا اهداف واضحة – عدد من الجرائم التي ارتكبت في هذه المرحلة كانت لمجرد التخلص من الرتابة والملل باعتراف المجرمين انفسهم – ويقودنا هذا التفسير المبسط الى حقيقة خطيرة ومرة وهي ان المجرمين والقتلة في هذه ( المرحلة الجديدة ) يتصرفون وفق الموروثات الجينية ، لذا فنحن امام معضلة كبيرة وصعبة ينبغي التعامل مع تغيير جذري يحتاج الى طاقة وصبر وامكانيات هائلة اضافة الى مساحة كافية من الوقت لانجازهذه المهمة مع توافر عناصر الامن و الاستقرار السياسي والاقتصادي .

ومن اجل توضيح خطورة المرحلة الجديدة لنقرا ما كتبه الصحفي الامريكي جوناثان تشيت في صحيفة لوس أنجليس تايمزوتحت عنوان  فات وقت إنقاذ العراق.. أعيدوا صدام حسين للسلطة:

"ان استعادة النظام والقانون في العراق ستتطلب صدمة نفسية كبيرة من نوع ما. وكان من المتوقع ان تؤدي الانتخابات العراقية لمثل هذه الصدمة إلا أن هذا لم يحدث. لذا، يمكن أن تؤدي عودة صدام حسين، الرجل الذي يعرفه ويخشاه كل العراقيين، الى الحل المطلوب.

وإذا كانت مساوئ عودة صدام الى السلطة واضحة، الا أن من المفيد ان نتمعن قليلاً في فوائدها".

 وفي مقال طويل كتبه باتريك كاكبيرن لصحيفة ذي إندبندنت عن رحلته بالعراق، يقول الكاتب إن كل شيء هناك يوحي بمظاهر الانهيار. العراق في لحظة انهيار ولن ينقذه من ذلك إلا خروج القوات الأميركية البريطانية لأن مستقبل هذا البلد لن يسوى -بسبب أخطاء بوش وبلير- بالمفاوضات، وإنما في ساحة المعركة  ، وأشار كاكبيرن إلى أن "العراق يقترب الآن مما يسميه الأميركيون (لحظة سايغون) تلك اللحظة التي يكون فيها بديهيا أن الحكومة قد انتهت صلاحيتها.. حتى إن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري قال لي وهو يضحك من اليأس إن كل أحد يعرف أن القتل والاختطاف يتم على أيدي شرطة حقيقيين لا مجرد مستخدمين لثياب الشرطة وسياراتها".

هل نحن بحاجة الى توضيحات اكثر لكي نقول وبعد فوات الاوان من امام مرحلة جديدة ؟

من اجل عدم اضاعة المزيد من الوقت والمال والدم ، على كل الاطراف المعنية بمحاولة اخراج العراق مما هو فيه ان يضعوا  في حساباتهم من ان  مفهوم الحرب الاهلية الذي عزفوا عليه وتخوفوا من ان يقعوا في مستنقعه انما هو مرحله بالية ومستهلكة امام الولادة للمسخ الجديد (الحرب الوضيعة )...

اذن والحال هذه سنكون امام رؤيا جديدة للوضع في العراق وربما المنطقة ككل وبالتالي نحن ايضا امام ضرورة اتخاذ قرارات استراتيجية واجراءات حكيمة وتعامل مدروس ومتوازن مع مجريات الاحداث القادمة وسلوك وطني يبتعد عن المصالح الشخصية والطائفية ، وخلاف ذلك لايمكننا الحديث عن مشاريع مستقبلية او انية لوضع العربة المتعبة ( العراق ) على طريق البناء والتغيير نحو الافضل . 

شبكة النبأ المعلوماتية-االاربعاء  29  /تشرين الثاني  /2006 - 7 /ذي القعدة /1427